صدمة في الأسواق: «المركزي» النيوزيلندي يُؤجل خفض الفائدة حتى 2025

حارس أمن يقف خارج المدخل الرئيسي لمصرف الاحتياطي النيوزيلندي الواقع في وسط ويلينغتون نيوزيلندا (رويترز)
حارس أمن يقف خارج المدخل الرئيسي لمصرف الاحتياطي النيوزيلندي الواقع في وسط ويلينغتون نيوزيلندا (رويترز)
TT

صدمة في الأسواق: «المركزي» النيوزيلندي يُؤجل خفض الفائدة حتى 2025

حارس أمن يقف خارج المدخل الرئيسي لمصرف الاحتياطي النيوزيلندي الواقع في وسط ويلينغتون نيوزيلندا (رويترز)
حارس أمن يقف خارج المدخل الرئيسي لمصرف الاحتياطي النيوزيلندي الواقع في وسط ويلينغتون نيوزيلندا (رويترز)

أبقى المصرف المركزي النيوزيلندي سعر الفائدة النقدية ثابتاً يوم الأربعاء كما كان متوقعاً، ولكنه أثار استياء الأسواق من خلال التحذير من أن خفض أسعار الفائدة غير محتمل حتى عام 2025 حيث يواجه التضخم المحلي المستمر.

وتوقع جميع خبراء الاقتصاد الثلاثين في استطلاع أجرته «رويترز» أن يترك الاحتياطي النيوزيلندي سعر الفائدة النقدية عند أعلى مستوى في 15 عاماً وهو 5.5 في المائة للشهر السابع على التوالي، لكن البعض اعتقد أنه سيخفف من لهجته الصارمة، وفق «رويترز».

وبدلاً من ذلك، قال المحافظ أدريان أور إن المصرف «فكر ملياً» في رفع أسعار الفائدة في الاجتماع، قبل أن يقرر أن إبقاء السياسة التقييدية لفترة أطول سيكون كافياً لإعادة التضخم إلى مستهدفه البالغ 1 في المائة إلى 3 في المائة.

وفاجأ مؤشر أسعار المستهلكين بالارتفاع حيث بلغ 4 في المائة الربع الأول، بينما بلغ التضخم المحلي 5.8 في المائة.

وقال أور للصحافيين بعد قرار السياسة: «لدينا مجال محدود لارتفاع مفاجئ للتضخم».

وأضاف في إشارة إلى مستهدف التضخم: «نحن على ثقة من أننا سنصل إلى هناك لأننا نعلم أن سياساتنا تقييدية. نحن لا نريد أن نتأخر في الوصول إلى هدفنا».

ونتيجة لذلك، فإن المسار الجديد المتوقع للمركزي النيوزيلندي للأسعار لا يفتح الباب أمام تخفيف السياسة النقدية حتى الربع الثالث من عام 2025، أي بعد ثلاثة أشهر من توقعاته السابقة.

وأدى هذا التحول إلى ارتفاع الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.9 في المائة إلى أعلى مستوى له في شهرين عند 0.6152 دولار، كما وصل إلى ذروة 17 عاماً مقابل الين الياباني. وارتفعت أسعار الفائدة على مقايضة السنتين بمقدار 8 نقاط أساس إلى 4.970 في المائة حيث قام المستثمرون بتمديد احتمالات خفض أسعار الفائدة المبكرة.

وتشير العقود الآجلة الآن إلى احتمال خفض أسعار الفائدة بنسبة 26 في المائة بحلول أغسطس (آب)، انخفاضاً من 44 في المائة قبل الإعلان، بينما انخفض احتمال التحرك في أكتوبر (تشرين الأول) إلى 52 في المائة من 76 في المائة.

وقال كبير الاقتصاديين في بنك «إيه إس بي» نيك تافلي إن البيان كان أكثر صرامة من التوقعات وإن هناك قلقاً أكبر بكثير بشأن قوة التضخم في قطاع الخدمات، بالإضافة إلى الإقرار بأن بعض جوانب التضخم ليست حساسة للغاية لأسعار الفائدة.

وقال: «لقد احتفظنا برأينا بأن الاحتياطي النيوزيلندي سيبدأ في خفض سعر الفائدة الرسمي ابتداءً من فبراير (شباط) 2025، لكن المخاطر تكمن في تأجيل ذلك».

وقال الاحتياطي النيوزيلندي إنه في حين أن ضعف ضغوط الطاقة وتخفيف سوق العمل قد أديا إلى خفض التضخم المحلي، إلا أن هذا الانخفاض قد خفف من حدته قطاعات من الاقتصاد أقل حساسية لأسعار الفائدة.

وجاء في بيان للمصرف: «إن الانخفاض البطيء في التضخم المحلي يشكل خطراً على توقعات التضخم».

وكان الاحتياطي النيوزيلندي رائداً في سحب التحفيز المقدم خلال جائحة كورونا من بين نظرائه، قد كافح للحد من التضخم، حيث رفع أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس منذ أكتوبر 2021 في أكثر تشديد عدواني منذ طرح سعر الفائدة الرسمي في عام 1999.

وأدت زيادات أسعار الفائدة إلى إبطاء الاقتصاد بشكل كبير، حيث أظهرت البيانات الأخيرة أنه يسير بوتيرة أدنى من توقعات المركزي السابقة. ودخلت البلاد في ركود فني بعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة في الربع الرابع.

وعلى الصعيد العالمي، تواجه المصارف المركزية الأخرى أيضاً صعوبات في محاولاتها الأخيرة لإعادة التضخم إلى المستهدف، مما يعقد توقعات التخفيضات النهائية لأسعار الفائدة.

وستقدم الحكومة النيوزيلندية بيان موازنتها السنوية الأسبوع المقبل، وهي تتعرض لضغوط شديدة للحد من الإنفاق في مكافحة التضخم.


مقالات ذات صلة

ارتفاع التضخم في الكويت 2.36 % في نوفمبر

الاقتصاد متسوقون في «سوبر ماركت» بالعاصمة الكويتية (إعلام محلي)

ارتفاع التضخم في الكويت 2.36 % في نوفمبر

أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت اليوم (الأحد) أن التضخم السنوي في البلاد ارتفع 2.36 % في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

البنوك المركزية العالمية تتخذ قرارات متباينة في ختام 2024

مع اقتراب ختام عام 2024، شهدت السياسات النقدية في كثير من الاقتصادات الكبرى تحولات مهمة؛ حيث تبنَّت البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم استراتيجيات متباينة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد خط أنابيب الغاز الروسي المتجه إلى تركيا (إعلام تركي)

تركيا تحصل على إعفاء أميركي من العقوبات على مدفوعات الغاز لروسيا

أعفت الولايات المتحدة تركيا من العقوبات التي تفرضها على بنك «غازبروم» فيما يخص مدفوعاتها عن واردات الغاز الطبيعي من روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».