الجدعان: الإصلاحات ستقودنا إلى مستقبل مشرق في القطاع المالي

حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية السعودية يصل إلى 106 مليارات دولار

وزير المالية الجدعان والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا بمؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ف.ب)
وزير المالية الجدعان والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا بمؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

الجدعان: الإصلاحات ستقودنا إلى مستقبل مشرق في القطاع المالي

وزير المالية الجدعان والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا بمؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ف.ب)
وزير المالية الجدعان والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا بمؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ف.ب)

قال وزير المالية السعودي ورئيس لجنة برنامج تطوير القطاع المالي محمد الجدعان، إن «السعودية تواصل في ظل (رؤية 2030) مسيرة التنمية الاقتصادية المستمرة بفضل الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تقودنا نحو مستقبل مشرق ومتطور في القطاع المالي»، لافتاً إلى أن «برنامج تطوير القطاع المالي» التابع لـ«رؤية 2030» يتطلع إلى تحقيق مستقبل اقتصادي ومتطور، من خلال ربط القطاع المالي بالاقتصاد الرقمي والتقني، كما يسعى إلى تطوير القطاع عبر استغلال التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

كلام الجدعان جاء في مستهلّ التقرير السنوي لـ«برنامج تطوير القطاع المالي»، أحد البرامج التنفيذية الأحد عشر التي أطلقها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، والذي يسعى إلى تطوير القطاع المالي ليكون قطاعاً مالياً متنوعاً وفاعلاً لدعم تنمية الاقتصاد الوطني، وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار، وزيادة كفاءة القطاع المالي لمواجهة ومعالجة التحديات.

ولفت الجدعان إلى أن بلاده واصلت تقدمها في المؤشرات التنافسية المرتبطة بالسوق المالية، محققةً المركز الثالث بين أكثر الدول تنافسية على مستوى دول العشرين، وذلك وفقاً لمركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية.

وأوضح أن عدد شركات التقنية المالية تجاوز مستهدفات عام 2023، ليصل إلى 216 شركة، مقترباً من هدفه المنشود عند 525 بحلول 2030.

وفيما يخص إدراجات الشركات الجديدة، كشف الجدعان عن أن هيئة السوق المالية السعودية وافقت العام الماضي، على طرح وإدراج 43 شركة، ليصل إجمالي عدد الشركات المدرجة إلى 310 شركات. وذكر أن هذه الإنجازات وغيرها كانت محل تقدير عالمي، سواء من وكالات التصنيف الائتماني، أو البنك الدولي، أو صندوق النقد الدولي وغيرها.

الفالح

من جهته، قال وزير الاستثمار خالد الفالح، في التقرير السنوي لـ«برنامج تطوير القطاع المالي»، إنه في ظل جو عالمي مستمر في تقلباته الجيوسياسية، وارتفاع تكاليف التمويل، والسياسات النقدية المتشددة الرامية إلى كبح معدلات التضخم المرتفعة، أكدت السعودية التزامها برؤيتها الاستراتيجية، وتمكّنت من مواصلة التكيف مع تعقيدات المشهد العالمي، ومضت قدماً في إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية أسفرت عن انخفاض معدلات التضخم، وتعزيز جاذبية المناخ الاستثماري، التي أدت بدورها إلى رفع تصنيف المملكة الائتماني عند «إيه+».

وأشار الفالح إلى أن المملكة تصدرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث حجم الاستثمار الجريء، وشهدت نمواً ملحوظاً في عدد التراخيص الاستثمارية للمؤسسات المالية ومؤسسات التأمين. بالإضافة إلى تحقيقها نمواً في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفي عدد الجهات الفاعلة في قطاع التقنية المالية، بالتزامن مع استمرار زخم الطروحات والإدراجات في السوق المالية، كما شهدت إنشاء هيئة التأمين بهدف تطوير هذا القطاع وزيادة إسهامه في القطاع الوطني.

ولفت إلى أن وزارة الاستثمار، بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية أسهمت في نقل بعض أهم المؤسسات المالية العالمية إلى المملكة، وتمكين الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التأمين، وإدراج أول صندوق متداول لتتبع الأسهم السعودية في «بورصة هونغ كونغ»، في سبيل جعل المملكة مركزاً مالياً عالمياً. مضيفاً أن الوزارة أسهمت أيضاً في تمويل قنوات التمويل، من خلال جذب رؤوس الأموال من الخارج ودعم القطاع الخاص للوصول إلى أسواق الدين العالمية.

