الذهب يترقب بيانات التضخم الأميركية الحاسمة

سبائك ذهبية في مصنع تكرير وتصنيع المعادن الثمينة بمدينة نوفوسيبيرسك السيبيرية (رويترز)
سبائك ذهبية في مصنع تكرير وتصنيع المعادن الثمينة بمدينة نوفوسيبيرسك السيبيرية (رويترز)
TT

الذهب يترقب بيانات التضخم الأميركية الحاسمة

سبائك ذهبية في مصنع تكرير وتصنيع المعادن الثمينة بمدينة نوفوسيبيرسك السيبيرية (رويترز)
سبائك ذهبية في مصنع تكرير وتصنيع المعادن الثمينة بمدينة نوفوسيبيرسك السيبيرية (رويترز)

استقر سعر الذهب في نطاق سعري ضيق، يوم الأربعاء، حيث ينتظر المستثمرون صدور بيانات رئيسية عن التضخم في الولايات المتحدة، والتي من شأنها أن تلقي مزيداً من الضوء على مسار أسعار الفائدة التي يحددها مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2 في المائة، ليصل إلى 2368.67 دولار للأوقية، بحلول الساعة 05:23 (بتوقيت غرينتش)، وفق «رويترز».

وارتفعت العقود الآجلة الأميركية للذهب بنسبة 0.3 في المائة إلى 2374.70 دولار للأوقية.

وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في شهادته أمام مجلس الشيوخ، إن التضخم تحسَّن، في الأشهر الأخيرة، وأن «مزيداً من البيانات الجيدة سيعزز» مبررات اتباع سياسة نقدية أكثر تساهلاً. ومن المقرر أن يلقي باول كلمة أمام مجلس النواب، في وقت لاحق من اليوم.

وفي هذا الصدد، صرح استراتيجي السوق لدى «آي جي»، ياب جون رونغ، بأنه «مع سلسلة البيانات الأميركية الضعيفة الأخيرة، تعززت التوقعات بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، ولكن مع رغبة رئيس مجلس الفيدرالي في رؤية مزيد من البيانات الجيدة، فإن أي تقدم إضافي على صعيد التضخم سيكون ضرورياً لتعزيز ثقة صناع القرار بشأن فتح الباب أمام خفض الفائدة».

ويعتقد المتداولون حالياً أن هناك فرصة بنسبة 73 في المائة لخفض الفائدة في سبتمبر، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومن المتوقع أن تُظهر بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو (حزيران) الماضي، والتي تصدر يوم الخميس، أن الأسعار الرئيسية ارتفعت بنسبة 0.1 في المائة على أساس شهري، بينما ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة. وهذا من شأنه أن يضع المكاسب السنوية عند 3.1 في المائة، و3.4 في المائة على التوالي.

وقال ياب: «أي ارتفاع مفاجئ في الضغوط السعرية قد يشكل تحدياً لجهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم، مما قد يؤدي إلى دعوات لتأخير عملية تخفيف السياسة النقدية. وقد يؤثر ذلك سلباً على الذهب، والذي قد يشهد تراجع الأسعار مرة أخرى نحو مستوى دعم 2300 دولار».

وقال مجلس الذهب العالمي، يوم الثلاثاء، إن الصناديق المتداولة في بورصات الذهب العالمية المدعومة مادياً شهدت تدفقات، للشهر الثاني على التوالي في يونيو الماضي؛ بسبب الإضافات إلى حيازات الصناديق المُدرجة في أوروبا وآسيا.

وفي المعادن الأخرى، استقر سعر الفضة الفوري عند 30.80 دولار للأوقية، وارتفع سعر البلاتين بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 985.85 دولار، وانخفض سعر البلاديوم بنسبة 0.1 في المائة إلى 979.31 دولار.


مقالات ذات صلة

الذهب يسجّل أعلى مستوى في 3 أسابيع

الاقتصاد موظف يفحص سبائك ذهبية قبل بيعها لزبون بمتجر في هانوي (رويترز)

الذهب يسجّل أعلى مستوى في 3 أسابيع

ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع خلال تداولات الاثنين، مدعومةً بإقبال المستثمرين على المعدن الأصفر كملاذ آمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الأمانات الخاصة بمؤسسة «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)

الذهب يرتفع مدفوعاً برسوم ترمب الجديدة على كندا

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الجمعة، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية جديدة على كندا، إلى جانب تهديدات بفرض رسوم إضافية على شركاء تجاريين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية نقية بوزن 250 غراماً بأحد مصانع شركة «أرغور-هيراوس» في سويسرا (رويترز)

الذهب يرتفع مع تراجع الدولار وتصعيد ترمب للرسوم

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الخميس، مدعومةً بتراجع طفيف في الدولار الأميركي وعوائد سندات الخزانة، في وقت يواصل فيه المستثمرون متابعة تطورات الحرب التجارية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية مكدسة في غرفة صناديق الإيداع الآمن في «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)

