تراجع نمو الأجور في بريطانيا وانخفاض غير متوقع بمعدل البطالة

ارتفاع طفيف في تضخم أسعار البقالة بعد 17 شهراً من الانخفاض

أشخاص يسيرون خارج بنك إنجلترا في الحي المالي بمدينة لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون خارج بنك إنجلترا في الحي المالي بمدينة لندن (رويترز)
TT

تراجع نمو الأجور في بريطانيا وانخفاض غير متوقع بمعدل البطالة

أشخاص يسيرون خارج بنك إنجلترا في الحي المالي بمدينة لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون خارج بنك إنجلترا في الحي المالي بمدينة لندن (رويترز)

تراجع نمو الأجور في بريطانيا إلى أدنى مستوى له منذ نحو عامين في الربع الثاني، مما قد يطمئن بنك إنجلترا بأن الضغوط التضخمية تتراجع، في حين انخفض معدل البطالة بشكل غير متوقع، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة يوم الثلاثاء.

وارتفعت الأجور الأسبوعية المتوسطة، باستثناء المكافآت، بنسبة 5.4 في المائة عن العام السابق في الأشهر الثلاثة التي انتهت في نهاية يونيو (حزيران)، بانخفاض عن 5.8 في المائة بالأشهر الثلاثة حتى مايو (أيار) وأدنى مستوى منذ أغسطس (آب) 2022، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني.

ومع ذلك، انخفض معدل البطالة - الذي يعتمد على مسح يجري المكتب الوطني للإحصاء حالياً مراجعته - بشكل غير متوقع من 4.4 في المائة إلى 4.2 في المائة، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير (شباط)، مخالفاً توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز» بارتفاع إلى 4.5 في المائة.

وكان الجنيه الإسترليني مرتفعاً 0.24 في المائة عند 1.2797 دولار من 1.2779 دولار قبل صدور البيانات. وانخفض اليورو 0.15 في المائة مقابل الجنيه الإسترليني إلى 85.49 بنس.

وقلص المستثمرون رهاناتهم قليلاً على خفض سعر الفائدة من بنك إنجلترا في سبتمبر (أيلول) إلى نحو 35 في المائة، من 38 في المائة يوم الاثنين.

وقال بنك إنجلترا إنه سيواصل مراقبة نمو الأجور عن كثب عندما خفض أسعار الفائدة في 1 أغسطس، بعد إبقائها عند أعلى مستوى لها منذ 16 عاماً عند 5.25 في المائة لمدة عام تقريباً.

ولا يزال نمو الأجور المنتظم ينمو بمعدل يبلغ ضعف ما يعتقد بنك إنجلترا أنه متوافق مع الحفاظ على التضخم عند هدفه البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، ويتوقع «المركزي» أن تظهر البيانات يوم الأربعاء عودة التضخم فوق الهدف.

وقالت الاقتصادية في معهد البحوث الاقتصادية والاجتماعية الوطني، مونيكا جورج ميخائيل، إن «استمرار نمو الأجور القوي يثير أيضاً مخاوف بشأن التضخم الثابت، مما قد يدفع بنك إنجلترا إلى الحفاظ على الحذر بشأن مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة».

تخفيف الضغط على الأجور

يتوقع أرباب العمل انخفاض التضخم الرئيسي لتقليل الضغط على رفع الأجور خلال العام المقبل. وقال معهد المحترفين للشؤون الشخصية والتطوير يوم الاثنين، إن أرباب العمل يتوقعون رفع الأجور بنسبة 3 في المائة - وهو أدنى مستوى للتوقعات منذ عامين - بينما أشار استطلاع لبنك إنجلترا إلى زيادات في الأجور بنسبة 4.1 في المائة.

ووافقت وزيرة المالية الجديدة في حزب العمال، راشيل ريفز، الشهر الماضي، على رفع الأجور بنسبة 5 في المائة على الأقل لملايين العاملين بالقطاع العام، بما في ذلك زيادة بنسبة 22 في المائة للأطباء المتدربين على مدى عامين لحل نزاع عمالي طويل الأمد.

ويركز بنك إنجلترا بشكل أكبر على نمو الأجور في القطاع الخاص، الذي يقول إن له تأثيراً مباشراً على التضخم، ويتوقع أن يتباطأ إلى 5 في المائة بالربع الأخير من هذا العام، و3 في المائة في أواخر عام 2025.

وتباطأ نمو الأجور المنتظمة في القطاع الخاص إلى 5.2 في المائة، من 5.6 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى مايو، وهو أدنى مستوى منذ مايو 2022.

وانخفض النمو السنوي للأجور المتوسطة، بما في ذلك المكافآت، بشكل حاد إلى 4.5 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ أواخر عام 2021، بسبب المدفوعات المتأخرة للأجور للعاملين بمجال الصحة العامة في يونيو 2023.

وارتفع معدل عدم النشاط في سوق العمل - الذي يظهر نسبة الأشخاص في سن العمل الذين ليسوا في وظائف أو عاطلين عن العمل، بسبب ضعف الصحة أو الدراسة بدوام كامل أو مسؤوليات الرعاية أو عوامل أخرى، إلى 22.2 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، وهو قريب من أعلى مستوى له منذ 8 سنوات.

