باكستان تسعى للاستثمارات الأجنبية... وتجديد القروض لتمويل احتياجاتها الخارجية

مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)
مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)
TT

باكستان تسعى للاستثمارات الأجنبية... وتجديد القروض لتمويل احتياجاتها الخارجية

مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)
مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)

قال وزير المالية الباكستاني، يوم الجمعة، إن بلاده ستركز على تلبية احتياجاتها من التمويل الخارجي من خلال التحدث مع الحكومات الأجنبية والمقرضين؛ لجذب الاستثمار الأجنبي، وكذلك السعي لتجديد القروض، في الوقت الذي تستعد فيه حكومته لتنفيذ اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة 7 مليارات دولار.

وتوصّلت باكستان وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق بشأن برنامج قرض مدته 37 شهراً في يوليو (تموز). وأثارت الإجراءات الصارمة؛ مثل زيادة الضرائب على الدخل الزراعي، ورفع أسعار الكهرباء، مخاوف بشأن معاناة الباكستانيين الفقراء والطبقة المتوسطة من ارتفاع التضخم واحتمال زيادة الضرائب، وفق «رويترز».

واعتمدت باكستان بشكل كبير على برامج صندوق النقد لسنوات، واقتربت في بعض الأحيان من حافة التخلف عن سداد الديون السيادية، واضطرت إلى اللجوء إلى دول مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ لتزويدها بالتمويل لتحقيق أهداف التمويل الخارجي التي حددها صندوق النقد.

وقال وزير المالية محمد أورنجزيب في مقابلة مع «رويترز»: «إن التمويل الخارجي لا يزال يشكل عنصراً مهماً، على الرغم من أن الحكومة تسعى إلى التركيز على أشكال أكثر استدامة مثل الاستثمار المباشر وتمويل المناخ».

وقال أورنجزيب: «أعتقد بأنه في الوضع الحالي يمكننا أن نتوقع استمرار تجديد (القروض)... لقد طلبنا تمديد آجال الاستحقاق».

وساعدت عمليات تجديد القروض أو صرفها من حلفاء باكستان منذ فترة طويلة، مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة والصين، بالإضافة إلى التمويل من صندوق النقد، باكستان على تلبية احتياجاتها التمويلية الخارجية في الماضي.

وقال صندوق النقد إن برنامج تسهيل الصندوق الممدد الجديد يخضع لموافقة مجلسه التنفيذي والحصول على «تأكيد في الوقت المناسب على ضمانات التمويل الضرورية من شركاء التنمية والشركاء الثنائيين في باكستان».

وقال أورنجزيب إن سد فجوة التمويل الخارجي «أمر سهل للغاية وقابل للتنفيذ للغاية».

وقال إن باكستان تخطط لتوسيع استراتيجيتها إلى ما هو أبعد من الاعتماد بشكل كبير على عمليات التجديد، ونحو الاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك في منجم «ريكو ديك» للنحاس والذهب في جنوب باكستان. وأضاف أن حكومته تعمل على تحديد مشروعات «قابلة للتمويل المصرفي والاستثماري» للسعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين أعلنتا اهتمامهما باستثمارات بمليارات الدولارات في باكستان.

وقال: «هذا هو ما سيؤدي إلى الاستدامة. إذا لم نتمكّن من تنفيذ هذا في السنوات الثلاث المقبلة، فلن نتمكّن من الخروج من البرنامج الأخير».

وعانت باكستان من دورات الازدهار والكساد لعقود من الزمن، مما أدى إلى أكثر من 20 عملية إنقاذ من صندوق النقد الدولي منذ عام 1958. وهي حالياً خامس أكبر مدينة لصندوق النقد، حيث بلغت ديونها 6.28 مليار دولار اعتباراً من 11 يوليو (تموز)، وفقاً لبيانات الصندوق.

وقال أورنجزيب إن مشروع منجم «ريكو ديك» للنحاس والذهب اجتذب اهتماماً من مؤسسة التمويل الدولية، الذراع الاستثمارية الخاصة للبنك الدولي، التي أشارت إلى أنها ستستثمر «مبلغاً كبيرة».

وقال أورنجزيب إنه خلال زيارته للصين المقررة بنهاية يوليو، ستناقش إسلام آباد الإصلاحات الهيكلية لقطاع الطاقة مع بكين، التي اقترحها صندوق النقد الدولي. وأنشأت بكين مشروعات طاقة مخططة بقيمة تزيد على 20 مليار دولار في باكستان.

واتفقت باكستان أيضاً مع صندوق النقد على إطلاق محادثات هذا العام بشأن التمويل، في إطار «صندوق المرونة والاستدامة»، التابع للصندوق لجذب التمويل للمشروعات المتعلقة بتغيُّر المناخ.

