اقتراض غير مسبوق يضع حكومة ستارمر أمام تحديات مالية

مبيعات التجزئة تتراجع في يونيو وسط طقس بارد وتردد المستهلكين

شخص يقرأ كتاباً خارج «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)
شخص يقرأ كتاباً خارج «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)
TT

اقتراض غير مسبوق يضع حكومة ستارمر أمام تحديات مالية

شخص يقرأ كتاباً خارج «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)
شخص يقرأ كتاباً خارج «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)

اقترضت حكومة بريطانيا أكثر من المتوقع بكثير في يونيو (حزيران)، وفقاً للبيانات الرسمية التي نُشرت يوم الجمعة، التي سلطت الضوء على التحديات المالية التي تواجه الحكومة الجديدة، برئاسة رئيس الوزراء كير ستارمر.

وبلغ صافي الاقتراض في القطاع العام، باستثناء المصارف التي تسيطر عليها الدولة، 14.5 مليار جنيه إسترليني (18.75 مليار دولار) أكثر من المتوقع الشهر الماضي. وأشار استطلاع أجرته «رويترز»، بين خبراء الاقتصاد، إلى زيادة قدرها 11.5 مليار جنيه إسترليني.

وقال كبير الاقتصاديين في شركة «كي بي إم جي يو كيه»، دينيس تاتاركوف: «إن البيانات أظهرت (المهمة الضخمة)، التي تنتظر الحكومة الجديدة لتمويل أجندتها دون تفاقم المالية العامة».

وأضاف: «إن مزيجاً من مستويات الإنفاق المرتفعة وآفاق النمو الضعيفة سيطرح خيارات غير مريحة؛ الاختيار بين مزيد من الاقتراض أو زيادة الضرائب بشكل كبير إذا أردنا الحفاظ على مستويات الإنفاق».

ومن المرجح أن تعلن وزيرة المالية الجديدة، راشيل ريفز، أول موازنة لها بعد العطلة الصيفية للبرلمان. واستبعدت هي وستارمر الزيادات في معدلات ضريبة الدخل، وضريبة الشركات، وضريبة القيمة المضافة، مما يترك لها مجالاً ضئيلاً للمناورة لتحسين الخدمات العامة وتعزيز الاستثمار.

وأمرت ريفز بإجراء مراجعة فورية لإنفاق الحكومة الجديدة على الميراث، وهي خطوة يقول مشرِّعون من حزب المحافظين المعارض إنها قد تنذر بزيادة الضرائب على أرباح رأس المال أو الميراث.

وقال نائب وزير الخزانة، دارين جونز، بعد نشر البيانات: «إن أرقام اليوم هي تذكير واضح بأن هذه الحكومة ورثت أسوأ الظروف الاقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية، لكننا لا نضيع الوقت لإصلاحها».

وتقول حكومة ستارمر إنها ستعمل على تسريع وتيرة الاقتصاد البريطاني البطيء - وتوليد مزيد من الإيرادات الضريبية - من خلال مزيج من الإصلاحات الداعمة للنمو، والعودة إلى الاستقرار السياسي الذي سيجذب الاستثمار.

وكان رقم الاقتراض لشهر يونيو أعلى بـ2.9 مليار جنيه إسترليني عن المتوقع من قبل مكتب مسؤولية الموازنة في بريطانيا الذي تتكئ توقعاته على خطط الضرائب والإنفاق للحكومات البريطانية.

وفي الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المالية التي بدأت في أبريل (نيسان)، كان الاقتراض أعلى بمقدار 3.2 مليار جنيه إسترليني عن المتوقع من قبل مكتب مسؤولية الموازنة.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن اقتراض شهر يونيو هو الأدنى منذ عام 2019.

ولكن العجز ازداد بسبب انخفاض قدره 1.2 مليار جنيه إسترليني في المساهمات في الضمان الاجتماعي مقارنة بشهر يونيو 2023. وقد خفضها رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك قبل انتخابات 4 يوليو (تموز)، التي أوصلت حزب «العمال» بزعامة ستارمر إلى السلطة.

وبلغ صافي ديون القطاع العام 99.5 في المائة من الناتج الاقتصادي، وهو أعلى مستوى منذ أوائل الستينات.

على صعيد آخر، انخفضت أحجام مبيعات التجزئة البريطانية بأكثر من المتوقع في يونيو، بعد أن أدى الطقس البارد غير الموسمي إلى عزوف المتسوقين، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة يوم الجمعة.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن حجم المبيعات انخفض بنسبة 1.2 في المائة في الشهر الماضي بعد ارتفاع بنسبة 2.9 في المائة في مايو (أيار)، وفق «رويترز».

