المنتدى الاقتصادي العالمي: تصاعد الصراع بالشرق الأوسط يهدد تعافي السياحة

السعودية تسجل أكبر قفزة إقليمية بالقطاع منذ 2019... والإمارات بالمركز 18 عالمياً

الترام المعدل كما يبدو من نافذة أحد المقاهي في شارع تقسيم السياحي بمدينة إسطنبول التركية (أ.ف.ب)
الترام المعدل كما يبدو من نافذة أحد المقاهي في شارع تقسيم السياحي بمدينة إسطنبول التركية (أ.ف.ب)
TT

المنتدى الاقتصادي العالمي: تصاعد الصراع بالشرق الأوسط يهدد تعافي السياحة

الترام المعدل كما يبدو من نافذة أحد المقاهي في شارع تقسيم السياحي بمدينة إسطنبول التركية (أ.ف.ب)
الترام المعدل كما يبدو من نافذة أحد المقاهي في شارع تقسيم السياحي بمدينة إسطنبول التركية (أ.ف.ب)

نبّه المنتدى الاقتصادي العالمي من أن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط يمثل خطراً خارجياً رئيسياً لتطوير السياحة مستقبلاً. ولفت إلى أن السعودية سجلت أكبر تحسن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مؤشر تطوير السياحة والسفر العالمي منذ عام 2019، لتصعد تسعة مراكز في الترتيب الدولي، في حين جاءت الإمارات في المركز الثامن عشر عالمياً والمركز الأول بين دول المنطقة.

وفيما يخص الوضع العالمي، أفاد التقرير الخاص بمؤشر تطوير السياحة والسفر لعام 2024، بأنه من المتوقع أن يصل عدد السياح الدوليين ومساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى مستويات ما قبل وباء «كوفيد - 19» بحلول نهاية عام 2024، إلا أن الانتعاش سيختلف حسب المنطقة والقطاع.

وفي الوقت نفسه، بينما يتجاوز القطاع صدمة «كوفيد - 19»، فإنه يواصل التعامل مع التحديات الخارجية الأخرى، بدءاً من المخاطر الاقتصادية الكلية والجيوسياسية والبيئية المتزايدة إلى زيادة التدقيق في استدامته وتطبيق التقنيات الرقمية الجديدة، مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.

وشدد التقرير على أنه «بالنظر إلى أن قطاع السفر والسياحة يمثل تاريخياً عُشر الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفرص العمل، فإنه يجب على صناع القرار في هذا القطاع وخارجه أن يدركوا الحاجة إلى مناهج استراتيجية وشاملة إذا أرادوا التعامل بشكل صحيح مع الظروف المتزايدة التعقيد، وإطلاق العنان لإمكانات القطاع العظيمة لتوفير الرخاء للبشرية».

وفي حين أن 71 اقتصاداً من أصل 119 اقتصاداً مصنفاً على المؤشر زادت درجاتها بين نسختي 2019 و2024، فإن متوسط درجة المؤشر لم يرتفع إلا بنسبة 0.7 في المائة فقط من مستويات ما قبل الوباء.

ويسلط التقرير الضوء على انتعاش الطلب العالمي على النقل الجوي الذي تزامن مع ارتفاع قدرة الطرق الجوية العالمية والاتصال، وتحسين الانفتاح الدولي، وزيادة الطلب والاستثمار في الموارد الطبيعية والثقافية المولدة للسياحة. ومع ذلك، ورغم هذا النمو، لا يزال الطلب غير الترفيهي أقل من الطلب على الترفيه، ولا يزال النقص في العمالة مستمراً. كما أن عوامل مثل قدرة الطرق الجوية والاتصال، واستثمار رأس المال في مجال النقل والسياحة، والإنتاجية وعوامل العرض الأخرى في القطاع لم تواكب الطلب. وأدى اختلال التوازن بين العرض والطلب، إلى جانب الضغوط التضخمية الواسعة النطاق، إلى انخفاض القدرة التنافسية للأسعار وانقطاع الخدمات.

