«بي دبليو سي» تواجه حظراً صينياً لستة أشهر وغرامة كبيرة بسبب «إيفرغراند»

بارقة أمل أمام الدائنين الخارجيين لعملاق العقارات

منشآت سكنية غير مكتملة تابعة لشركة «إيفرغراند» المتعثرة في مقاطعة هيبي شرق الصين (رويترز)
منشآت سكنية غير مكتملة تابعة لشركة «إيفرغراند» المتعثرة في مقاطعة هيبي شرق الصين (رويترز)
TT

«بي دبليو سي» تواجه حظراً صينياً لستة أشهر وغرامة كبيرة بسبب «إيفرغراند»

منشآت سكنية غير مكتملة تابعة لشركة «إيفرغراند» المتعثرة في مقاطعة هيبي شرق الصين (رويترز)
منشآت سكنية غير مكتملة تابعة لشركة «إيفرغراند» المتعثرة في مقاطعة هيبي شرق الصين (رويترز)

قال 5 مصادر إن الجهات التنظيمية الصينية ستأمر على الأرجح بتعليق أعمال جزء كبير من وحدة التدقيق التابعة لشركة «برايس ووتر هاوس كوبرز (بي دبليو سي)» في البر الرئيسي للصين لمدة 6 أشهر كجزء من العقوبة على عملها في شركة التطوير العقاري المتعثرة «إيفرغراند».

وقال مصدران، لديهما علم بالأمر لكنهما رفضا الكشف عن اسميهما لأن المعلومات خاصة، إنه من المتوقع فرض حظر تجاري على شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز تشونغ تيان إل إل بي»، وهي الكيان المحاسبي المسجل والذراع البرية الرئيسية لشركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» في الصين.

وأضافا أن الحظر الذي يستمر 6 أشهر من المتوقع أن يركز على أعمال الشركة المرتبطة بالأوراق المالية -وهو ما من شأنه أن يؤثر في خدمات الشركة للعملاء، بما في ذلك الشركات المدرجة والشركات التي تستعد للاكتتاب العام الأولي وصناديق الاستثمار في البر الرئيسي.

وقال 3 أشخاص إن الغرامة ستصل إلى 400 مليون يوان (56 مليون دولار) على الأقل. وأضافوا أنه إلى جانب تعليق العمل، ستكون هذه هي العقوبة الأشد على الإطلاق التي تتلقاها شركة محاسبة من بين الشركات الأربع الكبرى في الصين.

وقال أحد المصادر إن عقوبات «بي دبليو سي»، التي تتعامل معها بشكل أساسي وزارة المالية الصينية، وهي الجهة التنظيمية الأساسية لشركات المحاسبة في البلاد، لم يتم الانتهاء منها بعد.

وقال متحدث باسم «بي دبليو سي» في بيان: «نظراً لأن هذه مسألة تنظيمية مستمرة، فلن يكون من المناسب التعليق». ولم ترد وزارة المالية على الفور على طلبات التعليق.

وتخضع «بي دبليو سي» للتدقيق التنظيمي لدورها في تدقيق مجموعة «تشاينا إيفرغراند»، منذ اتهام مطور العقارات المتعثر في مارس (آذار) بالاحتيال بمبلغ 78 مليار دولار. وراجعت «بي دبليو سي» حسابات «إيفرغراند» لمدة 14 عاماً تقريباً حتى أوائل عام 2023.

وقال ثلاثة أشخاص لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن تعلن الجهات التنظيمية الصينية عن عقوبات «بي دبليو سي» في الأسابيع المقبلة.

وكانت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أول من أورد يوم الخميس أن شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» في الصين تتوقع حظر أعمال لمدة ستة أشهر من السلطات الصينية في وقت مبكر من سبتمبر (أيلول). وفي مايو (أيار) ذكرت «بلومبرغ» أن الشركة تواجه غرامة قياسية لا تقل عن مليار يوان (140 مليون دولار).

