ترقب لبيان «الفيدرالي»: تقرير التضخم يُحدد اتجاهات الفائدة

مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)
مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)
TT

ترقب لبيان «الفيدرالي»: تقرير التضخم يُحدد اتجاهات الفائدة

مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)
مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)

بعد اجتماع مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، قد يوحي بيانهم بأنهم شهدوا تقدماً ملحوظاً على صعيد التضخم هذا العام وهو مقدمة لخفض أسعار الفائدة في نهاية المطاف.

ومع ذلك، يصعب الجزم بذلك لأن المسؤولين أنفسهم قد لا يعرفون على وجه اليقين حتى يبدأ اجتماعهم. ويعود ذلك إلى صدور أحدث تقرير حكومي عن التضخم في الولايات المتحدة صباح الأربعاء، أي قبل أن يبدأ «الفيدرالي» اليوم الثاني من مناقشاته حول السياسة النقدية، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتعد إحدى القضايا الرئيسية جملة أضافها الاحتياطي الفيدرالي إلى بيانه بعد اجتماعه الأخير في أول مايو (أيار)، وجاء فيها: «لم يكن هناك مزيد من التقدم» في إعادة التضخم إلى مستوى هدف المركزي البالغ 2 في المائة.

وكان التضخم قد وصل إلى مستويات مرتفعة بشكل غير مريح في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، مما خفف الآمال في استمرار تراجعه بثبات، كما حدث في النصف الثاني من العام الماضي.

وفي أبريل (نيسان)، استأنف التضخم الاستهلاكي التباطؤ، وإن كان ذلك بشكل طفيف. وإذا أظهر تقرير التضخم لشهر مايو، الذي سيصدر يوم الأربعاء، مزيداً من علامات التحسن، فمن المحتمل أن يحذف الاحتياطي الفيدرالي هذه الجملة من بيانه. وستكون هذه إشارة مشجعة على أن صانعي السياسات قد يخفضون سعر الفائدة الأساسي خلال الأشهر القليلة المقبلة. وسيؤدي خفض أسعار الفائدة في نهاية المطاف إلى انخفاض تكاليف الرهن العقاري وقروض السيارات، وغير ذلك من أشكال الاقتراض الاستهلاكي والتجاري.

ولكن بغض النظر عن حذف الجملة أو تعديلها، يعتقد معظم الاقتصاديين أنه من غير المحتمل خفض أسعار الفائدة قبل سبتمبر (أيلول) على أقرب تقدير. ومن المرجح أن يؤكد رئيس «الفيدرالي» جيروم باول في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء أن صانعي السياسات سيحتاجون إلى رؤية عدة أشهر أخرى من قراءات التضخم المنخفضة قبل أن يفكروا في خفض سعر الفائدة الرئيسي.

وقد يؤدي خفض الفائدة من قبل «الفيدرالي» إلى تحسن طفيف في الاقتصاد، وهو ما سيكون محل ترحيب بحملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، التي تكافح لمواجهة استياء كثير من الناخبين من ارتفاع التضخم خلال السنوات القليلة الماضية. وعلى الرغم من أن التضخم الاستهلاكي قد تباطأ بشكل كبير منذ أن بلغ ذروته عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022، فإنه لا يزال يبلغ 3.4 في المائة في أبريل، وهو أعلى بكثير من هدف «الفيدرالي».

وسيخفض الاحتياطي أسعار الفائدة بوتيرة أسرع إذا توقف النمو واضطرت الشركات إلى تسريح كثير من العمال. لكن يوم الجمعة، أبلغت الحكومة عن نمو قوي في الوظائف في شهر مايو، حيث أضاف أصحاب العمل وظائف في مجموعة من القطاعات. ودفع التقرير متداولي «وول ستريت» إلى خفض توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة من قبل «الفيدرالي» إلى خفض واحد فقط هذا العام، بدلاً من خفضين.

ومن المقرر أن يبقي الاحتياطي يوم الأربعاء على سعر الفائدة الأساسي دون تغيير عند نحو 5.3 في المائة، وهو أعلى مستوى له في 23 عاماً، حيث ظل ثابتاً منذ يوليو (تموز). وسيصدر صانعو السياسات أيضاً توقعات اقتصادية محدثة، التي يُتوقع أن تُظهر أنهم يتصورون خفضاً واحداً أو اثنين لأسعار الفائدة بحلول نهاية العام، انخفاضاً من توقعات بثلاثة تخفيضات في مارس (آذار).

في مؤتمره الصحافي، من المرجح أن يكرر باول أن مسؤولي «الفيدرالي» يحتاجون إلى مزيد من الثقة بأن التضخم يعود إلى 2 في المائة قبل أن يفكروا في خفض أسعار الفائدة، وأن هذا سيستغرق على الأرجح وقتاً إضافياً.