الإبراهيم

أما وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم فقال، في كلمة له في التقرير، إن إنجازات برنامج تطوير القطاع المالي أسهمت في نمو حجم أنشطة خدمات المال، والتأمين، والأعمال، بنحو 5.2 في المائة على أساس سنوي حتى نهاية الربع الثالث من عام 2023، كما ساعدت جهود البرنامج بقيادة البنك المركزي و«هيئة السوق المالية، في زيادة السعة التمويلية لاقتصاد المملكة، بما يدعم مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للاستثمار. فشهد الائتمان المصرفي لمختلف الأنشطة الاقتصادية نمواً بنحو 10 في المائة، والذي بدوره أسهم في نمو الاستثمار الخاص بنحو 7.5 في المائة، ونمو الأنشطة غير النفطية بنحو 4.7 في المائة على أساس سنوي حتى نهاية الربع الثالث من عام 2023.

وأضاف الإبراهيم أن البرنامج يعمل على دعم تنويع وتنمية مصادر تمويل الاستثمار من خلال السوق المالية، وجذب الاستثمار الأجنبي له، من خلال قنوات التمويل الخاص التابعة للصناديق الاستثمارية، إضافةً إلى منصات التمويل لدى شركات التقنية المالية.

السياري

ولفت محافظ «البنك المركزي السعودي» أيمن السياري، في التقرير، إلى استمرار المبادرات الرامية إلى تطوير الأطر التنظيمية، وتمكين قطاع التقنية المالية. إذ شملت المبادرات إصدار قواعد تنظيم شركات الدفع الآجل، وتعليمات ممارسة نشاط الوساطة الرقمية، بالإضافة إلى العمل على رقمنة الإجراءات الرقابية. وأشار إلى أن عدد شركات التقنية تجاوز مستهدفات عام 2023 ليصل إلى 216 شركة.

وأضاف السياري: «أطلق البنك المركزي وهيئة السوق المالية بنهاية عام 2023 برنامج (مكّن) الهادف إلى تمكين شركات التقنية المالية الناشئة في المملكة من خلال توفير الخدمات في مجال الأمن السيبراني والحوسبة السحابية ودعم الابتكار»، في ظل الحراك الكبير الذي يشهده هذا القطاع عالمياً. وتابع أن البنك المركزي يولي عناية لتعزيز المرونة في قطاع الخدمات المالية نظراً إلى أهميته في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، إذ إن الإنجازات التي حققها البنك المركزي على الصعيد التنظيمي جعلته من أوائل الجهات التنظيمية عالمياً التي أكملت التطبيق الرسمي لإصلاحات «بازل 3»، التي تهدف إلى رفع مستوى الثقة بمنهجية احتساب الأصول الموزونة بالمخاطر وتحسين نسب رأس المال في البنوك المحلية. وأفاد بأن البنك المركزي أولى لتطبيق إصلاحات «بازل 3» أولوية قصوى، من أجل تعزيز إطار رأس المال التنظيمي القائم على المخاطر، وبالتالي تعزيز متانة واستقرار النظام البنكي بما يحقق التنمية الاقتصادية في المملكة.

القويز

وكشف رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد القويز، عن أنه في سبيل تحفيز الاستثمار الأجنبي ورفع جاذبية وكفاءة السوق المالية وتعزيز تنافسيتها دولياً، اعتُمدت القواعد المنظِّمة للاستثمار الأجنبي في الأوراق المالية، مما كان له دوره في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية، والتي وصلت إلى 401 مليار ريال (106.9 مليار دولار). مضيفاً أن ذلك نتيجة للمساعي التي اتخذتها منظومة السوق المالية لتطوير القطاع بهدف الارتقاء بالبيئة التنظيمية للشركات وتيسير الإجراءات والمتطلبات النظامية لتحفيز بيئة الأعمال ودعم الاستثمار.

السيف

وأبان رئيس إدارة التمويل الاستثماري العالمي في صندوق الاستثمارات العامة فهد السيف، أن للصندوق دور في تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من أجل زيادة مساهمتها في الناتج المحلي، من خلال مختلف الجهود التي تبذلها شركات محفظته، سواء عبر المساهمة في تعزيز منظومة الأعمال، أو مباشرةً عبر أنشطة «جدا»، (شركة صندوق الصناديق)، البالغة مليار ريال سعودي في 10 صناديق خلال عام 2023، ليصل إجمالي استثماراتها منذ تأسيسها إلى 3.4 مليار ريال في 37 صندوقاً، مساهمةً بذلك في نمو استثمارات رأس المال الجريء محلياً، لتحتل المملكة للمرة الأولى المركز الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكشف عن أن صندوق الاستثمارات يسعى لرفع نسبة مساهمة المحتوى المحلي في مشاريعه وشركاته التابعة إلى 60 في المائة بنهاية 2025.