وبشكل عام، لا تزال مناطق أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ والاقتصادات ذات الدخل المرتفع على وجه الخصوص تتمتع بأفضل الظروف لتطوير القطاع.

وفيما يخص الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط، أشار التقرير إلى أن قطاع السياحة والسفر في الاقتصادات مرتفعة الدخل بالمنطقة، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، يستفيد من عدة عوامل من بينها جودة البنية التحتية الخاصة بالسياحة والنقل، بما في ذلك مراكز الطيران وشركات النقل الجوي الرائدة، ووجود شركات كبيرة ومراكز أعمال مهمة تقود أنشطة السفر، وبيئة الأعمال المواتية، وارتفاع مستويات الأمن والسلامة الشخصية.

على الجانب الآخر، قال التقرير إن الدول ذات الدخل المتوسط بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عادة ما تكون أكثر تنافسية من حيث الأسعار، وخاصة في ضوء أن دولاً مثل مصر وإيران والمغرب لديها موارد ثقافية من بين الأكثر جاذبية بالمنطقة.

في الوقت ذاته، أشار إلى أن أنشطة السفر والسياحة في الاقتصادات النامية بالمنطقة غالباً ما تواجه تحديات، تتنوع بين انخفاض جاذبية بيئة الأعمال ومخاوف الأمن والسلامة، وفجوات فيما يتعلق بالبنية التحتية اللازمة للنقل والسياحة.

وأضاف أن الكثير من بلدان المنطقة طبقت سياسات واستثمرت موارد كبيرة لتطوير قطاع السياحة والسفر، في مسعى غالباً لتنويع اقتصادها وتقليل اعتماده على صناعة النفط والغاز، موضحاً أن هذه الجهود تنعكس جزئياً في الزيادات الكبيرة في مخصصات الإنفاق على القطاع بالميزانيات الحكومية، وتسهيل شروط الحصول على تأشيرات الدخول، وتحسين عمليات إنشاء المقاصد الثقافية والترويج لها، وتسجيل أعلى متوسط إقليمي على المؤشر في حصة كل موظف من الإنفاق الرأسمالي على القطاع.

وقال التقرير إن قدرة دول المنطقة على تحقيق الازدهار والتنويع الاقتصادي من خلال أنشطة السياحة والسفر لا تتوقف على الاستثمار في جوانب مثل البنية التحتية والمقاصد الجاذبة فحسب، وإنما تعتمد أيضاً على تقليل تركز الأنشطة السياحية في المقاصد الأكثر جذباً للزوار وإيجاد قوة عاملة تنافسية.

وأوضح أن أموراً مثل انخفاض مشاركة المرأة في القوة العاملة، وما ينتج عنه من فجوة كبيرة بين الجنسين في الوظائف بالقطاع وحقوق العمال الأدنى من المتوسط وأنظمة الحماية الاجتماعية، تحد في الوقت الحالي من الوصول إلى رأس المال البشري وتقلل مرونة القوة العاملة وتقلل قدرة القطاع على توفير مزايا اجتماعية.

وأشار التقرير إلى أن قطاع السياحة والسفر بالمنطقة سيستفيد أيضاً من خفض قيود السفر والتجارة وضخ استثمارات كبيرة في الاستدامة البيئية لدعم أي تحسن مستقبلي في الموارد الطبيعية. لكنه أضاف أن تصاعد الصراع الإقليمي في الآونة الأخيرة، وما ترتب عليه من زيادة مخاوف الأمن والسلامة، يمثل خطراً خارجياً رئيسياً لتطوير السياحة مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

10 نصائح لقضاء وقت سعيد خلال السفر

يوميات الشرق أسرة خلال رحلة (رويترز)