الذهب يتراجع لأدنى مستوى في أكثر من أسبوع

تراجعت أسعار الذهب، الأربعاء، إلى أدنى مستوى لها في أكثر من أسبوع، متأثرة بقوة الدولار الأميركي وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك الذهب بغرفة صناديق الودائع الآمنة في «برو أوروم» بميونيخ (رويترز)

الذهب يستقر وسط طلب الملاذات الآمنة بعد مقترحات ترمب الجمركية

استقرت أسعار الذهب يوم الثلاثاء، مدعومة بالطلب على الملاذات الآمنة في أعقاب المقترحات الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن فرض تعريفات جمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رغم دعم بايدن وحماية ترمب… المصنّعون الأميركيون عالقون في الركود

موظفون يركبون كابلات على شاحنة كهربائية في مصنع «باتل موتورز» بأوهايو (رويترز)
موظفون يركبون كابلات على شاحنة كهربائية في مصنع «باتل موتورز» بأوهايو (رويترز)
TT

رغم دعم بايدن وحماية ترمب… المصنّعون الأميركيون عالقون في الركود

موظفون يركبون كابلات على شاحنة كهربائية في مصنع «باتل موتورز» بأوهايو (رويترز)
موظفون يركبون كابلات على شاحنة كهربائية في مصنع «باتل موتورز» بأوهايو (رويترز)

رغم التباين السياسي العميق بين الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، يجمع الطرفان على مبدأ محوري واحد، وهو ضرورة دعم الصناعات الأميركية وإن اختلفت الأدوات والوسائل. فالرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن اختار نهج الدعم المباشر عبر حوافز ضخمة لشركات تصنيع الرقائق والمركبات الكهربائية، في حين سلك الجمهوري دونالد ترمب طريق الحماية التجارية، فارضاً جداراً من الرسوم الجمركية لحماية الإنتاج المحلي من المنافسة الخارجية.

غير أن هذه الجهود، بكل ما رافقها من وعود وسياسات، لم تنجح حتى الآن في انتشال القطاع الصناعي الأميركي من حالة الركود شبه المستمر التي يعيشها منذ ثلاث سنوات، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مدى فاعلية هذه المقاربات، حسب «وكالة أسوشييتد برس».

فقد كشفت بيانات وزارة العمل الأميركية عن فقدان المصانع نحو 7 آلاف وظيفة في يونيو (حزيران)، مسجلة بذلك ثاني انخفاض شهري متتالٍ، ومؤكدة مساراً انحدارياً مستمراً في التوظيف الصناعي للعام الثالث على التوالي. كما أظهر تقرير معهد إدارة التوريدات (ISM) انكماش النشاط الصناعي في يونيو للمرة الرابعة على التوالي، في سلسلة تراجع امتدت إلى 30 شهراً من أصل 32 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

يصف الرئيس التنفيذي لشركة «بايلوت بريزيشن بروداكتس» في ماساتشوستس، إريك هاغوبيان، الوضع بقوله: «لم نشهد انهياراً مثل الذي حدث في أزمة 2008، لكننا عالقون في حالة من الجمود. السنوات الثلاث الماضية كانت مرهقة حقاً».

تضخم ضاغط ورفع للفائدة

وأسهمت عوامل اقتصادية كبرى في تعقيد المشهد، أبرزها التضخم الحاد الذي رافق تعافي الاقتصاد الأميركي بوتيرة أقوى من المتوقع بعد جائحة «كوفيد»؛ مما رفع تكاليف الإنتاج ودفع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» إلى رفع أسعار الفائدة 11 مرة خلال عامَي 2022 و2023، مما شكّل عبئاً إضافياً على الصناعات.

ولمواجهة هذه الضغوط، أطلقت إدارة بايدن مجموعة من الحوافز الضريبية لتشجيع تصنيع أشباه الموصلات والطاقة النظيفة، مما أدّى إلى طفرة في إنشاء المصانع وتضاعف الاستثمارات الصناعية ثلاث مرات بين أبريل (نيسان) 2021 وأكتوبر 2024. غير أن هذه الطفرة بدأت التلاشي، خاصةً مع تغيّر التوجهات السياسية وعودة إدارة ترمب إلى سدة الحكم التي سارعت إلى إطلاق جولات جديدة من الحروب التجارية، وسعت بالتعاون مع الكونغرس لإلغاء الدعم الموجه للطاقة الخضراء.

ركود متجدد ورسوم متزايدة

يقول كبير الاقتصاديين في شركة «موديز أناليتيكس»، مارك زاندي، إن «الصناعة الأميركية لا تزال في دوامة ركود... ما دام الإنتاج الصناعي لا يتحرك، فمن المرجّح أن يستمر التوظيف في الانكماش. المؤشرات تدل على ركود صناعي محتمل خلال العام المقبل».

