الهند والسعودية تتجهان نحو تكامل اقتصادي شامل خلال الأشهر الستة المقبلة

سفيرها لدى المملكة لـ«الشرق الأوسط»: نتطلع لتعزيز الشراكات في مجالات التكنولوجيا والطاقة والتجارة

سفير الهند لدى السعودية الدكتور سهيل إعجاز خان (الشرق الأوسط)
سفير الهند لدى السعودية الدكتور سهيل إعجاز خان (الشرق الأوسط)
TT

الهند والسعودية تتجهان نحو تكامل اقتصادي شامل خلال الأشهر الستة المقبلة

سفير الهند لدى السعودية الدكتور سهيل إعجاز خان (الشرق الأوسط)
سفير الهند لدى السعودية الدكتور سهيل إعجاز خان (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي مهّدت فيه 24 زيارة، رفيعة المستوى، متبادلة بين مسؤولي البلدين الطريقَ لزيادة التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة والتجارة بين الرياض ودلهي، توقع دبلوماسي هندي إطلاق شراكات جديدة خلال الأشهر الستة المقبلة، للدفع بأسس تعزيز متطلبات التعاون والتكامل الاقتصادي بين البلدين.

وقال سفير الهند لدى السعودية، الدكتور سهيل إعجاز خان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نتطلع إلى أن تشهد الأشهر الستة المقبلة شراكات جديدة ولقاءات ثنائية من شأنها تعميق العلاقة الحيوية بين البلدين»، مضيفاً أن «ممر الرياض - دلهي أصبح نشطاً بشكل متزايد، ويعمل بوصفه قناة لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي، ما يؤكد التزام البلدين ببناء شراكة قوية ذات منفعة متبادلة، تعالج التحديات وتستكشف الفرص في القرن الحادي والعشرين».

وأضاف خان «في هذه المناسبة، سيسلط رئيس الوزراء، نارندرا مودي، الضوءَ على خطط وأولويات الحكومة الحالية، يوم الخميس. وفي حين تحتفل الهند بعيد استقلالها الثامن والسبعين هذا العام، ومع استمرار البلاد في تقدمها المطرد لتحقيق رؤيتها للهند المتقدمة بحلول عام 2047، فإن دور الدول الصديقة مثل المملكة العربية السعودية أمر محوري».

مشاريع قيد التنفيذ

وفي تطور مهم، وفقاً لخان، جرى تشكيل فريق عمل رفيع المستوى (HLTF) في أوائل عام 2024، نتيجة المناقشات في اجتماع رئيس الوزراء في سبتمبر (أيلول) الماضي. ويقود فريق العمل رفيع المستوى، من الجانب السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز وزير الطاقة، ومن الجانب الهندي، السكرتير الرئيسي لرئيس الوزراء. وعقد أول اجتماع لفريق العمل رفيع المستوى في 28 يوليو (تموز)، حيث حدّد عدداً من فرص الاستثمار المتوقع استغلالها في الفترة المقبلة.

وأضاف خان: «في حين هناك عدد من المشاريع الثنائية قيد التنفيذ، فإن المشروع الرئيسي الذي يشمل التعاون الثنائي متعدد الأطراف هو ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي سيفتح الفرص في مجالات الاتصال والنقل والخدمات اللوجستية».

وأوضح أن المشروع متعدد الأطراف سيُغير قواعد اللعبة، ويربط بين 3 قارات، وسيُحقق فوائد هائلة لشعوب جميع الدول المشاركة في المشروع، في الوقت الذي تتعاون فيه عدد من الشركات الهندية وتنفذ مشاريع مختلفة في جميع أنحاء المملكة، بما في ذلك مشاريع «جيغا» التي يتم تنفيذها في المملكة.

توسيع دائرة التعاون الاقتصادي

وقال خان: «إن نهجنا يتجاوز العمل على الزيارات التجارية الثنائية إلى تنويع التعاون الثنائي الشامل؛ إذ تعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، في حين تعد المملكة رابع أكبر شريك تجاري للهند، فيما بلغت قيمة التجارة الثنائية نحو 52.75 مليار دولار خلال 2022-2023. ​​وفي 2023-2024، بلغت الصادرات الهندية إلى المملكة 11.56 مليار دولار».

ووفق خان، فإن التعاون في مجال الطاقة يُشكل ركيزة أساسية للعلاقات الثنائية الهندية السعودية، مشيراً إلى أن المملكة تمثل شريكاً رئيسياً للهند في ضمان أمن الطاقة، في حين تعدّ السعودية ثالث أكبر مصدر للنفط الخام إلى الهند خلال الفترة 2022-2023.

وأضاف: «على مر السنين، تطورت العلاقة بين الهند والمملكة من تقليدية بين البائع والمشتري إلى شراكة استراتيجية في قطاع الطاقة، تقوم على التكامل والاعتماد المتبادلين. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كان هناك أيضاً تركيز على الطاقة المتجددة».

وأضاف أنه «في حين تظل الطاقة ركيزة أساسية للتجارة، ومع النجاح في تنويع سلة التجارة، تضاعفت صادرات الهند على مدى السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك الأغذية والمنسوجات والسيارات والآلات».

وأضاف خان أن «العلاقات الاستثمارية بين بلدينا تنمو بشكل مطرد، إذ استثمرت الشركات الهندية أكثر من ملياري دولار في المملكة في مجالات متنوعة، مثل الإدارة والاستشارات والبناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والأدوية».

وأشار إلى أن الشركات الهندية تتطلع إلى المملكة بصفتها وجهة استثمارية، في حين أطلقت السعودية استثمارات في الهند بقيمة 10 مليارات دولار، بما في ذلك استثمارات من صندوق الاستثمارات العامة واستثمارات من شركات مملوكة للدولة وخاصة.

علاقات ثنائية ممتدة

وأضاف أن «بلدينا يتمتعان بعلاقات ودية تعكس الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعود إلى قرون مضت. واليوم تمتد هذه العلاقة على نطاق واسع، عبر التبادلات السياسية والأمن والإنتاج الدفاعي والطاقة والتجارة والصناعة والاستثمارات والتعليم والعلاقات بين الشعبين. والأهم من ذلك، أن هناك 2.65 مليون هندي يقيمون في المملكة، والاحتفالات هي فرصة للتأكيد على عمق العلاقات الثنائية».

وأضاف خان: «منذ الاستقلال، تطوّرت العلاقات الثنائية بين البلدين تدريجياً إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه ومفيدة للطرفين، واكتسبت مزيداً من الزخم مع زيارات رئيس الوزراء إلى المملكة في عامي 2016 و2019، وزيارات ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء إلى الهند في عامي 2019 و2023. وفي عام 2019، أنشأنا أيضاً مجلس الشراكة الاستراتيجية (الهندية - السعودية) الذي يغطي الطيف الكامل لعلاقاتنا الثنائية».

وأشار إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي إلى الهند خلال الفترة من 9 إلى 11 سبتمبر 2023 للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين، عززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فيما عقد اجتماع مجلس الشراكة الاستراتيجية، وتم توقيع 8 مذكرات تفاهم واتفاقيات في عدة مجالات.

وأضاف خان: «على مدار العام الماضي، كان هناك أكثر من 10 زيارات رفيعة المستوى من الهند و14 زيارة رفيعة المستوى من المملكة، وهو ما يتجاوز التفاعلات وتعزيز العلاقات الدبلوماسية، إلى تمهيد الطريق لمشاريع تعاونية في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطاقة والتكنولوجيا والتجارة».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.