محافظ «المركزي السعودي» يحذِّر من استمرار ارتفاع مستويات الديون السيادية

جانب من اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين المنعقدة في واشنطن (الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي)
جانب من اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين المنعقدة في واشنطن (الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي)
TT

محافظ «المركزي السعودي» يحذِّر من استمرار ارتفاع مستويات الديون السيادية

جانب من اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين المنعقدة في واشنطن (الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي)
جانب من اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين المنعقدة في واشنطن (الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي)

حذَّر محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري من استمرار اتساع فجوة التفاوت في النمو بين الدول؛ مشيراً إلى مخاطر «ضعف الأمن الغذائي، وزيادة نقاط الضعف المتعلقة بالديون السيادية».

ودعا السياري، خلال الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، بشأن «الهيكل المالي الدولي للقرن الحادي والعشرين»، مساء الجمعة، ضمن اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين للعام الجاري، إلى «أهمية الالتزام بالتعاون الدولي، ونظام تجاري عالمي يتسم بالعدالة والانفتاح، لتعزيز مرونة وازدهار وإنصاف الاقتصاد العالمي؛ لا سيما للبلدان منخفضة الدخل».

ويشهد الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين، نتيجة عوامل عدة، من أبرزها: المتغيرات الجيوسياسية التي تسيطر على منطقة الشرق الأوسط، فضلاً على ارتفاع التضخم في عدة دول، واستمرار اقتصادات كبرى في العمل بمعدل فائدة مرتفعة، مما انعكس بالسلب على التدفقات الرأسمالية للاقتصادات الناشئة، وزيادة مستويات الديون.

وقال السياري، في هذا الصدد، إن التقلبات المستمرة في التدفقات الرأسمالية للاقتصادات الناشئة أدت إلى ارتفاع مستويات الدين، وإضعاف معدلات النمو الاقتصادي، والحد من قدرة هذه الاقتصادات على الوصول إلى الأسواق.

وأكد السياري أن الدول ذات الأسس الاقتصادية والبنية المؤسسية المتينة تتمتع بقدرة على جذب تدفقات رؤوس أموال أكثر استقراراً. وتعد تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية عالية التذبذب، مقارنة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي تكون مدعومة بالأسس الاقتصادية والفرص الاستثمارية المستدامة والبيئة الاستثمارية الجاذبة.

ووضعت دول كثيرة هدف كبح التضخم أولوية قصوى في سياساتها النقدية، للسيطرة على ارتفاع الأسعار الذي يخفض الاستهلاك وبالتالي معدلات النمو الاقتصادي، مما دعا كثيراً من الدول إلى اللجوء إلى الاقتراض والاستدانة بمعدلات فائدة مرتفعة، مما زاد من مستويات الديون حول العالم.

وتُعد مشكلة الديون العالمية من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي حالياً؛ حيث وصلت مستوياتها إلى أرقام قياسية لم يسبق لها مثيل، مما يشكل عبئاً هائلاً على الدول والأفراد على حدٍّ سواء.

ومع ارتفاع الدين العام العالمي بشكل طفيف ليصل إلى 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وهو ما يزيد بنحو 9 نقاط مئوية عن مستواه قبل جائحة «كورونا»، يضع صندوق النقد الدولي معالجة الديون العالمية على رأس أولوياته؛ حيث حظيت هذه القضية باهتمام كبير خلال اجتماعات الربيع المنعقدة حالياً في واشنطن.

وفي هذا الإطار، قال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبرازيل، الرئيسة الحالية لمجموعة العشرين، يوم الأربعاء، إن هناك تقدماً ملحوظاً في قضايا الديون العالمية خلال الأشهر الأخيرة، مشيرين إلى اتفاقات جديدة بشأن الجداول الزمنية المطلوبة ومعاملة المتعاملين بالمثل.

وأصدرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي أجاي بانجا، ووزير المالية البرازيلي فرناندو حداد، بياناً مشتركاً، بعد اجتماع على مستوى الوزراء لاجتماع المائدة المستديرة العالمي بشأن الديون السيادية (GSDR) التي تجمع بين الدول المدينة والدائنين والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص، لتحريك عمليات إعادة هيكلة الديون التي توقفت لفترة طويلة، وبناء فهم أكبر حول طرق معالجة التحديات، وذلك على هامش الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وفق «رويترز».

