«الفيدرالي» في جاكسون هول: كيف ستحدد بيانات الوظائف المقبلة قرارات الفائدة؟

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» في جاكسون هول: كيف ستحدد بيانات الوظائف المقبلة قرارات الفائدة؟

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

أعرب مسؤولون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن ثقة متزايدة في قدرتهم على كبح التضخم بشكل شبه كامل. والآن، بدأ التركيز ينصب على صحة سوق العمل.

ومع تباطؤ التضخم نحو هدفه البالغ 2 في المائة وتباطؤ وتيرة التوظيف وارتفاع معدل البطالة، يستعد الفيدرالي لخفض سعر الفائدة القياسي الشهر المقبل من أعلى مستوى له في 23 عاماً، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ومع ذلك، فإن السرعة التي قد تخفض بها أسعار الفائدة بعد ذلك ستحدد بشكل أساسي من خلال ما إذا كان أصحاب العمل سيستمرون في التوظيف. ومن شأن خفض سعر الفائدة أن يؤدي في النهاية إلى خفض أسعار قروض السيارات والرهن العقاري وأشكال أخرى من الاقتراض الاستهلاكي.

ومن المرجح أن يقدم رئيس البنك جيروم باول بعض التلميحات حول كيفية رؤية الفيدرالي للاقتصاد وما قد تكون خطواته التالية في خطاب رفيع المستوى يوم الجمعة في جاكسون هول بولاية وايومنغ في المؤتمر السنوي لمحافظي المصارف المركزية. وهي منصة استخدمها باول وأسلافه غالباً للإشارة إلى التغييرات في تفكيرهم أو نهجهم.

ومن المرجح أن يشير باول إلى أن الفيدرالي أصبح أكثر ثقة في أن التضخم يتجه إلى العودة إلى هدف 2 في المائة، والذي قال منذ فترة طويلة إنه سيكون ضرورياً قبل بدء تخفيضات أسعار الفائدة.

ويتفق خبراء الاقتصاد عموماً على أن الفيدرالي يقترب من التغلب على التضخم المرتفع الذي تسبب بألم مالي لملايين الأسر منذ ثلاثة أعوام عندما تعافى الاقتصاد من الركود الذي تبع جائحة كوفيد - 19. ومع ذلك، يعتقد قليل من الخبراء الاقتصاديين أن باول أو أي مسؤول آخر في الفيدرالي مستعد لإعلان «إنجاز المهمة».

وقال كبير الاقتصاديين الأميركيين في «بي جي آي إم» للديون الثابتة، توم بورسيللي: «لا أعتقد أن الفيدرالي يجب أن يخشى التضخم. في هذه المرحلة، من الصحيح أن يركز الفيدرالي الآن على سوق العمل أكثر من التضخم. سياسته مصممة لتضخم أعلى بكثير من هذا».

ومع ذلك، فإن سرعة خفض الفيدرالي للأسعار في الأشهر المقبلة ستعتمد على ما تظهره البيانات الاقتصادية. وبعد أن أبلغت الحكومة هذا الشهر بأن التوظيف في يوليو (تموز) كان أقل بكثير من المتوقع وأن معدل البطالة وصل إلى 4.3 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات، هبطت أسعار الأسهم لمدة يومين بسبب مخاوف من أن يقع الاقتصاد الأميركي في ركود. وبدأ بعض الاقتصاديين بالتكهن بخفض الفيدرالي لسعر الفائدة بنصف نقطة مئوية في سبتمبر (أيلول) وربما خفض آخر مماثل في نوفمبر (تشرين الثاني).

لكن التقارير الاقتصادية الأكثر صحة الأسبوع الماضي، بما في ذلك انخفاض آخر في التضخم وزيادة قوية في مبيعات التجزئة، بددت إلى حد بعيد تلك المخاوف. ويتوقع متداولو «وول ستريت» الآن ثلاثة تخفيضات للفيدرالي بربع نقطة مئوية في سبتمبر ونوفمبر وديسمبر (كانون الأول)، رغم أن الأمر تقريباً يعتمد على القرعة في ديسمبر بين خفض ربع ونصف نقطة. وبدأت أسعار الرهن العقاري بالفعل في الانخفاض تحسباً لخفض سعر الفائدة.

وقال بعض المسؤولين إن خفض الفيدرالي لسعر الفائدة بنصف نقطة مئوية في سبتمبر سيصبح أكثر احتمالاً إذا كانت هناك علامات على مزيد من تباطؤ التوظيف. وسيتم إصدار تقرير الوظائف القادم في 6 سبتمبر، بعد مؤتمر جاكسون هول ولكن قبل الاجتماع المقبل للفيدرالي في منتصف سبتمبر.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» يوم الاثنين إن «الأدلة على ضعف متسارع في أسواق العمل قد تبرر تحركاً أسرع، سواء من حيث حجم الحركة أو السرعة التي نحاول بها العودة» إلى مستوى أسعار الفائدة الذي لا يقيد الاقتصاد.