وقال كبير الاقتصاديين السابق في الاحتياطي الفيدرالي، الذي يشغل حالياً منصب كبير الاقتصاديين العالميين في «سيتي»، ناثان شيتس: «ستكون رواية (الفيدرالي) مشابهة جداً لما نسمعه: لقد أحرزنا تقدماً في خفض التضخم، نحن لسنا في عجلة لخفض أسعار الفائدة».

وهناك قضية أخرى قد يتناولها باول، تتمثل فيما إذا كان الاقتصاد قد بدأ يضعف. وتباطأ النمو بشكل حاد في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، إلى معدل سنوي قدره 1.3 في المائة فقط، انخفاضاً من 3.4 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي.

وانخفض عدد الوظائف الشاغرة في أبريل إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، على الرغم من أن الرقم لا يزال مرتفعاً وفقاً للمعايير التاريخية. وقد قلص المستهلكون بالفعل إنفاقهم في أبريل، بعد تعديله لمعدل التضخم، وهي علامة على أن ارتفاع الأسعار، وارتفاع أسعار الفائدة يضغطان على مالية الأميركيين.

وعلى الرغم من أن نمو الوظائف القوي في مايو ساعد في تخفيف بعض هذه المخاوف، فإن معدل البطالة ارتفع للشهر الثاني على التوالي إلى 4 في المائة.

وقد تساعد علامات الضعف المبدئية هذه في توضيح الجدل الدائر بين مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي: ما مدى الضرر الذي تلحقه أسعار الفائدة المرتفعة بالاقتصاد؟ ورفع صناع السياسات تكاليف الاقتراض على مدى العامين الماضيين بهدف إبطاء الإنفاق بما يكفي لترويض التضخم.

ونظراً للنمو القوي الذي شهده العام الماضي والمكاسب الكبيرة في فرص العمل في وقت سابق من هذا العام، فقد أصبح بعض المسؤولين يشككون في أن أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية. ويشير محضر الاجتماع الأخير للاحتياطي الفيدرالي إلى أن بعض المسؤولين أعربوا عن انفتاحهم على رفع أسعار الفائدة بشكل إضافي.

وقال نائب سابق لرئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، وهو زميل رفيع المستوى في مؤسسة «بروكينغز»، دونالد كون إن «الاقتصاد البارد من شأنه أن يعزز روايتهم بأن السياسة (لأسعار الفائدة) مقيدة. وهو ما كان يشك فيه الناس نوعاً ما - بما في ذلك أنا - لفترة من الوقت عندما كان كل شيء يسير بقوة».

وفي الشهر الماضي، قال رئيس فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، إن «هناك (أدلة وفيرة) على أن ارتفاع أسعار الفائدة يقيد الاقتصاد؛ انخفضت مبيعات المنازل، وتباطأ الإنفاق على الأجهزة والأثاث والسلع الأخرى ذات الأسعار المرتفعة».

ويتناقض نهج الاحتياطي الفيدرالي الحذر تجاه خفض الفائدة مع بعض نظرائه في الخارج. ويوم الخميس، أعلن المركزي الأوروبي عن أول خفض لسعر الفائدة في خمس سنوات، مشيراً إلى التقدم الذي أحرزه في إبطاء ارتفاع الأسعار، حيث انخفض التضخم من ذروة 10.6 في المائة إلى 2.6 في المائة في الدول العشرين التي تستخدم عملة اليورو.

وخفض المركزي الكندي أسعار الفائدة أيضاً الأسبوع الماضي. وسيجتمع بنك إنجلترا يوم الخميس، على الرغم من عدم وضوح ما إذا كان سيخفضها. ويعد بنك اليابان هو المركزي الرئيسي الوحيد الذي رفع أسعار الفائدة، وهو ما فعله استجابة لارتفاع الأسعار بعد عقود من الانكماش.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

ارتفاع طفيف في عائدات السندات الحكومية بمنطقة اليورو قبيل بيانات التضخم

شهدت عائدات السندات الحكومية في منطقة اليورو ارتفاعاً طفيفاً يوم الثلاثاء، بعد أن سجلت أدنى مستوياتها في عدة أسابيع في الجلسة السابقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يوقع على قانون الاستثمار في البنية التحتية بالبيت الأبيض 15 نوفمبر 2021 (رويترز)

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

أعلنت الإدارة الأميركية يوم الاثنين أن الشركات تعهدت باستثمار أكثر من تريليون دولار في قطاعات صناعية أميركية، مثل أشباه الموصلات والطاقة النظيفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

قرر «بنك إسرائيل»، يوم الاثنين، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابع على التوالي، حيث استقر التضخم الناجم عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».