أطلق مجلس إدارة هيئة تطوير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الخميس، الخطة المتكاملة لتطوير وتنمية المحمية، التي ستضع خريطة طريق شاملة تواكب أفضل المعايير وتغطي الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياحية والثقافية على امتداد 24500 كيلومتر مربع، في شمال غربي المملكة.
وستمكن الخطة من إدارة المحمية بكفاءة وفاعلية من خلال وضع موجهات أساسية لإعادة الحياة البرية والمحافظة عليها بما يتوافق مع أحدث المعايير العالمية، وتوجيه خطط إعادة توطين الأنواع عبر التقنيات الحديثة. كما تضع إطاراً لتنمية وتطوير منظومة السياحة البيئية، ومن أمثلتها مشروع «أمالا» الذي يقع ضمن نطاق المحمية ويشكل جزءاً من المشروعات التنموية.
كما تحتضن المحمية أربعة مواقع تم إدراجها في القائمة الأولية لمواقع التراث العالمي التابعة لليونيسكو، لتواصل المحمية سعيها لأن تصبح الوجهة المفضلة في العالم للحفاظ على البيئة الصحراوية والسياحة التراثية، وتحقق التوازن المطلوب مع احتياجات المجتمعات المحلية.
وتأتي الخطة المتكاملة للتطوير والتنمية للمحمية بعد الانتهاء من الدراسات المكثفة للمحمية لتحديد الحالة التاريخية والراهنة لبيئتها والخطوات اللازمة لإعادة النظم البيئية والنباتات والحيوانات إلى ما كانت عليه قبل قرن من الزمان، حيث تعد المحمية موطناً لـ15 نظاماً بيئياً متميزاً، بدءاً من التلال الجبلية، مروراً بالوديان التي تمنح الحياة للشعب المرجانية في البحر الأحمر، مما يخلق مستوى استثنائياً من التنوع البيولوجي.
وفي هذا السياق، تم اختيار 23 نوعاً من الأنواع التي تواجدت تاريخياً في المحمية لإعادة توطينها، منها 16 نوعاً منقرضاً داخل حدود المحمية، و4 أنواع مهددة بالانقراض بشكل حرج، و3 أنواع معرضة للخطر، وفقاً لقوائم الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) بما في ذلك النمر العربي والفهد الآسيوي والمها العربي، كما يدعم برنامج إعادة توطين الحياة الفطرية مشروعاً واسع النطاق لاستعادة الموائل الطبيعية، الذي سيعيد تأهيل أكثر من 400 نوع من النباتات المحلية.
ويأتي ذلك وفق مستهدفات المحمية لأن تكون وجهة سياحية توفر للزوار تجربة برية وبحرية متنوعة، مع ضمان حماية النظم البيئية والتنوع البيولوجي في الوقت نفسه.
ويُعد إطلاق الخطة أحد مساعي السعودية الحثيثة لتعزيز دورها البيئي عالمياً وجهودها في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة، ومواصلة التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي للتصدي لشتى صور التحديات البيئية التي يشهدها العالم، والتي تشمل الحد من انبعاثات الكربون والوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2060، وتطوير مجال الطاقة المتجددة، وإعادة التشجير.
كما تعمل المملكة على تعزيز التنوع الأحيائي، وتواصل جهودها في إعادة توطين الفصائل الفريدة وإعادة مجموعات من الأنواع التي كانت تجول على أراضيها. لذا، فإن إطلاق الخطة المتكاملة للتطوير والتنمية يعد فرصة للمملكة لتتبوأ مكانة رائدة في العالم في مجال إعادة توطين الحياة البرية والمحافظة على البيئة، وتتماشى مع المستهدفات الاستراتيجية لمجلس المحميات الملكية، وتركز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل، كما تسهم المستهدفات المعتمدة للمحميات الملكية في دعم جهود المملكة في الاستدامة والحفاظ على البيئة عبر الإسهام في أهداف مبادرة السعودية الخضراء في حماية 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030.
وقال أندرو زالوميس، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن «المرتكزات الأساسية موجودة للوفاء بوعد الخطة المتكاملة للتطوير والتنمية بحلول عام 2030، وذلك لإطلاق محمية ذات أهمية عالمية تهتم بالمحافظة على البيئة من خلال بناء جذور راسخة في المجتمعا»، مضيفاً: «من هذا المنطلق تمت إعادة إطلاق 11 نوعاً من الحيوانات، بعضها محلي وبعضها الآخر منقرض على المستوى الوطني، واكتشفنا العديد من الأنواع الجديدة، وقمنا بتدريب وتأهيل فريق عمل فعّال مكون من 150 مختصاً ومختصة محليين يلعبون دوراً محورياً في مهمتنا».
وتابع: «بفضل دعم قيادة المملكة من استثمار والتزام حقيقي، نحن نقوم بابتكار تقنيات حديثة لتتكامل مع أفضل الممارسات والمعايير العالمية للحفاظ على البيئة، كما نتطلع إلى نشر ثقافتها في هذا المجال مع المجتمع العلمي الدولي».
وتضم الهيئة، خبراء محليين وعالميين تشمل أنشطتهم جهود الأبحاث والتطوير، وتعزيز الشراكات الدولية والمحلية، وتعزيز أطر التعاون لتسهيل تبادل المعرفة وتطبيق أفضل الممارسات البيئية، وقد أسهمت جهودهم البحثية في التعرف على فصائل جديدة من الحيوانات والنباتات في المحمية التي تتميز بتنوعها البيئي البري والبحري.
ونظراً لموقع المحمية الاستراتيجي الذي يربط بين المشاريع الكبرى مثل (نيوم وأمالا والبحر الأحمر والعلا)، وشراكاتها مع العديد من الجهات المتخصصة محلياً وعالمياً، فمن المخطط بحلول عام 2025 أن يسمح للحيوانات الانطلاق في المنطقة بحرية وسهولة عبر مساحة حماية بيئية تقدر بنحو 70 ألف كيلومتر مربع، للإسهام في تعزيز جهود إعادة الإحياء البيئي وتحقيق التوازن البيئي المطلوب على امتداد المناطق المحيطة بالمحمية، بالإضافة إلى إيجاد تجارب ثرية للسياحة البيئية، وفي هذا الصدد، تستهدف الخطة تعزيز الاستثمار لدعم برامج الحماية البيئية والثقافية، وتوفير نحو 5400 فرصة عمل.