وقال مصدر إن العقوبات الوشيكة لشركة «برايس ووترهاوس كوبرز» أدت إلى هجرة العملاء، ودفعت إلى خفض التكاليف وتسريح العمال في الشركة في الأشهر الأخيرة، مما ألقى بظلاله على آفاق الشركة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقال المصدرون إن العقوبات ستمنع شركة برايس ووترهاوس كوبرز من التوقيع على بعض الوثائق الرئيسية للعملاء في البر الرئيسي للصين، مثل النتائج وتطبيقات الاكتتاب العام الأولي وكذلك من تنفيذ خدمات أخرى متعلقة بالأوراق المالية.

كما قد يؤثر تعليق الأعمال على شركة برايس ووترهاوس كوبرز تشونغ تيان، ككل، من التعامل مع عملاء جدد مملوكين للدولة أو مدرجين في البورصة في السنوات الثلاث المقبلة، وفقاً للوائح الصينية.

وفي العام الماضي، أكدت الجهات التنظيمية المحلية أن الشركات المملوكة للدولة والشركات المدرجة يجب أن تكون «حذرة للغاية» بشأن توظيف المدققين الذين تلقوا غرامات تنظيمية أو عقوبات أخرى في السنوات الثلاث الماضية.

وفي مارس (آذار) من العام الماضي، فرضت السلطات الصينية غرامة قدرها 211.9 مليون يوان على فرع «ديلويت» في بكين، وتم تعليق عمليات الفرع لمدة ثلاثة أشهر بعد اكتشاف أوجه قصور خطيرة في تدقيقه لشركة إدارة الأصول الصينية «هوارونغ».

وعلى صعيد مواز، قال خبراء إن الدائنين الخارجيين لشركة «تشاينا «إيفرغراند»» ربما يكونون قادرين على زيادة فرصهم في استرداد الأموال، إذا تمكنوا من إثبات أن المطور العقاري يستحق أموالا من الشركات التابعة في الداخل، والتي سيكونون مستحقين لها.

وأصبح هؤلاء الدائنون مساهمين بحكم الأمر الواقع في أصول «إيفرغراند» في الداخل بسبب أمر التصفية الصادر في يناير (كانون الثاني) في هونغ كونغ، مما يمنحهم وسيلة أخرى لاسترداد الأموال من شركة بلغت التزاماتها الخارجية وحدها ما يصل إلى 23 مليار دولار.

ويتمتع المساهمون بأدنى أولوية عند استرداد الديون. ومع ذلك، في حالة وحدتين للسيارات الكهربائية ووحدة عقارية، يمكن اعتبارهم دائنين يتمتعون بأسبقية أعلى إذا كشفت إعادة التنظيم التي أمرت بها المحكمة للوحدة الأولى وتصفية الوحدة الأخرى أن هذه الشركات التابعة لديها قروض مستحقة قدمتها «تشاينا إيفرغراند».

وقال غلين هو، رئيس التحول وإعادة الهيكلة الوطنية في «ديلويت» الصين: «إن الدائنين الخارجيين الذين يستطيعون إثبات أن (إيفرغراند) أقرضت أموالاً لهذه الشركات المعاد هيكلتها، لديهم الحق القانوني في استرداد الأموال». واستشهد بقضية تتعلق بفريقه، حيث تلقى الدائنون الخارجيون لشركة «تشاينا هويشان ديري» مدفوعات من خلال إعادة هيكلة الشركات التابعة التي اقترضت من الشركة الأم.

ويتعين على دائني وحدات «إيفرغراند» -بما في ذلك «إيفرغراند» نفسها، إذا كانت هناك قروض مستحقة- الإبلاغ عن تفاصيل الأموال المستحقة قبل اجتماعات الدائنين في 22 أكتوبر (تشرين الأول) لشركة «إيفرغراند نيو إنيرجي فيكل»، و«إيفرغراند سمارت أوتوموتيف»، و14 نوفمبر (تشرين الثاني) بالنسبة لشركة «قوانغتشو كايلونغ» العقارية.

