الهند: مودي ينفق المليارات على الوظائف وإرضاء الحلفاء الرئيسيين

في أول موازنة بعد انتكاسة الانتخابات

وزيرة المالية الهندية تحمل مجلداً يحمل شعار حكومة الهند أثناء مغادرتها مكتبها لتقديم الموازنة في البرلمان (رويترز)
وزيرة المالية الهندية تحمل مجلداً يحمل شعار حكومة الهند أثناء مغادرتها مكتبها لتقديم الموازنة في البرلمان (رويترز)
TT

الهند: مودي ينفق المليارات على الوظائف وإرضاء الحلفاء الرئيسيين

وزيرة المالية الهندية تحمل مجلداً يحمل شعار حكومة الهند أثناء مغادرتها مكتبها لتقديم الموازنة في البرلمان (رويترز)
وزيرة المالية الهندية تحمل مجلداً يحمل شعار حكومة الهند أثناء مغادرتها مكتبها لتقديم الموازنة في البرلمان (رويترز)

كشفت الهند عن إنفاق مليارات الدولارات لخلق فرص عمل جديدة وإرضاء الشركاء الرئيسيين في الائتلاف في أول موازنة لحكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بعد انتكاسة الانتخابات، بهدف استعادة الناخبين والاحتفاظ بالدعم السياسي.

ومن بين مجموعة من التغييرات الضريبية، زيادة الرسوم على استثمارات الأسهم لتهدئة المخاوف من سخونة السوق، ولكن أيضاً خفض الضرائب على الشركات الأجنبية، في محاولة لجذب الاستثمار.

وقالت وزيرة المالية نيرمالا سيتارامان، يوم الثلاثاء، إن النفقات تشمل 32 مليار دولار للبرامج الريفية، وإنفاق 24 مليار دولار على مدى خمس سنوات لخلق فرص عمل، وأكثر من 5 مليارات دولار لولايتين يحكمهما شركاء في الائتلاف.

وتابعت: «في هذه الموازنة، نركز بشكل خاص على التوظيف والمهارات والشركات الصغيرة والطبقة المتوسطة»، مضيفة أن الموازنات اللاحقة ستبنى على مجالات التركيز هذه.

ورغم الإنفاق الجديد، خفضت الهند العجز المالي إلى 4.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2024 – 2025، من 5.1 في المائة في الموازنة المؤقتة لشهر فبراير (شباط)، مدعومة بفائض كبير قدره 25 مليار دولار من البنك المركزي.

وخفضت الحكومة بشكل هامشي إجمالي اقتراض السوق إلى 14.01 تريليون روبية.

وألقى محللون باللوم على المحنة في المناطق الريفية وضعف سوق العمل، في استطلاع ضعيف أظهر أن حزب «بهاراتيا جاناتا» الذي يتزعمه مودي خسر الأغلبية المطلقة.

وقال ساكشي جوبتا، كبير الاقتصاديين في بنك «إتش دي إف سي»، إن «الموازنة نجحت في هندسة توازن دقيق بين دعم خلق فرص العمل والمهارات، والتنمية الريفية والزراعة... دون المساس بضبط الأوضاع المالية».

وقالت سيتارامان، التي قدمت موازنتها السابعة على التوالي، إن الحكومة ستدفع أيضاً الإصلاحات عبر عوامل الإنتاج، بما في ذلك الأرض والعمل.

وأضافت أن إطار السياسة الاقتصادية «لتحديد نطاق الجيل القادم من الإصلاحات» سيمهد الطريق أمام فرص العمل ويحافظ على النمو المرتفع.

ويقول الاقتصاديون إن تقارير الأراضي والعمالة ضرورية للتأكد من احتفاظ الهند بمعدل نموها السريع. وفي العام المالي الماضي، حققت الهند نمواً بنسبة 8.2 في المائة. وأظهر تقرير يوم الاثنين أن الحكومة تتوقع أن ينمو الاقتصاد بما يتراوح بين 6.5 في المائة إلى 7 في المائة هذا العام المالي.

وأظهرت الموازنة معدل نمو اسمي، يشمل التضخم، قدره 10.5 في المائة، وهو ما قالت إنه «محافظ بعض الشيء».

وقال المدير الإداري المساعد للمخاطر السيادية في وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية جين فانغ لـ«رويترز»، إن المضي قدماً في إصلاحات أكبر سيكون «صعباً» بالنسبة لحكومة ائتلافية.

وقالت سيتارامان من جهتها إن الإجراءات الأخرى المتعلقة بالتوظيف تشمل تقديم حوافز للشركات، مثل تلك العاملة في مجال التصنيع، وبرامج لتحسين المهارات وتقديم قروض أرخص للتعليم العالي.

ويبلغ معدل البطالة الرسمي في المناطق الحضرية في الهند 6.7 في المائة، لكن مركز مراقبة الاقتصاد الهندي يربطه بمعدل أعلى يبلغ 8.4 في المائة.

وستحافظ الحكومة أيضاً على الإنفاق على مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل عند 11.11 تريليون روبية، وستقدم قروضاً طويلة الأجل بقيمة 1.5 تريليون روبية للولايات لتمويل هذا الإنفاق.

وسيتم ربط بعض هذه القروض بمراحل الإصلاح في مجالات مثل الأرض والعمل، التي قالت سيتارامان إن الحكومة تعتزم الدفع بها في ولايتها الثالثة.

وفي تنازل لحلفاء الحكومة، قالت سيتارامان إنها ستسرع القروض من الوكالات المتعددة الأطراف لولاية بيهار الشرقية وولاية أندرا براديش الجنوبية.

التغييرات الضريبية

ورفعت الهند معدل الضريبة على استثمارات الأسهم المحتفظ بها لمدة أقل من عام إلى 20 في المائة من 15 في المائة، في حين ارتفع المعدل على تلك الاستثمارات التي تزيد مدتها على 12 شهراً إلى 12.5 في المائة من 10 في المائة.

كما قامت الحكومة بزيادة الضريبة على معاملات مشتقات الأسهم التي اجتذبت مستثمري التجزئة.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق «إديلويس» تريديب بهاتاشاريا، إن التغييرات الضريبية لها تأثير سلبي على السوق على المدى القصير. وأضاف أن «الزيادة الضريبية هامشية ولكنها ستساعد في جلب العقلانية بشأن الوفرة في تداول الخيارات، وستعمل على تحسين السلوك الاستثماري»، موضحاً أنها ستدفع نحو الاستثمار طويل الأجل.

وتسري معدلات الضريبة الجديدة اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت سيتارامان إن الموازنة خفضت معدل ضريبة الشركات على الشركات الأجنبية إلى 25 في المائة من 40 في المائة من أجل جذب رأس المال الأجنبي لتلبية احتياجات التنمية.


مقالات ذات صلة

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».