مخاطر الارتفاع المفاجئ للفرنك السويسري تهدد تجارة الفائدة

اكتسب جاذبية بعد تراجع الين الياباني

أوراق نقدية بقيمة 1000 فرنك سويسري في مصرف بزيوريخ (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 1000 فرنك سويسري في مصرف بزيوريخ (رويترز)
TT

مخاطر الارتفاع المفاجئ للفرنك السويسري تهدد تجارة الفائدة

أوراق نقدية بقيمة 1000 فرنك سويسري في مصرف بزيوريخ (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 1000 فرنك سويسري في مصرف بزيوريخ (رويترز)

مع تحول المستثمرين إلى الفرنك السويسري ليكون بديلاً للين الياباني لتمويل تجارة الفائدة، تظل مخاطر ارتفاع العملة بشكل مفاجئ حاضرة دائماً.

ولطالما استخدم الفرنك السويسري في استراتيجية تجارة الفائدة الشائعة، حيث يقوم المتداولون باقتراض العملات ذات أسعار الفائدة المنخفضة ثم تحويلها إلى أخرى لشراء أصول ذات عوائد أعلى. وزادت جاذبيته بشكل أكبر بعد أن خفت جاذبية الين. وانهارت تجارة الفائدة بالين في أغسطس (آب) بعد أن ارتفعت العملة بشدة على خلفية بيانات اقتصادية ضعيفة من الولايات المتحدة، ورفع مفاجئ لأسعار الفائدة من قبل بنك اليابان، مما أسهم في إثارة اضطرابات في الأسواق العالمية، وفق «رويترز».

وكان البنك الوطني السويسري أول مصرف مركزي كبير يبدأ دورة تخفيف السياسات النقدية في وقت سابق من هذا العام، حيث وصل سعر الفائدة الرئيسي إلى 1.25 في المائة، مما يسمح للمستثمرين باقتراض الفرنك بتكلفة منخفضة للاستثمار في أماكن أخرى. بالمقارنة، تتراوح أسعار الفائدة بين 5.25 في المائة و5.50 في المائة في الولايات المتحدة، و5 في المائة في بريطانيا، و3.75 في المائة في منطقة اليورو.

وقال رئيس إدارة التغطية العالمية في «إدموند دي روتشيلد» لإدارة الأصول في سويسرا، بنجامين دوبوا: «عاد الفرنك السويسري عملة تمويل».

الاستقرار

يُعد الفرنك السويسري بالقرب من أعلى مستوياته في ثمانية أشهر مقابل الدولار وفي تسع سنوات مقابل اليورو، مما يعكس وضعه بوصفه عملة ملاذ آمن، والتوقعات لخفض أسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة.

وأظهرت بيانات من لجنة تداول السلع الآجلة الأميركية أن المضاربين احتفظوا بمراكز بيع بقيمة 3.8 مليار دولار ضد الفرنك السويسري، في حين أنهم تحولوا فجأة إلى مركز شراء بقيمة 2 مليار دولار على الين.

ويرى المحللون عموماً أن وجود مركز بيع كبير يعد علامة على استخدام العملة لتمويل تجارة الفائدة.

وقال كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في «بنك أوف أميركا»، كمال شارما: «هناك الآن مخاطرة أكبر في الين مما كانت عليه منذ فترة طويلة. يبدو أن الفرنك السويسري هو العملة الأكثر منطقية بوصفه عملة تمويل». ويوصي «بنك أوف أميركا» المستثمرين بشراء الجنيه الإسترليني مقابل الفرنك، مشيراً إلى أن الفجوة الكبيرة في أسعار الفائدة بين سويسرا وبريطانيا قد تدفع الجنيه للارتفاع، وهو ما أكده أيضاً بنك «غولدمان ساكس».

ويبدو أن البنك الوطني السويسري مستعد لخفض أسعار الفائدة أكثر في الأشهر المقبلة مع تراجع التضخم. وهذا من شأنه أن يخفض تكاليف الاقتراض بالفرنك، وقد يضعف العملة، مما يجعل من السهل سداد الديون لأولئك الذين قاموا بالفعل بالاقتراض بالفرنك.

ويبدو أيضاً أن المصرفيين المركزيين غير راغبين في رؤية العملة ترتفع أكثر جزئياً بسبب الألم الذي يمكن أن يسببه ذلك للمصدرين. ويعتقد «بنك أوف أميركا» و«غولدمان ساكس» أن البنك الوطني السويسري تدخل لإضعاف العملة في أغسطس.

وقال استراتيجي العملات في «مجموعة العشر» في «غولدمان»، مايكل كاهيل: «من المحتمل أن يحذر البنك الوطني السويسري من ارتفاع العملة من خلال التدخل أو خفض أسعار الفائدة حسب الحاجة».

مخاطر متأصلة

ومع ذلك، يمكن أن يكون الفرنك السويسري، المعروف في أسواق العملات باسم «سويسي»، صديقاً غير موثوق به. ويميل المستثمرون إلى اللجوء إلى العملة عندما يشعرون بالقلق، بفضل سمعتها الطويلة بوصفها ملاذاً آمناً.

