ماذا تعني بيانات التضخم الأميركي بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي؟

شخص يتسوق داخل متجر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)
شخص يتسوق داخل متجر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

ماذا تعني بيانات التضخم الأميركي بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي؟

شخص يتسوق داخل متجر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)
شخص يتسوق داخل متجر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)

قدمت بيانات التضخم، التي صدرت يوم الأربعاء، أحدث إشارة للاقتصاديين والمستثمرين بأن «الاحتياطي الفيدرالي» سيكون في وضع يسمح له ببدء خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل. في وقت انتقل فيه النقاش بين مراقبي «الاحتياطي الفيدرالي»، مِن ما إذا كان سيتم خفض أسعار الفائدة، إلى مدى سرعة وعمق التخفيضات.

ومع السيطرة على التضخم على ما يبدو، تحوّل الاهتمام إلى احتمال أن يؤدي الفشل في خفض أسعار الفائدة بشكل حاد إلى أضرار جسيمة للاقتصاد، خصوصاً في ضوء البيانات الأخيرة التي تظهر ضعف سوق العمل.

وكتب كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في تحالف المستشارين المستقلين: «في تحول غير خفي، انتقلت السوق من القلق بشأن التضخم إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي. إن التغيير الأكبر في خطط الاحتياطي الفيدرالي لا بد أن يكون في وتيرة التخفيضات»، وفق موقع «إنفستوبيا».

كما أعرب مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، الذين لديهم تفويض مزدوج لتعزيز استقرار الأسعار وتوفير أقصى قدر من فرص العمل، عن مخاوفهم بشأن تدهور ظروف سوق العمل مع تباطؤ التضخم. ومع ذلك، لم يلتزموا بخفض أسعار الفائدة.

«الفيدرالي» ينتظر مزيداً من البيانات

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، وزملاؤه إن خفض أسعار الفائدة ممكن بمجرد الاجتماع المقبل للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في منتصف سبتمبر (أيلول)، لكن الأمر كله يعتمد على كيفية ظهور البيانات حتى ذلك الحين.

وفي محاولة لتقريب التضخم من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي السنوي البالغ 2 في المائة، أبقت اللجنة على سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية المؤثر عند نطاق 5.25 في المائة -5.5 في المائة لأكثر من عام، مما دفع تكاليف قروض السيارات والرهن العقاري وأنواع أخرى من الاقتراض إلى الارتفاع.

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول في أحد مؤتمراته الصحافية عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

وأظهر تقرير أسعار المستهلك لشهر يوليو (تموز)، الذي صدر يوم الأربعاء، انخفاض التضخم السنوي إلى أقل من 3 في المائة لأول مرة منذ 3 سنوات.

وقالت ديان سوونك، كبيرة الاقتصاديين في شركة «كي بي إم جي»، إن انخفاض التضخم وتحول سوق العمل «يعززان الحجة لصالح خفض أسعار الفائدة بنسبة نصف في المائة في سبتمبر لضمان تجنب الركود الكامل».

لكن لا يتفق جميع مراقبي «الاحتياطي الفيدرالي» على أن مثل هذا الخفض العميق مطلوب على الفور. وكتب سكوت أندرسون، كبير الاقتصاديين في الولايات المتحدة في «بي إم أو كابيتال ماركتس»: «لا شيء في تقرير مؤشر أسعار المستهلك يستبعد خفض أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، لكنه لا يدعو أيضاً إلى خفض مفاجئ بمقدار 50 نقطة أساس».

يضع المتداولون في الحسبان احتمالية بنسبة 37 في المائة بأن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح بين 4.75 في المائة و5 في المائة في اجتماع سبتمبر، وفقاً لأداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي»، التي تتوقع تحركات الأسعار بناءً على بيانات تداول العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي. وهذا أقل بشكل كبير من أوائل الأسبوع الماضي عندما توقع المتداولون، بعد تقرير الوظائف الضعيف بشكل مفاجئ في يوليو، احتمالية بنسبة 100 في المائة تقريباً بأن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وأنه قد يعقد اجتماعاً طارئاً.

