صناع سياسة في «المركزي الأوروبي» يؤيدون إجراء المزيد من تخفيضات الفائدة

أشار مسح المصرف إلى أن التضخم سينخفض إلى أقل من 2% بحلول عام 2026

مبنى المصرف المركزي الأوروبي  في فرنكفورت (رويترز)
مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

صناع سياسة في «المركزي الأوروبي» يؤيدون إجراء المزيد من تخفيضات الفائدة

مبنى المصرف المركزي الأوروبي  في فرنكفورت (رويترز)
مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

أيد اثنان من صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يوم الجمعة إجراء المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، معربين عن ثقة أكبر في أن التضخم يتجه نحو هدف المصرف العام المقبل.

وأبقى المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة يوم الخميس، وقالت رئيسته كريستين لاغارد إن قراره التالي في 12 سبتمبر (أيلول) «مفتوح على مصراعيه» - ولم يصل إلى حد إعلان النصر على نوبة التضخم المرتفعة التي أعقبت جائحة كوفيد-19، وفق «رويترز».

ومع ذلك، كان المحافظ الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالهاو وزميله الليتواني غيديميناس سيمكوس أكثر وضوحاً يوم الجمعة، حيث دعما توقعات السوق بتخفيضين إضافيين لأسعار الفائدة هذا العام، في سبتمبر وديسمبر (كانون الأول).

وقال فيليروي في مقابلة مع إذاعة «بي إف إم بيزنس» الفرنسية: «توقعات السوق لمسار أسعار الفائدة تبدو معقولة إلى حد ما بالنسبة لي في الوقت الحالي».

وذهب سيمكوس إلى أبعد من ذلك، حيث قال في مؤتمر صحافي في فيلنيوس إن أسعار الفائدة «ستستمر في الانخفاض، وبشكل ملحوظ للغاية، لتصل قيمتها إلى نقطة مئوية واحدة سنوياً».

ويتوافق هذا مع تسعير أسواق المال لانخفاض السعر الذي يدفعه «المركزي الأوروبي» على الودائع المصرفية من 3.75 في المائة حالياً إلى 2.5 في المائة بحلول نهاية العام المقبل.

ويطالب كلا المحافظين منذ فترة طويلة بمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، لكن مصادر قالت لـ«رويترز» إنه حتى بعض صناع السياسة الأكثر تشدداً كانوا منفتحين على الخفض في سبتمبر، بشرط أن تؤكد البيانات الواردة استمرار تراجع التضخم.

وتمسك سيمكوس وفيليروي بتوقعات «المركزي الأوروبي»، التي نُشرت الشهر الماضي، بأن التضخم في منطقة اليورو سينخفض ​​من 2.5 في المائة حالياً إلى هدف 2 في المائة في النصف الثاني من العام المقبل.

وقال فيليروي: «باستثناء أي صدمات، فإن هذا أكثر من مجرد توقعات، إنه التزام».

ومن المؤكد أن صناع القرار قد يشعرون بالارتياح إزاء استطلاعات «المركزي» التي أظهرت أن الشركات كانت تتوقع ارتفاعاً معتدلاً في الأسعار وأن الاقتصاديين توقعوا تباطؤاً مستمراً في التضخم.

وقال «المركزي الأوروبي» بعد مسح 62 شركة كبيرة في منطقة اليورو: «أفادت الاتصالات بنمو معتدل في الأسعار بشكل عام، وتوقعت أن يستمر هذا في الربع التالي، مع نمو الأسعار في الخدمات بشكل أقوى منه في الصناعة».

حتى إن محافظ البنك المركزي الفنلندي أولي رين أعرب عن قلقه إزاء الانكماش الصناعي المطول الذي يستمر حتى بعد انتهاء الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال في تدوينة: «إذا لم تبدأ الصناعة والاستثمارات في منطقة اليورو في التعافي قريباً ويعتمد النمو على الخدمات، فحتى التحسن المتوقع في نمو الإنتاجية قد يكون على المحك. يجب علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار احتمال ألا يكون التباطؤ في الإنتاج الصناعي مؤقتاً ودورياً كما كان مفترضاً».

وفي سياق متصل، أظهر مسح أجراه المصرف المركزي يوم الجمعة أن التضخم في منطقة اليورو سيستمر في التباطؤ في السنوات المقبلة وقد ينخفض ​​عن هدف «المركزي» البالغ 2 في المائة بحلول عام 2026.

وتجاوز «المركزي الأوروبي» هدفه لسنوات ورفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية في العام الماضي لترويض ضغوط الأسعار، لكن لا يزال من الممكن أن يستغرق الأمر حتى نهاية عام 2025 للعودة إلى هدفه.

