الولايات المتحدة تعتمد تسوية أقصر ليوم التداول

تحسينات مرتقبة مع مخاطر مؤقتة لنظام «تي+1»

العَلم الأميركي يظهر على مبنى في «وول ستريت» بالحي المالي في نيويورك (رويترز)
العَلم الأميركي يظهر على مبنى في «وول ستريت» بالحي المالي في نيويورك (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعتمد تسوية أقصر ليوم التداول

العَلم الأميركي يظهر على مبنى في «وول ستريت» بالحي المالي في نيويورك (رويترز)
العَلم الأميركي يظهر على مبنى في «وول ستريت» بالحي المالي في نيويورك (رويترز)

تتجه الولايات المتحدة إلى اعتماد نظام تسوية أقصر ليوم التداول، وذلك في خطوة هادفة من قِبل المنظمين إلى تعزيز كفاءة أكبر سوق مالية في العالم وتقليل المخاطر. ومع ذلك، فإن هذا التغيير قد يؤدي مؤقتاً إلى زيادة في فشل المعاملات للمستثمرين، وذلك بسبب الوقت المُقلص المتاح لإتمام عمليات التسوية.

والتزاماً بتغيير قاعدة اعتمدها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في فبراير (شباط) الماضي، يجب على المستثمرين في الأسهم الأميركية وسندات الشركات والبلديات والأوراق المالية الأخرى تسوية معاملاتهم في يوم عمل واحد بعد التداول، بدلاً من يومين، بدءاً من الثلاثاء، وفق «رويترز».

وسارعت كندا والمكسيك والأرجنتين بتسريع معاملاتها السوقية يوم الاثنين، وانتقلت إلى يوم واحد في الثلاثاء، مع الإبلاغ عن انتقال سلس في كندا. ومن المتوقع أن تحذو المملكة المتحدة حذوها في عام 2027، كما تدرس أوروبا هذا التغيير.

وسعت الجهات الرقابية إلى اعتماد المعيار الجديد، المعروف باسم «تي + 1» بعد هوس التداول في عام 2021 حول أسهم «الميم» لشركة «GameStop»، الذي أبرز الحاجة إلى تقليل مخاطر الطرف الآخر وتحسين كفاءة رأس المال وسيولة المعاملات الأمنية.

يذكر أن أسهم «الميم» هي أسهم الشركات التي اكتسبت شعبيةً بسبب المجتمعات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

وقال رئيس الهيئة، غاري غينسلر، في بيان: «سيساعد تقليل دورة التسوية الأسواق؛ لأن الوقت هو المال والوقت هو المخاطر»، مضيفاً أنه سيجعل البنية التحتية للسوق أكثر متانةً.

مع ذلك، فإن هذا الأمر تترافق معه مخاطر، لأن الشركات لديها وقت أقل لتجميع الدولارات لشراء الأسهم، أو سحب الأسهم على سبيل الإعارة، أو إصلاح أخطاء المعاملات، مما قد يزيد من خطر فشل التسوية ورفع تكاليف المعاملات.

وتفشل الصفقات عندما لا يفي المشتري أو البائع بالتزاماته التجارية بحلول تاريخ التسوية؛ مما قد يؤدي إلى خسائر ورسوم جزائية والإضرار بالسمعة.

وقال آر جيه رونديني، مدير عمليات الأوراق المالية في «معهد شركات الاستثمار»: «نأمل أن نبدأ في تلمس الفائدة من وراء ذلك، وهي تقليل المخاطر، أو تقليل الهامش أو الضمانات، ونأمل أن يحدث هذا دون تأثير جدي على معدلات التسوية».

و«عملية التسوية» هي نقل الأوراق المالية أو الأموال من طرف إلى آخر بعد الاتفاق على الصفقة. وتتم بعد المقاصة وتشرف عليها مؤسسة الإيداع والمقاصة.

وستحذو الولايات المتحدة حذو الهند والصين، حيث تم بالفعل تطبيق تسوية أسرع.

اتصالات نهاية الأسبوع

عمل المشاركون في السوق، مثل المصارف ومديري الأصول والمنظمين، خلال عطلة نهاية الأسبوع لضمان انتقال سلس، وفقاً لما ذكرته جمعية «صناعة الأوراق المالية وسوق المال» (سيفما) الأسبوع الماضي. وتم إنشاء مركز قيادة افتراضي يضم أكثر من 1000 مشارك سينضمون إلى مكالمات لمناقشة عملية الانتقال.

وقال المدير العام في «سيفما»، توم برايس، في بيان: «إن القطاع عمل خلال عطلة نهاية الأسبوع ليستعد لافتتاح الأسواق الأميركية يوم الثلاثاء».

ويوم الأربعاء، ستواجه السوق اختباراً كبيراً، حيث ستتم تسوية الصفقات التي تم تنفيذها يوم الجمعة، عندما كان نظام «ت+2» (يومان) لا يزال قيد التنفيذ، وكذلك يوم الثلاثاء، اليوم الأول من نظام «ت+1» (يوم واحد)؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع متوقع في حجم التداول.

ومن المتوقع في البداية حدوث المزيد من الإخفاقات التجارية، على الرغم من قيام شركة مؤسسة الإيداع والمقاصة والمشاركين في السوق بإجراء سلسلة من الاختبارات لأشهر عدة. ولوحظ ارتفاع في الفشل في عام 2017، عندما نقلت الولايات المتحدة فترة التسوية إلى يومين بدلاً من ثلاثة أيام.

