رئيس وزراء الصين يحذّر من انقسام العالم اقتصادياً

انتقد التوترات التجارية وفنّد مزاعم الإفراط في الإنتاج والإغراق

زائرون في طريقهم إلى حضور جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الصيفية في مدينة داليان بشمال الصين (أ.ف.ب)
زائرون في طريقهم إلى حضور جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الصيفية في مدينة داليان بشمال الصين (أ.ف.ب)
TT

رئيس وزراء الصين يحذّر من انقسام العالم اقتصادياً

زائرون في طريقهم إلى حضور جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الصيفية في مدينة داليان بشمال الصين (أ.ف.ب)
زائرون في طريقهم إلى حضور جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الصيفية في مدينة داليان بشمال الصين (أ.ف.ب)

قال رئيس وزراء الصين، لي تشيانغ، الثلاثاء، إن الأسواق المفتوحة والتقنيات الخضراء ضرورية لاستقرار النمو العالمي، في حين انتقد التوترات التجارية في أثناء افتتاحه مؤتمراً في شمال شرقي الصين، محذراً من التداعيات السلبية في حال انقسم العالم اقتصادياً، كما رد على الانتقادات التي تتهم سياسة بلاده الصناعية بالتسبب في الإفراط بالإنتاج.

وقال لي تشيانغ، لقادة سياسيين ورجال أعمال يحضرون الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي للأبطال الجدد، والمعروف أيضاً باسم «دافوس الصيفي»، إن بلاده تسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدف النمو، الذي حددته هذا العام بنسبة 5 في المائة.

وقال لي، في خطاب ألقاه خلال المؤتمر: «يجب على الدول أن تعمل معاً بشكل وثيق، وترفض المواجهة بين الكتل، وتعارض الانفصال، وتحافظ على استقرار السلاسل الصناعية والتوريدية وسلاستها، وتعزّز تحرير التجارة والاستثمار وتيسيرها». وأضاف أنه «لا يمكننا إبطاء وتيرة التحول الأخضر في مقابل النمو الاقتصادي قصير الأجل، ولا ممارسة الحمائية باسم التنمية الخضراء أو حماية البيئة».

وتواجه الصين ردود فعل سلبية بشأن صادراتها من المركبات الكهربائية، التي تخشى بعض الحكومات أن تغمر الأسواق وتضر بالمنتجين المحليين. ويدرس الاتحاد الأوروبي وكندا من بين دول أخرى فرض ضرائب إضافية على المركبات الكهربائية الصينية.

وقال الاتحاد الأوروبي والصين، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنهما منفتحان على المحادثات بشأن التعرفات الجمركية المؤقتة، بعد أن أعلنت الأخيرة، خلال الأسبوع الماضي، تحقيقاً في مكافحة الإغراق في لحوم الخنزير الأوروبية، الذي يُنظر إليه، إلى حد كبير، على أنه انتقام لرسوم المركبات الكهربائية.

وانضم الرئيس البولندي، أندريه دودا، ورئيس الوزراء الفيتنامي، فام مينه تشينه، إلى قادة الأعمال ووزراء الاقتصاد والتكنولوجيا الذين حضروا المنتدى الذي عُقد في مدينة داليان الصينية الساحلية.

ونما اقتصاد الصين بمعدل سنوي بلغ 5.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار)، على الرغم من تباطؤه بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة. وأدت عمليات الإغلاق والاضطرابات الأخرى الناجمة عن جائحة «كوفيد-19» إلى تفاقم ضعف النمو على المدى الطويل، إذ شنّت السلطات حملة صارمة على الاقتراض الزائد من قِبل مطوري العقارات، ما دفع الصناعة إلى الركود.

وقارن لي اقتصاد الصين بعد جائحة «كوفيد» بشخص يتعافى من مرض خطير ويحتاج إلى إعادة التكيف تدريجياً. وقال إن بلاده تساعد في التعافي بوساطة أدوات مثل الترقيات الصناعية ودعم «الاقتصاد الفضي (الشركات التي تستهدف كبار السن في البلاد)»، حسب ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وتأتي تصريحات لي متزامنة مع تزايد القيود الغربية على المنتجات الصينية، وكان من أحدث صورها قرار كندا فرض قيود على وارداتها من السيارات الكهربائية الصينية، مع سعي حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو، لتتماشى مع الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في هذا الشأن.

