التوترات الجيوسياسية تضغط على قطاع المواد الأساسية في السعودية

توقعات بتحسن الأداء في النصف الثاني من العام

أحد المستثمرين يقف أمام شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالرياض (أ.ف.ب)
أحد المستثمرين يقف أمام شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالرياض (أ.ف.ب)
TT

التوترات الجيوسياسية تضغط على قطاع المواد الأساسية في السعودية

أحد المستثمرين يقف أمام شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالرياض (أ.ف.ب)
أحد المستثمرين يقف أمام شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالرياض (أ.ف.ب)

في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية الراهنة، يواجه قطاع المواد الأساسية في السعودية تحديات متعددة تؤثر على نموه وأرباحه. إذ شهدت تداولات القطاع في سوق الأسهم تراجعاً، بفعل زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الفائدة العالمية. إلا أن الأرباح المجمعة للشركات المدرجة في هذا القطاع شهدت ارتفاعاً، مع توقعات بتحسن الأداء في النصف الثاني من 2024. ويعد قطاع المواد الأساسية ضمن الفئة الصناعية، حيث يتكون من الشركات العاملة في اكتشاف المواد الخام وتطويرها ومعالجتها، كما يشمل مجال التعدين وتكرير المعادن والمنتجات الكيميائية ومنتجات الغابات، وفي هذا القطاع توجد الشركات التي تقوم بتوريد معظم المواد المستخدمة في البناء. وقد بدأ مؤشر قطاع المواد الأساسية العام الحالي عند 6391.93 نقطة. لكنه بدأ يسجل تراجعات إلى أن بلغ أدنى مستوياته في يونيو (حزيران) الجاري منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عند 5725.5 نقطة.

انخفاض الطلب ويشرح الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال» محمد الفراج أن أسباب تراجع القطاع في بداية العام 2024 تعود لعوامل عدة، أبرزها زيادة أسعار «اللقيم» الذي يستعمل في إنتاج المواد، وارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية العالمية مما أدى إلى زيادة تكاليف الاقتراض على الشركات في قطاع المواد الأساسية، ليؤثر سلباً على أرباحها. وأضاف الفراج في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن انخفاض الطلب على بعض السلع الأساسية، مثل «البولي إيثيلين» و«البولي بروبلين»، في بداية العام الجاري أدى إلى تراجع أسعارها والضغط على ربحية الشركات المنتجة، في وقت تواصل التوترات الجيوسياسية في رفع تكاليف الشحن والتأمين على شركات القطاع. ورغم ذلك، سجلت الشركات المدرجة في قطاع المواد الأساسية في المملكة ارتفاعاً للأرباح المجمعة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، بنحو 16 في المائة تقريباً، إلى 2.85 مليار ريال (760 مليون دولار)، مقارنة مع 2.46 مليار ريال (656 مليون دولار) في الربع الأول من عام 2023، في ظل تحول «سابك» التي تعد من كبرى شركات القطاع عالمياً للربحية، ونمو أرباح شركة «معادن». ونوّه الفراج بأن قطاع المواد الأساسية يواجه منافسة قوية من الشركات في جميع أنحاء العالم، مما يضغط على هامش الربح لكن ما يميز شركات القطاع في السعودية عالمياً هو تلقي الدعم الكامل والمستمر من عملاق الصناعة في العالم «أرامكو».

تحسن الأداء وبشكل عام، يتوقع الفراج تحسن أداء قطاع المواد الأساسية في النصف الثاني من عام 2024، وذلك بفضل تحسن أسعار السلع الأساسية واستمرار الطلب على المدى الطويل. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المخاطر التي قد تؤثر على أداء القطاع، مثل استمرار التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وكانت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني رجحت في تقرير سابق لها تباطؤ نمو الطلب العالمي في عام 2024 على السلع الأساسية بما في ذلك النفط والنحاس والألمنيوم، وأرجعت ذلك إلى النمو الاقتصادي العالمي، وتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بأقل من 5 في المائة، كما وصفت المخاطر الجيوسياسية بأنها أكبر التحديات. مع ذلك، أشار الفراج إلى أن هناك بعض العوامل الإيجابية التي قد تدعم أداء القطاع في المستقبل، مثل التحسن الطفيف في أسعار «البولي بروبلين» و«البولي إيثيلين» في الأشهر الأخيرة، مما قد يعزز ربحية الشركات المنتجة، واستمرار الطلب على السلع الأساسية على المدى الطويل مدفوعاً بنمو الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى استثمار بعض شركات قطاع المواد الأساسية في مشاريع جديدة لزيادة الإنتاج وتحسين الكفاءة. ويستحوذ قطاع المواد الأساسية، والبنوك، وإدارة تطوير العقار على 45 في المائة من إجمالي قائمة أكبر 100 شركة سعودية، حيث بلغ عدد الشركات المدرجة في تلك القطاعات 45 شركة، وتصدر قطاع المواد الأساسية القائمة بعد أن ضم 26 شركة من أصل 45 شركة مدرجة، ومن ثم قطاع البنوك بـ10 بنوك مدرجة، تلاه قطاع إدارة تطوير العقارات بتسع شركات من أصل 13 شركة مدرجة.


مقالات ذات صلة

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» آخِر جلسات الأسبوع متراجعاً بمقدار 27.40 نقطة، وبنسبة 0.23 في المائة، إلى 11840.52 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية خلال «المعرض والمؤتمر السعودي للخطوط الحديدية»... (سار)

اتفاقية بين «الخطوط الحديدية السعودية» و«ألستوم» الفرنسية لرفع جاهزية «قطارات الشرق»

وقّعت «الخطوط الحديدية السعودية (سار)»، الخميس، عقداً مع شركة «ألستوم ترانسبورت إس إيه» الفرنسية، لرفع مستوى جاهزية أسطول قطارات «شبكة الشرق».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».