10 نصائح لقضاء وقت سعيد خلال السفر

تُعد الإجازة وسيلة رائعة للهروب من مسؤولياتنا اليومية، ولكن من المهم أن نلتزم بالضوابط عند زيارة وجهات جديدة واستكشاف ثقافات مختلفة

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
سفر وسياحة اختلاف الاهتمامات والأنشطة والحركة يعكر صفو الرحلة بين الأصدقاء (رويترز)

3 علامات تحذرك من السفر مع صديقك

هناك علامات تشير إلى أنه لا ينبغي لك ولصديقك السفر معاً حتى لا تعكر صفو علاقتكما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة الغابة السوداء مليئة بالنشاطات الرياضية في الهواء الطلق (شاترستوك)

كيف تمضي عطلة صديقة للمناخ والبيئة في ألمانيا؟

السياحة المستدامة أو السياحة التي تعنى بالمحافظة على البيئة أصبحت من بين أولويات ما يتطلع إليه العديد من السياح من جميع الجنسيات، مما دفع بالفنادق

جوسلين إيليا (لندن )
علوم «قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

بمرور السنوات، تحولت الممرات المائية في المناطق الحضرية، مثل الأنهار والقنوات من ممرات أساسية للسفر والتجارة، إلى مجرد عناصر ثانوية داخل هذه المناطق.

نيت بيرغ (واشنطن)
يوميات الشرق سانتوريني تُعد واحدة من الوجهات الشهيرة للعطلات التي تواجه اكتظاظاً هذا الصيف (رويترز)

«مثلما فعلت البندقية»... اليونان تكشف عن خطط لمكافحة «السياحة المفرطة»

كشف عمدة إحدى الجزر الأكثر زيارة في اليونان عن خطط للقضاء على السياحة المفرطة؛ حيث يتجاوز عدد السياح أعداد السكان يومياً خلال موسم الذروة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
TT

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، جولة اقتصادية بشرق آسيا، تشمل الصين وسنغافورة، حيث سيلتقي مسؤولي الشركات العالمية الرائدة في صناعة السيارات والأتمتة والحلول التكنولوجية، إضافة إلى القطاعات الاستراتيجية الأخرى.

وسيبحث وفد منظومة الصناعة والتعدين، خلال جولته التي تستمر من 1 إلى 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن فرص استثمارية متبادلة في القطاع الصناعي، تماشياً مع أهداف «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد وتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة على مستوى العالم.

ويشارك الوفد في اجتماعات استراتيجية مع كبار المسؤولين الحكوميين من مختلف الوزارات في الصين وسنغافورة.

وستشمل الاجتماعات الرئيسية في غوانغزو الصينية لقاءات مع مسؤولي «جاك غروب» لصناعة السيارات، وشركة «جنرال ليثيوم» لتصنيع بطاريات السيارات، إلى جانب اجتماع مع شركة «هواوي» الصينية؛ عملاق الاتصالات والحلول الذكية في العالم.

ويشمل جدول الوفد في سنغافورة، زيارة ميناء «تواس»، الذي يعدّ أكبر ميناء آلي في العالم.

أكبر شريك تجاري

ترتبط المملكة بعلاقات استراتيجية متينة بالصين تمتد لأكثر من 80 عاماً، وقد شهدت نمواً متسارعاً خلال العقد الأخير في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية وغيرها.

وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، حيث فاق حجم التبادل التجاري بينهما 100 مليار دولار خلال عام 2023.

وخلال عام 2023، شملت الاستثمارات الصينية في السعودية ما قيمته 5.6 مليار دولار في قطاع تصنيع المعدات الأصلية للسيارات، إضافة إلى استثمارات بحجم 5.26 مليار دولار في المعادن. فيما بلغ حجم الاستثمار في قطاع أشباه الموصلات 4.26 مليار دولار.

يضاف إلى ذلك التقارب الثقافي الكبير بين المملكة والصين الذي نتج عنه اعتماد تدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية.