وحتى إذا ظل التوظيف قوياً، فمن المقرر أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام نظراً للتقدم المطرد الذي تم إحرازه في التضخم، كما يقول خبراء الاقتصاد. وفي الأسبوع الماضي، قالت الحكومة إن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.9 في المائة فقط في يوليو مقارنة بالعام الماضي، وهي أصغر زيادة من هذا القبيل في أكثر من ثلاث سنوات.

وأشار بوسيك إلى أن الاقتصاد تغير عما كان عليه قبل شهرين فقط، عندما كان يقترح أن خفض أسعار الفائدة قد لا يكون ضرورياً حتى الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام.

وقال: «لقد أصبحت أكثر ثقة في أننا من المرجح أن نصل إلى هدفنا للتضخم. وقد رأينا أسواق العمل تضعف بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه العام الماضي. قد نحتاج إلى تغيير موقفنا السياسي في وقت أقرب مما كنت أتصور من قبل».

ويقول كل من بوسيك ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي إنه مع انخفاض التضخم، ترتفع أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم - والتي توليها العديد من الشركات والمستثمرين أكبر قدر من الاهتمام - حتى مع تباطؤ التضخم. وعندما حدد الفيدرالي لأول مرة سعر الفائدة الرئيسي عند 5.3 في المائة الحالي، كان التضخم - باستثناء تكاليف الطاقة والغذاء المتقلبة - 4.7 في المائة. الآن، أصبح 3.2 في المائة فقط.

وقال بوسيك: «إن سياساتنا تصبح أكثر صرامة مع كل لحظة في هذا النوع من المواقف. يتعين علينا أن نشعر بالقلق من أن أسعار الفائدة مرتفعة للغاية لدرجة أنها قد تتسبب في تباطؤ اقتصادي».

ومع ذلك، قال بوسيك إن سوق العمل والاقتصاد يبدوان في صحة جيدة في الغالب في الوقت الحالي، وما زال يتوقع «هبوطاً ناعماً»، حيث ينخفض التضخم مرة أخرى إلى هدف الفيدرالي البالغ 2 في المائة دون حدوث ركود.

ومع عدم وضوح آفاق الاقتصاد وتركيز الفيدرالي بشدة على ما تظهره البيانات المستقبلية، فقد لا يكون هناك الكثير مما يمكن لباول قوله يوم الجمعة حول الخطوات التالية للمصرف المركزي.

وقال كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في «دويتشه بنك»، ماثيو لوزيتي، في مذكرة بحثية، إنه نظراً لتركيز الفيدرالي على كيفية ورود البيانات الاقتصادية، «سيكون من الصعب على باول الالتزام مسبقاً بمسار معين في جاكسون هول».


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يوقع على قانون الاستثمار في البنية التحتية بالبيت الأبيض 15 نوفمبر 2021 (رويترز)

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

أعلنت الإدارة الأميركية يوم الاثنين أن الشركات تعهدت باستثمار أكثر من تريليون دولار في قطاعات صناعية أميركية، مثل أشباه الموصلات والطاقة النظيفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

قرر «بنك إسرائيل»، يوم الاثنين، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابع على التوالي، حيث استقر التضخم الناجم عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو، إن «المركزي» ليس متأخراً في خفض أسعار الفائدة، لكنه بحاجة إلى مراقبة من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

مصادر: «أوبك بلس» تعقد اجتماع «سياسة إنتاج النفط» في أوائل ديسمبر

نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك»... (رويترز)
نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك»... (رويترز)
TT

مصادر: «أوبك بلس» تعقد اجتماع «سياسة إنتاج النفط» في أوائل ديسمبر

نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك»... (رويترز)
نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك»... (رويترز)

قال مصدران في «أوبك بلس»، اليوم الاثنين، إن التحالف سيعقد اجتماعه بشأن السياسة النفطية المقرر في أوائل ديسمبر (كانون الأول) المقبل عبر الإنترنت؛ إذ من المنتظر أن تناقش مجموعة المنتجين تأجيلاً جديداً لخطط زيادة الإنتاج.

وقالت مصادر في «أوبك بلس» وفق «رويترز»، إن التحالف، الذي يضم «منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)» وحلفاء مثل روسيا، قد يؤجل مجدداً زيادات الإنتاج وسط ضعف الطلب العالمي على النفط.

وعندما عقدت مجموعة «أوبك بلس» أحدث اجتماع لها بكامل الأعضاء حول السياسة النفطية في يونيو (حزيران) الماضي، حضر معظم الوزراء عبر الإنترنت. ومع ذلك، عقدت مجموعة أصغر، مكونة من 8 دول تنفذ أحدث جولة من تخفيضات الإنتاج الطوعية، اجتماعاً بالحضور الشخصي في اللحظة الأخيرة بالعاصمة السعودية الرياض.

وقال مصدر في «أوبك بلس» إن هناك احتمالية لعقد اجتماع مماثل هذه المرة في إحدى دول الخليج، لكن لم يحدث تعميم بشأن خطة لمثل هذا التجمع.