وكان متوسط توقعات خبراء الاقتصاد الذين شملهم استطلاع «رويترز» انخفاضاً في حجم المبيعات بنسبة 0.4 في المائة على أساس شهري.

وفي حين أن الأجور ترتفع الآن بوتيرة أسرع من التضخم، فإن المتسوقين البريطانيين تعرّضوا لضغوط؛ بسبب ارتفاع التضخم على مدار العامين الماضيين. وقد تباطأ أخيراً واستقر عند هدف «بنك إنجلترا» البالغ 2 في المائة الشهر الماضي.

ومع ذلك، قللت ضغوط التضخم الكامنة من آمال المستثمرين في خفض أسعار الفائدة في 1 أغسطس (آب)، وهو تاريخ إعلان «بنك إنجلترا» عن السياسة النقدية المقبلة.

وقالت رئيسة قطاع أسواق المستهلكين في شركة «بي دبليو سي»، ليزا هوكر، إن المتسوقين لا يزالون يبدون تردداً في الإنفاق على الرغم من انخفاض التضخم وزيادة الأجور وانخفاض مساهمات الضمان الاجتماعي.

وقالت هوكر: «يبدو أن الطقس البارد والممطر خلال فصل الربيع وبداية الصيف، إلى جانب عدم اليقين على المدى الطويل في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة، قد ثبطا عزيمة المتسوقين عن شراء السلع الموسمية وإجراء مشتريات كبيرة على المدى الطويل».

وأظهرت أرقام يوم الجمعة أن الكميات انخفضت بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي لمدة 12 شهراً حتى يونيو 2024، وكانت أقل بنسبة 1.3 في المائة عن مستويات ما قبل الجائحة في فبراير (شباط) 2020.

كما أظهرت تقارير حديثة من تجار التجزئة تأثير سوء الأحوال الجوية خلال يونيو في الإنفاق التقديري.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن حجم المبيعات انخفض في معظم القطاعات، باستثناء وقود السيارات، حيث لوحظ أكبر انخفاض في الفئات الأكثر حساسية لتغيرات الطقس مثل الملابس.

وأشار إلى أنه لم يكن هناك أي تأثير على المبيعات في يونيو من بطولة «يورو 2024»، على الرغم من أن ذلك قد يصبح أكثر وضوحاً في بيانات يوليو، حيث وصلت إنجلترا إلى نهائي بطولة كرة القدم.



صناع سياسة في «المركزي الأوروبي» يؤيدون إجراء المزيد من تخفيضات الفائدة

مبنى المصرف المركزي الأوروبي  في فرنكفورت (رويترز)
مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

صناع سياسة في «المركزي الأوروبي» يؤيدون إجراء المزيد من تخفيضات الفائدة

مبنى المصرف المركزي الأوروبي  في فرنكفورت (رويترز)
مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

أيد اثنان من صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يوم الجمعة إجراء المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، معربين عن ثقة أكبر في أن التضخم يتجه نحو هدف المصرف العام المقبل.

وأبقى المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة يوم الخميس، وقالت رئيسته كريستين لاغارد إن قراره التالي في 12 سبتمبر (أيلول) «مفتوح على مصراعيه» - ولم يصل إلى حد إعلان النصر على نوبة التضخم المرتفعة التي أعقبت جائحة كوفيد-19، وفق «رويترز».

ومع ذلك، كان المحافظ الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالهاو وزميله الليتواني غيديميناس سيمكوس أكثر وضوحاً يوم الجمعة، حيث دعما توقعات السوق بتخفيضين إضافيين لأسعار الفائدة هذا العام، في سبتمبر وديسمبر (كانون الأول).

وقال فيليروي في مقابلة مع إذاعة «بي إف إم بيزنس» الفرنسية: «توقعات السوق لمسار أسعار الفائدة تبدو معقولة إلى حد ما بالنسبة لي في الوقت الحالي».

وذهب سيمكوس إلى أبعد من ذلك، حيث قال في مؤتمر صحافي في فيلنيوس إن أسعار الفائدة «ستستمر في الانخفاض، وبشكل ملحوظ للغاية، لتصل قيمتها إلى نقطة مئوية واحدة سنوياً».

ويتوافق هذا مع تسعير أسواق المال لانخفاض السعر الذي يدفعه «المركزي الأوروبي» على الودائع المصرفية من 3.75 في المائة حالياً إلى 2.5 في المائة بحلول نهاية العام المقبل.

