الاتحاد الأوروبي يرفع توقعاته لنمو منطقة اليورو وسط تراجع التضخم

«المركزي» يقلل من اعتماده على «الفيدرالي» ويراقب الذكاء الاصطناعي في التمويل

علامة اليورو أمام المقر السابق للمصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت - ألمانيا (رويترز)
علامة اليورو أمام المقر السابق للمصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت - ألمانيا (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يرفع توقعاته لنمو منطقة اليورو وسط تراجع التضخم

علامة اليورو أمام المقر السابق للمصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت - ألمانيا (رويترز)
علامة اليورو أمام المقر السابق للمصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت - ألمانيا (رويترز)

أعلنت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، أنها تعول على تراجع التضخم أكثر من المتوقع في عام 2024 في منطقة اليورو، عند 2.5 في المائة مقارنة مع 2.7 في المائة المتوقعة حتى الآن، مؤكدة في الوقت نفسه توقعاتها لنمو 0.8 في المائة رغم عدم اليقين العالمي.

وقال المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي باولو جنتيلوني إن «التوقعات لا تزال غير مؤكدة في ظل حربين تدور رحاهما في الجوار» في أوكرانيا وقطاع غزة؛ ما يشير إلى «تزايد مخاطر تراجع (هذه التوقعات)».

وتستند هذه التوقعات إلى التباطؤ الأكثر حدة من المتوقع في أسعار المستهلكين؛ وهو ما انعكس في الأرقام الجيدة المسجلة في بداية العام. وتقترب هذه المعدلات من هدف 2 في المائة الذي حدده «المركزي» الأوروبي، والذي ينبغي أن يطمئن المؤسسة النقدية بشأن خطتها لخفض أسعار الفائدة في يونيو (حزيران).

وفي هذا السياق، قالت المفوضية إنه «من المتوقع أن يواصل التضخم تراجعه ويصل إلى هدفه في وقت مبكر قليلاً في عام 2025» عما ذكرته التوقعات السابقة المنشورة في 15 فبراير (شباط).

وتتوقع بروكسل العام المقبل زيادة بنسبة 2.1 في المائة في الأسعار في الدول العشرين التي تتقاسم العملة الموحدة، مقارنة مع 2.2 في المائة حتى الآن.

وأوضحت المفوضية أنه «من الممكن أن يكون تراجع التضخم مدفوعاً بشكل أساسي بسلع أخرى غير الطاقة والغذاء، في حين يرتفع التضخم الناتج من الطاقة قليلاً وينخفض ​​التضخم الناجم عن الخدمات تدريجياً، بالتوازي مع الاعتدال في ضغوط الأجور». وينعكس هذا الاتجاه في الاتحاد الأوروبي ككل، وإن كان على مستوى أعلى.

وتتوقع بروكسل أن يصل معدل التضخم إلى 2.7 في المائة هذا العام و2.2 في المائة العام المقبل.

وعلى جبهة النمو، يبدو أن الجزء الأصعب قد انتهى بعد أن غرقت منطقة اليورو في الركود في العام الماضي، عندما بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 0,4 في المائة.

ومع ذلك، فإن تأكيد المفوضية على التعافي المتوقع ينبع من أداء أفضل من المتوقع في الربع الأول، في حين حافظ مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) على نسبة نمو 0.3 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، في تقدير نُشر الأربعاء؛ مما يشير إلى أن التعافي البطيء جار الآن بعد ستة فصول متتالية من النمو الراكد أو السلبي.

وقال باولو جنتيلوني: «إن اقتصاد الاتحاد الأوروبي تعافى بشكل ملحوظ في الربع الأول؛ مما يشير إلى أننا تجاوزنا المنعطف بعد عام 2023 الصعب للغاية».

وتوقع تسارعاً تدريجياً في النمو خلال العامين الحالي والمقبل، مع دعم انخفاض التضخم للاستهلاك الخاص، وانتعاش القوة الشرائية، واستمرار نمو الوظائف.

وفي هذا السياق، تتوقع بروكسل زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 في المائة هذا العام ثم 1.4 في المائة العام المقبل في منطقة اليورو. وتتوقع المفوضية أيضاً نمواً بنسبة 1 في المائة في عام 2024 ثم 1.6 في المائة في عام 2025 للاتحاد الأوروبي ككل، وهو ما يتماشى بشكل عام مع توقعاتها السابقة.

وفي الوقت نفسه، ارتفع معدل التوظيف بنسبة 0.3 في المائة في الربع الأول، مؤكداً الأدلة غير الرسمية على أن سوق العمل استمرت في التشدد، حيث احتكرت الشركات العمالة تحسباً لانتعاش في النمو.

وعلى الرغم من أن «المركزي» الأوروبي رفع أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي في السنوات الأخيرة لإبطاء النمو والتضخم بشكل حاد، فإن الشركات تمسكت بالعمال، على عكس معظم فترات الركود الأخرى.

