بدأت بـ«نيوم» وأخواتها... كنوز استثمار رقمي في السعودية للشركات الناشئة

رئيس «تكامل» التنفيذي لـ«الشرق الأوسط»: أثر اقتصادي واعد

الدكتور أحمد اليماني لدى حديثه مع «الشرق الأوسط» في لندن (تكامل)
الدكتور أحمد اليماني لدى حديثه مع «الشرق الأوسط» في لندن (تكامل)
TT

بدأت بـ«نيوم» وأخواتها... كنوز استثمار رقمي في السعودية للشركات الناشئة

الدكتور أحمد اليماني لدى حديثه مع «الشرق الأوسط» في لندن (تكامل)
الدكتور أحمد اليماني لدى حديثه مع «الشرق الأوسط» في لندن (تكامل)

«إذا فهم المستثمر الذكي والمهتم والمتنبه - سواء المحلي أو الأجنبي - والتفت إلى قطاع البنية التحتية الرقمية فإنّه سيخلق قيمةً اقتصاديةً عاليةً، وسيكون له أثرٌ كبيرٌ على الاقتصاد الرقمي».

الحديث عن الكنز الرقمي المستقبلي في السعودية جاء على لسان الدكتور أحمد اليماني، رئيس «تكامل»، وهي شركة حكومية سعودية نابعة عن مبادرات وزارة الموارد البشرية، الذي أوضح في حوار مع «الشرق الأوسط» أن المشاريع الكبرى مثل «نيوم» وأخواتها من شركات ومشاريع تحول رقمي حكومية وخاصة «خلقت طلباً مرتفعاً على الخدمات الرقمية بشتَّى أشكالها، سواء على مستوى تقديم الخدمة ذاتها أو بنيتها التحتيَّة أو الرقمية... وهذا لفتَ أنظار جل شركات الخدمات السحابية في العالم».

جانب من فعاليات «مشاريع جيجا السعودية 2024» التي عقدت في الرياض خلال مايو 2024 (الشرق الأوسط)

يتحدث المسؤول السعودي عن «غوغل» و«أمازون» و«مايكروسوفت» و«أوراكل»، ويفيد بأن تلك الشركات لم تكن تستثمر في السعودية كما حصل منذ عامين، لكنها ضخت مليارات «كانت آخرها تلك التي أعلنتها (أمازون ويب سيرفس) في مؤتمر (ليب) في الرياض شهر مارس (آذار) 2024... بقيمة بلغت 5.3 مليار دولار في الخدمات السحابية».

تذهب المؤشرات السعودية إلى ارتفاع مضطرد في حجم الاستثمارات من الشركات الكبرى في مجالي البنى التحتية الرقمية والخدمات الرقمية. ويقدر تقريرٌ لشركة «أريزتون» العالمية للأبحاث والأسواق بلوغ حجم سوق مراكز البيانات في السعودية 1.78 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 3.18 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.13 في المائة خلال المدة المتوقعة.

أثر اقتصادي

لن تقتصر الكعكة الرقمية على كبار الشركات، فرصيفاتها الناشئة لديها ما ينتظرها. ويصف المسؤول السعودي فرصة الشركات الناشئة الرقمية في البلاد بالواعدة، ويرى أنها ستكون «لاعباً مؤثراً»، ويقول: «هذا لم نغفله، ولم يغفله الاقتصاد السعودي خلال السنتين السابقتين؛ فمنذ ثلاث أو أربع سنوات كنا من أصغر الأسواق من ناحية الشركات الناشئة»، وبالنظر إلى أرقام الشركات الرقمية الناشئة في عام 2022 يقول: «تجاوزنا المليار دولار كاستثمارات، وفي 2023 تم تجاوز المليار وثلث المليار، أي 1.38 مليار دولار، وهي استثمارات في شركات تقنيّة ناشئة... لقد أصبحنا نشغل المركز الأول في الشرق الأوسط».

الدكتور أحمد اليماني لدى حضوره منتدى دولي في لندن (تكامل)

يؤمن اليماني بأن الشركات الناشئة التي ستستثمر في البنى التحتية الرقمية: «سترى أثراً اقتصادياً هائلاً... هذه هي البيئة التي نحاول ونطمح لاستحداثها وإيجادها في الشرق الأوسط، وفي السعودية بشكلٍ خاصٍ، وهي الآن وجِدَتْ، وتستطيع رؤيتها بالأرقام».