ويرى المسح ربع السنوي الذي يجريه المصرف للمتنبئين المحترفين، وهو أحد المدخلات في مداولات السياسة، أن التضخم يتباطأ بشكل أسرع مما يتوقعه موظفو «المركزي الأوروبي»، ويتوقع أن يستقر نمو الأسعار بعد ذلك حول هدف المصرف.

ويمكن أن يبلغ متوسط ​​التضخم هذا العام 2.4 في المائة، وذلك تماشياً مع توقعات المسح قبل ثلاثة أشهر، ثم يمكن أن يتباطأ إلى 2 في المائة في العام المقبل، كما كان متوقعاً في وقت سابق، وكلاهما أقل من التوقعات الداخلية لـ«المركزي الأوروبي».

وبحلول عام 2026، يمكن أن ينخفض ​​التضخم إلى 1.9 في المائة، ولكن على المدى الطويل - المحدد بـ 2028 - سيصل إلى 2 في المائة.

ورفع المشاركون في الاستطلاع توقعاتهم للنمو إلى 0.7 في المائة هذا العام من 0.5 في المائة، لكنهم خفضوا توقعات العام المقبل إلى 1.3 في المائة من 1.4 في المائة.

على صعيد آخر، ارتفعت عوائد سندات منطقة اليورو يوم الجمعة بعد انخفاضها خلال الأسبوع، حيث دعمت البيانات الاقتصادية واجتماع سياسة المصرف الأوروبي التوقعات بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

وأظهرت بيانات في وقت سابق من هذا الأسبوع أن معنويات المستثمرين الألمان تدهورت أكثر من المتوقع في يوليو (تموز)، مسجلة أول انخفاض لها خلال عام، مما يشير إلى أن التعافي في أكبر اقتصاد في منطقة اليورو سيكون صعباً.

وارتفع العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل 5 سنوات 3.5 نقطة أساس، وفقا لبيانات «رويترز».

كما ارتفع العائد على السندات الحكومية الإيطالية لأجل 10 سنوات، وهو المعيار القياسي لمنطقة اليورو، بمقدار 3 نقاط أساس إلى 3.73 في المائة.

وارتفعت عائدات السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات بمقدار 3 نقاط أساس تماشياً مع السوق الأوسع.


مقالات ذات صلة

كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

خاص تراجع التضخم إلى 2.4 في المائة مع انخفاض الزيادات بتكلفة البقالة والزيادات الإجمالية بالأسعار لأكبر اقتصادين ألمانيا وفرنسا (رويترز) play-circle 00:49

كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

أضافت الحرب الروسية الأوكرانية مزيداً من الأعباء على الاقتصاد العالمي المنهك منذ وباء كورونا، فيما أثرت حرب غزة سلباً على ميزانيات الدول والتجارة العالمية.

مالك القعقور (لندن)
الاقتصاد رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد: سنُبقي على الفائدة «مقيدة» لتحقيق هدف التضخم

قالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن مجلس إدارة المصرف قرر الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة دون تغيير.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر المصرف المركزي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير

أبقى المصرف المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد صور ظلية لأشخاص يسيرون بالقرب من برج إليزابيث ومبنى البرلمان في لندن (رويترز)

تباطؤ نمو الأجور يثير قلق بنك إنجلترا بشأن خفض الفائدة

أظهرت بيانات رسمية نُشرت يوم الخميس أن نمو الأجور في بريطانيا قد تباطأ، ولكنه لا يزال عند مستويات قد تمنع بنك إنجلترا من خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد لافتة المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يميل للحذر في اجتماعه اليوم وسط ارتفاع التضخم

يكاد يكون من المؤكد أن المصرف المركزي الأوروبي سيبقي أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس مع الإشارة إلى أن الخطوة التالية لا تزال هي التخفيض.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

باكستان تسعى للاستثمارات الأجنبية... وتجديد القروض لتمويل احتياجاتها الخارجية

مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)
مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)
TT

باكستان تسعى للاستثمارات الأجنبية... وتجديد القروض لتمويل احتياجاتها الخارجية

مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)
مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)

قال وزير المالية الباكستاني، يوم الجمعة، إن بلاده ستركز على تلبية احتياجاتها من التمويل الخارجي من خلال التحدث مع الحكومات الأجنبية والمقرضين؛ لجذب الاستثمار الأجنبي، وكذلك السعي لتجديد القروض، في الوقت الذي تستعد فيه حكومته لتنفيذ اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة 7 مليارات دولار.

وتوصّلت باكستان وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق بشأن برنامج قرض مدته 37 شهراً في يوليو (تموز). وأثارت الإجراءات الصارمة؛ مثل زيادة الضرائب على الدخل الزراعي، ورفع أسعار الكهرباء، مخاوف بشأن معاناة الباكستانيين الفقراء والطبقة المتوسطة من ارتفاع التضخم واحتمال زيادة الضرائب، وفق «رويترز».

