الإصلاحات وانتعاش السياحة يدفعان سيولة الاقتصاد السعودي لأعلى مستوياتها

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: النتائج تعكس قوة النظام المالي في المملكة

العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

الإصلاحات وانتعاش السياحة يدفعان سيولة الاقتصاد السعودي لأعلى مستوياتها

العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

في ظل ما تشهده السعودية من إصلاحات اقتصادية واسعة، وانتعاش في القطاع السياحي إلى جانب عوامل أخرى، شهدت السيولة في منظومة اقتصاد المملكة ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها بنهاية شهر مايو (أيار) من العام الحالي، لتسجل 2.825 تريليون ريال (753 مليار دولار)، محققة نمواً سنوياً بنسبة 8.6 في المائة وبزيادة تجاوزت الـ222.9 مليار ريال (59 مليار دولار)، مقارنة بنهاية الفترة المماثلة من العام السابق.

هذا ما أكده مختصون لـ«الشرق الأوسط»، تزامناً مع بيانات النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزي السعودي (ساما)، التي أظهرت أن مستويات السيولة حققت ارتفاعاً شهرياً بنسبة 1.2 في المائة، مقارنة بـ2.79 تريليون ريال (743.7 مليار دولار) بنهاية أبريل (نيسان) الماضي، كما سجلت نمواً منذ بداية العام بنسبة 4 في المائة، بزيادة 105 مليارات ريال تقريباً (28 مليار دولار).

وجاء هذا النمو في إجمالي عرض النقود متأثراً بارتفاع الودائع تحت الطلب التي تُعدّ الأكبر مساهمة في الإجمالي بنسبة تمثل نحو 49.2 في المائة تقريباً، وبقيمة بلغت 1.39 تريليون ريال، تليها الودائع الزمنية والادخارية عند 889.5 مليار ريال.

وقال أستاذ الاقتصاد في «جامعة الطائف» بالسعودية، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار نمو مستويات السيولة في منظومة الاقتصاد السعودي بجميع أنواعها يعدّ داعماً للنشاط الاقتصادي، كما يعكس صلابة ومتانة النظام المصرفي والمالي في المملكة، متوقعاً أن يستمر في الارتفاع، مدعوماً من أنشطة مثل السياحة والترفيه، التي وصفهما بأنهما يدران سيولة كبيرة.

من جانبه، أبان عضو جمعية الاقتصاد السعودية، الدكتور عبد الله الجسار، لـ«الشرق الأوسط»، أن ارتفاع مستويات السيولة في المملكة جاء نتيجة عوامل عدة، منها ارتفاع أسعار النفط بزيادة قدرها 11.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي، بالإضافة إلى أرباح الشركات؛ مما ضخ المزيد من النقد في الاقتصاد.

وأضاف الجسار، أن الاستثمار في مشاريع التنويع أدى إلى خلق فرص جديدة وجذب المستثمرين، مشدداً على دور الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بتحسين بيئة الأعمال، حيث ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 12.3 في المائة خلال العام السابق إلى 14.1 مليار دولار.

وطبقاً للجسار، «هذا كله أدي إلى تدفق المستثمرين الأجانب بزيادة قدرها 25 في المائة في عام 2023 إلى السوق السعودية لتعزيز السيولة وضخ جزءاً من السيولة في الاكتتابات الجاذبة، وأثّر ذلك على النشاط الاقتصادي وثقة المستثمرين ونمو الناتج المحلي غير النفطي على وجه الخصوص بنسبة 3.6 في المائة للعام الحالي؛ مما يساهم في تحقيق أهداف (رؤية 2030)».

ويتوقع الجسار استمرار نمو مستويات السيولة بدعم من «رؤية 2030»، إلى جانب الإصلاحات والمستثمرين الجدد واستمرار طرح المزيد من الاكتتابات والاستثمارات الجاذبة للسيولة الخارجية، والتي سوف تستمر بالإسهام في تحسن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي والبطالة ومستوى المعيشة وتحقيق نتائج اقتصادية إيجابية.

يذكر أن السيولة المحلية تحتوي على النقد المتداول خارج المصارف، إضافةً إلى الودائع تحت الطلب، والودائع الزمنية والادخارية، الودائع الأخرى شبه النقدية.