وأعلنت وزيرة التجارة، كريستيا فريلاند، بدء فترة مشاورات عامة تستمر 30 يوماً، وهي مرحلة أولى قبل أن تتمكّن كندا من فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية. وقالت فريلاند، إن الحكومة ستدرس أيضاً إدخال تغييرات على قائمة السيارات الكهربائية التي تستحق حوافز اتحادية للمستهلكين، وكذلك «توسيع القيود على الاستثمارات في كندا» لصالح السيارات الكهربائية. وأوضحت أن «كل الأدوات الممكنة مطروحة على الطاولة».

وفي مؤتمر صحافي في منطقة تورونتو، الاثنين، قالت فريلاند إن صناعة السيارات في كندا «تواجه منافسة غير عادلة من سياسة الصين المتعمدة، التي توجهها الدولة المتمثلة في القدرة الزائدة، والتي تقوّض قدرة قطاع السيارات الكهربائية الكندي على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية».

وتشير بيانات مكتب الإحصاء الكندي إلى أن قيمة السيارات الكهربائية الصينية التي استوردتها كندا ارتفعت خلال العام الماضي، لتصل إلى 2.2 مليار دولار كندي (1.6 مليار دولار أميركي)، مقابل أقل من 100 مليون دولار كندي في عام 2022.

كما زاد عدد السيارات الواردة من الصين إلى ميناء فانكوفر الكندي بأكثر من خمسة أمثال، بعد أن بدأت شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية في شحن سياراتها من طراز «موديل واي»، التي يجري إنتاجها في مصنع الشركة بمدينة شنغهاي الصينية.

وعلى الرغم من أن الشاغل الرئيسي للحكومة الكندية لا ينصب على شركة «تسلا»، فإنها تشعر بالقلق من احتمالات أن تغمر السيارات الصينية رخيصة الثمن الأسواق الكندية في نهاية المطاف.

وفي وقت سابق، كشفت دراسة جديدة أن قطاع صناعة السيارات الكهربائية في الصين حصل على دعم حكومي بواقع 231 مليار دولار، على الأقل، خلال الفترة من 2009 حتى نهاية العام الماضي.

وصرّح سكوت كينيدي، الخبير المتخصص في الشأن الصيني لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية -مؤسسة بحثية أميركية مقرها واشنطن- بأن أكثر من نصف هذا الدعم كان في صورة إعفاءات من ضريبة المبيعات، في حين أن باقي الدعم جاء في شكل خصومات للشراء وتمويل حكومي لمشروعات البنية التحتية الخاصة بالسيارات الكهربائية مثل محطات الشحن، فضلاً عن مشتريات حكومية لسيارات كهربائية.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن كينيدي قوله في تدوينة: «استفاد قطاع السيارات الكهربائية الصيني من الدعم السياسي الهائل لهذه الصناعة، ما أدى إلى تحسُّن جودتها وجعلها جذابة للمستهلكين، سواء داخل البلاد أو خارجها».

وتأتي هذه الدراسة بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الواردة من الصين بنسبة تصل إلى 48 في المائة، لتعويض الدعم الحكومي الصيني لهذه الصناعة، وبعد قرار أميركي بزيادة الجمارك على السيارات الكهربائية الصينية بواقع أربعة أمثال تقريباً، حسب «بلومبرغ».


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

انطلقت أعمال النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، الاثنين، بحضور الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، والمهندس عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة، في المدينة الساحلية جدة (غرب السعودية)، بمشاركة أكثر من 480 خبيراً ومتحدثاً يمثلون نخبة من العلماء والمبتكرين يمثلون أكثر من 20 دولة في أنحاء العالم، حيث حقق 14 مبتكراً (فائزان في الجائزة الكبرى و12 فائزاً في جوائز الأثر) في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

الأمير سعود بن مشعل وم. عبد الرحمن الفضلي وم. عبد الله العبد الكريم في صورة جماعية مع الفائزين بالجوائز (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وحصد الجائزة الكُبرى لي نوانغ سيم من جامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة عن مشروعه «كشف قوة التناضح العكسي بالطرد»، وسو ميشام من شركة «NALA Membranes» الأميركية عن مشروعها «أغشية مركبة رقيقة من مادة البولي سلفون الجديدة لتحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف».