الشريف

من ناحيته قال كبير الإداريين لصندوق التنمية الوطني خالد الشريف، إن الصندوق عمل من خلال بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً في تطويل القطاع المالي، فيما يتعلق بتحديد الاحتياجات وسد الفجوات التمويلية لمختلف القطاعات الاقتصادية، مثل تحسين الخدمات التمويلية المقدّمة لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسط. وأضاف أن بنك التصدير والاستيراد السعودي استهدف توفير الخدمات التمويلية، والضمانات، وتأمين ائتمان الصادرات، والحد من مخاطر عدم سداد مستورديها.

وذكر مدير عام برنامج تطوير القطاع المالي وأمين اللجنة فيصل الشريف، أن إنجازات برنامج تطوير القطاع المالي، تعكس قدرته على تحقيق نهضة اقتصادية ملحوظة؛ حيث أسهم البرنامج في تحقيق الاستقرار المالي والتطور المستدام، واستشراف آفاق الاستثمار.

تطّلعات مستقبلية

وأوضح التقرير أن البنك المركزي يتطلّع في عام 2024 إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها، تمكين شركات التقنية المالية المحليّة والدوليّة في السوق السعودية. بالإضافة إلى إطلاق عدد من البنوك الرقمية، وإطلاق مشروع القواعد العامة للمنتجات الادخارية.

أما هيئة السوق المالية فتهدف إلى رفع جاذبية السوق السعودية للمستثمر الأجنبي، وزيادة ملكية المستثمرين الأجانب من إجمالي القيمة السوقية للأسهم الحرة لتصل إلى 17 في المائة بنهاية العام الجاري.

وتسعى الهيئة لتسهيل التمويل في السوق المالية، وتعزيز مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال استمرار زيادة وتيرة الإدراجات في السوق المالية، وإدراج 24 شركة جديدة على مدار العام. بالإضافة إلى توفير قنوات تمويل للقطاعات الواعدة عبر رفع نسبة المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر وقت الطرح إلى 45 في المائة على مدار العام الجاري.

وتعمل الهيئة على تطوير وتعميق سوق الصكوك وأدوات الدين، ورفع حجم سوق أدوات الدين نسبةً إلى الناتج المحلي ليصل إلى 22.1 في المائة، ورفع نسبة الأصول المدارة من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 29.4 بنهاية عام 2024. وذلك من خلال تطوير مكونات البيئة الاستثمارية وتمكين نمو صناعة إدارة الأصول وزيادة جاذبيته للمستثمرين.

من جهتها تتطلع «الأكاديمية المالية» التي أنشأها البنك المركزي بالتعاون مع هيئة السوق المالية في 2019، إلى اعتماد استراتيجية جديدة للسنوات الثلاث القادمة بهدف مواكبة المتغيرات المتسارعة وسد الفجوات في مجال تنمية وتطوير القدرات البشرية في القطاع المالي، وذلك من خلال تحديث رؤيتها ورسالتها وأهدافها الاستراتيجية، لضمان نمو أعداد المستفيدين من البرامج التدريبية والشهادات المهنية، بالإضافة إلى تطوير جودة ما تقدمه الأكاديمية من منتجات وخدمات والعمل على تعزيز الابتكار في بناء وتطوير أعمالها.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي عبد الله الجدعان (واس)

الجدعان: مشاركة السعودية في «قمة العشرين» ترسيخ لمكانتها الإقليمية والدولية

أكّد وزير المالية السعودي محمد بن عبد الله الجدعان أن المملكة تحرص من خلال عضويتها في «مجموعة العشرين» على دعم العمل المشترك متعدد الأطراف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي متحدثاً في الجلسة الحوارية ضمن منتدى «كفاءة الإنفاق» (الشرق الأوسط)

وزير المالية السعودي: كفاءة الإنفاق لا تعني خفضه

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن كفاءة الإنفاق لا تعني خفضه بل استغلال الموارد وإعادة توجيهها لتحقيق أثر أعلى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».