الصين تحدد أولويات نظام الطاقة

الأسواق المحلية تفشل في تحقيق «الملاذ الآمن» رغم التعافي الإقليمي

خطوط الكهرباء عالية الجهد تمتد في ضاحية يانكينغ بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
خطوط الكهرباء عالية الجهد تمتد في ضاحية يانكينغ بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الصين تحدد أولويات نظام الطاقة

خطوط الكهرباء عالية الجهد تمتد في ضاحية يانكينغ بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
خطوط الكهرباء عالية الجهد تمتد في ضاحية يانكينغ بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

كشفت هيئة التخطيط الصينية يوم الثلاثاء عن تفاصيل خطة مدتها ثلاث سنوات لتحديث نظام الطاقة، مع سعي البلاد إلى زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتخفيف الضغط الناجم عن ارتفاع الطلب على الطاقة على الشبكة الوطنية.

وقالت هيئة التخطيط إن الخطة التي أطلقتها اللجنة الوطنية للإصلاح والتنمية للفترة من 2024 إلى 2027، ستساعد الصين على تحقيق هدف خفض انبعاثات الكربون إلى ذروتها قبل عام 2030، وتتضمن إرشادات بشأن تحديث أنظمة النقل والتوزيع. كما تدعو الخطة إلى استخدام المزيد من الطاقة المتجددة في مشاريع نقل الطاقة لمسافات طويلة في الصين، التي ترسل الكهرباء عادة من محطات كبيرة في غرب الصين إلى مدن في شرق البلاد.

وحددت الخطة هدفاً لسعة الاستجابة للطلب للوصول إلى 5 في المائة من الحمل الكهربائي الأقصى، مع تهيئة الظروف لاستجابة الطلب للوصول إلى 10 في المائة من الحمل الأقصى.

وفي شأن منفصل، قال شينغ شون المسؤول بوزارة التجارة الصينية، أمام مؤتمر لصناعة الكيماويات في مدينة شيان يوم الثلاثاء، إن منتجي خامات ومنتجات الكيماويات في الصين يواجهون ضغوطاً متزايدة بسبب تحقيقات مكافحة الإغراق.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عنه القول إن شركات الكيماويات الصينية تواجه منذ بداية العام الحالي 90 قضية إغراق، مقابل 58 قضية في 2023 و29 قضية في 2022.

وأطلقت الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحقيقات بشأن وجود شبهة إغراق من جانب منتجات كيماويات صينية، ومنها مبيد الحشائش بريتلاكلور وراتينجات الإيبوكسي. وقال شون خلال المؤتمر الذي شارك فيه عبر الإنترنت إنه على قطاع الكيماويات الصيني تجنب «الالتفاف»، وهو تعبير يشير إلى محاولات الشركات تقليد أو الإضرار ببعضها البعض بسبب اشتداد المنافسة بينها في الأسواق الخارجية.

وفي الأسواق، هبطت أسهم الصين إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر يوم الثلاثاء رغم موجة صعود إقليمية، وتراجع اليوان عن أعلى مستوى في سبعة أشهر أمام الدولار يوم الاثنين، وهو ما يشكل تحدياً لوجهات النظر القائلة بأن الأصول الصينية ستكون ملاذاً آمناً من هزيمة السوق العالمية. لكن العائدات الطويلة الأجل للصين قفزت بسبب مخاوف من بيع السندات الذي تنظمه الحكومة لتهدئة موجة صعود حادة، وليس بسبب توقعات اقتصادية أكثر تفاؤلاً.

وسجلت أسواق الأسهم الصينية وهونغ كونغ أداء أفضل يوم الاثنين، وسط عمليات بيع شرسة في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، ولكنها كانت استثنائية مع انتعاش الأسواق الإقليمية.

واختتم مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الجلسة منخفضاً إلى أدنى مستوى له منذ فبراير (شباط) بعد افتتاح اليوم مرتفعاً. وأغلق مؤشر شنغهاي المركب مرتفعاً بنسبة 0.2 في المائة. وأغلق مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ منخفضاً بنسبة 0.3 في المائة بعد هبوطه إلى أدنى مستوى له منذ 22 أبريل (نيسان) في الجلسة السابقة.

وتم تداول اليوان المحلي عند نحو 7.1450 مقابل الدولار في وقت متأخر من بعد الظهر، وهو أقل بشكل حاد من ذروة سبعة أشهر عند 7.1120 التي سجلها يوم الاثنين.

وقال كريستوفر ينغ، مدير الاستثمار في شركة «شنغهاي جو تشنغ» لإدارة الأصول، إنه يشك في أن تكون الصين ملاذاً آمناً من الانحدار العالمي بسبب أساسياتها المهتزة. وقال ينغ إن المستثمرين الذين يشعرون بنبض اقتصاد الصين «يحتاجون إلى الانتظار حتى نهاية موسم أرباح منتصف العام في الصين، وكذلك خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي المتوقع في سبتمبر (أيلول) المقبل».

كما عزا بعض المستثمرين ضعف سوق الأسهم يوم الثلاثاء إلى ارتفاع العائدات طويلة الأجل، وهو ما قد يحد من تقييمات الأسهم.

وارتفع عائد سندات الخزانة الصينية لأجل 10 سنوات بنحو 1.5 نقطة أساس إلى 2.165 في المائة، بعد أن قفز بنحو 4 نقاط أساس منذ يوم الجمعة.

وانخفضت العقود الآجلة على السندات بنحو 0.5 في المائة، وسجلت أكبر انخفاض لها في شهر.

وجاء التصحيح في أسعار السندات، التي تتحرك عكسياً مع العائدات، بعد أن شوهدت البنوك الحكومية تبيع كميات كبيرة من سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الاثنين.

كما تراجعت شهية المستثمرين للسندات بعد أن طلب البنك المركزي الصيني، بنك الشعب الصيني، من بعض المؤسسات المالية الإبلاغ عن التغييرات اليومية في مراكزها وأرصدتها من سندات الخزانة طويلة الأجل، مما يشير إلى تدقيق أكثر دقة.

وقال يان زيكي، المحلل في هوان للأوراق المالية: «قد يكون التراجع الناجم عن بيع سندات البنوك الكبرى مجرد مقدمة... حيث تمتلك البنوك الحكومية ذخيرة وفيرة».

ومقابل بقية آسيا، كان أداء الصين وهونغ كونغ ضعيفاً يوم الثلاثاء، حيث ارتفعت الأسهم اليابانية بأكثر من 10 في المائة بعد عمليات البيع التاريخية يوم الاثنين. وتعافت أسواق آسيوية أخرى وسط تعليقات مهدئة من محافظي البنوك المركزية في الخارج.

لكن الأسهم الصينية كانت ضعيفة الأداء مقارنة بالأسواق الإقليمية هذا العام، مما جعل السوق محصنة نسبياً ضد التقلبات العالمية، وفقاً لشيا هاوجي، المحلل في جوسين فيوتشرز في شنتشن، الذي قال إن «الأسهم الصينية ترقد بالفعل على الأرض... فالنمو المتخلف لثاني أكبر اقتصاد في العالم هو في طليعة أذهان المستثمرين وسط الضغوط الانكماشية، وتراجع العقارات المطول، والاستهلاك الهزيل».

وأثرت أسهم البنوك والتأمين في الصين على المؤشر يوم الثلاثاء، لكن التأثير تم تعويضه جزئياً من خلال انتعاش أسهم العقارات. وفي هونغ كونغ، أضافت شركات التكنولوجيا 0.4 في المائة.

وفي سوق السندات الصينية، قال المتعاملون إن جهود بنك الشعب الصيني لتهدئة عمليات الشراء المحمومة قد يكون لها تأثير قصير الأجل، لكن التصحيح قد يوفر فرص شراء حيث من المتوقع المزيد من التيسير.

ولا يزال اليوان الصيني منخفضاً بنسبة 0.6 في المائة مقابل الدولار حتى الآن هذا العام... لكن تعافيه الأخير «خلق مساحة كبيرة لبنك الشعب الصيني لتطبيق المزيد من تدابير التيسير في الأشهر المقبلة، وخاصة في ظل ضعف الطلب على الائتمان واستمرار الضغوط الانكماشية محلياً»، بحسب سيرينا تشو، الخبيرة الاقتصادية الصينية في ميزوهو سيكيوريتيز آسيا.


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصين تدرس مسودة قانون لتعزيز تنمية القطاع الخاص

علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)
علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)
TT

الصين تدرس مسودة قانون لتعزيز تنمية القطاع الخاص

علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)
علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)

يجري المشرعون الصينيون مداولات حول مسوَّدة أول قانون أساسي للبلاد يركز بشكل خاص على تنمية القطاع الخاص. وفق وكالة «شينخوا» الصينية.

وقال خه رونغ وزير العدل، السبت، خلال شرح المسوَّدة أثناء الجلسة الجارية للجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، الهيئة التشريعية الوطنية، إن القانون سيُفضي إلى خلق بيئة قائمة على القانون مواتية لنمو جميع القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك القطاع الخاص.

وتغطي مسودة قانون تعزيز القطاع الخاص مجالات مثل المنافسة العادلة وبيئات الاستثمار والتمويل، والابتكار العلمي والتكنولوجي، والتوجيه التنظيمي، ودعم الخدمات، وحماية الحقوق والمصالح والمسؤوليات القانونية.

وثبَّتت الصين أسعار الفائدة المرجعية للإقراض كما كان متوقعاً في القرار الشهري، يوم الجمعة. وتدعو الضغوط الانكماشية المستمرة والطلب الضعيف على الائتمان إلى مزيد من التحفيز لمساعدة الاقتصاد الأوسع، لكن تضييق هوامش الفائدة على خلفية العائدات المتراجعة بسرعة وضعف اليوان يحد من نطاق التيسير النقدي الفوري.

وتم الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام واحد عند 3.10 في المائة، في حين ظل سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة 5 سنوات دون تغيير عند 3.60 في المائة. في استطلاع أجرته «رويترز» لـ27 مشاركاً في السوق، هذا الأسبوع، توقع جميع المستجيبين بقاء كلا السعرين دون تغيير.

وقال مورغان ستانلي، في مذكرة، إن عجز الميزانية لعام 2025 أكثر إيجابية من المتوقع، ويشير إلى أن بكين مستعدة لتحديد هدف نمو مرتفع وميزانية مالية قياسية لتعزيز ثقة السوق، لكن من غير المرجح تقديم مزيد من التفاصيل السياسية قبل مارس (آذار) المقبل.

في هذه الأثناء، أظهرت بيانات رسمية أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، يوم الجمعة الماضي، ارتفاع إجمالي أصول المؤسسات المالية الصينية إلى 489.15 تريليون يوان (نحو 68.03 تريليون دولار) بحلول نهاية الربع الثالث من العام الحالي.

وقال البنك المركزي إن هذا الرقم يمثل زيادة سنوية بنسبة 8 في المائة.

ومن الإجمالي، بلغت أصول القطاع المصرفي 439.52 تريليون يوان بزيادة 7.3 في المائة على أساس سنوي، في حين ارتفعت أصول مؤسسات الأوراق المالية بنسبة 8.7 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 14.64 تريليون يوان.

وأظهرت البيانات ارتفاع أصول قطاع التأمين بنسبة 18.3 في المائة على أساس سنوي إلى 35 تريليون يوان.

وبلغ إجمالي التزامات المؤسسات المالية 446.51 تريليون يوان بزيادة 8 في المائة على أساس سنوي، وفقاً للبنك المركزي.

وعلى صعيد آخر، أظهرت بيانات رسمية أصدرتها الهيئة الوطنية للطاقة، ارتفاع استهلاك الكهرباء في الصين، وهو مقياس رئيس للنشاط الاقتصادي، بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي.

وخلال الفترة المذكورة، زاد استهلاك الكهرباء في الصناعات الأولية في البلاد بنسبة 6.8 في المائة على أساس سنوي، في حين ارتفع الاستهلاك في قطاعيها الثانوي والثالث بنسبة 5.3 في المائة و10.4 في المائة على التوالي.

وقالت الهيئة إن استهلاك الأسر الصينية من الكهرباء شهد نمواً قوياً بنسبة 11.6 في المائة خلال الفترة المذكورة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحده، ارتفع استهلاك الكهرباء بنسبة 2.8 في المائة عن العام السابق، وفقاً للبيانات.