واعتمدت باكستان بشكل كبير على برامج صندوق النقد لسنوات، واقتربت في بعض الأحيان من حافة التخلف عن سداد الديون السيادية، واضطرت إلى اللجوء إلى دول مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ لتزويدها بالتمويل لتحقيق أهداف التمويل الخارجي التي حددها صندوق النقد.

وقال وزير المالية محمد أورنجزيب في مقابلة مع «رويترز»: «إن التمويل الخارجي لا يزال يشكل عنصراً مهماً، على الرغم من أن الحكومة تسعى إلى التركيز على أشكال أكثر استدامة مثل الاستثمار المباشر وتمويل المناخ».

وقال أورنجزيب: «أعتقد بأنه في الوضع الحالي يمكننا أن نتوقع استمرار تجديد (القروض)... لقد طلبنا تمديد آجال الاستحقاق».

وساعدت عمليات تجديد القروض أو صرفها من حلفاء باكستان منذ فترة طويلة، مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة والصين، بالإضافة إلى التمويل من صندوق النقد، باكستان على تلبية احتياجاتها التمويلية الخارجية في الماضي.

وقال صندوق النقد إن برنامج تسهيل الصندوق الممدد الجديد يخضع لموافقة مجلسه التنفيذي والحصول على «تأكيد في الوقت المناسب على ضمانات التمويل الضرورية من شركاء التنمية والشركاء الثنائيين في باكستان».

وقال أورنجزيب إن سد فجوة التمويل الخارجي «أمر سهل للغاية وقابل للتنفيذ للغاية».

وقال إن باكستان تخطط لتوسيع استراتيجيتها إلى ما هو أبعد من الاعتماد بشكل كبير على عمليات التجديد، ونحو الاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك في منجم «ريكو ديك» للنحاس والذهب في جنوب باكستان. وأضاف أن حكومته تعمل على تحديد مشروعات «قابلة للتمويل المصرفي والاستثماري» للسعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين أعلنتا اهتمامهما باستثمارات بمليارات الدولارات في باكستان.

وقال: «هذا هو ما سيؤدي إلى الاستدامة. إذا لم نتمكّن من تنفيذ هذا في السنوات الثلاث المقبلة، فلن نتمكّن من الخروج من البرنامج الأخير».

وعانت باكستان من دورات الازدهار والكساد لعقود من الزمن، مما أدى إلى أكثر من 20 عملية إنقاذ من صندوق النقد الدولي منذ عام 1958. وهي حالياً خامس أكبر مدينة لصندوق النقد، حيث بلغت ديونها 6.28 مليار دولار اعتباراً من 11 يوليو (تموز)، وفقاً لبيانات الصندوق.

وقال أورنجزيب إن مشروع منجم «ريكو ديك» للنحاس والذهب اجتذب اهتماماً من مؤسسة التمويل الدولية، الذراع الاستثمارية الخاصة للبنك الدولي، التي أشارت إلى أنها ستستثمر «مبلغاً كبيرة».

وقال أورنجزيب إنه خلال زيارته للصين المقررة بنهاية يوليو، ستناقش إسلام آباد الإصلاحات الهيكلية لقطاع الطاقة مع بكين، التي اقترحها صندوق النقد الدولي. وأنشأت بكين مشروعات طاقة مخططة بقيمة تزيد على 20 مليار دولار في باكستان.

واتفقت باكستان أيضاً مع صندوق النقد على إطلاق محادثات هذا العام بشأن التمويل، في إطار «صندوق المرونة والاستدامة»، التابع للصندوق لجذب التمويل للمشروعات المتعلقة بتغيُّر المناخ.

وباكستان هي واحدة من الدول الأكثر تضرراً من تغيُّر المناخ. وأدت الفيضانات العارمة في عام 2022 إلى مقتل مئات الأشخاص، وتسببت في أضرار بمليارات الدولارات في البنية التحتية والزراعة.

وقال أورنجزيب: «سنبدأ المناقشات حول ذلك خلال هذا العام التقويمي، ربما في وقت المراجعة الأولى، التي ستكون في أكتوبر (تشرين الأول)، في ظل الاجتماعات السنوية في واشنطن»، على الرغم من أنه لم يحدد المبلغ الذي ستطلبه حكومته.

وأكملت باكستان بنجاح برنامجاً واحداً طويل الأجل من تسهيلات الصندوق الممدد في عام 2017. وقال أورنجزيب إنه يعتزم ضمان استكمال باكستان للبرنامج الحالي، على الرغم من الضغوط السياسية المتزايدة، والأثر التضخمي للإصلاحات التي يقترحها صندوق النقد.

وأكد الوزير، الرئيس السابق لأكبر بنك في باكستان، أن الحكومة تخطط للمضي قدماً في خصخصة الشركات الخاسرة، بما في ذلك شركة الطيران الوطنية الباكستانية، «الخطوط الجوية الدولية» (بي آي إيه).