وقال رونديني: «من الطبيعي تماماً أن نشهد نوعاً من التغيير الطفيف في معدلات التسوية... ولكننا نتوقع أن تعود معدلات التسوية إلى طبيعتها بسرعة».

وتترتب على ذلك تكلفة، حيث يمكن أن تؤدي حالات الفشل إلى فرض «عشرات الملايين من الدولارات يومياً كغرامات تأخير»، وفقاً لبنك «نيويورك ميلون».

وفي المتوسط، يتوقع المشاركون في السوق أن يرتفع معدل الفشل إلى 4.1 في المائة بعد تطبيق نظام «ت+1»، مقابل 2.9 في المائة حالياً، وفقاً لمسح أجرته شركة أبحاث السوق «فاليو إكسجينج».

وتتوقع «سيفما» أن تكون الزيادة في معدل الفشل ضئيلة، وقالت لجنة الأوراق المالية والبورصات إنه قد يكون هناك ارتفاع على المدى القصير.

وقال رئيس قسم المقاصة وخدمات الأوراق المالية في مؤسسة الإيداع والمقاصة إن أكثر من 90 في المائة من القطاع يشارك في العملية منذ بدء الاختبار في أغسطس (آب) 2023، ولا يزال هناك «مستوى عميق من الذاكرة العضلية» من تحول القطاع إلى نظام «ت+2» في عام 2017، كما قال.

المخاطر والعوائد

تقول الهيئات التجارية إن التحول سيخفف من المخاطر النظامية؛ لأنه يقلل من تعرض الأطراف المقابلة، ويحسن السيولة، ويقلل من متطلبات الهامش والضمانات.

ومع ذلك، يخشى بعض المشاركين في السوق من أن يؤدي التغيير إلى نقل المخاطر إلى أجزاء أخرى من أسواق رأس المال، مثل سوق الصرف المرتبطة بالصفقات لتمويل المعاملات وإقراض الأوراق المالية.

وعلى المستثمرين الأجانب الذين يحتفظون بنحو 27 تريليون دولار في الأسهم والسندات الأميركية شراء الدولار لتداول هذه الأصول. وكان لديهم سابقاً يوم كامل للحصول على العملة.

وقال رئيس تداول العملات الأجنبية وإدارة المحافظ في شركة «راسل» للاستثمارات، ناتسومي ماتسوبا، إن الشركة كانت تستخدم الصفقات الصغيرة قبل أسابيع من التنفيذ لاختبار سيولة السوق بعد ساعات خلال الأوقات التي يُعرف عنها بأنها قليلة، لمعرفة عدد من المصارف المقابلة التي تمدد ساعات تداول عطلة نهاية الأسبوع.

وقد يضطر المشاركون في السوق إلى الاعتماد على أسواق التمويل ليوم واحد لسد فجوات السيولة الناجمة عن اختلافات في توقيتات تسوية الأصول، التي قد تكون مكلفة نظراً لأن أسعار التمويل قصير الأجل تتجاوز 5 في المائة.

وتتطلب هذه الخطوة أيضاً الصناديق المتداولة في البورصة للتوفيق بين المتطلبات القضائية المتعددة واحتياجات رأس المال.

وقال جيرارد والش، الذي يقود مجموعة حلول عملاء أسواق رأس المال العالمية التابعة لشركة «نورثن ترست»، إن المديرين في حاجة إلى أن يكونوا على دراية بالمجموعة المحتملة من الحلول المتاحة.

وأضاف: «لا أعتقد أن أياً من ذلك سيتجسد في الأسبوع الأول».


مقالات ذات صلة

«أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية لبناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية 

الاقتصاد منتجات تابعة لـ«أسمنت الجوف» (حساب الشركة على «إكس»)

«أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية لبناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية 

وقّعت شركتا «أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية اتفاقية بناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في مدينة طريف (شمال المملكة)، وتشغيلها لمدة 25 سنة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (موقع الشركة)

«السعودية للكهرباء» توقع اتفاقيات شراء طاقة بـ4 مليارات دولار

وقّعت «الشركة السعودية للكهرباء» اتفاقيات شراء طاقة مع «الشركة السعودية لشراء الطاقة» (المشتري الرئيس)، بإجمالي 15 مليار ريال (4 مليارات دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي» في مؤتمر «ليب 24» الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)

«السيادي» السعودي يجمع مليار دولار من بيع حصة 2 % في «إس تي سي»

جمع «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي 3.86 مليار ريال (1.03 مليار دولار) من بيع 2 في المائة من أسهم شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي».

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد عقب تنفيذ الصفقة ستبلغ حصة «السيادي السعودي» في «إس تي سي» 62 % (موقع الشركة)

الصندوق السيادي السعودي يبيع 2 % من «إس تي سي» مقابل مليار دولار

جمع صندوق الاستثمارات العامة السعودي 3.86 مليار ريال (1.03 مليار دولار) من بيع 2 في المائة من أسهم شركة الاتصالات السعودية (إس تي سي).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة القطرية الدوحة (رويترز)

محمد السويدي رئيساً تنفيذياً لجهاز قطر للاستثمار

أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يوم الثلاثاء، قراراً بتعيين محمد السويدي رئيساً تنفيذياً جديداً لجهاز قطر للاستثمار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».