إدراج أسعار الأسهم على الشاشة التي يمكن رؤيتها من خلال النافذة في موقع «ناسداك ماركت سايت» (أ.ف.ب)

هل من توضيحات؟

كان بعض محافظي البنوك المركزية حتى يوم الثلاثاء لا يزالون غير متأكدين، على ما يبدو، بشأن خفض أسعار الفائدة، ودعوا إلى مزيد من البيانات قبل الالتزام بخفض أسعار الفائدة. ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان تقرير يوم الأربعاء كافياً، ومن المرجح أن يحول المستثمرون انتباههم إلى التصريحات المقبلة من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي للحصول على إجابات.

في وقت لاحق من هذا الأسبوع، من المقرر أن يتحدث رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو موساليم، ونظيره في فيلادلفيا، باتريك هاركر.

يحرص الاقتصاديون والمستثمرون بشكل خاص على سماع مزيد من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي باول، الذي من المتوقع أن يتحدث في 23 أغسطس (آب) في الندوة الاقتصادية السنوية لبنك الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول، في وايومنغ. قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المقبل، سيحصل المسؤولون أيضاً على قراءة رئيسية أخرى حول صحة سوق العمل مع إصدار تقرير الوظائف لشهر أغسطس في 6 سبتمبر، بالإضافة إلى عديد من مؤشرات التضخم.


مقالات ذات صلة

التضخم في السعودية لا يزال عند أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2023

الاقتصاد أحد المتاجر الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية لا يزال عند أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2023

لا يزال التضخم في السعودية يحافظ على مستوياته المتدنية، إذ استقر عند 1.5 في المائة خلال يوليو الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد لافتة للتوظيف مُعلّقة على باب أحد المتاجر في مدينة نيويورك (رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات إعانات البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدّموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بصورة غير متوقعة الأسبوع الماضي؛ ما يشير إلى استمرار تباطؤ سوق العمل بشكل منظم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد  تظهر الشاشة ارتفاع بورصة نيويورك بعد إصدار بيانات التضخم الأميركية (وكالة حماية البيئة)

الأسواق العالمية ترتفع مدعومة بتراجع التضخم الأميركي ونمو الاقتصاد الياباني

ارتفعت الأسهم العالمية بشكل عام، يوم الخميس، بعد أن جاء تقرير التضخم الأميركي الأخير مطابقاً تقريباً لتوقعات الاقتصاديين.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد كورنيش الدوحة في قطر (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في قطر 0.22 % خلال يوليو

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في قطر، بنسبة 0.22 في المائة، خلال يوليو الماضي، مقارنةً مع الشهر ذاته من عام 2023، بينما انخفض على أساس شهري بنسبة 0.38.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد مبنى المصرف المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)

«المركزي» النرويجي يقرر تثبيت الفائدة لـ«بعض الوقت»

أبقى المصرف المركزي النرويجي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند مستوى قياسي بلغ 4.50 في المائة، يوم الخميس، كما توقع محللون في استطلاع لـ«رويترز».

«الشرق الأوسط» (أريندال (النرويج))

خفض تكاليف المصانع السعودية يزيد تنافسيتها في الأسواق المحلية والعالمية

أحد المصانع المنتجة بالمدينة الصناعية في المدينة المنورة (واس)
أحد المصانع المنتجة بالمدينة الصناعية في المدينة المنورة (واس)
TT

خفض تكاليف المصانع السعودية يزيد تنافسيتها في الأسواق المحلية والعالمية

أحد المصانع المنتجة بالمدينة الصناعية في المدينة المنورة (واس)
أحد المصانع المنتجة بالمدينة الصناعية في المدينة المنورة (واس)

حقّق القطاع الصناعي السعودي عديداً من المكتسبات منذ بدء تحمل الدولة المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية، منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 حتى الوقت الحالي، إذ أسهم في خفض التكلفة التشغيلية للمصانع الوطنية، وزيادة تنافسيتها محلياً وفي الأسواق العالمية، كما زاد فرص العمل بنحو 57 في المائة، وحسّن نسبة التوطين بمعدل 32 في المائة.