وشهد المؤتمر الإعلان عن 11 براءة اختراع عالمية جديدة تعزز الحلول المبتكرة لمعالجة التحديات في القطاع وذلك في كلمة للمهندس عبد الله العبد الكريم، رئيس الهيئة السعودية للمياه، خلال حفل الافتتاح، أكد خلالها أن الحدث يعكس التزام السعودية بتعزيز الابتكار العلمي والبحثي ركيزةً لتحقيق استدامة الموارد المائية وتأكيد مكانتها مرجعاً عالمياً في تطوير حلول مبتكرة لإدارة المياه وتحقيق الأمن المائي المستدام.

م. عبد الله العبد الكريم خلال إلقاء كلمته في حفل افتتاح مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

وتأتي مبادرة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، بإعلان تأسيس المنظمة العالمية للمياه لتحقيق الأمن المائي العالمي على رأس المبادرات التي تعزز أهداف الاستدامة وجودة الحياة والتعاون الدولي في هذا المجال، وفق العبد الكريم.

ودُشّن على هامش المؤتمر ولأول مرة، هاكاثون المياه «مياهثون»، الذي ينظمه مركز الابتكار السعودي لتقنيات المياه بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، ويهدف إلى تعزيز التنافسية الإبداعية عبر تطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية.

وأعلن خلال الحفل عن الهوية الجديدة لجائزة الابتكار العالمية، لتكون انطلاقاً من الموسم المقبل باسم «الجائزة العالمية للابتكار في صناعة المياه»، بما يتماشى مع توسع أهداف الجائزة وتعزيز دورها في تطوير حلول مستدامة وإشراك العقول الشابة في الابتكار.

جانب من مشاركة الفرق في المرحلة الأخيرة من هاكاثون المياه «مياهثون» خلال انطلاقة أعمال المؤتمر (الشرق الأوسط)

من جهته، أوضح سلطان الراجحي، المدير التنفيذي للتواصل والتسويق في الهيئة السعودية للمياه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تعديل اسم الجائزة العالمية للابتكار من «تحلية المياه» إلى «صناعة المياه» بنسختها القادمة لتكون أشمل وأوسع، مشيراً إلى أن هاكاثون المياه الذي سمي «مياهثون» تنافس خلاله 50 فريقاً مثّل الشباب السعودي أكثر من 60 في المائة من الفرق مقابل 40 في المائة لفرق من مختلف دول العالم.

وأكد أن تواجد الحضور الكبير من مختلف دول العالم في المؤتمر يؤكد المكانة الرائدة للسعودية بصفتها مركزاً رئيساً للابتكار والإبداع في صناعة المياه، التي بدأت من جدة بـ«الكندسة»، وأن الحدث سيشهد مناقشة الباحثين والمبتكرين عدداً من المجالات في القطاع، منها الإنتاج والنقل والتوزيع وإعادة الاستخدام، للخروج بتوصيات تساهم بشكل كبير في استدامة الموارد المالية وتعزيز الابتكار فيها.

من جانبه، قال فؤاد كميت، بإدارة المركز الابتكاري لتقنيات المياه، إن هاكاثون المياه «مياهثون»، يتيح للمبتكرين ورواد الأعمال في 5 مجالات رئيسة لتطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية، لافتاً إلى تأهل 15 فريقاً إلى المرحلة النهائية بعد منافسة مع أكثر من 500 شخص شاركوا في المرحلة التمهيدية.

السعودية غدير البلوي عبّرت عن اعتزازها بالجائزة العالمية للابتكار في تحلية المياه (الشرق الأوسط)

وبيّن أن المرحلة الأخيرة تمتد طوال أيام المؤتمر الثلاثة، وستعكف الفرق المتأهلة على تحويل أفكارهم نماذج عمل أولية تؤسس لشركاتهم الناشئة.

الأميركية سو ميشام الفائزة بإحدى الجوائز الكبرى (الشرق الأوسط)

في المقابل، أفادت غدير البلوي، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء في جامعة تبوك وإحدى الفائزات بالجائزة العالمية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بأن ابتكارها يتمثل في استخدام النانو «متيريل» في محطات معالجة المياه في السعودية.