السعودية تعزز انتشار المناطق اللوجستية لضمان استدامة سلاسل الإمداد العالمية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: جهود المملكة ترفع كفاءة ومرونة القطاع محلياً ودولياً

المنطقة اللوجستية الجديدة لشركة «ميرسك» بالسعودية (موقع شركة «ميرسك»)
المنطقة اللوجستية الجديدة لشركة «ميرسك» بالسعودية (موقع شركة «ميرسك»)
TT

السعودية تعزز انتشار المناطق اللوجستية لضمان استدامة سلاسل الإمداد العالمية

المنطقة اللوجستية الجديدة لشركة «ميرسك» بالسعودية (موقع شركة «ميرسك»)
المنطقة اللوجستية الجديدة لشركة «ميرسك» بالسعودية (موقع شركة «ميرسك»)

تمضي الحكومة السعودية في زيادة انتشار المناطق اللوجستية ما يسهم في ضمان استدامة سلاسل الإمداد العالمية والتغلب على الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية التي قد تتعرض إليها البلدان في المرحلة المقبلة، لترسيخ مكانتها كمركز لوجستي دولي يربط القارات الثلاث، ويعزز التكامل في المنظومة ودعم مسيرة التنمية الشاملة في المملكة.

وتعلن الحكومة بين حين وآخر تدشين مناطق لوجستية جديدة كان آخرها افتتاح «ميرسك» الشركة الدنماركية الدولية لشحن الحاويات، أكبر استثمار لوجستي لها في ميناء جدة الإسلامي (غرب المملكة) بقيمة 1.3 مليار ريال (350 مليون دولار)، ليصل إجمالي عدد المناطق اللوجستية حتى الآن 22 منطقة تتوزع في أنحاء السعودية ضمن مستهدفات الوصول إلى 59 منطقة بحلول 2030.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أطلقت الحكومة أول منطقة لوجستية متكاملة تقع ضمن أراضي مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وكانت شركة «أبل» الأميركية أول شريك ومستثمر في هذه المنطقة بافتتاح أول مركز لها يخدم المملكة والدول الأخرى بما فيها أفريقيا.

كما وقعت الهيئة العامة للموانئ، منتصف أغسطس (آب) الجاري، شراكة مع «الجري للخدمات اللوجستية»، لإنشاء منطقتين لوجستيتين في ميناء جدة الإسلامي، وكذلك ميناء الملك عبد العزيز بالدمام الواقع شرق البلاد، بمساحة تصل إلى 150 ألف متر مربع، بما يسهم في رفع مستوى الخدمات وتعزيز تنافسية موانئ المملكة.

الأزمات الجيوسياسية

ودشنت السعودية أيضاً المنشأة اللوجستية لشركة «المخازن المتحدة المحدودة والمطورة» من قبل إحدى كبرى شركات التطوير العقاري اللوجستي في المملكة «لوجي بوينت»، حيث ستسهم في تحسين البنية التحتية والكفاءة التشغيلية. إلى ذلك، يرى مختصون في اللوجستيات أن الحكومة تتحرك بوتيرة متسارعة في افتتاح المناطق اللوجستية ومضاعفة استثمارات الشركات في هذه المنظومة لتحقيق كفاءة ومرونة واستدامة القطاع محلياً ودولياً، كون المملكة تطمح أن تصبح مركزاً لوجستياً عالمياً يربط بين 3 قارات ولديها جميع الإمكانات لتصل إلى هذا الاتجاه.

وقال المختصون لـ«الشرق الأوسط» إن جهود المملكة في التوسع لوجستياً يضمن استدامة سلاسل الإمداد العالمية والتغلب على الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية التي قد تتعرض لها البلدان.

الموقع الاستراتيجي

وأوضح نشمي الحربي، المتخصص في سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية، لـ«الشرق الأوسط»، أن توسع الحكومة السعودية في المناطق اللوجستية سوف يرفع كفاءة الخدمات محلياً ودولياً، مع ضمان استدامة سلاسل الإمداد، خاصةً أن البلاد تمتاز بموقعها الاستراتيجي الذي يربط 3 قارات.

وبين الحربي أن دول المنطقة مستفيدة من تطورات الخدمات اللوجستية في المملكة واستقطاب أكبر شركات العالم للاستثمار في هذه المنظومة لتيسير وتسهيل التجارة وعمليات الصادرات والواردات.

وتطرق الحربي أيضاً إلى أهمية انتشار المناطق اللوجستية والاقتصادية في المملكة والتي بدورها تسهم في تحفيز وتدفق الصادرات الوطنية إلى الأسواق الخارجية.

تخزين البضائع

من ناحيته، أشار المختص في سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية، المهندس خالد الغامدي، إلى جهود المملكة في التوسع لوجستياً من خلال افتتاح عدد من المناطق اللوجستية الجديدة، بما يعزز مكانة البلاد لجعلها مركزاً لوجستياً عالمياً، وهي خطوات تسهم في توفير تكلفة أقل لنقل وتخزين البضائع السعودية وتحفز الصناعات المحلية.

وذكر المهندس الغامدي لـ«الشرق الأوسط» أن انتشار المناطق اللوجستية يعزز الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة والنقل، كما يدفع المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية إلى المراكز العشرة الأولى عالمياً، وهو ما يسهم في ريادتها إقليمياً وفق مؤشر الأداء اللوجستي.

وأبان الغامدي أن الحكومة لديها اتفاقيات لإنشاء 18 منطقة لوجستية، وافتتحت 3 منها في خطوة تؤكد مضي البلاد في هذا الاتجاه وزيادة انتشار المناطق اللوجستية لتكون إضافة قوية للتجارة العالمية بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص والشركات العالمية في مجال الخدمات اللوجستية.

وأضاف أن المناطق اللوجستية التي تستهدفها الحكومة تعمل وفق نظام متطور لإدارة المستودعات، وتطبق التقنيات الحديثة والحلول الرقمية لإدارة المخزون بكفاءة عالية والتخزين وفق المعايير الدولية، وهي مميزات توفر الوقت والجهد وخفض التكلفة على الشركات المستثمرة في تلك المناطق، إلى جانب ربطها مع المطارات والطرق وفق التكامل اللوجستي لمنظومة النقل والخدمات اللوجستية بالمملكة.

وأكمل المختص في سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية أن جميع تلك العوامل تحفز القطاع الخاص على الاستثمار في المناطق اللوجستية بالمملكة، ما يدعم النمو الاقتصادي ويعزز الربط المحلي والإقليمي والدولي بشبكات التجارة وسلاسل الإمداد العالمية للإسهام في جعل المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً يربط القارات الثلاث.

الناتج المحلي

الجدير بالذكر أن قطاع الخدمات اللوجستية تصدر نمو القطاعات الواعدة في السعودية خلال الربع الثاني من العام الجاري، بوجود 11.928 ألف سجل تجاري قائم، وبنسبة ارتفاع 76 في المائة، قياساً بالفترة نفسها من 2023.

ويسهم ازدهار القطاع اللوجستي في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، وترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي، إلى جانب تطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.