البنك الدولي يعمم تجربة السعودية الإصلاحية لدفع قدرات الدول التنافسية

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: «رؤية 2030» أرست قاعدة تشريعية وتنظيمية للاقتصاد المحلي

اختيار السعودية مركزاً للمعرفة نظير تجربتها الرائدة خلال الأعوام الماضية (واس)
اختيار السعودية مركزاً للمعرفة نظير تجربتها الرائدة خلال الأعوام الماضية (واس)
TT

البنك الدولي يعمم تجربة السعودية الإصلاحية لدفع قدرات الدول التنافسية

اختيار السعودية مركزاً للمعرفة نظير تجربتها الرائدة خلال الأعوام الماضية (واس)
اختيار السعودية مركزاً للمعرفة نظير تجربتها الرائدة خلال الأعوام الماضية (واس)

ينوي البنك الدولي بالتعاون مع السعودية إنشاء مركز للمعرفة، يستهدف دعم خطط الدول، وتقديم المشورة اللازمة لها لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، إن هي أرادت تعزيز قدراتها التنافسية، وفق المؤشرات الدولية.

هذا المركز الذي تم الإعلان عنه في واشنطن على هامش اجتماعات الربيع التي ينظمها عادة صندوق النقد والبنك الدوليان، يستهدف نشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها المملكة، نظراً لتجربتها خلال السنوات السبع الأخيرة، منذ إعلان «رؤية 2030» التي أرست قواعد التنوع الاقتصادي في البلاد. وسيتيح الاستفادة من تجربة السعودية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وأثرها على تعزيز قدرتها التنافسية، إلى جانب الاستعانة بخبرات البنك الدولي التي تمتد لأكثر من 50 عاماً.

وحسب اقتصاديين لـ«الشرق الأوسط»، فإن المركز سيعزز تحويل الرياض إلى حاضنة للمراكز الدولية، والمقار الإقليمية للشركات العالمية، وسيسهم في استدامة عملية التطوير المستمرة، وتحفيز جميع القطاعات لتحقيق التنافسية والالتزام بها كقاعدة للتنمية الاقتصادية.

وكانت السعودية قد حققت المرتبة 17 عالمياً من أصل 64 دولة الأكثر تنافسية في العالم، لتصبح من الدول الـ20 الأولى في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية. وتقدمت 7 مراتب في نسخة عام 2023، مدعومة بالأداء الاقتصادي والمالي القوي في عام 2022.

وقال وزير التجارة السعودي، رئيس المركزي الوطني للتنافسية الدكتور ماجد القصبي خلال الإعلان في واشنطن، مساء الجمعة، عن هذا الحدث مع مجموعة البنك الدولي، إن المركز المزمع إنشاؤه سيمهد لمزيد من التعاون الإقليمي والعالمي في مجالات التنافسية، وسيتيح الاستفادة من تجربة السعودية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وأثرها على تعزيز قدرتها التنافسية، إلى جانب الاستعانة بخبرات البنك التي تمتد لأكثر من 50 عاماً.

من جهته، قال وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، إن إعلان مجموعة البنك الدولي اختيارها المملكة مركزاً للمعرفة تأكيد على الدور الريادي العالمي للمملكة، وسعيها الدائم إلى تمكين الدول من بناء قدرات مؤسسية تجعلها أكثر قدرة على التكيف اقتصادياً مع المتغيرات العالمية. وذكرت «وكالة الأنباء السعودية» أن البنك الدولي اختار السعودية مركزاً للمعرفة لنشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالمياً، نظراً لتجربتها الرائدة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والتي أُطر خلالها نموذج عمل متكامل أدى لفعّالية عالية في تحقيق أهداف الإصلاحات، في ظل «رؤية 2030». وكانت الإصلاحات التي تهدف لتقليل الاعتماد على النفط، أدت إلى رفع مساهمة الأنشطة غير النفطية بـ50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نهاية عام 2023.