وباكستان هي واحدة من الدول الأكثر تضرراً من تغيُّر المناخ. وأدت الفيضانات العارمة في عام 2022 إلى مقتل مئات الأشخاص، وتسببت في أضرار بمليارات الدولارات في البنية التحتية والزراعة.

وقال أورنجزيب: «سنبدأ المناقشات حول ذلك خلال هذا العام التقويمي، ربما في وقت المراجعة الأولى، التي ستكون في أكتوبر (تشرين الأول)، في ظل الاجتماعات السنوية في واشنطن»، على الرغم من أنه لم يحدد المبلغ الذي ستطلبه حكومته.

وأكملت باكستان بنجاح برنامجاً واحداً طويل الأجل من تسهيلات الصندوق الممدد في عام 2017. وقال أورنجزيب إنه يعتزم ضمان استكمال باكستان للبرنامج الحالي، على الرغم من الضغوط السياسية المتزايدة، والأثر التضخمي للإصلاحات التي يقترحها صندوق النقد.

وأكد الوزير، الرئيس السابق لأكبر بنك في باكستان، أن الحكومة تخطط للمضي قدماً في خصخصة الشركات الخاسرة، بما في ذلك شركة الطيران الوطنية الباكستانية، «الخطوط الجوية الدولية» (بي آي إيه).


مقالات ذات صلة

صندوق النقد: من المبكر للغاية تحليل تأثيرات رسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد مشاة في إحدى الضواحي التجارية بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

صندوق النقد: من المبكر للغاية تحليل تأثيرات رسوم ترمب الجمركية

قال صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، إنه من السابق لأوانه الحديث عن أي تحليل دقيق لتداعيات زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على دول أخرى

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد شاركت في النقاش نخبة من صانعي السياسات والخبراء والدبلوماسيين وقادة القطاع الخاص (SRMG)

صندوق النقد الدولي: السعودية تواصل إحراز تقدم كبير في الإصلاحات

يؤكد صندوق النقد الدولي أن السعودية تواصل إحراز تقدم كبير في الإصلاحات، مع استمرار الطلب المحلي القوي الذي يحافظ على نمو القطاع غير النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناقش المشاركون مرونة الاقتصاد وأولويات السياسات في دول الخليج (SRMG)

«SRMG Think» تناقش تقرير صندوق النقد حول اقتصادات الخليج

استضافت «SRMG Think» نقاشاً رفيع المستوى حول أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن دول الخليج، بمشاركة نخبة من صانعي السياسات، والخبراء، وقادة القطاع الخاص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» (الشرق الأوسط)

صندوق النقد الدولي: السعودية حققت بيئة مشجعة للنمو

ركزت جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» بـ«دافوس» على مسار النمو الذي حققته المملكة بالسنوات الأخيرة

«الشرق الأوسط» (دافوس)
الاقتصاد منظر عام لوسط مدينة دبي يظهر برج خليفة (رويترز)

صندوق النقد الدولي: نمو الإمارات يظل قوياً ويستمر عند 4 % عام 2025

قال صندوق النقد الدولي إن النمو في الإمارات العربية المتحدة يظل في الأمد القريب قوياً، ومن المتوقع أن يحافظ على استدامته عند نحو 4 في المائة عام 2025.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وظائف أميركية أقل من المتوقع في يناير مع انخفاض معدل البطالة

عرض لافتة توظيف في نورثبروك بإلينوي (أ.ب)
عرض لافتة توظيف في نورثبروك بإلينوي (أ.ب)
TT

وظائف أميركية أقل من المتوقع في يناير مع انخفاض معدل البطالة

عرض لافتة توظيف في نورثبروك بإلينوي (أ.ب)
عرض لافتة توظيف في نورثبروك بإلينوي (أ.ب)

سجّل أرباب العمل في الولايات المتحدة إضافة 143 ألف وظيفة فقط في يناير (كانون الثاني)، في حين انخفض معدل البطالة إلى 4 في المائة في بداية عام 2025، مع مراجعة الحكومة بيانات الرواتب لشهرَي نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) بالزيادة.

ويشير أول تقرير وظائف لرئاسة دونالد ترمب الثانية إلى سوق عمل قوية، ولكن غير مذهلة؛ حيث كانت التوقعات تشير إلى إضافة نحو 170 ألف وظيفة في يناير. ويمثّل هذا انخفاضاً مقارنة بمتوسط عام 2024 الذي بلغ 186 ألف وظيفة شهرياً، بما في ذلك إضافة 256 ألف وظيفة في ديسمبر، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

ويظلّ المستقبل غامضاً، حيث منع قاضٍ فيدرالي مؤقتاً خطة ترمب لطرد العمال الفيدراليين عبر تقديم حوافز مالية لهم. كما أن تجميد التوظيف الفيدرالي الذي فرضه ترمب في 20 يناير يُعد «سلبياً لنمو العمالة»، وفقاً للخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»، برادلي سوندرز. وسوف يظهر تأثير تجميد التوظيف في بيانات التوظيف المقبلة.

بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تؤثر موجة برد في الغرب الأوسط والشمال الشرقي في عمليات التسريح الموسمية في أواخر يناير، ولن تظهر هذه التأثيرات في البيانات الحكومية حتى أرقام فبراير (شباط).

وتزداد المخاوف بين الاقتصاديين أيضاً بشأن تهديدات ترمب بشن حرب تجارية ضد دول أخرى. فقد فرض ضريبة بنسبة 10 في المائة على واردات الصين، في حين لا تزال كندا والمكسيك، أكبر شريكَيْن تجاريين للولايات المتحدة، تحت تهديد فرض الرسوم الجمركية بنسبة 25 في المائة التي كان يخطط لفرضها عليهما في وقت سابق، رغم أنه منحها مهلة مدتها 30 يوماً للتفاوض. كما يهدد ترمب بفرض رسوم على الاتحاد الأوروبي بسبب عجز التجارة الأميركي الكبير مع الاتحاد، الذي بلغ 236 مليار دولار في العام الماضي.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية التي يدفعها المستوردون الأميركيون الذين يحاولون عادةً تمرير التكلفة إلى العملاء، إلى إعادة إشعال فتيل التضخم، الذي تراجع من أعلى مستوى له في أربعة عقود في منتصف عام 2022، لكنه لا يزال أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة. وإذا أدت الرسوم الجمركية إلى ارتفاع الأسعار، فقد يقرر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلغاء أو تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة لهذا العام، وهو ما سيكون سيئاً للنمو الاقتصادي ولخلق الفرص الوظيفية.

وحسب مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأميركية، فقد أضاف الاقتصاد الأميركي 598 ألف وظيفة أقل في الاثني عشر شهراً حتى مارس (آذار)، مقارنة بالتقديرات السابقة. وجاء التعديل النهائي لمؤشر الوظائف غير الزراعية أقل من الانخفاض المتوقع في أغسطس (آب)، الذي كان 818 ألف وظيفة. ومن الجدير بالذكر أن هذه الأرقام لم تخضع لتعديل موسمي. وكان خبراء الاقتصاد قد توقعوا انخفاضاً في مستوى التوظيف بمقدار 668 ألف وظيفة على مدار الفترة نفسها، بناءً على التحديثات الأخيرة لبيانات التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور للربع الأول، التي اعتمد عليها مكتب إحصاءات العمل في تعديل مؤشر الوظائف، وفق «رويترز».

وقد تباطأ سوق العمل بالفعل مقارنة بالسنوات 2021-2023، مع زيادة الرواتب في الولايات المتحدة بمقدار 2.2 مليون وظيفة في العام الماضي، مقارنة بـ3 ملايين في عام 2023، و4.5 مليون في عام 2022، في حين أبلغت وزارة العمل عن انخفاض في عدد الوظائف المعلنة. وانخفضت فرص العمل الشهرية أيضاً من مستوى قياسي بلغ 12.2 مليون في مارس (آذار) 2022 إلى 7.6 مليون في ديسمبر، وهو ما يزال جيداً وفقاً للمعايير التاريخية.

ومع تباطؤ سوق العمل، يفقد العمال الأميركيون الثقة بقدرتهم على إيجاد أجور أو ظروف عمل أفضل من خلال تغيير وظائفهم. وانخفض عدد الاستقالات من 4.5 مليون في أبريل (نيسان) 2022 إلى 3.2 مليون في ديسمبر، وهو أقل من مستويات ما قبل الجائحة.

وعقب صدور البيانات، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بمقدار 3.4 نقطة أساس، ليصل إلى 4.473 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات السنتين، التي تتحرك عادة بما يتماشى مع توقعات أسعار الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، بمقدار 3.3 نقطة أساس ليصل إلى 4.241 في المائة. كما ارتفع منحنى العائد بين سندات السنتين والسنوات العشر بنحو نقطة أساس ليصل إلى 23.3 نقطة أساس.

كما انخفضت العقود الآجلة في «وول ستريت»، حيث تراجع كل من العقود الآجلة لمؤشري «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» بنسبة تراوحت بين 0.1 في المائة و0.2 في المائة. في المقابل، ارتفع الدولار مقابل سلة من العملات؛ فسجّل مؤشر الدولار الأميركي زيادة بنسبة 0.26 في المائة، ليصل إلى 107.92، بعد أن كان عند 107.8 في وقت سابق. من جهة أخرى، تراجع اليورو، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.28 في المائة، ليصل إلى 1.035 دولار.