وتتمتع هونغ كونغ، التي تعدّ منطقة إدارية خاصة للصين، بعلاقات اقتصادية متميزة بالمملكة، حيث بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية غير النفطية إليها نحو 267 مليون دولار خلال عام 2023، أبرزها المعادن العادية ومصنوعاتها والأجهزة الطبية، فيما بلغ حجم الواردات من هونغ كونغ نحو 1.78 مليار دولار في العام ذاته؛ أبرزها الجلود والمواد النسيجية والمصنوعات المرتبطة بها.

تعزيز التنافسية

من ناحية أخرى، تعدّ سنغافورة من البلدان المتقدمة اقتصادياً وصناعياً، فاقتصادها من أكثر اقتصادات العالم تنافسية، وتعدّ نموذجاً فريداً لتطوير القدرات البشرية، والاستفادة من الحلول التكنولوجية والأتمتة في القطاعات المختلفة، مما يعزّز من وجود فرص مشتركة بين المملكة وسنغافورة للاستثمار في قطاعات الحلول التكنولوجية وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والأتمتة في القطاعين الصناعي واللوجيستي، خصوصاً أن المملكة تعمل على مبادرة مهمة لـ«مصانع المستقبل»، تستهدف أتمتة 4 آلاف مصنع، من خلال تحويل تلك المصانع من الاعتماد على العمالة الكثيفة ذات المهارات المنخفضة إلى الكفاءة التشغيلية والأتمتة وتطبيق الحلول والممارسات الصناعية المتقدمة، وفقاً لمعايير عالية تحقّق كفاءة الإنتاج وتحسّن ربحية هذه المصانع وتعزّز تنافسيتها.

الحلول الابتكارية

يعدّ قطاع صناعة السيارات من أبرز القطاعات الواعدة التي ركزت «الاستراتيجية الوطنية للصناعة» على تطويرها، وأيضاً على نقل المعرفة والحلول الابتكارية والتقنيات المتقدمة إليها، وتصنّف السوق السعودية واحدة من أهم أسواق السيارات في المنطقة، حيث تمثل مبيعاتها في المملكة 40 في المائة من إجمالي المبيعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأُصدر العام الماضي ترخيص لأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية «سير»، وافتُتح أول مصنع في المملكة لصناعة المركبات الكهربائية «لوسد»، حيث تستهدف المملكة صناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030.

تعزيز التعاون

وتتوافق زيارة وفد منظومة الصناعة والثروة المعدنية إلى الصين مع مستهدفات السعودية بأن تصبح مركزاً محورياً لصناعة السيارات في المنطقة، ورائدة في الحلول المبتكرة لصناعة مركبات صديقة للبيئة بشكل خاص؛ منها السيارات الكهربائية التي أطلقت المملكة مشروعات مهمة لصناعتها.

كما أجرت البلاد مباحثات الشهر الماضي مع جمهورية تشيلي، التي تعدّ ثاني أكبر دولة منتجة لمعدن الليثيوم في العالم، تستهدف تعزيز التعاون في مجال إنتاج هذا المعدن المكوّن الأساسي لبطاريات السيارات الكهربائية.

وتستهدف المملكة استقطاب استثمارات نوعية في 12 قطاعاً صناعياً واعداً ركزت «الاستراتيجية الوطنية للصناعة» على تطويرها، وفي مقدمتها قطاعات السيارات والأدوية والأغذية، معتمدة على بيئة استثمارية محفزة في قطاعها الصناعي.

ويتوقع أن تؤدي زيارة الصين وسنغافورة إلى توقيع شراكات تعزز العلاقات الثنائية، ومن المتوقع أن تركز هذه الشراكات على تعزيز النمو المتبادل من خلال الاستثمارات النوعية المشتركة، والتنمية المستدامة، والتنويع الاقتصادي، خصوصاً في القطاعات الصناعية الاستراتيجية.