«المركزي الأوروبي» يميل للحذر في اجتماعه اليوم وسط ارتفاع التضخم

لاغارد تواجه تحديات في التوازن بين توقعات السوق وضغوط الأسعار

لافتة المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
لافتة المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يميل للحذر في اجتماعه اليوم وسط ارتفاع التضخم

لافتة المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
لافتة المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

يكاد يكون من المؤكد أن المصرف المركزي الأوروبي سيبقي أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس، مع الإشارة إلى أن الخطوة التالية لا تزال هي التخفيض، حتى لو كان من المرجح أن تكون هذه المبادئ التوجيهية غامضة وتتضمن تحفظات.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة من مستويات قياسية، الشهر الماضي، في خطوة اعتبرها بعض صانعي السياسة متسرعة، ومن المرجح أن يكون البنك أكثر حذراً بشأن خطوة المتابعة، نظراً لارتفاع التضخم المحلي ونمو الأجور، وفق «رويترز».

وبينما يعتبره الكثيرون اجتماعاً غير مهم، ستحاول رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إيجاد توازن، بحجة أن ضغوط الأسعار تنخفض كما هو متوقع، ولكن المخاطر لا تزال قائمة، لذلك هناك حاجة إلى المزيد من البيانات قبل أن يتمكن صانعو السياسة من اتخاذ إجراء مرة أخرى.

ونظراً لأن لاغارد قد نقلت هذه الرسالة بالفعل في الأسابيع التي سبقت الاجتماع، فقد تحول الاهتمام بالفعل إلى سبتمبر (أيلول)، مما يوحي بأن اجتماع السياسة يوم الخميس قد يكون الاجتماع الأكثر تعقيداً منذ ما قبل الوباء.

وقال كبير الاقتصاديين في «نورديا»، جان فون غيريش: «ستترك لاغارد المزيد من الأبواب مفتوحة من خلال الاستمرار في التأكيد على طبيعة (المركزي الأوروبي) المعتمدة على البيانات، ما يجعل من السابق لأوانه إعطاء أي إشارات أكثر حزماً بشأن الاجتماعات المستقبلية».

تقوم الأسواق بتسعير ما يقرب من تخفيضين في أسعار الفائدة خلال بقية العام وأكثر من 5 تحركات بحلول نهاية العام المقبل، وهي وجهة نظر لم يتحدها أي من صناع السياسات علناً في الأسابيع الأخيرة.

من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في «يو بي إس»، رينهارد كلوز: «وفقاً لسيناريوهاتنا الأساسية، فإن خفض أسعار الفائدة المقبل للمركزي الأوروبي سيحدث في سبتمبر، وسيتبعه تسلسل طويل وتدريجي لتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كل ربع سنة، على سبيل المثال، الأشهر التي سيتم فيها تقديم توقعات اقتصادية كلية جديدة».

نمو ضعيف وأسعار باهظة

ويتمثل التخوف الرئيسي لدى «المركزي الأوروبي» في أن الأسعار المحلية، خصوصاً أسعار الخدمات، تتحرك بشكل جانبي وأن نمو الأجور السريع نسبياً يهدد بإدامة التضخم فوق المستوى الذي يستهدفه «المركزي».

وقال توماس دفوراك من «أكسفورد إيكونوميكس»: «المشكلة الكبرى هي أسعار الخدمات الثابتة».

وأضاف: «لا نزال أكثر تفاؤلاً بشأن التوقعات... (لأن) استقرار تضخم الخدمات ليس مدفوعاً بالطلب القوي بل بعوامل متأخرة مثل الأجور».

وقد توصلت صفقات الأجور متعددة السنوات بالفعل إلى تخفيف ضغوط الأجور في وقت لاحق من هذا العام، ما يشير إلى أن المزيد من الأرقام الحميدة يجب أن تظهر في نهاية المطاف.

ويظل الاقتصاد أيضاً ضعيفاً نسبياً؛ حيث تشير سلسلة من الدراسات الاستقصائية إلى النمو الهزيل، مما يخفف المخاوف من أن يؤدي النشاط الصيفي المزدحم، خصوصاً في السياحة، إلى زيادة ضغوط الأسعار.

ولكن الكثير من هذا لا يزال مجرد أمل، وكان هناك عدد قليل من المؤشرات الصعبة التي ظهرت منذ خفض سعر الفائدة في 6 يونيو (حزيران) لتأكيد أن التوقعات تتحول إلى حقيقة.

ويرى البعض أيضاً أن البنك المركزي الأوروبي يقلل من المخاطر التي يواجهها السيناريو الذي وضعه، والذي يعيد التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة بحلول نهاية عام 2025 حتى مع استمرار أسعار الفائدة في الانخفاض.

وهناك حالة أخرى من عدم اليقين تتمثل في مدى سرعة قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة.

ورغم أن سياسة المركزي الأوروبي مستقلة من الناحية الفنية، فمن الصعب أن تكون بعيدة كل البعد عن التزامن مع أكبر مصرف مركزي في العالم. ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أن يشجع المستثمرين على نقل أموالهم إلى هناك، مما يضعف اليورو ويعزز التضخم المستورد.

وتشهد الأسواق الآن قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، مع اتخاذ خطوة ثانية قبل نهاية العام، وهو جدول زمني من شأنه أن يدعم أيضاً تخفيضين إضافيين من «المركزي الأوروبي».


مقالات ذات صلة

كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

خاص تراجع التضخم إلى 2.4 في المائة مع انخفاض الزيادات بتكلفة البقالة والزيادات الإجمالية بالأسعار لأكبر اقتصادين ألمانيا وفرنسا (رويترز) play-circle 00:49

كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

أضافت الحرب الروسية الأوكرانية مزيداً من الأعباء على الاقتصاد العالمي المنهك منذ وباء كورونا، فيما أثرت حرب غزة سلباً على ميزانيات الدول والتجارة العالمية.

مالك القعقور (لندن)
الاقتصاد رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد: سنُبقي على الفائدة «مقيدة» لتحقيق هدف التضخم

قالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن مجلس إدارة المصرف قرر الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة دون تغيير.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر المصرف المركزي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير

أبقى المصرف المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد صور ظلية لأشخاص يسيرون بالقرب من برج إليزابيث ومبنى البرلمان في لندن (رويترز)

تباطؤ نمو الأجور يثير قلق بنك إنجلترا بشأن خفض الفائدة

أظهرت بيانات رسمية نُشرت يوم الخميس أن نمو الأجور في بريطانيا قد تباطأ، ولكنه لا يزال عند مستويات قد تمنع بنك إنجلترا من خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العلم الروسي يرفرف فوق مقر «المصرف المركزي» في موسكو (رويترز)

توقعات التضخم في روسيا ترتفع مجدداً

قال «البنك المركزي الروسي»، يوم الأربعاء، إن توقعات التضخم للعام المقبل بين الأسر الروسية ارتفعت إلى 12.4 في المائة خلال يوليو (تموز) الحالي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

لاغارد: سنُبقي على الفائدة «مقيدة» لتحقيق هدف التضخم

رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة في فرانكفورت (رويترز)
رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة في فرانكفورت (رويترز)
TT

لاغارد: سنُبقي على الفائدة «مقيدة» لتحقيق هدف التضخم

رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة في فرانكفورت (رويترز)
رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة في فرانكفورت (رويترز)

قالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن مجلس إدارة المصرف قرَّر الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة دون تغيير. وأشارت إلى أن «المعلومات الواردة تدعم بشكل عام تقييمنا السابق لتوقعات التضخم على المدى المتوسط».

وأضافت في مؤتمر صحافي، بعد اجتماع السياسة النقدية لمجلس الإدارة، في فرانكفورت: «وفي حين ارتفعت بعض مقاييس التضخم الأساسي في شهر مايو (أيار)، بسبب عوامل غير متكررة، فإن معظم المقاييس كانت إما مستقرة أو انخفضت في يونيو (حزيران)».

وتماشياً مع التوقعات، جرى تقليص التأثير التضخمي لنمو الأجور المرتفعة من خلال الأرباح. واعتبرت لاغارد أن السياسة النقدية تحافظ على شروط التمويل مقيدة. وفي الوقت نفسه، لا تزال ضغوط الأسعار المحلية مرتفعة، وتضخُّم الخدمات مرتفعاً، ومن المرجَّح أن يظل التضخم الرئيسي أعلى من هدف «المركزي» حتى وقت طويل من العام المقبل.

وأضافت: «نحن مصممون على ضمان عودة التضخم إلى هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط ​​في الوقت المناسب. وسوف نبقي الفائدة مقيدة بما فيه الكفاية، ما دام ذلك ضرورياً لتحقيق هذا الهدف. سنستمر في اتباع نهج يعتمد على البيانات وكل اجتماع على حدة لتحديد المستوى المناسب ومدة التقييد».

وتابعت: «وعلى وجه الخصوص، ستستند قراراتنا بشأن أسعار الفائدة إلى تقييمنا لتوقعات التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار سعر معين».

وتشير المعلومات الواردة إلى أن اقتصاد منطقة اليورو نما في الربع الثاني، ولكن من المحتمل أن يكون بوتيرة أبطأ مما كان عليه في الربع الأول. ولا تزال الخدمات تقود الانتعاش، في حين كان الإنتاج الصناعي وصادرات السلع ضعيفاً. بينما تشير مؤشرات الاستثمار إلى نمو ضعيف في عام 2024، وسط تزايد حالة عدم اليقين.

وبالنظر إلى المستقبل، قالت لاغارد: «نتوقع أن يكون التعافي مدعوماً بالاستهلاك، مدفوعاً بتعزيز الدخل الحقيقي الناتج عن انخفاض التضخم وارتفاع الأجور الاسمية. علاوة على ذلك، ينبغي للصادرات أن تنتعش جنباً إلى جنب مع ارتفاع الطلب العالمي. وأخيراً، ينبغي للسياسة النقدية أن تمارس ضغطاً أقل على الطلب بمرور الوقت».

ولا تزال سوق العمل تتمتع بالمرونة. ولم يتغير معدل البطالة عند 6.4 في المائة في شهر مايو، وظل عند أدنى مستوى له منذ بداية استخدام اليورو. وكان التوظيف، الذي نما بنسبة 0.3 في المائة في الربع الأول مدعوماً بزيادة أخرى في القوى العاملة، التي توسعت بالمعدل ذاته. ومن المرجَّح أن يتم خلق المزيد من الوظائف في الربع الثاني، خاصة في قطاع الخدمات. وتقوم الشركات تدريجياً بتخفيض إعلاناتها الوظيفية، ولكن من مستويات عالية.

وقالت لاغارد: «ينبغي للسياسات المالية والهيكلية الوطنية أن تهدف إلى جعل الاقتصاد أكثر إنتاجية وتنافسية، وهو ما من شأنه أن يساعد على زيادة النمو المحتمل وتقليل ضغوط الأسعار على المدى المتوسط».

وانخفض التضخم السنوي إلى 2.5 في المائة في يونيو، من 2.6 في المائة في مايو. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 2.4 في المائة في يونيو (وهو أقل بنحو 0.2 نقطة مئوية عن شهر مايو) في حين ظلَّت أسعار الطاقة ثابتة بشكل أساسي. ولم يتغير تضخُّم أسعار السلع وتضخم أسعار الخدمات في يونيو عند 0.7 في المائة و4.1 في المائة على التوالي.

وبحسب لاغارد، يمكن أن يصبح التضخُّم أعلى من المتوقَّع إذا زادت الأجور أو الأرباح بأكثر من المتوقَّع. وتنبع المخاطر التصاعدية للتضخُّم أيضاً من التوترات الجيوسياسية المتزايدة، التي يمكن أن تدفع أسعار الطاقة وتكاليف الشحن إلى الارتفاع على المدى القريب وتعطيل التجارة العالمية.

علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرِّفة، وأزمة المناخ التي تتكشف على نطاق أوسع، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وفي المقابل، قد يفاجئ التضخم على الجانب السلبي، إذا أدَّت السياسة النقدية إلى إضعاف الطلب بشكل أكبر من المتوقَّع، أو إذا ساءت البيئة الاقتصادية في بقية العالم بشكل غير متوقَّع.