طوكيو تقر «رسمياً» بالتدخل لحماية الين وتحذر المضاربين

«بنك اليابان» متيقظ لتأثير العملة على الاقتصاد

مشاة يمرون أمام أحد أكشاك بيع الصحف في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يمرون أمام أحد أكشاك بيع الصحف في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

طوكيو تقر «رسمياً» بالتدخل لحماية الين وتحذر المضاربين

مشاة يمرون أمام أحد أكشاك بيع الصحف في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يمرون أمام أحد أكشاك بيع الصحف في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

قال وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي، الثلاثاء، إن اليابان ستواصل مراقبة سوق الصرف الأجنبي عن كثب، واتخاذ التدابير كافة ضد تحركات العملة غير المنظمة، وذلك بعد أن أقر بأن طوكيو تدخلت مؤخراً لوقف ضعف الين.

وجاءت تصريحات سوزوكي في أعقاب نشر بيانات وزارة المالية التي أظهرت يوم الجمعة أن السلطات أنفقت 9.79 تريليون ين (62.2 مليار دولار) للتدخل في السوق لدعم الين خلال الشهر الماضي.

وقال سوزوكي في مؤتمر صحافي عادي بعد اجتماع مجلس الوزراء: «تم إجراء التدخل لمعالجة التقلبات المفرطة الناجمة عن التحركات المضاربية في سوق العملة»، وأضاف: «نعتقد أن ذلك كان له تأثير معين من هذا المنظور»، وهي المرة الأولى التي يؤكد فيها مسؤولون يابانيون علناً ​​أن طوكيو تدخلت في سوق العملة في أواخر أبريل (نيسان) وأوائل مايو (أيار). وشدّد على أن الحكومة «ستواصل مراقبة التطورات في سوق الصرف الأجنبي عن كثب، واتخاذ التدابير الممكنة».

ورداً على سؤال بشأن فضيحة اختبارات السلامة التي أرغمت «تويوتا موتورز»، و«مازدا» على وقف شحنات بعض المركبات، قال وزير المالية إنه يشعر بالقلق إزاء احتمال خفض إنتاج السيارات بشكل كبير في المستقبل. وأضاف أن «وقف إنتاج السيارات له تأثير كبير للغاية على الاقتصاد الياباني»، مشيراً إلى أن وقف الإنتاج السابق أثر سلباً على نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول. وأضاف: «سنراقب عن كثب مدى اتساع هذا التأثير».

وفي تصريحات منفصلة، قال نائب محافظ بنك اليابان ريوزو هيمينو، إن البنك المركزي يجب أن يكون «في غاية اليقظة» بشأن التأثير الذي قد تخلفه تحركات الين على الاقتصاد، مشيراً إلى أن ضعف العملة سيكون من بين العوامل التي تؤثر على توقيت رفع أسعار الفائدة المقبل. ومع ذلك، قال إنه من غير المناسب أن تستهدف البنوك المركزية أسعار الصرف بشكل مباشر في تحديد السياسة النقدية، حيث تجب مراعاة عوامل أخرى أيضاً.

وقال هيمينو يوم الثلاثاء إن «تقلبات أسعار الصرف تؤثر على النشاط الاقتصادي بطرق مختلفة. كما تؤثر على التضخم بطريقة واسعة النطاق ومستدامة، بما يتجاوز التأثير المباشر على أسعار الواردات».

وفي جلسة نقاشية استضافتها جامعة كولومبيا في طوكيو، أوضح أنه «لهذا السبب من الواضح أننا بحاجة إلى أن نكون يقظين للغاية، وأن نحلل عن كثب تأثير تقلبات أسعار الصرف على الاقتصاد والأسعار وتوقعاتها». وأضاف أنه لا ينبغي لبنك اليابان أن يستجيب تلقائياً لتحركات أسعار الصرف في تحديد أسعار الفائدة، حيث توجد «جوانب أخرى» يجب أخذها في الاعتبار مثل التوقعات الاقتصادية والأسعار.

وأصبح ضعف الين أزمة كبرى لإدارة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، التي شهدت انخفاضاً في معدلات تأييدها، حيث أدى انخفاض العملة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة للأسر من خلال تضخيم سعر استيراد الغذاء والوقود.

واستبعد محافظ بنك اليابان كازو أويدا استخدام السياسة النقدية للتأثير بشكل مباشر على تحركات أسعار الصرف، لكنه أشار إلى فرصة رفع أسعار الفائدة إذا أدى ضعف الين إلى ارتفاع التضخم أكثر من المتوقع.

ويتوقع كثير من اللاعبين في السوق أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة من مستويات قريبة من الصفر الحالية هذا العام، ويتوقع البعض تحركاً جزئياً في وقت مبكر من شهر يوليو (تموز) لإبطاء الانخفاض المستمر للين.