مؤشرات التنافسية

وقال عضو مجلس الشورى والمختص الاقتصادي فضل البوعينين، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المملكة اليوم تجني ثمرات إصلاحاتها الاقتصادية التي بدأتها بإطلاق (رؤية 2030) في عام 2016، فكل ما يشهده الاقتصاد السعودي من تحول وتنوع في مصادره، إضافة إلى استكمال البنى التشريعية ذات العلاقة بالقطاعات الاقتصادية، إنما هو نتاج إصلاحات جذرية قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بكفاءة، وأنجزتها الجهات الحكومية وفق رؤية استراتيجية وأهداف محددة».

وأضاف أن إعلان «المركز الوطني للتنافسية» و«مجموعة البنك الدولي» عن عزمهما إنشاء مركز للمعرفة في السعودية، هو تأكيد على التحول الكبير الذي شهدته المملكة، ونجاح إصلاحاتها الاقتصادية التي باتت من أفضل قصص النجاح العالمية، ما يجعلها نموذجاً يحتذى، ومصدراً لنشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالمياً.

وأوضح البوعينين أن ما حققته المملكة من تقدم كبير في تقارير ومؤشرات التنافسية العالمية، أهَّلها لتكون مركزاً عالمياً لنشر ثقافة الإصلاحات؛ خصوصاً أنها نجحت في تحقيق أهدافها وتحقيق متطلبات التنافسية العالمية في فترة زمنية قصيرة، وبكفاءة وجودة عالية. ورأى أن المركز سيكون جزءاً مهماً من منظومة المراكز الدولية التي تستضيفها المملكة، وسيعزز وجوده تحويل الرياض إلى حاضنة للمراكز الدولية، والمقار الإقليمية للشركات العالمية، وسيسهم في استدامة التطوير وتحفيز جميع القطاعات لتحقيق التنافسية والالتزام بها كقاعدة للتنمية الاقتصادية.

وأشار إلى الدور المهم الذي قامت به وزارة التجارة في تطوير القطاع التجاري ورفع كفاءته، وتحقيق متطلبات التنافسية العالمية، وتطوير بيئة الأعمال، واستكمال البنى التشريعية ومعالجة التحديات، ما أسهم في جعل بيئة الأعمال السعودية من أهم البيئات المحفزة للشركات والمنشآت بأنواعها، وأسهم في تقدم المملكة في مؤشرات التنافسية العالمية في عام 2023، محققة ولأول مرة في تاريخها المرتبة 17 من أصل 64 دولة، كما حصلت على المرتبة الثالثة من بين دول مجموعة العشرين، مدعومة بالأداء الاقتصادي القوي، وهي جهود تكاملية بين الوزارة وبقية الجهات الحكومية، ما يؤكد نجاعة الإصلاحات الحكومية التي من بينها تحول الحكومة لفريق عمل متكامل معني بتحقيق الأهداف الاستراتيجية بصورة تكاملية منضبطة.

من جهته، قال المختص في السياسات الاقتصادية أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط»، إن إعلان السعودية ومجموعة البنك الدولي إنشاء مركز للمعرفة في المملكة يعكس التزامهما بنشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية على المستوى العالمي؛ حيث حققت المملكة تقدماً كبيراً في تقارير ومؤشرات التنافسية العالمية بفضل هذه الإصلاحات.

وأضاف أن إنشاء مركز متخصص سيسهم في تعزيز التعاون الإقليمي والعالمي في مجالات التنافسية، وسيتيح الاستفادة من خبرة السعودية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتأثيرها على تعزيز قدرتها التنافسية، مبيناً أن هذه الخطوة ستساهم في الاستفادة من خبرات البنك الدولي لتعزيز قدرات الدول الأخرى التي تسعى إلى زيادة تنافسيتها الاقتصادية. ورأى أن هذا الإعلان «يعد خطوة إيجابية نحو توسيع نطاق التعاون وتبادل المعرفة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز الاستدامة على المستوى العالمي مع الدول الناجحة، مثل المملكة العربية السعودية».


مقالات ذات صلة

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.