ومن المحتمل أن يكون السبب الرئيسي هو تجربة ما بعد الجائحة عندما واجهوا صعوبة في إعادة توظيف العمال وعانى الكثير من قطاع الخدمات بسبب نقص العمالة الحاد.

منطقة اليورو أقل اعتماداً على «الفيدرالي»

من جانبه، قال صانع السياسة في المصرف المركزي الأوروبي، فرنسوا فيليروا دي غالاو، إن حجم السوق الداخلية لمنطقة اليورو يجعل وتيرة خفض أسعار الفائدة المستقبلية أقل اعتماداً على تحركات مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وذلك في رد على تحذيرات من عدم تجاوزه «الفيدرالي».

وأشار «المركزي» الأوروبي إلى خفض أول للأسعار في اجتماعه المقبل في يونيو (حزيران)، وأكد دي غالاو مجدداً أن وتيرة الخفض بعد ذلك سيتم تحديدها اجتماعاً تلو الآخر بناءً على تدفق البيانات الاقتصادية والتوقعات، وفق «رويترز».

وكان رئيس المصرف المركزي البلجيكي، بيير ونش، قد صرح الثلاثاء بأن تأخير خفض أسعار الفائدة من قِبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يؤدي إلى إبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة من قِبل «المركزي» الأوروبي.

وأشار فيليروا، الذي يشغل أيضاً منصب محافظ المصرف المركزي الفرنسي، إلى أن تقلبات سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأميركي تمثل أقل من 10 في المائة من التضخم في منطقة اليورو.

وقال فيليروا أمام اللجنة المالية في مجلس النواب الفرنسي: «يجب أن أؤكد أن إحدى مزايا امتلاك اليورو هي السوق الداخلية الواسعة التي تجعلنا أقل اعتماداً على قرارات الأميركيين».

وترى الأسواق المالية أن «الفيدرالي» سيبقى دون تغيير حتى نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقع خفض أسعار الفائدة الأول من قِبل الأسواق بعد أيام قليلة من انتخابات الرئاسة الأميركية، حيث يثبت التضخم الأميركي أنه أكثر صعوبة مما كان يُعتقد سابقاً.

الذكاء الاصطناعي في التمويل

على صعيد آخر، قال «المركزي» الأوروبي، الأربعاء، إن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التمويل لا يزال في مراحله الأولى، لكن تجب مراقبته وربما تنظيمه لمنع إلحاق الضرر بالعملاء وضمان الأداء السليم للأسواق.

ورأى «المركزي» عدداً من الفرص من استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي من قِبل المصارف والمؤسسات المالية الأخرى، مثل المعالجة الفائقة للمعلومات وخدمة العملاء الأكثر كفاءة وحتى القدرة الأكبر على اكتشاف التهديدات السيبرانية، وفق «رويترز».

لكنه حذّر أيضاً من مخاطر تشمل سلوك القطيع والاعتماد المفرط على عدد محدود من المزودين والهجمات الإلكترونية الأكثر تعقيداً.

وقال المصرف في مقال نُشر كجزء من مراجعته المنتظمة للاستقرار المالي: «لذلك؛ يجب مراقبة تنفيذ الذكاء الاصطناعي عبر النظام المالي من كثب مع تطور التكنولوجيا».

وتابع: «بالإضافة إلى ذلك، قد يلزم النظر في المبادرات التنظيمية إذا ظهرت إخفاقات في السوق لا يمكن معالجتها من خلال الإطار الحكيم الحالي».

وقد صاغ الاتحاد الأوروبي أول قواعد للذكاء الاصطناعي في العالم، والتي ستجبر أنظمة الذكاء الاصطناعي العامة وعالية المخاطر على الامتثال بالتزامات الشفافية المحددة وقوانين حقوق النشر بالاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، قال «المركزي» حتى الآن إن اعتماد الشركات المالية الأوروبية على مثل هذه الأنظمة كان «في المراحل الأولى».

وأضاف: «تشير اتصالات السوق إلى أن المؤسسات المالية في منطقة اليورو قد تكون أبطأ في اعتماد الذكاء الاصطناعي المولد، بالنظر إلى مجموعة المخاطر التي تمت مناقشتها سابقاً (و) أيضاً مع الوضع في الحسبان المخاطر المحتملة على السمعة».


مقالات ذات صلة

ارتفاع التضخم في الكويت 2.36 % في نوفمبر

الاقتصاد متسوقون في «سوبر ماركت» بالعاصمة الكويتية (إعلام محلي)

ارتفاع التضخم في الكويت 2.36 % في نوفمبر

أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت اليوم (الأحد) أن التضخم السنوي في البلاد ارتفع 2.36 % في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

البنوك المركزية العالمية تتخذ قرارات متباينة في ختام 2024

مع اقتراب ختام عام 2024، شهدت السياسات النقدية في كثير من الاقتصادات الكبرى تحولات مهمة؛ حيث تبنَّت البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم استراتيجيات متباينة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد خط أنابيب الغاز الروسي المتجه إلى تركيا (إعلام تركي)

تركيا تحصل على إعفاء أميركي من العقوبات على مدفوعات الغاز لروسيا

أعفت الولايات المتحدة تركيا من العقوبات التي تفرضها على بنك «غازبروم» فيما يخص مدفوعاتها عن واردات الغاز الطبيعي من روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)
TT

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

تسعى مصر لتطوير منظومة «الطيران المدني» بشكل «متكامل»، بما يعزز استراتيجية خدمات وبرامج النقل الجوي للبلاد.

وبحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها»، على مستوى «الملاحة الجوية وأسطول الطائرات والمطارات، وتنمية مهارات الكوادر البشرية»، وفق إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

وتمتلك مصر 23 مطاراً، بالإضافة إلى مطار القاهرة الدولي؛ الأكبر والرئيسي في البلاد، وتستهدف الحكومة المصرية «زيادة القدرة الاستيعابية للمطارات من 66.2 مليون راكب، خلال العام الحالي، إلى 72.2 مليون راكب بحلول 2026-2027، وصولًا إلى مستهدف 109.2 مليون راكب سنوياً بنهاية 2030»، وفق وزارة الطيران المدني المصرية.

وأفاد بيان الرئاسة المصرية، الأحد، بأن الرئيس السيسي تابع «برنامج تطوير الطيران المصري، من خلال تحديث البنية التحتية للمطارات، وزيادة طواقمها الاستيعابية، وتحسين مستوى الخدمات المقدَّمة للركاب».

كما ناقش مع وزيرَي الإنتاج الحربي والطيران المدني ومسؤولين بالقوات المسلّحة، «سبل تحويل مصر إلى مركز لوجيستي عالمي، من خلال تطوير خدمات النقل الجوي».

ووجَّه الرئيس المصري بـ«استمرار العمل في تطوير منظومة الطيران بشكل متكامل؛ للاستفادة منها في خطط التنمية الاقتصادية»، داعياً إلى «ضرورة تحفيز مشاركة القطاع الخاص في تلك الجهود».

وتدرس الحكومة المصرية «إسناد إدارة وتشغيل المطارات المصرية للقطاع الخاص». وأشارت، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن «القطاع الخاص، الأجدر في إدارة وتشغيل المشروعات والمرافق المختلفة، بما يُسهم في جذب مزيد من الاستثمارات، وتعظيم العائد الاقتصادي في مجال النقل الجوي».

وناقش رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مطلع الشهر الحالي، مقترحاً من أحد التحالفات المصرية الفرنسية (حسن علام - مجموعة مطارات باريس)، للتعاون مع الحكومة المصرية في تشغيل وإدارة المطارات، وفق إفادة مجلس الوزراء المصري.

ويرى كبير طياري شركة مصر للطيران سابقاً، هاني جلال، أن «الحكومة المصرية تنفذ برنامجاً لتطوير منظومة النقل الجوي؛ سعياً إلى توسيع مشاركتها في الاقتصاد». وقال إن عملية التطوير «تشمل تنظيم اللوائح والتشريعات الخاصة بالطيران، وتطوير البنية التحتية والخدمات الجوية»، مشيراً إلى أن «عملية التطوير تستلزم التوسع في الخدمات المقدمة بالمطارات».

جلال أوضح، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهدف الأول من إجراءات التطوير رفع مستوى الأمان والتنظيم في النقل الجوي». وأشار إلى أن «الحكومة المصرية تسعى للتوسع في خدمات نقل البضائع بوصفها تُدر مكاسب كبيرة؛ كون حركة البضائع مستمرة طوال العام»، لافتاً إلى أن «تطوير أسطول الطائرات المصرية، ورفع الطاقة الاستيعابية للمطارات، سوف يسهمان في تعزيز حركة النقل الجوي، ورفع نسب السياحة الوافدة إلى البلاد».

وتستهدف الحكومة المصرية جذب 30 مليون سائح، بحلول عام 2028، ومضاعفة الطاقة الفندقية العاملة إلى 450-500 ألف غرفة في 2030، وفق وزارة السياحة المصرية.

وتوقّف هاني جلال مع زيارة رئيس منظمة الطيران المدني الدولي «إيكاو»، سالفاتوري شاكيتانو، للقاهرة، الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن «متابعة المنظمة الدولية لخطوات التحديث والتطوير خطوة مهمة تسهم في رفع تصنيف مصر في مجال النقل الجوي».

وافتتح رئيس منظمة الطيران المدني الدولي، والأمين العام للمنظمة، كارلوس سالاسار، المكتب الإقليمي للمنظمة في القاهرة، الأسبوع الماضي، وناقشا مع مصطفى مدبولي التعاون في مجالات «أمن وسلامة الطيران المدني»، وفق إفادة «مجلس الوزراء المصري».