وتضيف إمكانية استرداد دائني «إيفرغراند» الخارجيين للأموال من خلال الشركات التابعة فصلاً آخر إلى سقوط ما كان ذات يوم أكبر تكتل عقاري في الصين. كما يثير ذلك احتمال تقديم الدائنين الخارجيين دليلاً على حجم الديون بين «إيفرغراند» والشركات التابعة الأخرى، وملاحقة الأموال من خلال الدفع لإعادة هيكلة تلك الوحدات، كما قال الخبراء. ومع ذلك، فإن التعافي سيكون صعباً، كما قالوا.


مقالات ذات صلة

«المركزي الأوروبي» يستعد لقرار حاسم في سبتمبر

الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يستعد لقرار حاسم في سبتمبر

رأى صناع السياسة في المصرف المركزي الأوروبي عدم وجود ضرورة لتخفيض أسعار الفائدة الشهر الماضي، لكنهم لمحوا إلى مناقشة جديدة في سبتمبر (أيلول).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد لافتة لمعرض الوظائف في الجادة الخامسة في مانهاتن (رويترز)

ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأميركية الأسبوع الماضي

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة في الأسبوع الأخير، لكن المستوى لا يزال يشير إلى استمرار التبريد التدريجي لسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سياح في أحد المعابد القديمة بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

المستثمرون اليابانيون يعززون مشترياتهم من السندات الأجنبية

زاد المستثمرون اليابانيون مشترياتهم من السندات الأجنبية في الأسبوع الماضي مع تهدئة المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة بسرعة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد طاولات فارغة في مطعم بفندق هيلتون بيروت ميتروبوليتان بالاس (رويترز)

الصراع مع إسرائيل يكلف لبنان 10 مليارات دولار

أدَّت غارة جوية إسرائيلية على العاصمة بيروت وتهديد باندلاع حرب شاملة إلى فرض سلسلة من الإجراءات، منها حظر السفر، كما غادر المصطافون البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام سبيلاً أثرياً عقب تجديده في أحد أحياء العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري»: 71.5 % من المواطنين البالغين «مشمولون مالياً»

قال البنك المركزي المصري، في تقرير حديث، إن نحو 71.5 في المائة من المواطنين البالغين في البلاد مشمولون مالياً حتى يونيو (حزيران) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

131 مليار دولار حجم التجارة الخارجية السعودية هذا العام

حاويات في طريقها للتحميل في أحد الموانئ السعودية (واس)
حاويات في طريقها للتحميل في أحد الموانئ السعودية (واس)
TT

131 مليار دولار حجم التجارة الخارجية السعودية هذا العام

حاويات في طريقها للتحميل في أحد الموانئ السعودية (واس)
حاويات في طريقها للتحميل في أحد الموانئ السعودية (واس)

يتوقع خبراء اقتصاديون أن ترتفع حصة السعودية من التجارة الخارجية في الأسواق العالمية خلال السنوات القليلة المقبلة، بعد أن أظهرت إحصاءات الهيئة العامة للإحصاء، اليوم الخميس، ارتفاع الصادرات غير النفطية، التي تشمل إعادة التصدير، بنسبة 10.5 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي إلى نحو 73.73 مليار ريال (19.65 مليار دولار)، مقارنة بنحو 66.74 مليار ريال في الربع الثاني من 2023.

وارتفعت الصادرات غير البترولية، باستثناء إعادة التصدير، 1.4 في المائة، إلى 51.4 مليار ريال خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقابل نحو 50.69 مليار ريال في الربع الثاني من العام الماضي.

وانخفض إجمالي الصادرات السلعية بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثاني على أساس سنوي، إلى نحو 249.51 مليار ريال.

وبلغ فائض الميزان التجاري نحو 98.37 مليار ريال في الربع الثاني، مقارنة بنحو 104.7 مليار ريال في الربع الثاني من 2023.

