ماذا يتوقع من خطاب باول في «جاكسون هول»؟

نظرة على خفض الفائدة وظروف الاقتصاد

رئيس «الفيدرالي» جيروم باول يتوجه إلى حفل العشاء الافتتاحي في ندوة كانساس سيتي الاقتصادية السنوية في جاكسون هول (رويترز)
رئيس «الفيدرالي» جيروم باول يتوجه إلى حفل العشاء الافتتاحي في ندوة كانساس سيتي الاقتصادية السنوية في جاكسون هول (رويترز)
TT

ماذا يتوقع من خطاب باول في «جاكسون هول»؟

رئيس «الفيدرالي» جيروم باول يتوجه إلى حفل العشاء الافتتاحي في ندوة كانساس سيتي الاقتصادية السنوية في جاكسون هول (رويترز)
رئيس «الفيدرالي» جيروم باول يتوجه إلى حفل العشاء الافتتاحي في ندوة كانساس سيتي الاقتصادية السنوية في جاكسون هول (رويترز)

تشير البيانات الاقتصادية الأميركية إلى أن «الاحتياطي الفيدرالي» لديه الضوء الأخضر لخفض أسعار الفائدة، وتتوافق الأسواق المالية مع الخطوة الأولى، وقد أشار «المركزي الأميركي» إلى ذلك بوضوح يوم الأربعاء عندما أظهرت نتائج اجتماعه في يوليو (تموز) أن «الغالبية العظمى» من صانعي السياسة اتفقوا على أن تخفيف السياسة النقدية من المرجح أن يبدأ الشهر المقبل.

مع وضع كل ذلك في الاعتبار، ربما يكون هدف رئيس بنك «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، في خطابه الرئيسي يوم الجمعة في مؤتمر الأبحاث السنوي لبنك «الاحتياطي الفيدرالي» في كانساس سيتي أقل ارتباطاً بتشكيل التوقعات، وأكثر ارتباطاً بتقييم حالة الاقتصاد قبل ما أسماه خطوة أولى «حاسمة»، حسبما ذكرت «رويترز».

وأشار نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق والمستشار الاقتصادي العالمي الحالي لشركة «بيمكو»، ريتشارد كلاريدا، إلى كيف مال باول بشدة نحو خفض سعر الفائدة في اجتماع 17 - 18 سبتمبر (أيلول) في تصريحاته للصحافيين بعد اجتماع 30 - 31 يوليو: «لا أعتقد بأنه يحتاج إلى فعل كثير بعد المؤتمر الصحافي في يوليو». وأضاف: «لن يتمكّن من إنجاز المهمة، لكنه قد ينظر إلى العامَين الماضيَّين، أين كنا وأين نحن الآن، ويقرّ بأنهم قريبون من السيطرة على أسوأ معدل تضخم منذ 40 عاماً».

وسيلقي باول كلمة في نزل منعزل في حديقة «جراند تيتون» الوطنية في وايومنغ أمام تجمع أصبح منصة عالمية للمصارف المركزية لتشكيل وجهات النظر بشأن السياسة النقدية والاقتصاد.

باستثناء مرة واحدة، كانت الخطابات الستة التي ألقاها باول في المؤتمر، منذ أن أصبح رئيساً لـ«لاحتياطي الفيدرالي» في عام 2018، تفسيرية إلى حد كبير، تهدف بشكل أقل إلى التأثير في توقعات السياسة النقدية على المدى القصير وأكثر إلى شرح كيف يفكر المسؤولون في القضايا الهيكلية الرئيسية أو، منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، تفصيل آليات التضخم.

وكان الاستثناء في عام 2022 عندما كافح «لاحتياطي الفيدرالي» للسيطرة على توقعات الجمهور بشأن ارتفاع التضخم: ألقى باول خطاباً مقتضباً ومُحركاً للسوق يهدف إلى نقل جديته في الدفاع عن هدف التضخم البالغ 2 في المائة للمصرف المركزي. وأطلق عليه البعض «لحظة فولكر»، في إشارة إلى بول فولكر، رئيس بنك «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي تسبب في ركود في أوائل الثمانينات من خلال أسعار فائدة عقابية لكسر دورة التضخم.