ويقول سلمان فقيه، وهو مدير «سيسكو» السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن التزام الحكومة (السعودية) بإنشاء اقتصاد رقمي قوي «أدى إلى ضخ استثمارات كبيرة في التكنولوجيا».

ويستدل على تلك الاستثمارات بنشر شبكات الجيل الخامس، وتطوير مدن معرفية ذكية (cognitive city) مثل «نيوم». وباختصار، يرى فقيه أن هذه الجهود تهدف إلى «تعزيز الاتصال وتحسين تقديم الخدمات وجذب الاستثمارات الأجنبية».

أربعة تحديات

من أبرز التحديات التي تواجه القطاع في السعودية، وفقاً لمدير «سيسكو» السعودية، 4 عناصر، وهي «معالجة قضايا الاتصال، والأمن السيبراني، وتكامل الذكاء الاصطناعي، وتحديات العمل الهجين»، ويقول إنها «تظل أمراً بالغ الأهمية لتحقيق الإمكانات الكاملة لهذه السوق الواعدة».

أمام ذلك يرى فقيه أن السوق السعودية تتيح فرصاً سانحة في مجال البنى التحتية الرقمية. «حجر الزاوية في هذا التحول هو (رؤية السعودية 2030) التي تركز على التحول الرقمي بصفته عنصراً رئيسياً لتجديد اقتصاد البلاد والبنية التحتية». وتركز كثيرٌ من المبادرات لتحقيق الرؤية على تعزيز التقدم التكنولوجي والبنى التحتية الرقمية في مختلف القطاعات، كالرعاية الصحية والتعليم والقطاع المالي، وفقاً لفقيه، الذي أضاف أن «نسبة انتشار الإنترنت التي تصل إلى 99 في المائة وفقاً لتقرير الإنترنت السعودي 2023 تعد مدعاة فخر، إذ إنها واحدةٌ من أعلى معدلات استخدام الإنترنت، ليس في المنطقة وحسب، بل على مستوى العالم».

عين محلية

قبل إعلان «رؤية 2030»، كانت عمليات شركة تجارة وتجزئة إلكترونية في السعودية تسجل 5 في المائة من مجمل العمليات. بعد سنوات أعقبت إطلاق الرؤية، والوثبة الاقتصادية التي سجلتها البلاد، باتت الشركة ذاتها تسجل عمليات إلكترونياً بنسبة 85 في المائة.

برز ذلك خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» مع مازن الضراب، مؤسسة شركة «زد» السعودية للتجزئة الإلكترونية.

مازن الضراب (يسار) لدى توقيع شركته مذكرة تفاهم متعددة الأطراف (زد)

يعكس هذا الرقم تصاعداً غير معتاد في المنطقة لا يتوقف عن الاقتصاد الرقمي، بل لمفهومه، واستراتيجياته. يقول الضراب: «بعد انطلاق الرؤية تحوّلت الشركات من التخطيط وملاحقة المناقصات الحكومية إلى ملاحقة مستهدفات الرؤية، التي تخدمها من دون الاقتصار على 6 أشهر أو سنة، بل على توجه البلاد في 2030».

قطاع الأعمال يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الحكومي، والمميز في نشر كل مستهدفات الرؤية ونشر الرؤية نفسها أنها «وضحت المستهدفات والتفاصيل، بحيث تستطيع الشركات أن توائم استراتيجياتها تبعاً لذلك، وتستفيد من الطلب الذي سيجري خلقه في كثير من القطاعات»، كما يضيف الضراب بالقول إن هناك قطاعات تعززت بعد إطلاق الرؤية «وكثير من الشركات نمت استراتيجياً لأنها استطاعت أن تضع استثماراتها قصيرة وطويلة الأمد مبكراً، وبدأت تجني ثمارها الآن».