وعندما سُئل عما سيفعله البنك المركزي بميزانيته العمومية الضخمة، قال هيمينو إن بنك اليابان سيتخذ قراراً يركز على كيفية تأثيره على الاقتصاد والأسعار، وهدفه المتمثل في تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال هيمينو: «من المرغوب فيه أن تحدد الأسواق أسعار الفائدة طويلة الأجل. من ناحية أخرى، كان بنك اليابان متورطاً بعمق في سوق السندات حتى وقت قريب جداً ولا يزال وجودنا كبيراً جداً. نحن بحاجة إلى تجنب التسبب في انقطاع أو أي تحركات غير مقصودة في السوق».

وتؤكد هذه التصريحات على عملية الموازنة الصعبة التي يواجهها بنك اليابان في السماح لقوى السوق بدفع أسعار الفائدة طويلة الأجل إلى الارتفاع، مع تجنب ارتفاع مفاجئ في عائدات السندات.

وفي مارس (آذار) الماضي، أنهى بنك اليابان ثماني سنوات من أسعار الفائدة السلبية وسياسة تحديد تكاليف الاقتراض طويلة الأجل حول الصفر والتي يطلق عليها التحكم في منحنى العائد. وكان القرار يهدف جزئياً إلى إعادة الحياة إلى السوق التي أصابها الخمول بسبب الوجود الضخم لبنك اليابان، والسماح لقوى السوق بدفع تحركات العائد. وتركز الأسواق على ما إذا كان بنك اليابان، في اجتماعه المقبل للسياسة النقدية يومي 13 و14 يونيو (حزيران) سيتجه إلى خفض كامل لمشترياته الضخمة من السندات.

وقفز العائد على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات لفترة وجيزة إلى 1.1 في المائة الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ يوليو عام 2011، وسط توقعات متزايدة برفع أسعار الفائدة في الأمد القريب.

وفي أسواق الأسهم، انخفض مؤشر «نيكي» الياباني يوم الثلاثاء مع جني المتعاملين للأرباح بعد صعوده في الأيام القليلة الماضية، في حين تراجعت أسهم شركات صناعة السيارات الكبرى بعد أن اكتشفت وزارة النقل اليابانية مخالفات في طلبات التصديق على نماذج معينة. وتراجع سهم «تويوتا موتورز»، و«هوندا موتورز» 1.26 و2.63 في المائة على التوالي.

وتراجع مؤشر «نيكي» 0.22 في المائة إلى 38837.46 نقطة، بعدما صعد ليلامس 39 ألف نقطة يوم الاثنين. ونزل مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقا 0.39 في المائة إلى 2787.02 نقطة. وتلقت الأسهم اليابانية دعماً محدوداً من «وول ستريت»، بعد أن ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، و«ناسداك» في جلسة متقلبة الليلة السابقة، بينما تراجع مؤشر «داو جونز».

وارتفع مؤشر «نيكي» إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 41087.75 نقطة في 22 مارس، لكنه تراجع الشهر التالي. ولامس المؤشر القياسي مستوى 39 ألف نقطة في مايو، ومرة ​​أخرى يوم الاثنين، لكنه فشل في الحفاظ على هذا النطاق. وصعد مؤشر «نيكي» 16 في المائة خلال العام حتى الآن، ويتوقع المحللون أن يصل إلى 40750 نقطة في نهاية هذا العام.

وفيما يتعلق بالأسهم، أثر تراجع شركات ذات ثقل على المؤشر العام، إذ خسر سهم «فاست ريتيلينغ» المالكة للعلامة التجارية للملابس «يونيكلو» 1.4 في المائة، وهبط سهم مجموعة «سوفت بنك» التي تستثمر في الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي واحداً في المائة.


مقالات ذات صلة

«التنمية الزراعية» السعودي يعتمد قروضاً بـ453 مليون دولار

الاقتصاد خلال اجتماع مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية (واس)

«التنمية الزراعية» السعودي يعتمد قروضاً بـ453 مليون دولار

اعتمد مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية عدداً من القروض التمويلية والتسهيلات الائتمانية بقيمة 1.7 مليار ريال (453 مليون دولار) في عدد من مناطق السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية تمنع تداول الأوراق النقدية التي أصدرها البنك المركزي اليمني (أ.ف.ب)

«المركزي اليمني» يستعد لإجراءات أشد قسوة بحق البنوك المخالفة

البنك المركزي اليمني بصدد الإعداد لقرار أشد قسوة يمكن اتخاذه في أي لحظة ضد البنوك التجارية المخالفة تعليماته وقراراته في مناطق سيطرة الحوثيين.