رد فعل السوق

تجنب «الاحتياطي الفيدرالي»، بقيادة باول حتى الآن، مثل هذه النتيجة؛ إذ بلغ التضخم ذروته عند مستويات لم نشهدها منذ عصر فولكر، وبعد عامين من ذلك أصبح أعلى بنحو نصف نقطة مئوية فقط من الهدف. ومعدل البطالة، عند 4.3 في المائة، أقل بكثير من متوسطه طويل الأجل البالغ 5.7 في المائة. وتبدو الأسواق المالية متوافقة مع اتجاه «الاحتياطي الفيدرالي».

وفي ضوء ذلك، قال موظفو «الفيدرالي» السابقون وصانعو السياسات والمحللون الخارجيون، إن باول قد يعود إلى نهجه التفسيري المعتاد، ربما من خلال رسم الخطوط العريضة بشكل عام لكيفية تعامل «المركزي» مع دورة التخفيف المقبلة، أو الغوص في الدروس المستفادة على مدار عامين حول أسباب التضخم وطرق مكافحته.

وسيتماشى موضوع المؤتمر - كيف تؤثر السياسة النقدية في الاقتصاد - مع أي من الاحتمالين.

وقال الرئيس السابق لقسم الشؤون النقدية في «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يعمل الآن أستاذاً في كلية الإدارة بجامعة ييل، ويليام إنغلش، إنه يشعر بأن اللحظة تتطلب تقديم مخطط عام حول نهج خفض أسعار الفائدة.

وبما أن صناع السياسات في «الاحتياطي الفيدرالي» سوف يقومون في اجتماع الشهر المقبل بتحديث توقعاتهم لأسعار الفائدة لهذا العام و2025، فإن باول لن يرغب في تقديم إرشادات تفصيلية مستقبلية حول ما هو قادم، وهو ما يشكّل في حد ذاته خطراً على رد فعل السوق المحتمل الذي قد يثيره، أو احتمال أن تدفع البيانات الواردة في اتجاه مختلف.

وبدلاً من ذلك، يمكن أن يوفر باول بعض الخلفية للجمهور والأسواق لفهم كيفية استجابة «الاحتياطي الفيدرالي» مع تطور الاقتصاد، وفقاً لإنغلش. وقال: «لنفترض أن الاقتصاد لم يسر كما نتوقع. ماذا يعني ذلك بالنسبة للسياسة؟... ما الذي سيتطلبه التحرك بوتيرة أسرع أو أبطأ؟».

التفويض الآخر

لقد أصبح باول ومسؤولو بنك «الاحتياطي الفيدرالي» الآخرون من محبي وصف السيناريوهات الاقتصادية المختلفة، وهي الاستراتيجية التي تسمح لهم بتقديم توقعات أساسية ولكنها تنقل أيضاً عدم اليقين بشأن ما قد يحدث وكيف قد تؤدي النتائج المختلفة إلى استجابات مختلفة منهم.

على سبيل المثال، بدأ البعض يشعرون بالقلق من أن الاقتصاد قد وصل إلى نقطة قد ترتفع فيها البطالة بسرعة كافية لتعطيل «الهبوط الناعم» للتضخم الذي اعتقدوا بأنه وشيك.

ولكن لا يزال من غير الواضح كيف يفكر بنك «الاحتياطي الفيدرالي»، في هذه المرحلة، في «الحد الأقصى للتشغيل» - أحد هدفيه إلى جانب استقرار التضخم - وإلى أي مدى قد يكون المسؤولون على استعداد للتسامح مع زيادة البطالة من أجل استخراج ربع أو نصف نقطة مئوية أخرى من التضخم.

واتفق المستشار الخاص السابق لباول ورئيس فريق إدارة الاقتصاد الكلي العالمي في فريق إدارة الأصول ذات الدخل الثابت لدى «نورثرن تراست»، أنتوليو بومفيم، على أن رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» سيركز على الأرجح على مناقشة القضايا الأوسع بدلاً من تقديم توجيهات قصيرة المدى، ربما محاولاً التقاط ما عاشه «المركزي» للتو، وكيف قد تختلف الديناميات المقبلة في سوق العمل والتضخم عن تلك التي كانت قبل جائحة «كوفيد - 19».

