الصين تنتقد تحقيق السيارات الأوروبي وتدعو لمباحثات تجارية

بكين تقيد تصدير مكونات للطيران والفضاء... وتفتح أبوابها لـ«الأبقار الأسترالية»

سيارات «بي واي دي» الصينية في طريقها للشحن عبر ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)
سيارات «بي واي دي» الصينية في طريقها للشحن عبر ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

الصين تنتقد تحقيق السيارات الأوروبي وتدعو لمباحثات تجارية

سيارات «بي واي دي» الصينية في طريقها للشحن عبر ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)
سيارات «بي واي دي» الصينية في طريقها للشحن عبر ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية الصينية، الخميس، إن بكين حثت المفوضية الأوروبية على وقف التحقيق الذي تجريه بشأن الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية، واصفة التحقيق بأنه «غير منطقي»، ولا يتماشى مع القواعد الدولية.

وبدأت المفوضية، التي تشرف على القواعد التجارية في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، تحقيقاً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشأن ما إذا كان قطاع صناعة السيارات الكهربائية في الصين يتلقى دعماً حكومياً يقتضي فرض رسوم جمركية إضافية.

لكن المفوضية ستؤجل القرار بشأن الرسوم الجمركية إلى ما بعد انتخابات البرلمان الأوروبي المزمعة في التاسع من يونيو (حزيران) المقبل.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن بكين تأمل أن يأخذ الاتحاد الأوروبي في الاعتبار مخاوف جميع القطاعات، ويتعامل بشكل مناسب مع الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية مع بكين من خلال المشاورات.

ومن جهة أخرى، أعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أنها ستفرض قيوداً على صادرات بعض مكونات الطيران والفضاء بدءاً من الأول من يوليو (تموز)، مشيرة إلى ضرورة حماية الأمن القومي للبلاد ومصالحها.

وذكر بيان وقعته إدارة الجمارك الصينية واللجنة العسكرية المركزية أن الراغبين في تصدير سلع تشمل المكونات الهيكلية الفضائية الجوية، وكذلك المعدات والبرمجيات المستخدمة في تصنيع المحركات، من بين أمور أخرى، سيحتاجون إلى التقدم بطلب للحصول على ترخيص تصدير.

وجاء في البيان: «من أجل حماية الأمن والمصالح الوطنية، والوفاء بالالتزامات الدولية مثل عدم الانتشار، وبموافقة مجلس الدولة واللجنة العسكرية المركزية، تقرر تطبيق ضوابط التصدير على العناصر التالية...».

وتضمنت القائمة أيضاً محركات توربينات غازية، وقوالب لتصنيع أجزاء بِدل الفضاء، بالإضافة إلى المعدات والبرمجيات المستخدمة في تصنيعها، والبوليمرات المتقدمة المستخدمة في الملابس المضادة للرصاص.

وقال البيان إن المصدرين سيحتاجون إلى تقديم طلب إلى وزارة التجارة للحصول على ترخيص تصدير، وهو ما سيقرر ما إذا كان العنصر المعني يمكن أن يجد تطبيقاً عسكرياً «مزدوج الاستخدام».

وقدمت بكين قانون مراقبة الصادرات في أواخر عام 2020 وسط حرب تجارية متصاعدة بدأتها الرسوم الجمركية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على 300 مليار دولار من البضائع الصينية في عام 2018.

وفي سياق منفصل، رفعت الصين الحظر المفروض على خمسة من أكبر مصدري لحوم الأبقار في أستراليا «بمفعول فوري»، وفق ما ذكر وزير الزراعة الأسترالي الخميس، ما يزيل إحدى آخر العراقيل في وجه عودة العلاقات التجارية إلى سابق عهدها بين البلدين.

وقال وزير الزراعة الأسترالي موراي وات لهيئة الإذاعة الأسترالية «إيه بي سي» إن «تفاصيل هذا الأمر لا تزال تتكشف، لكننا اكتشفنا الليلة الماضية أن الصين رفعت بمفعول فوري الحظر الذي فرضته على خمسة مصانع لمعالجة لحوم الأبقار الأسترالية».

وبدءاً من عام 2020، حظرت الصين استيراد عدد كبير من السلع الأسترالية، بينما خاض البلدان نزاعاً تجارياً مريراً. ولكن مع تحسن العلاقات في ظل حكومة جديدة في كانبيرا، ألغت بكين الرسوم الجمركية المفروضة على الشعير والنبيذ الأستراليين، وكذلك الحظر على استيراد الأخشاب.

وكانت بكين قد رفعت الحظر عن 3 مسالخ رئيسية أخرى للحوم الحمراء الأسترالية أواخر العام الماضي. ويبقى جراد البحر الصخري الأسترالي أحد آخر المنتجات الخاضعة لحظر تجاري صيني غير رسمي.

وبدأت علاقة أستراليا مع الصين في التدهور عام 2018 عندما استبعدت كانبيرا شركة الاتصالات العملاقة «هواوي» من شبكة الجيل الخامس الخاصة بها لأسباب أمنية، وأصدرت لاحقاً قوانين بشأن التدخل الأجنبي. وعام 2020، دعت أستراليا إلى إجراء تحقيق دولي في منشأ فيروس «كوفيد - 19»، وهو إجراء عدته الصين أن هناك دوافع سياسية خلفه.

ورداً على ذلك، فرضت بكين قيوداً تجارية على عدد كبير من الصادرات الأسترالية.


مقالات ذات صلة

النفط يرتفع بعد إعلان عقوبات أوروبية جديدة على روسيا

الاقتصاد الأدخنة تتصاعد في حقل نفطي في إقليم كردستان العراقي عقب هجمات بطائرات مسيرة (رويترز)

النفط يرتفع بعد إعلان عقوبات أوروبية جديدة على روسيا

سجلت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً، يوم الجمعة، وسط تقييم المستثمرين للعقوبات الجديدة التي اتفق الاتحاد الأوروبي على فرضها على روسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير مفاوضي اليابان بشأن الرسوم الجمركية ريوسي أكازاوا في مؤتمر صحافي عقب لقاء وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في العاصمة طوكيو يوم الجمعة (رويترز)

«نافذة أمل» في اتفاق تجاري بين أميركا واليابان

صرَّح رئيس الوزراء الياباني عقب لقائه وزير الخزانة الأميركي، يوم الجمعة، بأن بلديهما قادران على التوصُّل إلى «اتفاق جيد» بشأن الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد عينات من معادن أرضية نادرة في معرض علمي بموقع «ماونتن باث» في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

الصين تُشدد قبضتها على قطاع المعادن الأرضية النادرة وسط توترات تجارية

أصدرت الصين أولى رخصها لحصص تعدين وصهر المعادن الأرضية النادرة لعام 2025 دون إصدار بيان عام مُعتاد، في مؤشر آخر على تشديد بكين قبضتها على هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال مؤتمر صحافي حول السياسات الداخلية والخارجية في برلين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني: أي اتفاق جمركي محتمل مع واشنطن سيكون «غير متكافئ»

قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، يوم الجمعة، إن أي اتفاق جمركي محتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيكون «غير متكافئ».

«الشرق الأوسط» (برلين - ديربان )
الاقتصاد سيدة تمر أمام أعلام دول مجموعة العشرين في مركز مؤتمرات كيب تاون بجنوب أفريقيا (رويترز)

وزراء مالية «العشرين» متفائلون بالتوافق حول التحديات العالمية

أعرب وزراء مالية دول مجموعة العشرين، الجمعة، عن تفاؤلهم بالتوصل إلى موقف مشترك بشأن التجارة والتحديات العالمية الأخرى

«الشرق الأوسط» (ديربان (جنوب أفريقيا))

زحف المؤسسات الكبرى نحو «البتكوين» يشعل موجة صعود تاريخية

صراف آلي لـ«البتكوين» في محطة وقود بباسادينا - كاليفورنيا (أ.ف.ب)
صراف آلي لـ«البتكوين» في محطة وقود بباسادينا - كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

زحف المؤسسات الكبرى نحو «البتكوين» يشعل موجة صعود تاريخية

صراف آلي لـ«البتكوين» في محطة وقود بباسادينا - كاليفورنيا (أ.ف.ب)
صراف آلي لـ«البتكوين» في محطة وقود بباسادينا - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

أعاد الارتفاع القياسي في سعر «البتكوين» هذا الأسبوع، تسليط الضوء على دور المستثمرين المؤسسيين في دفع الأسعار إلى الأعلى، حيث يرى محللون أن هذا الدور لا يزال في مراحله الأولى. وكانت العملة المشفرة الأكبر في العالم، قد قفزت إلى مستوى قياسي تجاوز 123 ألف دولار في وقت سابق من هذا الأسبوع، مدعومةً بتوقعات بتبنّي سياسات مؤيدة للعملات المشفرة من جانب واشنطن.