وقال كاهيل إن الفرنك يستخدم بشكل أفضل بوصفه عملة تمويل في اللحظات التي يشعر فيها المستثمرون بالتفاؤل. ويمكن أن يؤدي ارتفاع سريع في العملة المستخدمة لتمويل تجارة الفائدة إلى محو المكاسب، وإجبار المستثمرين على إغلاق مراكزهم بسرعة، كما أظهرت دراما الين. ويمكن أن يكون للمستويات العالية من التقلبات أو الانخفاض في العملة ذات العائد المرتفع التأثير نفسه.

وعندما تراجعت أسواق الأسهم في أوائل أغسطس، ارتفع الفرنك السويسري بنسبة تصل إلى 3.5 في المائة خلال يومين. وأثبت زوج الفرنك - الدولار أنه حساس للاقتصاد الأميركي، حيث يرتفع بشكل كبير في كثير من الأحيان على خلفية البيانات الضعيفة التي تتسبب في انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية.

وقال استراتيجي النقد الأجنبي في «دويتشه بنك»، مايكل بومبل: «أي تجارة فائدة محفوفة بالمخاطر بشكل طبيعي، وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لتلك الممولة بالعملات الآمنة».

وأضاف بومبل: «المخاطر الرئيسية هي أنه عندما تنخفض العوائد في بيئة منخفضة المخاطر، تتقلص الفروق في العوائد، ويمكن أن يرتفع الفرنك السويسري».

ويبلغ مؤشر مدى توقع المستثمرين لتحرك العملة السويسرية، المستمد من أسعار الخيارات، حالياً أعلى مستوى له منذ مارس (آذار) 2023.

وقال رئيس التداول في شركة «ريكورد كيرنسي مانجمنت»، ناثان فورجيست: «بالنظر إلى المصارف المركزية، يمكنك أن ترى كيف يمكن أن يكون هناك المزيد من الحماس من جانب بعض اللاعبين في المراهنة على الفروقات لصالح الفرنك السويسري على الين».

وأضاف فورجيست: «النجاح النهائي لهذه العملية قد يعتمد على مدى سرعة إغلاقها في سيناريو منخفض المخاطر»، في إشارة إلى اللحظة التي يقلص فيها المستثمرون تداولاتهم الأكثر خطورة للتركيز على حماية أموالهم.



ارتفاع فصلي قوي للإنفاق الرأسمالي الياباني يدعم التعافي ورفع الفائدة

عامل ينظف شاشة إلكترونية تعرض تحركات الأسهم على المؤشر «نيكي» بأحد مكاتب التداول في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
عامل ينظف شاشة إلكترونية تعرض تحركات الأسهم على المؤشر «نيكي» بأحد مكاتب التداول في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
TT

ارتفاع فصلي قوي للإنفاق الرأسمالي الياباني يدعم التعافي ورفع الفائدة

عامل ينظف شاشة إلكترونية تعرض تحركات الأسهم على المؤشر «نيكي» بأحد مكاتب التداول في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
عامل ينظف شاشة إلكترونية تعرض تحركات الأسهم على المؤشر «نيكي» بأحد مكاتب التداول في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

ارتفع إنفاق الشركات اليابانية على المصانع والمعدات بوتيرة أسرع في الربع الثاني من العام الحالي، مما أبقى على توقعات «التعافي بقيادة محلية» في النمو الاقتصادي، ودعم الحجة لزيادة أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة.

وتأتي بيانات الإنفاق القوية، التي ستُستخدم لحساب أرقام الناتج المحلي الإجمالي المنقحة المقرر صدورها في 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، لتضاف إلى مسح للمصانع أظهر انكماشاً أخف في نشاط التصنيع الشهر الماضي.

وأظهرت بيانات وزارة المالية، يوم الاثنين، أن الإنفاق الرأسمالي تسارع بنسبة 7.4 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الذي يبدأ من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مقابل ارتفاع الربع السابق بنسبة 6.8 في المائة. كما نما بنسبة 1.2 في المائة على أساس ربع سنوي معدل موسمياً.

ويعدّ الإنفاق الرأسمالي أحد المقاييس الرئيسية للنمو الاقتصادي الذي يقوده الطلب المحلي؛ إذ يعتمد صناع السياسات على الاستثمار التجاري ليكون محركاً للاقتصاد الرابع في العالم، حيث تكافح الصادرات وسط حالة عدم اليقين في الاقتصادين الأميركي والصيني.

وأظهرت البيانات الأولية الشهر الماضي أن الاقتصاد الياباني تعافى بقوة في الربع الثاني من الركود في بداية العام، بقيادة ارتفاع قوي في الاستهلاك.

ويدعم الدافع الاقتصادي الإيجابي الحجة لمصلحة رفع «البنك المركزي» أسعار الفائدة بشكل أكبر في الأشهر المقبلة، على الرغم من التباطؤ الذي شهدناه من قطاع التصدير.

