الأنشطة غير النفطية تقود مساعي السعودية في تنويع الاقتصاد

مختصّون لـ«الشرق الأوسط»: التحول في القطاع سيستمر بوتيرة أسرع خلال السنوات القادمة

جانب من الحاويات في ميناء جدة الإسلامي الواقع غرب السعودية (الهيئة العامة للموانئ)
جانب من الحاويات في ميناء جدة الإسلامي الواقع غرب السعودية (الهيئة العامة للموانئ)
TT

الأنشطة غير النفطية تقود مساعي السعودية في تنويع الاقتصاد

جانب من الحاويات في ميناء جدة الإسلامي الواقع غرب السعودية (الهيئة العامة للموانئ)
جانب من الحاويات في ميناء جدة الإسلامي الواقع غرب السعودية (الهيئة العامة للموانئ)

تقود الأنشطة غير النفطية دوراً متسارعاً لتنويع الاقتصاد بالسعودية؛ إذ تساهم حالياً بنسبة 51 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وسط توقعات وصولها إلى 65 في المائة بحلول نهاية العقد، في ظل سعي البلاد إلى الاعتماد على مصادر دخل مختلفة عبر قطاعات عديدة، وتعزيز تنمية رأس المال البشري، تماشياً مع مستهدفات «رؤية 2030».

وتأتي المملكة في صدارة منتجي الطاقة الهيدروكربونية الأكثر نظافة، كما أنها من بين روّاد مجال الطاقة المتجددة، كالهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية، والرياح، وغيرها من المصادر الأخرى، حيث تعمل على إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً، وباستثمار إجمالي قدره 8.4 مليار دولار.

وكان وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، أشار، في يونيو (حزيران) الماضي، إلى استمرارية النمو القوي للأنشطة غير النفطية منذ انطلاقة «رؤية 2030»؛ إذ باتت تشكّل ما نسبته 51 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، حيث يُعدّ اقتصاد المملكة غير النفطي أكبر من اقتصادها النفطي.

وأضاف أن بلاده حقّقت الكثير من المنجزات، ولديها أولويات تُعنى بتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي، وتعزيز مُخرَجات تنمية رأس المال البشري، قائلاً: «نقف الآن على أعتاب حقبة اقتصادية جديدة، ستشهد تحوّلات مثيرة خلال العقود القادمة».

مشاريع البنية التحتية

وتوقّع مختصون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن ترتفع مشاركة الأنشطة غير النفطية في 2030، إلى نحو 65 في المائة، مدفوعة بمساهمة القطاع الخاص بشكل كبير، موضّحين أن الاقتصاد السعودي شهد تطوراً ملحوظاً، نحو الاعتماد على مصادر دخل بعيدة عن النفط، كالاستثمار في مشاريع البنية التحتية الساحلية.

ويعتقد عضو جمعية اقتصاديات الطاقة، وعضو جمعية الاقتصاد السعودي، المستشار الدكتور عبد الله الجسار، أن المساهمة الحالية للقطاع غير النفطي، التي تبلغ ما نسبته 51 في المائة، سوف ترتفع بحلول نهاية العقد إلى نحو 65 في المائة، مدفوعةً بمساهمة القطاع الخاص بشكل كبير.

وقال الجسار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الاقتصاد السعودي شهد تحولاً ملحوظاً نحو الاعتماد على الأنشطة غير النفطية مصدراً رئيسياً للنمو، مدفوعاً بعوامل رئيسية؛ أولها برامج «رؤية 2030» الطموحة لتنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيّن أن الاستثمارات الحكومية الضخمة في البنية التحتية، والمشاريع التنموية بالقطاعات غير النفطية، كالسياحة، خصوصاً بين عامي 2015 و2020، التي تتجاوز مليارات الريالات، كان لها الأثر الكبير في تسريع وتيرة تنويع الاقتصاد، ولتطوير قطاع الطاقة المتجددة.