وقال حزب العمال إنه يريد رفع معدل مشاركة القوى العاملة ببريطانيا إلى 80 في المائة - وهو مستوى وصلت إليه هولندا وسويسرا ونيوزيلندا، ولكن ليس الاقتصادات الكبرى.

وقالت ريفز إن البيانات أظهرت أهمية إدخال مزيد من الناس إلى العمل.

وأضافت في بيان: «سيكون هذا جزءاً من موازنتي في وقت لاحق من العام، حيث سأتخذ قرارات صعبة بشأن الإنفاق والرفاهية والضرائب».

ومن المقرر أن تعلن ريفز عن أول موازنة لها في 30 سبتمبر.

على صعيد آخر، أظهرت بيانات من قطاع الصناعة يوم الثلاثاء، أن تضخم أسعار البقالة في المملكة المتحدة ارتفع بشكل طفيف هذا الشهر لأول مرة منذ مارس (آذار) 2023.

وقالت شركة الأبحاث السوقية «كانتار» إن التضخم السنوي لأسعار البقالة كان 1.8 في المائة في الأربعة أسابيع حتى 4 أغسطس، مقابل 1.6 في المائة في الفترة السابقة من 4 أسابيع.

وقال رئيس قسم التجزئة والأبحاث الاستهلاكية في كانتار، فراسير ماكيفيت: «بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من 3 سنوات في يوليو (تموز)، شهد أغسطس ارتفاعاً طفيفاً في التضخم مرة أخرى».

وأضاف: «على الرغم من أن هذا ملحوظ بعد 17 شهراً متتالياً من انخفاض الأسعار، فإنه يمثل في الواقع عودة إلى المستويات المتوسطة التي شوهدت في السنوات الخمس قبل بداية أزمة تكلفة المعيشة».

وحذر اتحاد تجارة التجزئة البريطاني الشهر الماضي، من أن الضغوط التضخمية الجديدة قد تكون في طريقها مع تلاشي تأثير انخفاض أسعار السلع الأولية العام الماضي، وتلف المحاصيل بسبب تغير المناخ بعد طقس رطب غير عادي في إنجلترا، ودرجات حرارة شديدة في أماكن أخرى.

وأظهرت بيانات «كانتار»، وهي أحدث صورة لسلوك المستهلكين البريطانيين تم نشرها منذ الانتخابات الوطنية في 4 يوليو، أن مبيعات البقالة التي يتم تسليمها إلى المنزل ارتفعت بنسبة 3.8 في المائة من حيث القيمة على أساس سنوي خلال فترة الأربعة أسابيع.

وقالت «كانتار» إنه على مدار 12 أسبوعاً حتى 4 أغسطس، كان متجر البقالة عبر الإنترنت «أوكادو» أسرع متاجر البقالة نمواً مرة أخرى، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 11.3 في المائة على أساس سنوي. وشهدت شركة «تيسكو» الرائدة في السوق نمواً بنسبة 4.9 في المائة، بينما ارتفعت مبيعات «سينسبري» التي حلت ثانية بنسبة 5.2 في المائة. ومرة أخرى، كانت «أسدا» هي المتخلفة، حيث جاءت في المركز الثالث مع انخفاض مبيعاتها بنسبة 6 في المائة وخسارة 1.1 نقطة مئوية من حصتها في السوق على أساس سنوي.


مقالات ذات صلة

بنك إنجلترا يبقي على أسعار الفائدة بفعل مخاوف تنامي الضغوط

الاقتصاد أشخاص يسيرون خارج بنك إنجلترا في الحي المالي بمدينة لندن في لندن، بريطانيا (رويترز)

بنك إنجلترا يبقي على أسعار الفائدة بفعل مخاوف تنامي الضغوط

أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه يوم الخميس والذي جاء غداة قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض كبير بمقدار 50 نقطة أساس. وكان خبراء اقتصاد توقعوا…

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيارات تمر أمام المصرف المركزي التايواني في تايبيه (رويترز)

«المركزي التايواني» يُبقي الفائدة دون تغيير ويرفع توقعات النمو

أبقى المصرف المركزي التايواني أسعار الفائدة دون تغيير، في حين رفع تقديراته للنمو لهذا العام اليوم (الخميس)، مشدداً على الحاجة إلى سياسة نقدية يقظة.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد متعامل في بورصة نيويورك يتابع المؤتمر الصحافي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي بعد إعلان خفض 50 نقطة أساس (أ.ب)

خفض الفائدة الأميركية بـ50 نقطة أساس... هل لا يزال «الهبوط الناعم» في الأفق؟

يعتقد بنك الاحتياطي الفيدرالي أن «الهبوط الناعم» لا يزال في الأفق. قد يفسر هذا سبب ارتفاع عائدات السندات وانخفاض الأسهم في نهاية المطاف يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ولي العهد السعودي لدى إلقائه الخطاب الملكي السنوي بمجلس الشورى (واس) play-circle 01:52