وقال كازوتاكا مايدا، الخبير الاقتصادي في «معهد ميجي ياسودا» للأبحاث: «كان الإنفاق الرأسمالي قوياً بشكل عام بفضل الشهية القوية للاستثمار المرتبط بالرقمنة، على الرغم من أن الإنفاق من قبل الشركات المصنعة لم يكن قوياً إلى هذا الحد».

وأظهرت بيانات الإنفاق الرأسمالي، الصادرة يوم الاثنين، أيضاً ارتفاع مبيعات الشركات بنسبة 3.5 في المائة خلال الربع الثاني مقارنة بالعام السابق. وزادت الأرباح المتكررة بنسبة 13.2 في المائة إلى 35.8 تريليون ين (244.79 مليار دولار)، وهو رقم قياسي ربع سنوي.

وظل الإنفاق التجاري قوياً في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بشهية الشركات للاستثمار للتعويض عن أزمة العمالة المزمنة في ظل الشيخوخة السريعة للسكان.

كما بدأت الشركات اليابانية تدريجياً تقبل فكرة استغلال كومة النقد القياسية لديها بعد سنوات من تخزينها. ونما الفائض المكتسب للشركات بنسبة 8.3 في المائة خلال العام المنتهي في مارس (آذار) ليتجاوز 600 تريليون ين لأول مرة.

وفي الأسواق، ارتفعت عائدات السندات الحكومية اليابانية يوم الاثنين لتقتفي أثر ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية في نهاية الأسبوع الماضي، في حين أثرت مزادات السندات المحلية هذا الأسبوع على المعنويات.

وارتفع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات 1.5 نقطة أساس إلى 0.905 في المائة، وعائد السندات لأجل عامين 0.5 نقطة أساس إلى 0.365 في المائة، وعائد السندات لأجل 5 سنوات 1.5 نقطة أساس إلى 0.51 في المائة. وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية يوم الجمعة بعد أن أثارت البيانات الاقتصادية توقعات بأن يختار «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» خفض أسعار الفائدة قليلاً في اجتماعه خلال سبتمبر الحالي.

وقال تاكاهيرو أوتسوكا، كبير استراتيجيي «الدخل الثابت» في «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي» للأوراق المالية: «بالإضافة إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية يوم الجمعة، لدينا مزادات لسندات لمدّتَيْ 10 أعوام و30 عاماً هذا الأسبوع، مما أثر على معنويات المستثمرين».

وستعقد وزارة المالية مزاد السندات لمدة 10 سنوات يوم الثلاثاء، ومزاد السندات لمدة 30 عاماً يوم الخميس. ولا يزال المستوى الحالي لعائد السندات لمدة 10 سنوات غير مرتفع بما يكفي إذا كان «بنك اليابان» سيرفع أسعار الفائدة هذا العام. وقال أوتسوكا: «من المحتمل أن السوق لا تضع في الحسبان رفع أسعار الفائدة المحتمل في سبتمبر الحالي أو أكتوبر (تشرين الأول)» المقبل.

وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لمدة 30 عاماً بمقدار 1.5 نقطة أساس إلى 2.105 في المائة، كما ارتفع عائد السندات لمدة 20 عاماً بمقدار 1.5 نقطة أساس إلى 1.725 في المائة، وعائد السندات لمدة 40 عاماً بمقدار 2.5 نقطة أساس إلى 2.385 في المائة.

وفي سوق الأسهم، صعد المؤشر «نيكي» الياباني يوم الاثنين، ولامس مستوى 39 ألف نقطة لأول مرة منذ أواخر يوليو (تموز) الماضي، بدعم من ضعف الين ومكاسب «وول ستريت» يوم الجمعة.

وأغلق المؤشر «نيكي» على ارتفاع 0.1 في المائة عند 38700.87 نقطة، بعد أن سجل أعلى مستوى له منذ 31 يوليو عند 39080.64 نقطة، خلال التداولات التي شهدت تقلبات في وقت لاحق، وسط عمليات بيع لجني الأرباح وتماسك لسعر الين بعد تراجعه.

وارتفعت «وول ستريت» يوم الجمعة بعد بيانات اقتصادية جديدة أثارت توقعات بأن يخفض «مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)» أسعار الفائدة على نحو متواضع في سبتمبر الحالي.

وارتفع الدولار مقابل الين بعد البيانات الاقتصادية الأميركية، مما ساهم في صعود أسهم شركات التصدير في اليابان. وتستفيد شركات التصدير من تراجع العملة اليابانية الذي يزيد قيمة الأرباح المحققة في الأسواق الخارجية عند إعادتها إلى اليابان.

وتراجعت أسواق الأسهم العالمية بحدة في أوائل الشهر الماضي بسبب مخاوف من ركود وشيك في أكبر اقتصاد بالعالم، لكن بيانات اقتصادية صدرت في الآونة الأخيرة عززت التوقعات ببلوغ الاقتصاد الأميركي بر الأمان.

وتترقب الأسواق بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة، ومنها أرقام البطالة الأسبوعية المقرر صدورها يوم الخميس، والأجور في القطاع غير الزراعي لشهر أغسطس (آب) الماضي المقرر صدورها يوم الجمعة.