وقال بومفيم: «نحن عند نقطة تحول في السياسة، وربما في الاقتصاد أيضاً. ومن الصعب للغاية التنقل بين نقاط التحول».

وتبقى أسئلة مفتوحة حول الاقتصاد الناشئ، بما في ذلك ما إذا كان التضخم سيظل يمثل صداعاً مستمراً للمصارف المركزية بعد سنوات من التضخم المنخفض قبل الجائحة، وما إذا كانت ديناميات سوق العمل قد تغيرت وقد تعني معدلات بطالة أعلى مما كان «الاحتياطي الفيدرالي» يعتقد بأنه يمكن تحقيقه بناءً على أداء الاقتصاد قبل «كوفيد - 19».

وقال بومفيم: «مع كون التضخم أولوية قصوى على مدار العامين الماضيين، كان الفيدرالي يتصرف مثل بنك مركزي ذي تفويض واحد. والآن نحن لا ننتقل فقط من الارتفاعات إلى التخفيضات، بل ننتقل أيضاً إلى ما أسميه حالة أكثر طبيعية».


مقالات ذات صلة

باول في «جاكسون هول»: حان الوقت لكي يبدأ «الفيدرالي» خفض الفائدة قريباً

الاقتصاد رئيس الفيدرالي جيروم باول خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة في 31 يوليو 2024 (رويترز)

باول في «جاكسون هول»: حان الوقت لكي يبدأ «الفيدرالي» خفض الفائدة قريباً

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الجمعة، إن البنك يستعد لبدء خفض أسعار الفائدة الرئيسية من أعلى مستوى لها في 23 عاماً.

«الشرق الأوسط» (جاكسون هول)
الاقتصاد مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

عضو «المركزي الأوروبي»: المصرف قد يخفّض الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام

قال عضو مجلس إدارة المصرف المركزي الأوروبي، مارتينس كازاكس، إن لدى المصرف مجالاً لخفض أسعار الفائدة مرتين أخريين هذا العام.

«الشرق الأوسط» (جاكسون هول - برلين )
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يستعد لقرار حاسم في سبتمبر

رأى صناع السياسة في المصرف المركزي الأوروبي عدم وجود ضرورة لتخفيض أسعار الفائدة الشهر الماضي، لكنهم لمحوا إلى مناقشة جديدة في سبتمبر (أيلول).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد دب قطبي محنط بجانب لافتة في ردهة بمنتجع «جاكسون ليك»... (رويترز)

تجمع عالمي لصناع القرار الاقتصادي... ماذا يحدث في «جاكسون هول»؟

يتجمع محافظو المصارف المركزية من مختلف أنحاء العالم، في «جاكسون هول» بولاية وايومينغ؛ لحضور أكبر تجمع اقتصادي في العالم، الذي يبدأ مساء الخميس ويستمر حتى السبت.

«الشرق الأوسط» (كانساس سيتي (الولايات المتحدة))
الاقتصاد لافتة لمعرض الوظائف في الجادة الخامسة في مانهاتن (رويترز)

ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأميركية الأسبوع الماضي

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة في الأسبوع الأخير، لكن المستوى لا يزال يشير إلى استمرار التبريد التدريجي لسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الدولار يتراجع قبيل خطاب باول في «جاكسون هول»

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية بالدولار الأميركي (رويترز)
TT

الدولار يتراجع قبيل خطاب باول في «جاكسون هول»

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية بالدولار الأميركي (رويترز)

تراجع الدولار يوم الجمعة مع استعداد المتداولين لخطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في جاكسون هول، في حين قاد الين المكاسب بين العملات الرئيسية بعد أن أكد محافظ بنك اليابان كازو أويدا موقفه المتشدد.

وسيكون محافظو المصارف المركزية عنصراً أساسياً في تحديد لهجة الأسواق المالية خلال الأيام المقبلة مع بدء تجمع صناع السياسة النقدية الأكثر نفوذاً في العالم في جاكسون هول بولاية وايومنغ، وفق «رويترز».