نصائح «غوغل كلاود» للشركات الناشئة

بعد الحديث عن الشركات الناشئة مع الدكتور اليماني والضراب وفقيه، اتجهت «الشرق الأوسط» نحو عبد الرحمن الذهيبان، المدير العام لـ«غوغل كلاود» في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، فأجاب عبر البريد الإلكتروني بالقول: تتولى «غوغل كلاود» إدارة برنامج صُمم خصيصاً لمعاونة الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة على النهوض والعمل في السحابة.

وزير الاتصالات السعودي عبد الله السواحة مع عبد الرحمن الذهيبان وفريق «غوغل كلاود» خلال فعاليات مؤتمر «ليب» في الرياض خلال مارس 2024 (إكس)

يكمل الذهيبان بالقول: يطلق على ذلك برنامج «Google for Startups»، ويقدم مزيجاً من الاعتمادات الحسابية، والإرشاد، وبرامج الإسراع، علاوة على مزايا أخرى عادة ما يجري «التمهيد» لها عبر سلسلة من الشركات الناشئة من الفئة «أ».

وفيما يلي مجموعة من النصائح للشركات الرقمية الناشئة التي أرسلها مسؤول «غوغل كلاود» لـ«الشرق الأوسط»:

  • ابدأ على نطاق صغير، ثم توسع حسب الحاجة، مثلاً، يمكنك أن تبدأ بالخدمات السحابية التي تلبي احتياجاتك العاجلة بشكل مباشر، واحرص على تعزيز مرونة السحابة لتوسيع نطاق مواردك مع نمو شركتك الناشئة. وتتضمن هذه الجهود ضرورة تجنب الإفراط في الإنفاق على الخدمات غير الضرورية، وتتيح لك التكيف بسرعة مع المتطلبات المتغيرة.
  • عليك الاستفادة من الأدوات المتنوعة لحساب التكلفة المثلى التي يقدمها بعض موفري الخدمات السحابية، مثل خصومات الاستخدام الملتزم، وخصومات الاستخدام المستدام، والأجهزة الافتراضية ذات الحجم المناسب. فكر في استخدام الحالات الوقائية لأحمال العمل التي يمكنها تحمل الانقطاعات.
  • ركز على تطوير منتجك الأساسي عبر تعزيز الاستفادة من الخدمات المُدارة، واستخدام بنى الحوسبة عديمة الخادم. وتسمح لك الحوسبة عديمة الخادم بتشغيل التعليمات البرمجية دون توفير الخوادم أو إدارتها. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توفير كبير في التكاليف وتبسيط العمليات.
  • عليك الاستفادة من البرامج السحابية المخصصة للشركات الناشئة، مثل «Google for Startups»، الذي يوفر خدمات قيمة للشركات الناشئة المؤهلة، بما في ذلك الاعتمادات السحابية والدعم الفني وموارد التدريب.
  • من المهم إعطاء الأولوية لأمن البيانات: يجب أن يكون الأمن أولويةً قصوى منذ البداية.
  • تذكر أن المفتاح يكمن في اختيار الحلول السحابية التي تتوافق على النحو الأمثل مع احتياجات وميزانية شركتك الناشئة، ما يسمح لك بالتركيز على الابتكار والنمو.

مقالات ذات صلة

البرازيلي شاموسكا مدرباً لنيوم في دوري الأولى السعودي

رياضة سعودية شاموسكا يسعى لمواصلة رحلة النجاح مع نيوم (نادي التعاون)

البرازيلي شاموسكا مدرباً لنيوم في دوري الأولى السعودي

أعلن نادي نيوم عن تعاقده مع المدرب البرازيلي شاموسكا لقيادة الفريق الكروي الأول في الموسم الجديد في منافسات الدوري السعودي للدرجة الأولى، وذلك عقب صعوده.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي لـ«نيوم» السعودية نظمي النصر (الشرق الأوسط)

النصر: «نيوم» لديها أكثر من 400 عمل رائد من المملكة المتحدة

كشف الرئيس التنفيذي لـ«نيوم» السعودية نظمي النصر عن وجود العديد من الاستثمارات في المدينة مبيناً أن المملكة المتحدة تمتلك نحو 400 عمل رائد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال افتتاح قمة «مشاريع جيغا السعودية 2024» (الشرق الأوسط)