إحدى السفن التجارية ترسو بميناء الملك عبد العزيز بالدمام (موقع الهيئة العامة للموانئ)

وقال الدكتور محمد بن دليم القحطاني، أستاذ إدارة الأعمال الدولية في جامعة الملك فيصل، لـ«الشرق الأوسط»، إن حجم التجارة الخارجية السعودية بلغ في الربع الثاني من العام الحالي نحو 491 مليار ريال (130.9 مليار دولار)؛ إذ تساوت الصادرات في الفترة ذاتها مقارنة بالعام السابق، وارتفعت الواردات بنسبة 3.3 في المائة.

وتابع القحطاني: «شهدت حركة التجارة السعودية الخارجية في الربع الثاني من عام 2024 تطورات ملحوظة؛ إذ بلغ إجماليها 490.6 مليار ريال (130.8 مليار دولار)، ورجحت كفة الصادرات بقيمة 294.5 مليار ريال (78.5 مليار دولار)، على حساب الواردات بقيمة 191.1 مليار ريال (50.9 مليار دولار)».

ونمت الواردات في الربع الثاني من هذا العام، وفق القحطاني، بنسبة زيادة بلغت 3.3 في المائة عن الربع الثاني من عام 2023، مبيناً أنه أمر طبيعي في ظل الأحداث الجيوسياسية التي يشهدها العالم هذه الأيام؛ إذ أثبتت الرؤية نجاح برامجها في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

وأضاف: «ركزت (رؤية السعودية 2030) على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وقد نجحت في ذلك بشكل مباشر وملاحَظ من خلال النمو الذي حققته في هذا العام في صادراتها غير النفطية. كما نجحت هذه الرؤية في توسيع أسواق الصادرات لديها، وتنويع مصادر الإيرادات، وتحسين قدرتها التنافسية على المستوى العالمي».

تحديات

ومع ذلك، أقرّ القحطاني بـ5 تحديات تواجه التجارة الخارجية السعودية، تشمل تقلبات أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات السعودية، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين، وتأثر سلاسل التوريد.

ومن أكثر مجالات التجارة السعودية الأعلى نمواً، وفق القحطاني، الصناعات التحويلية، وخصوصاً البتروكيميائيات والمنتجات البلاستيكية، فضلاً عن التكنولوجيا والخدمات الرقمية، حيث توجه الاقتصاد العالمي نحو المعرفة.

جانب من ميناء الجبيل التجاري (موقع الهيئة العامة للموانئ)

من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط» المستشار وأستاذ القانون التجاري الدكتور أسامة بن غانم العبيدي: «التجارة الخارجية تساهم بشكل كبير في تنمية ونمو الاقتصاد الوطني، وقد سعت المملكة إلى تعظيم هذا الجانب من الاقتصاد الوطني، من خلال الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي قامت بها الحكومة في السنوات الأخيرة عبر تحقيق أهداف (رؤية 2030)».

وأضاف العبيدي أن «الصادرات السعودية غير النفطية من الكيميائيات والبوليمرات والمعادن والتمور والأغذية والأدوية والألمنيوم، وغيرها من المنتجات السعودية، ارتفعت بفضل التسهيلات الائتمانية التي يقدمها بنك التصدير والاستيراد السعودي».

وتتجلى أهمية التجارة الخارجية السعودية، حسب العبيدي، بوصفها مصدراً مهماً للعملة الأجنبية؛ لتقليص العجز في ميزان المدفوعات وتمويل عمليات الاستيراد، بالإضافة إلى زيادة قدرة الشركات السعودية على المنافسة والوجود في الأسواق العالمية، والحصول على حصة في تلك الأسواق لتسويق المنتجات والبضائع السعودية.

ومن أهم الصادرات غير النفطية التي تصدرها السعودية، وفق العبيدي، الذهب والأحجار الكريمة والبلاستيك والألمنيوم، بالإضافة إلى إعادة التصدير، مثل إعادة تصدير السيارات والآلات، والأجهزة الكهربائية، والسيارات، والأدوية.

وتوقع العبيدي أن تشهد حركة التجارة الخارجية السعودية نمواً كبيراً مع تحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» خلال العام الحالي؛ كونها نتيجة طبيعية للنجاحات التي حققتها رؤية السعودية في مختلف المجالات.