ويهدف قرار تحمل الدولة للمقابل المالي إلى منح المصانع فرصة ثمينة لتصحيح أوضاعها عبر الاستغناء عن العمالة الوافدة منخفضة الأجور وقليلة المهارات، واستبدال تقنيات حديثة بها، وكذلك تدريب السعوديين على العمل في القطاع، والاستفادة من الوظائف المتاحة في المجال بتوطينها ومنح فرص وظيفية نوعية للمواطنين، كما يسعى إلى رفع الجودة وكفاءة الإنتاج.

وقرّر مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي، تمديد مدة تحمل الدولة المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية، إلى نهاية 2025.

وتعزّز الحكومة السعودية نمو القطاع الصناعي في المملكة وزيادة تنافسيته عالمياً، عبر جذب مزيد من الاستثمارات، ومساعدة المنشآت على تبني نماذج العمل الحديثة التي تشمل الأتمتة وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، بما في ذلك إيجاد مزيد من فرص العمل وتطوير القدرات المحلية، سعياً لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، لتنويع الاقتصاد الوطني وتنمية مصادر الدخل.

وبيّن وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، أن أكثر من 8 آلاف منشأة استفادت من تحمل الدولة المقابل المالي على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية خلال الفترة من 2019 حتى نهاية 2023، كاشفاً عن بلوغ وفورات القطاع، بعد قرار تحمل الدولة، نحو 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) سنوياً.

وفي إطار ذلك، لفت الخريف إلى أن قيمة الاستثمارات الإجمالية في القطاع شهدت ارتفاعاً بنسبة 55 في المائة، من 992 مليار ريال في 2019، إلى أكثر من 1.542 تريليون ريال مع نهاية العام الماضي.

رفع الكفاءة التشغيلية

بدوره، قال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية سابقاً، المهندس أسامة الزامل، لـ«الشرق الأوسط» إن الإعفاء ‏من المقابل المالي على العمالة الوافدة للمصانع السعودية، ساعد المصانع على تخفيض التكلفة التشغيلية خلال الفترة الماضية.

وتابع أن ذلك أسهم في تحسين الوضع المالي لهذه المصانع بمختلف أحجامها خصوصاً الصغيرة والمتوسطة التي تمثل تقريباً 80 في المائة من إجمالي المنشآت المحلية، إذ حسَّنت من تنافسيتها في السوق الوطنية وبعض أسواق التصدير.

وأشار إلى أن الإعفاء حفّز المصانع للاستمرارية في المحافظة على مستويات الإنتاج الاقتصادية، والنمو في بعض القطاعات، «وبالتالي من المهم الآن لجميع الشركات الصناعية مراجعة هيكلة التكلفة ورفع الكفاءة التشغيلية لها بناءً على التجربة السابقة، والبدء الفوري في التحول إلى الأتمتة والرقمنة ومتطلبات مصانع المستقبل».

وأضاف نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية سابقاً، أن استمرار هذا المحفز لسنة واحدة فقط يعد مهماً، وآخر فرصة للمستثمرين في المصانع لإعادة تقييم وضعهم المالي، ووضع خطة مستدامة لاستثماراتهم لما بعد هذه السنة من التمديد، حيث إنه من الممكن أن تتحول هذه الرسوم مع غيرها إلى ضريبة دخل عليهم في المستقبل، «وبالتالي تتطلب التحضير لها من الآن».

توطين الصناعات الوطنية

من ناحيته، ذكر المحلل الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار التمديد سيعزز الاستمرار في نمو القطاع الصناعي، بما في ذلك إيجاد مزيد من فرص العمل وتطوير القدرات المحلية.

كما سيعمل على جذب مزيد من الاستثمارات، ومساعدة المنشآت الصناعية على تبني نماذج العمل الحديثة، وسيضاعف إنتاج المصانع، وسيكون أثره كبيراً في توطين الصناعات الوطنية، وفق باعجاجة.

يشار إلى أن مبادرة تحمل الدولة المقابل المالي عن العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية تهدف إلى دعم هذه المنشآت للإعفاء من الرسوم الحكومية المتعلقة بالعمالة الأجنبية، بشروط ومستندات مطلوبة تُعنى بـ: ترخيص صناعي سارٍ، وسجل تجاري بنشاط صناعي، إضافة إلى تحديث بيانات المنشأة.