مقالات ذات صلة

«المالية السعودية» تدين 14 شخصاً من «ريدان» لمخالفة سلوكيات السوق

الاقتصاد سوق الأسهم السعودية (أ.ف.ب)

«المالية السعودية» تدين 14 شخصاً من «ريدان» لمخالفة سلوكيات السوق

أعلنت هيئة السوق المالية صدور قرار لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية القطعي ضد 14 شخصاً من أعضاء مجلس إدارة ومنسوبي شركة «ريدان» الغذائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منطقة بوليفارد الرياض سيتي (الشرق الأوسط)

تحويل «ويبوك» إلى منصة تدفع بأرباح منظومة الترفيه بالسعودية

تنوي الهيئة العامة للترفيه مضاعفة إيرادات «ويبوك»، المنصة الرسمية لتذاكر «موسم الرياض»، من خلال خدمات نوعية جديدة تضاف لأول مرة.

بندر مسلم (الرياض)
يوميات الشرق (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:30

فعاليات متنوعة ونزالات عالمية ضمن «موسم الرياض» بنسخته المقبلة

ينطلق «موسم الرياض» بنسخته الخامسة في 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بمناطق جديدة وفعاليات وحفلات إضافية كبرى، إضافة إلى 12 مسرحية خليجية وعربية وعالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تظهر الباعة والمتسوقين في مهرجان «العلا» السنوي للتمور (واس)

200 مليون دولار قيمة صادرات السعودية من التمور في النصف الأول

كشف المركز الوطني للنخيل والتمور عن ارتفاع قيمة صادرات المملكة من التمور خلال النصف الأول من العام الحالي، لتصل إلى أكثر من 751 مليون ريال (200 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

«السيادي السعودي» يقترض 15 مليار دولار من تحالف مؤسسات مالية دولية

حصل «صندوق الاستثمارات العامة» على تسهيلات ائتمانية دوّارة لأغراض مؤسسية عامة تبلغ قيمتها 15 مليار دولار (56.25 مليار ريال)، حيث ستحل محل تسهيل ائتماني دوّار.

زينب علي (الرياض)

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
TT

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)

من المقرر أن تدفع بروكسل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نحو إصلاح جذري لموازنتها المشتركة البالغة 1.2 تريليون يورو، وربط المدفوعات بالإصلاحات الاقتصادية بدلاً من تعويض البلدان الأكثر فقراً بشكل تلقائي.

وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز»، ستبدأ المحادثات بشأن الجولة التالية من الموازنة طويلة الأجل في الخريف، مما سيشكل انطلاقة لواحدة من أكثر مفاوضات السياسة تعقيداً وتوتراً في الاتحاد الأوروبي. وستكون إحدى التغييرات الأكثر إثارة للجدال التي تسعى إليها المفوضية الأوروبية هي إعادة تنظيم القواعد التي تحكم ما يسمى صناديق التماسك، والتي توزع عشرات المليارات من اليورو سنوياً لسد الفجوة الاقتصادية بين الأجزاء الأكثر ثراءً والأفقر في الاتحاد.

يزعم أنصار التغييرات أن ربط الإصلاحات، مثل التغييرات في معاشات التقاعد أو الضرائب أو قوانين العمل، بالمدفوعات سيجعل الإنفاق أكثر فاعلية وتأثيراً. وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي المطلعين على العمل الأولي لموازنة 2028 - 2034 إن ما يسمى الدول المتلقية الصافية، أي الدول الأعضاء التي تتلقى من الموازنة أكثر مما تضع فيها، «بحاجة إلى فهم أن العالم، حيث تحصل على مظروف من تمويل التماسك من دون شروط... رحل».

أقر مسؤول ثانٍ في الاتحاد الأوروبي بأن التحول سيكون «لحظة حاسمة إلى حد كبير». ولكن من المرجح أن يثير مثل هذا التغيير خلافاً شديداً بين الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، والتي يجب أن تقضي الآن سنوات في محاولة التوصل إلى اتفاق بالإجماع بشأن حجم الموازنة المشتركة وما يجب إنفاقها عليه.