محمد بن سلمان: البطالة في السعودية سجلت أدنى مستوى تاريخي لها في 2024

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن البطالة في المملكة سجلت أدنى مستوى تاريخي في 2024، مشيراً إلى منجزات جوهرية حققتها المملكة منذ إطلاق «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ردة فعل المتعاملين في بورصة نيويورك بعد إعلان قرار «الاحتياطي الفيدرالي» (رويترز)

«الفيدرالي» يخفض الفائدة بـ50 نقطة أساس لأول مرة منذ الجائحة

خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الأربعاء، سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة أساس لأول مرة منذ جائحة «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
TT

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)

تعتزم مصر تنفيذ استثمارات جديدة ضخمة على ساحل البحر الأحمر، على غرار صفقة «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي، مع تحديد الحكومة ما بين 4 و5 مناطق للاستثمار، منها منطقة «رأس بناس»، بحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي (الخميس)، في أعقاب اجتماع الحكومة الأسبوعي.

وقال مدبولي إن «الدولة تستهدف التنمية في منطقة البحر الأحمر عبر الدخول في شراكات، واجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة من أجل تحقيق رؤية تنموية في مختلف هذه المناطق»، مشيراً إلى أن «المخططات تتضمن التنمية العمرانية المتكاملة، بما فيها ميناء مارينا للسياحة الدولية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة»، بشراكة إماراتية في فبراير (شباط) الماضي، وباستثمارات قُدّرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع، (الدولار الأميركي يساوي 48.46 جنيه في البنوك المصرية).

وتطرق مدبولي إلى تشجيع الاستثمار السعودي في مصر خلال الفترة المقبلة، متحدثاً عن نتائج زيارته إلى السعودية، التي تضمنت الاتفاق على مسودة اتفاق لحماية وتشجيع الاستثمارات المصرية - السعودية المشتركة، وهي اتفاقية متبادلة ومشتركة بين الجانبين.

وأكد مدبولي وجود رغبة مشتركة بين السعودية ومصر لإتمام اتفاقية ثنائية أيضاً؛ بهدف تشجيع الاستثمارات بين البلدين، موضحاً أن هذه الاتفاقيات تشير إلى كيفية تبسيط وتسهيل إجراءات دخول المستثمر، وتشجيعه ببعض الحوافز الإجرائية والإدارية، وكيفية حل، وتسوية أي منازعات في حال وقوعها، من خلال آليات سريعة وفعالة.

وأبرز مدبولي خلال حديثه، توجيهات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لصندوق الاستثمارات السعودي بضخ 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة في مشروعات، سيتم الاتفاق عليها بين الجانبين في قطاعات اقتصادية مهمة، بخلاف الاستثمارات المقرر أن يدخلها القطاع الخاص السعودي.

وتعد منطقة «رأس بناس» من أكبر المناطق التي تضم شعاباً مرجانية في البحر الأحمر، ويمتد لسان شبه الجزيرة بطول 50 كم داخل مياه البحر الأحمر، وتضم ميناء برنيس، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي بين عدة مدن مصرية، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الإسكان المصرية.

ووفق أستاذ التخطيط العمراني، الدكتور سيف الدين فرج، فإن الإعلان الحكومي يعد استمراراً في تنفيذ استراتيجية تنمية مناطق مختلفة في أنحاء الجمهورية، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط» أن الاهتمام بتنمية هذه المناطق غير المستغلة ستكون له نتائج إيجابية على مستويات عدة.

وأضاف فرج موضحاً أن التنمية بالشراكة مع القطاع الخاص تدعم تحقيق استدامة لموارد الدولة من العملة الصعبة، وفي الوقت نفسه بناء مجتمعات عمرانية جديدة، تناسب السائح القادم إلى مصر، الذي يرغب في الاستمتاع بمعالمها الطبيعية، مشيراً إلى أن ترويج الحكومة للفرص الاستثمارية العمرانية «سيساعد على زيادة نسبة العمران بشكل كبير، وبما يتماشى مع تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية».

هذا الرأي يدعمه الخبير الاقتصادي، الدكتور كريم العمدة، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن العائد المجزي من هذه الاستثمارات السياحية الضخمة ليس السبب الوحيد في تحديد مواقع للاستثمار بالشراكة بين الحكومة والمستثمرين الأجانب، لكن أيضاً تحقيق زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر من أجل توفير غرف فندقية، ومناطق جذب إضافية بمستويات عالية.

وأضاف العمدة أن صناديق الاستثمار العربية والشركات الكبرى ستكون حريصة على ضخ استثمارات في هذه المشروعات لأسباب عدة، في مقدمتها العائد المجزي والمستدام، والاستفادة من الاستقرار الأمني وحوافز الاستثمارات، مشيراً إلى أن الدول الخليجية سيكون لديها اهتمام بهذه الفرص، سواء على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص.

وتستهدف الحكومة المصرية خلال الفترة الحالية جذب استثمارات أجنبية مباشرة في إطار سياسة تتضمن العمل على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز نمو القطاع الخاص، مع تحديث الأطر التنظيمية لعمل المستثمرين الأجانب، وحل مشكلاتهم في أقصر وقت.