وكان الين من أصحاب التحركات الكبيرة نسبياً يوم الجمعة، حيث ارتفع بنسبة 0.3 في المائة إلى 145.82 مقابل الدولار بعد أن أكد أويدا عزمه على رفع أسعار الفائدة إذا ظل التضخم على مساره للوصول إلى هدف 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال المدير الإداري لاستراتيجية الاستثمار في «أو سي بي سي»، فاسو مينون: «تشير تعليقاته (أويدا) إلى أن اضطرابات السوق لن تردع بنك اليابان عن التفكير في المزيد من رفع أسعار الفائدة في المستقبل حتى لو لم تكن الخطوة التالية وشيكة».

وأضاف: «ما دامت حركة الدولار والين منظمة وتدريجية، فلا ينبغي أن يؤدي هذا إلى اهتزاز الأسواق العالمية بقدر ما حدث في وقت سابق من هذا الشهر».

لكن أويدا، الذي تحدث في البرلمان، حيث تم استدعاؤه لشرح قرار بنك اليابان برفع أسعار الفائدة في يوليو (تموز)، حذر من أن الأسواق لا تزال متوترة وقد تؤثر على توقعات التضخم للمصرف المركزي.

وأثار رفع أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان تفكيكاً هائلاً لصفقات «تجارة الفائدة» الممولة بالين. وقد أدى هذا، إلى جانب المخاوف من الركود الأميركي، إلى عمليات بيع عالمية في أوائل أغسطس (آب). ومع ذلك، تعافت معظم الأسواق منذ ذلك الحين.

وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، بنسبة 0.11 في المائة عند 101.37 وظل قريباً من أدنى مستوى في عام 2024 عند 100.92 الذي لامسه يوم الأربعاء. ويتجه المؤشر إلى الأسبوع الخامس على التوالي من الخسائر.

عيون على «جاكسون هول»

ومن المقرر أن يلقي باول كلمة في مؤتمر جاكسون هول البحثي السنوي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي في وقت لاحق اليوم، وسيراقب المتداولون مدى انخفاض تكاليف الاقتراض الأميركية في الأمد القريب.

وأظهرت أداة «فيد ووتش» أن الأسواق تتوقع الآن بنسبة 76 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه في سبتمبر (أيلول)، مع تراجع المتداولين عن الرهانات على خفض كبير بمقدار 50 نقطة أساس.

وبشكل عام، يتوقعون خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال الاجتماعات الثلاثة المقبلة، على الرغم من أن بعض المحللين يعتقدون أن الأسواق عدوانية للغاية وقد يشعرون بخيبة أمل إذا كان باول متساهلاً.

وقالت مديرة محفظة الدخل الثابت في «فيديريتد هيرميس»، أورلا غارفي: «لا أتوقع أن يلمح باول حتى إلى خفض بمقدار 25 نقطة أساس مقابل 50 نقطة أساس في ما يتعلق بما قد يأتي في سبتمبر».

وأضافت: «لكن إذا تم النظر إليه على أنه متساهل، فإن ذلك يدعم الأسواق الأوسع نطاقاً بشكل كبير وقد يؤدي إلى مزيد من انحدار المنحنى في الولايات المتحدة لأن البيانات فقدت زخمها لفترة طويلة الآن ولم يتم الاعتراف بها من قبل السوق والبنك الاحتياطي الفيدرالي».

وارتفع اليورو 0.1 في المائة إلى 1.1123 دولار، وهو مستوى غير بعيد عن أعلى مستوى في 13 شهراً الذي لامسه يوم الأربعاء، في حين ارتفع الجنيه الاسترليني 0.2 في المائة إلى 1.3125 دولار، وهو مستوى أقل قليلاً من أعلى مستوى في 13 شهراً الذي سجله يوم الخميس.

وظلت ثقة المستهلك البريطاني عند أعلى مستوى في نحو ثلاث سنوات في أغسطس، بدعم من تحسن المشاعر بشأن الشؤون المالية الشخصية والمشتريات الكبرى، وفقاً لمسح أضاف إلى العلامات الإيجابية في الاقتصاد الأوسع.