يجتمع العشرات من محافظي المصارف المركزية وصناع السياسات والأكاديميين وخبراء الاقتصاد، من جميع أنحاء العالم، يوم الخميس، في جاكسون هول بولاية وايومينغ، للمشاركة في المؤتمر السنوي للسياسات الاقتصادية الذي ينظمه «الاحتياطي الفيدرالي» في كانساس سيتي. وسوف يكون الحدث الأبرز، يوم الجمعة، عندما يتحدّث رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، عن التوقعات الاقتصادية.
ويركز هذا الحدث العالمي لهذا العام على موضوع «إعادة تقييم فعالية وانتقال السياسة النقدية»، وسوف يستكشف الدروس المستفادة من استجابة السياسة النقدية للجائحة، والارتفاع اللاحق في التضخم، وفق ما ذكر «الاحتياطي الفيدرالي» في كانساس سيتي على موقعه.
وستكون الأنظار متجهة نحو تصريحات المحافظين، وأي إشارات متعلقة بالوضع الاقتصادي في أكبر اقتصاد في العالم، وتوقعات خفض الفائدة.
وسوف تكون الكلمة الأبرز لباول الذي يفتتح الفصل التالي في معركة التضخم التي يخوضها «الاحتياطي الفيدرالي» يوم الجمعة، عندما يُتوقع أن يضع على الطاولة خفض أسعار الفائدة، مع طمأنة المستثمرين بأن صنّاع السياسات قادرون على درء التباطؤ الاقتصادي الحاد.
ويأتي الخطاب المرتقب بشدة في لحظة عالية المخاطر بالنسبة للبنك المركزي الأميركي وسوق سندات الخزانة الأميركية البالغة 27 تريليون دولار، وفقاً لـ«بلومبرغ».
ويبدو أن باول وزملاءه في طريقهم لخفض تكاليف الاقتراض قبل 7 أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية، وهي مهمة محفوفة بالمخاطر من شأنها أن تضع رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي وزملاءه تحت رقابة عامة مكثفة.
كما يأتي ذلك في وقت يولي المسؤولون اهتماماً زائداً لسوق العمل المتراجعة بعد سنوات من التركيز الدقيق على ضغوط الأسعار.
ويتفق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» يقترب من التغلُّب على التضخم المرتفع الذي تسبب في معاناة مالية لملايين الأسر منذ 3 سنوات، عندما بدأ الاقتصاد الانتعاش من الركود الناجم عن جائحة «كوفيد-19». ومع ذلك، هناك عدد قليل من الخبراء الذين يعتقدون أن باول أو أي مسؤول آخر في «الفيدرالي» مستعد لإعلان «إنجاز المهمة».
وقال توم بورسيللي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في «بي جي آي إم فيكسد إنكوم»: «لا أعتقد أن (الفيدرالي) بحاجة إلى الخوف من التضخم. في هذه المرحلة، من الصحيح أنه يركز الآن على العمالة أكثر من التضخم. إن سياسته تتكيف مع التضخم الذي يتجاوز ذلك بكثير».
من جانبه، قال جوزف بروسويلاس، كبير خبراء الاقتصاد في شركة «آر إس إم يو إس إل إل بي»: «السؤال هو: هل سنرتكب خطأ في السياسة النقدية؟ لهذا السبب تتأرجح السوق حول بيان جاكسون هول. ما نحتاج إلى سماعه من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو أين يقف (الاحتياطي الفيدرالي) فيما يتعلق بالتحول السياسي المحتمل».
وكان المستثمرون متوترين وهم يحاولون توقع وتيرة وحجم التخفيضات المقبلة.
وكانت أرقام سوق العمل في يوليو (تموز) قد تسببت في نوبة خطيرة من تقلبات السوق في أوائل أغسطس (آب)، عندما خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» للأسهم الأميركية أكثر من 6 في المائة في 3 أيام تداول. وارتفعت سندات الخزانة، ولعدة أيام، توقع المتداولون أن يطلق الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) بتحرك أكبر من المعتاد بمقدار 50 نقطة أساس.
وقال ماثيو لوزيتي، كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في «دويتشه بنك»: «قد تكون هناك حجة للتحرك بشكل أسرع قليلاً في البداية ثم التباطؤ. أعتقد أن هذه الحجة تكتسب وزناً كبيراً فقط إذا كان هناك دليل على أن سوق العمل تضعف بطريقة أكثر جدوى».
وعندما تحدّث باول قبل عام في جاكسون هول، بدا هو وزملاؤه أنهم ما زالوا يتجهون في الاتجاه المعاكس. فقد رفع مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، قبل شهر واحد فقط، سعر الفائدة القياسي إلى نطاق يتراوح بين 5.25 و5.5 في المائة، وهو أعلى مستوى في جيل كامل.
ووصف باول سوق العمل بأنها ضيقة، ووصف التضخم بأنه «مرتفع للغاية»، وقال إن «(الاحتياطي الفيدرالي) مستعد لرفع أسعار الفائدة أكثر إذا لزم الأمر».
كما سيحضر محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، يوم الجمعة، وسيتحدث فيليب لين، كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي، في اليوم التالي. وعادة ما يكون المؤتمر مناسباً لسيل من التعليقات الإضافية من مجموعة واسعة من صناع السياسات وخبراء الاقتصاد.