ورغم تصاعد الزخم حول الأصول الرقمية، يقول محللون إن هناك متسعاً لنمو الطلب من جانب المستثمرين المؤسسيين، مثل صناديق التقاعد والمستثمرين طويلَي الأجل، الذين بدأوا بإدراج «البتكوين» في محافظهم الاستثمارية، وفق «رويترز».

ويوم الخميس، صوّت مجلس النواب الأميركي لصالح إنشاء إطار تنظيمي لرموز العملات المشفرة المرتبطة بالدولار، المعروفة باسم «العملات المستقرة». ومن المتوقع أن يوقّع الرئيس دونالد ترمب هذا القانون يوم الجمعة. كما أقر المجلس مشروعَي قانون رئيسيين آخرين متعلقين بالعملات المشفرة، وكلاهما سيُحال إلى مجلس الشيوخ الأميركي.

وقال أدريان فريتز، رئيس قسم الأبحاث في شركة «شيرز 21» المتخصصة في استثمارات الأصول الرقمية: «لا نزال في المراحل الأولى عندما يتعلق الأمر بملكية المؤسسات». وأضاف أن المستثمرين الأفراد لا يزالون يهيمنون على أسواق العملات المشفرة.

ووفق تقديرات فريتز، فإن أقل من 5 في المائة من أصول صناديق المؤشرات الفورية لـ«البتكوين» مملوكة لمستثمرين طويلي الأجل مثل صناديق التقاعد والمؤسسات الوقفية، فيما تمتلك صناديق التحوط وشركات إدارة الثروات ما بين 10 في المائة و15 في المائة. ومع ذلك، فإن هذه الأخيرة غالباً ما تشتري الصناديق لصالح عملاء أثرياء من الأفراد، مما يجعل حصة المستثمرين الأفراد مهيمنة في نهاية المطاف.

ووفقاً لتقديرات شركة الأبحاث المالية «فاندا»، هناك علاقة بين ارتفاع مشتريات المستثمرين الأفراد لصناديق المؤشرات والعملات المشفرة من جهة، وارتفاع الأسعار من جهة أخرى. وتُظهر البيانات أن الأفراد اشتروا بكثافة في أواخر 2024، عندما ارتفعت الأسعار بعد فوز دونالد ترمب – الذي تعهّد بأن يكون «رئيس العملات المشفرة» – في الانتخابات الأميركية، وكذلك خلال موجة الارتفاع الأخيرة.

وقد ساعد هذا الطلب مرور سلسلة من مشاريع القوانين التي يتوقع المشرّعون الأميركيون تمريرها هذا الأسبوع، أهمها مشروع قانون يُعرف باسم «قانون جينيوس» الذي يضع إطاراً تنظيمياً للعملات المستقرة، وهي قطاع سريع النمو ضمن سوق العملات المشفرة.

ويُعد إقرار التشريع من قبل مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون يوم الخميس، خطوة نحو إصدار أول قانون فيدرالي أميركي ينظم الأصول الرقمية. كما تعمل بعض البنوك الأميركية الكبرى – بما في ذلك «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب» – على إطلاق عملات مستقرة خاصة بها.

وسيوفر مشروع قانون آخر وضوحاً تنظيمياً من خلال تحديد المفاهيم المتعلقة بالسلع الرقمية، وتوضيح أدوار الجهات التنظيمية في الإشراف على هذه الأصول. وقد يجعل هذا من الأسهل على المؤسسات التي تجنبت القطاع سابقاً الدخول إليه.

وقال سيمون فورستر، الرئيس المشارك العالمي للأصول الرقمية في شركة «تي بي آي كاب» لتشغيل المنصات وتوفير البيانات، إنه يتوقع ارتفاع عدد المؤسسات النشطة في قطاع العملات المشفرة بحلول عام 2026، بما يشمل صناديق التقاعد وغيرها من الجهات التي تعتمد على استراتيجيات «الشراء والاحتفاظ».