وأشار البيان إلى أن المناقشات أكدت الحاجة إلى تحسين الوضوح والتنسيق والشفافية بين مجموعات الدائنين، وتزويد الدول المدينة بالمقاييس لكيفية تقييم ديونها الخاصة. كما يجب أن يضمن الدائنون من القطاع الخاص والدولة المدينة، قبل الانتهاء من اتفاق المبدأ وإعلانه، أن تكون الصفقة قد تمت مراجعتها من قبل موظفي صندوق النقد الدولي، بشأن التوافق مع أهداف الديون ومعايير البرنامج، ومع الدائنين الثنائيين الرسميين بشأن معاملة المتعاملين بالمثل.

ويرى السياري أن هناك حاجة إلى «تحويل تركيز السياسات نحو تعزيز الاستدامة المالية، لإعادة بناء الاحتياطيات، وحماية المالية العامة، ودعم تباطؤ معدلات التضخم». وسلط الضوء على مرونة الاقتصاد العالمي في ظل هذه التحديات، مع «اتزان المخاطر التي تهدد الآفاق المستقبلية».

دور الصندوق

وفي سياق دور الصندوق، أكد محافظ «المركزي السعودي» على «أهمية مراعاة ظروف كل دولة وأحوالها عند صياغة الإصلاحات الهيكلية... ومعالجة المخاوف المتعلقة بالسيولة، وتحقيق الاستقرار في الاقتصادات الأكثر تعرضاً».

ودعا في هذا الصدد إلى «دعم التعاون الدولي المتعلق بإعادة هيكلة الديون السيادية، من خلال إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين... ومساعدة الأعضاء على ضمان استقرارهم وقدرتهم على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية، من خلال مراجعة سياسات الديون والإقراض».

وأشار السياري إلى أهمية «دعم الأعضاء لدمج التطورات الرقمية مع ضمان الاستقرار المالي العالمي، والحد من التفاوت العالمي»؛ داعياً إلى توسيع نطاق تقديم تنمية القدرات، لتعزيز قدرات المؤسسات وصُناع السياسات.


مقالات ذات صلة

مصر ترفع أسعار الوقود محلياً قبل مراجعة من صندوق النقد

شمال افريقيا عامل في محطة وقود بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر ترفع أسعار الوقود محلياً قبل مراجعة من صندوق النقد

رفعت مصر، الخميس، أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، قبل 4 أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة 8 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سياح وسكان محليون أثناء زيارة لسوق بالمدينة القديمة في مراكش (رويترز)

البنك الدولي: اقتصاد المغرب يصمد أمام التحديات العالمية

أكد البنك الدولي صمود الاقتصاد المغربي وقدرته على مواجهة التحديات المختلفة، بما في ذلك تباطؤ الاقتصاد العالمي، وصدمة التضخم، وزلزال منطقة الحوز.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مرشحٌ معارض يخطب في أنصاره بنواكشوط أمس ويعدهم بالتغيير (الشرق الأوسط)

التنافسُ يحتدم عشية الاقتراع الرئاسي في موريتانيا

دخل المرشحون السبعة للانتخابات الرئاسية الموريتانية في سباق الأنفاس الأخيرة من الحملة الدعائية التي تختتم عند منتصف ليل الخميس.

الشيخ محمد (نواكشوط)
الاقتصاد صورة أرشيفية من لقاء سابق لوزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط ورئيس البنك الدولي (الشرق الأوسط)

مصر تحشد ملياري دولار لدعم موازنتها

أعلنت وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط حشد تمويلات ميسرة بقيمة ملياري دولار لدعم الموازنة العامة للدولة وتنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد هذا التمويل هو الأول في سلسلة برامج تستهدف دفع عجلة الإصلاحات في مصر حسب البنك الدولي (الشرق الأوسط)

البنك الدولي يعلن تمويلاً لمصر بـ700 مليون دولار لدعم الموازنة

أعلن البنك الدولي يوم الاثنين تقديم تمويل بقيمة 700 مليون دولار لدعم الموازنة المصرية ضمن برنامج مدته 3 سنوات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.