هل يحصل التمديد؟

في ظل التحديات التي تتراوح من الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تجهيز اقتصادها للتنافس مع الصين والولايات المتحدة، تكافح بروكسل لتمديد موازنتها الحالية، التي تستمر حتى عام 2028. وفقاً للموازنة الحالية، يذهب نحو ثلثها نحو سد الفجوات بين المناطق الأكثر فقراً والأكثر ثراءً ويتم دفع ثلث آخر في شكل إعانات زراعية. وينقسم الباقي بين تمويل البحوث ومساعدات التنمية وتكلفة تشغيل آلية الاتحاد الأوروبي.

ستحاكي بنود الشرط المقترح هذا المرفق بصندوق الاتحاد الأوروبي البالغ 800 مليار يورو في عصر الوباء، والذي صرف الأموال على أساس البلدان التي تنفذ إصلاحات واستثمارات متفق عليها مسبقاً. وقد شملت هذه الإصلاحات إصلاح سوق العمل في إسبانيا، والتغييرات التي طرأت على نظام العدالة في إيطاليا، وتكييف نظام التقاعد في بلجيكا. ولكن الوصول إلى صناديق التماسك يُنظَر إليه بوصفه مقدساً من قِبَل كثير من الدول في وسط وشرق أوروبا التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بوعد بدفع مبالغ في مقابل فتح اقتصاداتها أمام المستثمرين من أوروبا الغربية.

ووفقاً لدراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني، فإن المجر وسلوفاكيا ودول البلطيق هي الدول الخمس الأولى المتلقية الصافية لصناديق التماسك بنسبة مئوية من الدخل الوطني.

ومن المرجح أن تعارض الحكومات في هذه البلدان أي تحركات ترى أنها قد تحد من مدفوعاتها. ومع ذلك، فإن البلدان التي تدفع أكثر لموازنة الاتحاد الأوروبي مما تحصل عليه هي أكثر دعماً. وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إن «الطريقة الوحيدة تقريباً لإقناع الدافعين الصافيين بالمساهمة أكثر هي فرض المزيد من القيود على المتلقين».

وتبدأ المحادثات بشأن الميزانية الموازنة في الخريف، ومن المتوقع تقديم اقتراح رسمي في عام 2025.

كما يمكن للمفوضية الأوروبية فرض تغييرات كبيرة على طريقة تجميع تدفقات التمويل، والتحول من عدد كبير من البرامج إلى «خطة» بلد واحد. وهي تدرس تغييرات أخرى، بما في ذلك ما إذا كان ينبغي تقصير مدة الموازنة المشتركة من سبع إلى خمس سنوات.

وقال المؤيدون في المفوضية إن الإصلاحات الشاملة من شأنها أن تجعل الموازنة أكثر كفاءة في تلبية الأولويات مثل تغير المناخ، وتعزيز الصناعة المحلية، والاستجابة للأزمات غير المتوقعة.

وقال مسؤول ثالث في الاتحاد الأوروبي: «الطريقة التي نتفق بها على موازنة الاتحاد الأوروبي بها كثير من الجمود المدمج... نحن بحاجة إلى أن نكون أقرب إلى الواقع».

ومع ذلك، يعتقد كثير من مجموعات المصالح الخاصة والسلطات الإقليمية أن التغييرات تشكل زحفاً للمهمة من قبل المفوضية. وقالت لوبيكا كارفاسوفا، نائبة رئيس لجنة التنمية الإقليمية في البرلمان الأوروبي، رداً على خطط التغييرات على تدفقات التمويل: «هناك مخاوف واسعة النطاق بين كثير من مناطق الاتحاد الأوروبي حول ما قد يعنيه هذا النوع من التحول لتمويلها الحاسم».

في الوقت الحالي، يتم تمويل موازنة الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير من قبل البلدان؛ وفقاً لوزنها الاقتصادي، مقسمة بين الدافعين الصافين والمستفيدين الصافين. تاريخياً، تبلغ قيمتها نحو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. ويزعم بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن الموازنة غير كافية للتعامل مع التحديات الكثيرة التي يواجهها الاتحاد، وتتطلب مزيداً من الأموال من العواصم. وقال نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية فالديس دومبروفسكيس لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «لا يوجد شيء، من الناحية القانونية، يمنع موازنة الاتحاد الأوروبي من أن تكون أكبر من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي».