«ستاندرد آند بورز» تؤكد نجاح برنامج تركيا الاقتصادي

احتلت المركز الرابع في جذب المشروعات الاستثمارية في أوروبا

الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز» تؤكد نجاح برنامج تركيا الاقتصادي

الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)

رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني تصنيفها لتركيا من الدرجة «بي» إلى الدرجة «بي+»، وأبقت على نظرتها المستقبلية الإيجابية للاقتصاد.

وتوقعت الوكالة، في بيان صدر ليل الجمعة - السبت، ارتفاع تدفقات المحافظ الاستثمارية وتضييق العجز في حساب المعاملات الجارية على مدى العامين المقبلين، إلى جانب انخفاض التضخم والدولرة.

وأضافت: «نعتقد أنه بعد الانتخابات المحلية في تركيا سيتحسن التنسيق بين السياسة النقدية والمالية وسياسة الدخل وسط إعادة التوازن الخارجي»، لافتة إلى أن صناع السياسات الاقتصادية مستعدون لمواصلة الجهود الرامية إلى الحد من التضخم المرتفع من خلال مزيج من التشديد النقدي وظروف الائتمان، وتسويات الأجور الأقل سخاءً، والتوحيد المالي التدريجي.

وتكافح الحكومة التركية لخفض التضخم، الذي من المتوقع أن يصل إلى ذروته في مايو (أيار) الحالي حول 75 في المائة، بعد انتهاء الخفض على فواتير استهلاك الغاز الطبيعي لمدة عام بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو من العام الماضي، فضلاً عن استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والخدمات.

وعدلت «ستاندرد آند بورز»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نظرتها لتصنيف تركيا إلى إيجابية. وأشادت بتحول أنقرة إلى سياسة اقتصادية تقليدية وعقلانية والزيادات الكبيرة التي أجراها المصرف المركزي في أسعار الفائدة لكبح التضخم المتسارع، الذي سجل 69.8 في المائة على أساس سنوي في أبريل (نيسان) الماضي، على الرغم من رفع سعر الفائدة إلى 50 في المائة.

وتأتي تركيا في المرتبة الرابعة بين أعلى 5 دول في العالم في معدل التضخم بعد كل من الأرجنتين (288 في المائة)، سوريا (140 في المائة)، (لبنان 70.4 في المائة)، تليها في المرتبة الخامسة فنزويلا (67.6 في المائة).

شهادة نجاح

كانت وكالة «فيتش» أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي رفع التصنيف الائتماني لتركيا هذا العام إلى الدرجة «بي»، بينما رفعت وكالة «موديز» في مارس (آذار) توقعاتها لآفاق تصنيف تركيا إلى «إيجابية» وأكدته عند مستوى «بي 3».

والأسبوع الماضي، أعلن وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، أن إحدى وكالات التصنيف الائتماني الدولية ستعلن عن تصنيف إيجابي لتركيا، دون تسميتها، لافتاً إلى اجتماعه مع المديرين التنفيذيين لوكالات التصنيف العالمية الثلاث على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في الولايات المتحدة، مؤخراً.

وتعليقاً على إعلان «ستاندرد آند بورز» تصنيفها الإيجابي لتركيا، قال شيمشك عبر حسابه في «إكس»، السبت، إن «التوقعات الإيجابية للتصنيفات الائتمانية لوكالات (ستاندر آند بورز) و(فيتش) و(موديز) تبشر باستمرار ارتفاع التصنيف».

وأضاف: «تنعكس النتائج الإيجابية لبرنامجنا الاقتصادي متوسط الأجل في قرارات وكالات التصنيف الائتماني، فبينما رفعت وكالة (ستاندرد آند بورز) التصنيف الائتماني لبلادنا بمقدار درجة واحدة بعد 11 عاماً، أبقت على نظرتها المستقبلية الإيجابية».

وتابع: «تبشر توقعات التصنيف الإيجابية لكل من (ستاندرد آند بورز) و(فيتش) و(موديز) بالاستمرار من خلال برنامجنا، الذي نواصل تعزيزه وتنفيذه، في تحقيق أقصى قدر من الثقة في بلدنا... نحن مصممون على الارتقاء به إلى المستوى التالي».

مرتبة استثمارية متقدمة

في الأثناء، قال رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، بوراك داغلي أوغلو، إن تركيا صعدت إلى المركز الرابع في أوروبا عبر المشاريع الاستثمارية الدولية التي اجتذبتها العام الماضي، بقيمة 10.6 مليارات دولار.

وأضاف أوغلو، في تعليق السبت على النتائج الأولية للتقرير الخاص بالدول الأكثر جذباً للاستثمار الدولي المباشر في أوروبا لعام 2023، الذي تنشره شركة التدقيق والاستشارات، أن تركيا واصلت العام الماضي صعودها المطرد في فترة ما بعد جائحة «كورونا» بين الدول الأكثر جذباً للاستثمارات الدولية المباشرة في أوروبا.

ولفت إلى أنه للمرة الأولى بعد جائحة «كورونا» يتم تسجيل انخفاض في مشاريع الاستثمار الدولي المباشر في أوروبا مقارنة بالعام السابق، بسبب انخفاض النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم وزيادة أسعار الطاقة والمخاطر الجيوسياسية.

وذكر أنه تم الإعلان عن 5694 مشروعاً استثمارياً في أوروبا العام الماضي، بانخفاض قدره 4 في المائة مقارنة بالعام السابق، و11 في المائة عن مستوى عام 2019 قبل تفشي «كورونا»، و14 في المائة عن الذروة التي حققتها في عام 2017.

وأشار أوغلو إلى أن تركيا احتلت المركز السابع في القائمة على مستوى أوروبا عام 2020، والخامس عام 2022، وصعدت إلى المركز الرابع ضمن العشرة الأوائل، مع استقطابها 375 مشروع استثمار دولياً مباشراً في عام 2023، بزيادة قدرها 17 في المائة عن العام السابق.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال، في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام، رافعاً التوقعات بنهاية العام إلى 44 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

«منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

شهد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» توقيع 10 اتفاقيات تعاون في كثير من القطاعات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد زحام على عربات بيع السميط في أحد شوارع إسطنبول في عطلة نهاية الأسبوع (إعلام تركي)

تركيا: التضخم يتراجع إلى 48.58 % في أكتوبر بأقل من المتوقع

تراجع التضخم في تركيا بأقل من المتوقع خلال أكتوبر الماضي، ما يشير إلى استمرار الضغوط التضخمية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».