وضاح الجليل (عدن)
الاقتصاد جانب من ميناء جدة الإسلامي الذي يقع غرب السعودية (موقع الهيئة العامة للموانئ)

إضافة خدمة شحن جديدة بميناء جدة تعزز الربط السعودي - الصيني

أعلنت الهيئة العامة للموانئ السعودية (موانئ) إضافة خدمة الشحن الجديدة «CBS» إلى ميناء جدة الإسلامي (غرب المملكة)، تعمل على تعزيز ربط المملكة بموانئ الصين.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد زحام في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

350 مليار دولار حجم ديون الصين الخارجية غير المسددة حتى مارس الماضي

بلغت الديون الخارجية للصين، حتى نهاية مارس الماضي، نحو 2.51 تريليون يوان (350 مليار دولار)، وفق ما أظهرت أرقام واردة من الهيئة الوطنية للنقد الأجنبي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أميركا اللاتينية الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

أمر القضاء البوليفي بوضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل رهن الحبس الاحتياطي مدة ستة أشهر، كما أعلنت النيابة العامة الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لاباز)

أسعار النفط ترتفع بدعم من زيادة الطلب على وسائل النقل وأجهزة التكييف

مسافرون عالقون في ازدحام مروري قبل عطلة نهاية الأسبوع في شيكاغو بالولايات المتحدة (رويترز)
مسافرون عالقون في ازدحام مروري قبل عطلة نهاية الأسبوع في شيكاغو بالولايات المتحدة (رويترز)
TT

أسعار النفط ترتفع بدعم من زيادة الطلب على وسائل النقل وأجهزة التكييف

مسافرون عالقون في ازدحام مروري قبل عطلة نهاية الأسبوع في شيكاغو بالولايات المتحدة (رويترز)
مسافرون عالقون في ازدحام مروري قبل عطلة نهاية الأسبوع في شيكاغو بالولايات المتحدة (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات جلسة الاثنين، مدعومة بتوقعات عجز في المعروض، ناجم عن ذروة استهلاك الوقود في فصل الصيف، وتخفيضات «أوبك بلس» في الربع الثالث؛ لكن الاتجاهات الاقتصادية المعاكسة وزيادة الإنتاج من خارج مجموعة «أوبك بلس» حدَّت من المكاسب.

وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 33 سنتاً، أو 0.4 في المائة، إلى 85.33 دولار للبرميل، بحلول الساعة 04:39 بتوقيت غرينتش، كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتاً، أو 0.4 في المائة، إلى 81.86 دولار للبرميل.

وارتفع الخامان نحو 6 في المائة، في يونيو (حزيران)؛ حيث وصل سعر برنت عند التسوية إلى أكثر من 85 دولاراً للبرميل في الأسبوعين الماضيين، بعد أن مددت مجموعة «أوبك بلس» التي تضم منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاءها، معظم تخفيضاتها الكبيرة لإنتاج النفط حتى نهاية عام 2025.

وإزاء ذلك، توقع المحللون حدوث عجز في الإمدادات في الربع الثالث؛ حيث يؤدي الطلب على وسائل النقل وأجهزة التكييف خلال الصيف إلى انخفاض مخزونات الوقود.

وفي الولايات المتحدة، ارتفع إنتاج النفط والطلب عليه إلى أعلى مستوى في 4 أشهر، في أبريل (نيسان)، وفقاً لتقرير إمدادات النفط الشهري، الصادر عن إدارة معلومات الطاقة والذي نشر يوم الجمعة.

وقال محللون في «آي إن جي»، في مذكرة، وفق ما نقلت وكالة «رويترز»: «ما زلنا نتمسك بوجهة نظر داعمة تجاه برنت، على الرغم من وجود مخاوف حيال الطلب، مثل الطلب على البنزين في الولايات المتحدة، وطلب من الصين على ما يبدو».

وأظهر مؤشر خاص نمو أنشطة المصانع الصينية الصغيرة بأسرع وتيرة منذ عام 2021، بفضل الطلبيات الخارجية، حتى في الوقت الذي أشار فيه مسح أوسع إلى ضعف الطلب المحلي، وخلافات تجارية أدت إلى انكماش آخر في القطاع الصناعي. والصين ثاني أكبر مستهلك في العالم للنفط الخام، وأكبر مستورد له.

وقال توني سيكامور، المحلل لدى «آي جي»، إن الآمال بخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة والمخاوف الجيوسياسية المتزايدة في أوروبا والشرق الأوسط، ساهمت أيضاً في بقاء الأسعار فوق مستوى معين. وأضاف أن الارتفاع الأخير لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي قد يمتد نحو 85 دولاراً للبرميل، إذا ظلت الأسعار فوق المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند 79.52 دولار.