«ميد غلوبال»: قيمة المشاريع الكبرى في السعودية تقدّر بـ880 مليار دولار

افتتحت اليوم قمة «مشاريع جيغا السعودية 2024» والمصنفة بخمسة هي «نيوم» و«القدية» و«البحر الأحمر» و«روشن» و«الدرعية»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
خلال عملية وصول توربينات محطة طاقة الرياح (موقع الشركة)

رئيس «نيوم للهيدروجين الأخضر»: إنشاء مصنعنا يتقدم بشكل ملحوظ

توقع الغامدي أن تقود المملكة في المستقبل القريب المساعي العالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد جانب من الجلسات الحوارية لقمة مستقبل الضيافة بالرياض ويظهر فهد كاظم متحدثاً للحضور (الشرق الأوسط)

إنجاز الـ100 مليون يجذب العلامات الفندقية العالمية للدخول إلى السوق السعودية

أصبحت السوق السعودية محطة جذب أنظار للعلامات الفندقية العالمية، وذلك بعد تعديل البيئة التشريعية للقطاع السياحي، لتتمكن مؤخراً من استقبال 100 مليون زائر.

بندر مسلم (الرياض)

«الأونكتاد»: الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي انخفض إلى 1.3 تريليون دولار في 2023

الأمينة العامة لـ«الأونكتاد» ريبيكا غرينسبان تتحدث خلال حفل مرور 60 عاماً على تأسيس «الأونكتاد»... (رويترز)
الأمينة العامة لـ«الأونكتاد» ريبيكا غرينسبان تتحدث خلال حفل مرور 60 عاماً على تأسيس «الأونكتاد»... (رويترز)
TT

«الأونكتاد»: الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي انخفض إلى 1.3 تريليون دولار في 2023

الأمينة العامة لـ«الأونكتاد» ريبيكا غرينسبان تتحدث خلال حفل مرور 60 عاماً على تأسيس «الأونكتاد»... (رويترز)
الأمينة العامة لـ«الأونكتاد» ريبيكا غرينسبان تتحدث خلال حفل مرور 60 عاماً على تأسيس «الأونكتاد»... (رويترز)

قال «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)» إن الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي انخفض في عام 2023 بنسبة اثنين في المائة، ليصل إلى 1.3 تريليون دولار.

وكشف «الأونكتاد»، وفقاً لأحدث تقرير له للاستثمار العالمي، عن انخفاض حاد يزيد على 10 في المائة في الاستثمارات الأجنبية العالمية للعام الثاني على التوالي. وأرجع هذا الانخفاض إلى زيادة التوترات التجارية والجيوسياسية في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.

وفي حين أن آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر لا تزال صعبة في عام 2024، فإن التقرير قال إن «النمو المتواضع للعام بأكمله يبدو ممكناً»، مشيراً إلى تخفيف الظروف المالية، والجهود المتضافرة نحو تيسير الاستثمار؛ وهي سمة بارزة للسياسات الوطنية والاتفاقيات الدولية.

بالنسبة إلى البلدان النامية، قال التقرير إن الرقمنة لا توفر حلاً تقنياً فقط؛ بل توفر أيضاً نقطة انطلاق لتنفيذ «الحكومة الرقمية» على نطاق أوسع لمعالجة نقاط الضعف الأساسية في الحوكمة والمؤسسات، التي غالباً ما تعوق الاستثمار.

وقالت الأمينة العامة لـ«الأونكتاد»، ريبيكا غرينسبان، في بيان، إن «الاستثمار لا يتعلق فقط بتدفقات رأس المال. الأمر يتعلق بالإمكانات البشرية، والرعاية البيئية، والسعي الدائم لتحقيق عالم أكثر إنصافاً واستدامة».

وانخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان النامية بنسبة 7 في المائة لتصل إلى 867 مليار دولار العام الماضي، مما يعكس انخفاضاً بنسبة 8 في المائة بآسيا النامية.

وانخفض هذا الرقم بنسبة 3 في المائة بأفريقيا، وبنسبة واحد في المائة بأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

من ناحية أخرى، تأثرت التدفقات إلى البلدان المتقدمة بشدة بالمعاملات المالية للشركات متعددة الجنسية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الجهود المبذولة لتطبيق حد أدنى عالمي للضريبة على أرباح هذه الشركات.