وفي محاولة لكسر هذا الجمود، شرع الرئيس ترمب في فرض رسوم جمركية مشددة على الواردات، شملت 50 في المائة على الصلب والألمنيوم، و25 في المائة على السيارات وقطع الغيار، و10 في المائة على منتجات أخرى، بهدف تشجيع التصنيع المحلي.

هذه السياسة -حسب نائب رئيس شركة «واكيشا ميتال بروداكتس» في ولاية ويسكونسن، كريس زوزيك- قد تمنح بعض المصانع الأميركية أفضلية نسبية في السوق المحلية، إذ قال: «نواجه منافسة قوية من شركة أجنبية لعقد كبير في تكساس. ومع احتساب الرسوم، تقترب أسعارنا، مما يعزّز فرصنا».

لكن في المقابل، تعتمد المصانع الأميركية على استيراد العديد من المدخلات الأساسية مثل المعادن والآلات والكيماويات، ما يعني أن فرض الرسوم عليها يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج ويقوّض القدرة التنافسية في الأسواق العالمية. فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار الصلب الأميركي نتيجة رسوم ترمب، ليصل سعر الطن إلى 960 دولاراً في 23 يونيو، أي أكثر من ضعف السعر العالمي البالغ 440 دولاراً، حسب مؤشرات «ستيل بنشمارك».

ورغم ذلك، لا تزال شركات مثل «بايلوت بريزيشن بروداكتس» تلجأ إلى شراء الصلب من النمسا وفرنسا، لتفادي التكلفة المرتفعة للمنتج المحلي.

حالة من الإرباك وسيناريوهات غير واضحة

ولم يقتصر الأثر السلبي للرسوم على الأسعار فقط، بل شمل أيضاً مناخ الأعمال عموماً. إذ تسبّبت التعديلات المتكررة على الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى تأجيل تطبيقها كما حدث حين أجّلت إدارة ترمب تنفيذ حزمة جديدة من 9 يوليو (تموز) إلى 1 أغسطس (آب)، في خلق حالة من الإرباك في أوساط المصنعين والعملاء على حد سواء.

وفي استطلاع أجراه معهد إدارة التوريد، عبّر عدد من المصنعين عن امتعاضهم من حالة عدم اليقين الجمركي، إذ قالت شركة لتصنيع المعادن: «العملاء لا يريدون الالتزام في ظل هذا الغموض»، في حين أضافت شركة إلكترونيات: «الرسوم تعرقل قرارات الشراء طويلة الأجل وتخلق ارتباكاً شديداً».

هل الأزمة حقيقية أم تصحيح طبيعي؟

يرى بعض الخبراء أن القطاع الصناعي لم يدخل في أزمة بقدر ما عاد ببساطة إلى مستوياته الطبيعية بعد جائحة أحدثت اضطرابات هائلة. فقد فقدت المصانع نحو 1.4 مليون وظيفة في مارس (آذار) وأبريل 2020، لكنها استعادت عافيتها بسرعة مع الطفرة الاستهلاكية المدفوعة بالتحفيزات الحكومية.

وبالفعل، أضاف القطاع 379 ألف وظيفة في 2021 (وهو أكبر نمو سنوي منذ 1994)، و357 ألفاً في 2022، قبل أن يتوقف هذا الزخم ويبدأ التراجع في 2023. وبلغ عدد العاملين في يونيو الماضي نحو 12.75 مليون شخص، أي ما يعادل تقريباً العدد المسجل في فبراير (شباط) 2020 (12.74 مليون).

ويعلّق رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، جاريد برنشتاين، على ذلك بالقول: «لقد كانت رحلة طويلة وغريبة لنعود إلى حيث بدأنا».

ويؤكد زوزيك أن تأثير الرسوم الجمركية لا يظهر فوراً، بل يحتاج إلى وقت: «الصناعة لا تتغير بين عشية وضحاها. التحول يتطلّب سنوات».

أما هاغوبيان فيعلّق على آمال البعض في مشروع ترمب الجديد «الكبير والجميل» الذي يتضمن إعفاءات ضريبية بالقول: «ربما يكون هناك ضوء في نهاية النفق؛ لكن لا نعرف إن كان هذا الضوء قطاراً مندفعاً نحونا».

ترقبٌ حذر للمستقبل

في ظل الغموض الذي يكتنف السياسات التجارية المقبلة، تتريث الشركات الصناعية في قراراتها الاستثمارية والتوظيفية. ويشير أستاذ الاقتصاد الفخري في جامعة ولاية أوهايو، نيد هيل، إلى أن حالة الانتظار تسيطر على المشهد. وقال: «مع كل هذا الغموض بشأن ما يحمله العام الحالي، هناك تردد في التوظيف خوفاً من الاضطرار إلى التسريح لاحقاً».

ويختم زوزيك حديثه بتوصيف يعكس المزاج العام في الأوساط الصناعية الأميركية: «الجميع ينتظر ما يمكن أن يكون الوضع الطبيعي الجديد».