الخدمات اللوجستية

وأشار الجسار إلى أن «السياحة تأتي في مقدمة أهم القطاعات التي يرتكز عليها الاقتصاد غير النفطي، حالياً؛ إذ نمت بمعدل سنوي متوسط بلغ 10 في المائة، وتساهم بنسبة 10.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقرير هيئة الإحصاء للربع الأول 2024»، كما يشمل ذلك قطاعات أخرى، مثل التعدين والتصنيع والزراعة.

ويتوقع عضو جمعية اقتصاديات الطاقة، وعضو جمعية الاقتصاد السعودي، أن توسيع نطاق القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، وكذلك تطوير البنية التحتية للخدمات اللوجستية يُعدّ أمراً مهماً لعمليات التصدير، للمُضي قُدماً نحو تعزيز نمو الأنشطة غير النفطية.

ويفترض الجسار أن الأنشطة غير النفطية ستستمر بوتيرة أسرع خلال السنوات القادمة، وذلك لوضوح خارطة الطريق الرئيسية لتنويع الاقتصاد غير النفطي، إضافة إلى الكثير من الفرص التي سوف تنشأ، وتجذب المزيد من الاستثمارات لتمويل نشاطها، لتصبح المملكة أكثر قدرةً على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية، التي تتسبّب بها تقلبات أسعار النفط.

وأبان أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الاستثمار، أدى إلى ارتفاع مرتبة السعودية في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال بين عامي 2019 و 2022، مما تسبّب بنمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 50 في المائة في عام 2022، مع استمرار نسبة الزيادة.

وبلغت قيمة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة 9.5 مليار ريال (2.5 مليار دولار)، خلال الربع الأول من 2024، بارتفاع نسبته 5.6 في المائة مقارنةً بالربع المماثل من 2023، حين بلغت 9 مليار ريال (2.4 مليار دولار).

تحسين المجتمع

بدوره، أكّد المستشار المالي، وعضو جمعية الاقتصاد والصحافة وكتاب الرأي السعودية، أحمد الجبير، لـ«الشرق الأوسط»، أن المملكة تركز على استراتيجية بعيدة المدى لنمو الاقتصاد غير النفطي، وتهدف بذلك إلى تحسين المجتمع، ومعالجة التضخم، وتعزيز السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للبلاد، في ظل «رؤية 2030».

وأكمل أن ذلك سيساهم في تنويع مصادر الإيرادات، دون الاعتماد على النفط، لافتاً إلى استمرارية تطور وازدهار الاقتصاد السعودي، وخصوصاً في الاستثمار بالمواطنين وتحسين دخلهم، بتوفير فرص عمل للجميع، وحل مشكلة البطالة والإسكان، إضافةً إلى تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، سعياً لدعم الكوادر البشرية.


مقالات ذات صلة

كندا تفرض رسوماً جمركية انتقامية على أميركا بدءاً من الغد

الاقتصاد سفينة شحن محمّلة بالحاويات في ميناء أوكلاند (رويترز)

كندا تفرض رسوماً جمركية انتقامية على أميركا بدءاً من الغد

أعلن وزير المالية الكندي، دومينيك لوبلان، أن كندا ستفرض رسوماً جمركية انتقامية على الولايات المتحدة بقيمة 29.8 مليار دولار كندي (20.67 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (أوتاوا )
الاقتصاد صورة جوية للعاصمة الكويتية (كونا)

«فيتش»: الكويت ثالث أكبر مصدّر للديون بالدولار في الخليج في 2024

احتلت الجهات المصدرة الكويتية المرتبة الثالثة بين أكبر مصدرين للديون بالدولار الأميركي في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2024، على الرغم من غياب قانون الدين.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام فرع لمتجر «وول مارت» الأميركي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

البنك الصناعي الصيني يُطلق صندوقاً لـ«التكنولوجيا الصلبة»

أعلن البنك الصناعي والتجاري الصيني إطلاق صندوق للتكنولوجيا والابتكار بقيمة أكثر من 11 مليار دولار؛ لدعم الاقتصاد الخاص.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

تراجع حاد في ثقة الشركات اليابانية

أظهرت نتائج مسح لوزارة المالية اليابانية تراجعاً كبيراً في ثقة الشركات اليابانية الكبيرة خلال الربع الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز يحضر اجتماع مجلس شمال الأطلسي خلال قمة قادة الناتو في فيلنيوس (أرشيفية - رويترز)

أستراليا ترفض الرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم وتتجنب الرد بالمثل

قال رئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز الأربعاء إن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصلب والألمنيوم الأسترالي غير مبررة

«الشرق الأوسط» (ملبورن )

الديمقراطيون في مجلس الشيوخ يرفضون دعم مشروع قانون لتجنب إغلاق الحكومة الأميركية

زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث مع الصحافيين (رويترز)
زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث مع الصحافيين (رويترز)
TT

الديمقراطيون في مجلس الشيوخ يرفضون دعم مشروع قانون لتجنب إغلاق الحكومة الأميركية

زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث مع الصحافيين (رويترز)
زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث مع الصحافيين (رويترز)

استبعد الديمقراطيون في مجلس الشيوخ دعم مشروع قانون جمهوري لوقف التمويل المؤقت، مما يقرب الولايات المتحدة خطوة من إغلاق الحكومة الفيدرالية.

وكان الجمهوريون قد نجحوا في تمرير مشروع قانون وقف التمويل المؤقت في مجلس النواب، مساء الثلاثاء، لتمديد التمويل بالمستويات الحالية حتى نهاية سبتمبر (أيلول).

لكن الديمقراطيين أشاروا، يوم الأربعاء، إلى أنهم غير مستعدين لتقديم الدعم اللازم لمشروع القانون - المعروف باسم القرار المستمر - لتمريره في مجلس الشيوخ قبل انتهاء التمويل الحالي مساء الجمعة.

وقال تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، يوم الأربعاء: «يجب أن يكون تمويل الحكومة جهداً مشتركاً بين الحزبين، لكن الجمهوريين اختاروا مساراً حزبياً؛ حيث قاموا بصياغة قرارهم المستمر دون أي مساهمة من الديمقراطيين في الكونغرس».

وإذا لم يتم حل هذه المواجهة بحلول منتصف ليل الجمعة، سيتم إغلاق الحكومة، مع تعليق جميع الوظائف «غير الأساسية»، بما في ذلك المتنزهات الوطنية وعمليات التفتيش البيئي والغذائي ودائرة الإيرادات الداخلية. ومن الممكن أن يتم تسريح مئات الآلاف من الموظفين.

وسيكون هذا أول إغلاق حكومي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2018، عندما وصل الجمهوريون والديمقراطيون إلى طريق مسدود بشأن تمويل الجدار الحدودي لدونالد ترمب خلال فترة رئاسته الأولى.

ومن شأن مشروع قانون مجلس النواب أن يمدد التمويل بالمستويات الحالية حتى 30 سبتمبر، مع خفض بعض النفقات غير الدفاعية، مع تعزيزها في مجالي الدفاع وإنفاذ قوانين الهجرة.

يخشى الديمقراطيون منح ترمب مساحة كبيرة لتمرير أجندته خلال الأشهر الستة المقبلة، واقترحوا بدلاً من ذلك تمديداً لمدة شهر واحد حتى 11 أبريل (نيسان)، بينما تتم مناقشة تشريع أكثر شمولاً للإنفاق من قبل الحزبين.

ومع تأجيل مجلس النواب، فمن غير المرجح أن يعود المشرّعون في ذلك المجلس قبل نهاية الأسبوع للنظر في تشريع بديل.

يتمتع الجمهوريون بأغلبية 53 مقعداً في مجلس الشيوخ مقابل 47 مقعداً للديمقراطيين، مما يعني أنهم سيحتاجون إلى إزاحة 7 أعضاء على الأقل من مجلس الشيوخ لتأمين 60 صوتاً اللازمة لتمرير التشريع في المجلس.

وقد أشار سيناتور جمهوري واحد على الأقل - راند بول من ولاية كنتاكي - إلى أنه لن يصوّت لصالح مشروع قانون مجلس النواب. وقال عضو ديمقراطي واحد - جون فيترمان من ولاية بنسلفانيا - إنه سيصوّت لصالحه.