وأضاف فريتز: «بطبيعتهم، سيكون هؤلاء أبطأ من يدخل السوق».

شراء «البتكوين» عبر الخزائن المؤسسية

ويقول محللون إن البيانات – رغم محدوديتها بسبب غموض السوق – تشير إلى دور متنامٍ للشركات المدرجة التي تحتفظ بـ«البتكوين» في ميزانياتها العمومية كأصل خزينة، بدلاً من النقد أو الذهب أو سندات الخزانة قصيرة الأجل. وتشمل هذه الشركات «ستراتيجي» و«غايم ستوب»، اللتين كانتا تركزان سابقاً على البرمجيات وتجارة ألعاب الفيديو على التوالي، لكنهما باتتا تُركّزان على تملّك «البتكوين» وتحقيق أرباح منه.

وقد ارتفعت أسهم شركة «ستراتيجي» بشكل كبير خلال العام الماضي، متجاوزة ارتفاع «البتكوين» نفسه، إذ يرى كثير من المستثمرين في سهم الشركة وسيلة للتعرّض للعملات المشفرة دون الخروج من الأسواق المالية التقليدية.

وقال خوان ليون، المحلل في شركة «بيتوايز لإدارة الأصول»، إن قدرة هذه الشركات على شراء «البتكوين» تجعلها مصدراً أكبر للطلب في الفترة الأخيرة مقارنة بصناديق التقاعد والتحوّط والمؤسسات الوقفية. ولم ترد «ستراتيجي» أو «غايم ستوب» على طلبات للتعليق.

ومنذ يوليو (تموز) الماضي، زادت الشركات المدرجة حول العالم من حيازاتها لـ«البتكوين» بنسبة 120 في المائة، وباتت تمتلك الآن أكثر من 859 ألف وحدة، أي نحو 4 في المائة من إجمالي المعروض من البتكوين البالغ 21 مليون وحدة، وفقاً لسيمون بيترز، المحلل في منصة «إيتورو» للاستثمار.

وتقوم هذه الشركات أيضاً ببيع الأسهم العادية والممتازة والأوراق القابلة للتحويل لجمع التمويل اللازم لشراء مزيد من البتكوين، سعياً لمحاكاة المكاسب الكبيرة التي حققتها «ستراتيجي» في أسهمها.

وقالت سوزانا ستريتر، رئيسة قسم الأسواق والمال في شركة «هارغريفز لانسداون»، إن التشريعات الأميركية الجديدة قد تمهد الطريق أمام مزيد من الشركات المدرجة لتخصيص جزء من احتياطياتها النقدية للاستثمار في العملات المشفرة. إلا أن محللين حذّروا من أن هبوط سعر «البتكوين» دون مستوى 90 ألف دولار، قد يُدخل نصف هذه الشركات في منطقة خسائر.

كما ارتفع الطلب على صناديق المؤشرات المرتبطة بالعملات المشفرة خلال الأشهر الأخيرة، إذ سجّلت التدفقات الصافية العالمية نحو هذه الصناديق 4 مليارات دولار الأسبوع الماضي - وهو أعلى مستوى منذ بداية العام -بحسب بيانات من شركة «بيتوايز».

ومن بين أبرز المؤسسات التي كشفت عن استثماراتها في صناديق العملات المشفرة خلال الأشهر الـ18 الماضية: مجلس استثمار ولاية ويسكونسن، وصندوق الثروة السيادية في أبوظبي «مبادلة»، وصندوق التحوط «ميلينيوم مانجمنت»، بحسب إفصاحات تنظيمية.

وحتى الآن هذا العام، ارتفعت قيمة «البتكوين» بنحو 25 في المائة، مقارنة بارتفاع بنسبة 6.5 في المائة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، وارتفعت قيمة الإيثريوم بنسبة 2 في المائة، في حين قفزت قيمة «إكس آر بي» بنحو 40 في المائة. وتبلغ القيمة السوقية لقطاع العملات المشفرة حالياً 3.8 تريليون دولار، بزيادة بنحو 66 في المائة منذ الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لبيانات «كوين ماركت كاب».