ويطالب كلا المحافظين منذ فترة طويلة بمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، لكن مصادر قالت لـ«رويترز» إنه حتى بعض صناع السياسة الأكثر تشدداً كانوا منفتحين على الخفض في سبتمبر، بشرط أن تؤكد البيانات الواردة استمرار تراجع التضخم.

وتمسك سيمكوس وفيليروي بتوقعات «المركزي الأوروبي»، التي نُشرت الشهر الماضي، بأن التضخم في منطقة اليورو سينخفض ​​من 2.5 في المائة حالياً إلى هدف 2 في المائة في النصف الثاني من العام المقبل.

وقال فيليروي: «باستثناء أي صدمات، فإن هذا أكثر من مجرد توقعات، إنه التزام».

ومن المؤكد أن صناع القرار قد يشعرون بالارتياح إزاء استطلاعات «المركزي» التي أظهرت أن الشركات كانت تتوقع ارتفاعاً معتدلاً في الأسعار وأن الاقتصاديين توقعوا تباطؤاً مستمراً في التضخم.

وقال «المركزي الأوروبي» بعد مسح 62 شركة كبيرة في منطقة اليورو: «أفادت الاتصالات بنمو معتدل في الأسعار بشكل عام، وتوقعت أن يستمر هذا في الربع التالي، مع نمو الأسعار في الخدمات بشكل أقوى منه في الصناعة».

حتى إن محافظ البنك المركزي الفنلندي أولي رين أعرب عن قلقه إزاء الانكماش الصناعي المطول الذي يستمر حتى بعد انتهاء الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال في تدوينة: «إذا لم تبدأ الصناعة والاستثمارات في منطقة اليورو في التعافي قريباً ويعتمد النمو على الخدمات، فحتى التحسن المتوقع في نمو الإنتاجية قد يكون على المحك. يجب علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار احتمال ألا يكون التباطؤ في الإنتاج الصناعي مؤقتاً ودورياً كما كان مفترضاً».

وفي سياق متصل، أظهر مسح أجراه المصرف المركزي يوم الجمعة أن التضخم في منطقة اليورو سيستمر في التباطؤ في السنوات المقبلة وقد ينخفض ​​عن هدف «المركزي» البالغ 2 في المائة بحلول عام 2026.

وتجاوز «المركزي الأوروبي» هدفه لسنوات ورفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية في العام الماضي لترويض ضغوط الأسعار، لكن لا يزال من الممكن أن يستغرق الأمر حتى نهاية عام 2025 للعودة إلى هدفه.

ويرى المسح ربع السنوي الذي يجريه المصرف للمتنبئين المحترفين، وهو أحد المدخلات في مداولات السياسة، أن التضخم يتباطأ بشكل أسرع مما يتوقعه موظفو «المركزي الأوروبي»، ويتوقع أن يستقر نمو الأسعار بعد ذلك حول هدف المصرف.

ويمكن أن يبلغ متوسط ​​التضخم هذا العام 2.4 في المائة، وذلك تماشياً مع توقعات المسح قبل ثلاثة أشهر، ثم يمكن أن يتباطأ إلى 2 في المائة في العام المقبل، كما كان متوقعاً في وقت سابق، وكلاهما أقل من التوقعات الداخلية لـ«المركزي الأوروبي».

وبحلول عام 2026، يمكن أن ينخفض ​​التضخم إلى 1.9 في المائة، ولكن على المدى الطويل - المحدد بـ 2028 - سيصل إلى 2 في المائة.

ورفع المشاركون في الاستطلاع توقعاتهم للنمو إلى 0.7 في المائة هذا العام من 0.5 في المائة، لكنهم خفضوا توقعات العام المقبل إلى 1.3 في المائة من 1.4 في المائة.

على صعيد آخر، ارتفعت عوائد سندات منطقة اليورو يوم الجمعة بعد انخفاضها خلال الأسبوع، حيث دعمت البيانات الاقتصادية واجتماع سياسة المصرف الأوروبي التوقعات بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

وأظهرت بيانات في وقت سابق من هذا الأسبوع أن معنويات المستثمرين الألمان تدهورت أكثر من المتوقع في يوليو (تموز)، مسجلة أول انخفاض لها خلال عام، مما يشير إلى أن التعافي في أكبر اقتصاد في منطقة اليورو سيكون صعباً.

وارتفع العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل 5 سنوات 3.5 نقطة أساس، وفقا لبيانات «رويترز».

كما ارتفع العائد على السندات الحكومية الإيطالية لأجل 10 سنوات، وهو المعيار القياسي لمنطقة اليورو، بمقدار 3 نقاط أساس إلى 3.73 في المائة.

وارتفعت عائدات السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات بمقدار 3 نقاط أساس تماشياً مع السوق الأوسع.