مسؤولو «الفيدرالي الأميركي» يميلون إلى تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة

مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في العاصمة واشنطن (رويترز)
مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في العاصمة واشنطن (رويترز)
TT

مسؤولو «الفيدرالي الأميركي» يميلون إلى تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة

مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في العاصمة واشنطن (رويترز)
مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في العاصمة واشنطن (رويترز)

يجتمع صانعو السياسة في بنك «الاحتياطي الفيدرالي» حول فكرة إبقاء تكاليف الاقتراض عند ما هي عليه ربما حتى فترة طويلة من العام، نظراً للتقدم البطيء والمتعثر في مجال التضخم، والاقتصاد الأميركي الذي لا يزال قوياً.

ويوم الخميس، أصبح رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك، جون ويليامز، أحدث واضعي أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الذين يؤيدون مبدأ «عدم التعجل» بشأن تخفيضات أسعار الفائدة، وفق «رويترز».

وقد عبّر عن وجهة النظر هذه في شهر فبراير (شباط) محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر، التي رددها عديد من زملائه منذ ذلك الحين.

وقال ويليامز في قمة الاقتصاد العالمي التي نظمتها «سيمافور» في واشنطن: «بالتأكيد لا أشعر بضرورة خفض أسعار الفائدة» نظراً لقوة الاقتصاد. «أعتقد في النهاية... أن أسعار الفائدة يجب أن تكون أقل في مرحلة ما، لكن توقيت ذلك يحركه الاقتصاد».

وقال رئيس بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في أتلانتا، رافائيل بوستيك، إن التضخم سيعود إلى مستوى 2 في المائة الذي يحدده «المركزي الأميركي» بوتيرة أبطأ مما توقع الكثيرون، وقال: «بالنسبة لي، لا بأس... أنا لست في عجلة كبيرة للوصول إلى هناك؛ لأن الاقتصاد لا يزال يوفر فرص عمل، والأجور في ارتفاع».

وقال بوستيك، خلال ظهوره أمام تحالف «فورت لودرديل» الكبرى في فلوريدا: «أنا مرتاح للانتظار. أنا مَن رأي أن الأمور ستكون بطيئة بما فيه الكفاية هذا العام، بحيث لن نكون في وضع يسمح لنا بتخفيض أسعار الفائدة حتى نهاية العام».

وكان بوستيك في طليعة هذا التغيير، حيث توقّع خفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في الربع الرابع، وذهب في وقت سابق من هذا الشهر إلى حد الإشارة إلى أن «الفيدرالي» قد ينتهي به الأمر إلى عدم خفض أسعار الفائدة على الإطلاق هذا العام.

وأشار إلى أن السياسة النقدية مقيدة وستؤدي إلى إبطاء الاقتصاد وتحريك التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة على مدار العامين المقبلين.

وأضاف: «سأتابع سوق العمل للتأكد من أننا لا نزال نخلق فرص عمل»، وأن الأجور تستمر في الارتفاع بوتيرة أسرع من التضخم. «إذا استطعنا الحفاظ على هذه الأشياء وكانت لدى التضخم علامات على أنه يتجه نحو هذا الهدف، فأنا سعيد بالبقاء حيث نحن» بالنسبة لسعر الفائدة.

من جانبها، قالت رئيسة بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في كليفلاند، لوريتا ميستر، في تصريحات لها أخيراً، إن الفيدرالي «من المرجح أن يخفّض أسعار الفائدة في مرحلة ما»، لكنها ابتعدت عن اللغة الأكثر حدة التي استخدمتها هي وويليامز من قبل، التي تشير إلى خفض أسعار الفائدة هذا العام.

ومنذ بضعة أسابيع مضت، أشار عديد من صناع السياسات إلى أنهم يتوقعون أن يؤدي التضخم الأكثر سخونة من المتوقع في أوائل عام 2024 إلى إفساح المجال لقراءات أكثر برودة في مواجهة السياسة النقدية المتشددة لبنك «الاحتياطي الفيدرالي»؛ مما يستلزم تخفيضات عدة في أسعار الفائدة قبل نهاية العام؛ لمنع السياسة النقدية من تباطؤ الاقتصاد أكثر من اللازم.

لكن النمو القوي في الوظائف، والمفاجأة التصاعدية للشهر الثالث على التوالي بسبب التضخم في مارس (آذار)، والإنفاق القوي على التجزئة، من بين المؤشرات الاقتصادية الأخيرة الأخرى، أقنعت مزيداً من محافظي المصارف المركزية بأن تخفيضات أسعار الفائدة يجب أن تنتظر.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذف نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، فيليب جيفرسون، أي إشارة إلى التوقيت المناسب لخفض أسعار الفائدة. وقال رئيس «الفيدرالي»، جيروم باول، إنه من المرجح أن يستغرق الأمر وقتاً أطول للحصول على ثقة كافية بشأن انخفاض التضخم لتقليل تكاليف الاقتراض.

وعلى حد تعبير رئيسة بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في سان فرنسيسكو، ماري دالي، فإن «أسوأ ما يمكن القيام به هو التصرف بشكل عاجل عندما لا تكون هناك حاجة إلى الاستعجال».

ومع وجود علامات قليلة على حدوث تشققات، تحرَّكت الأسواق المالية أيضاً لتسعير تخفيضات أقل في أسعار الفائدة وفي وقت لاحق. وتعكس العقود الآجلة التي تستقر على سعر فائدة «الاحتياطي الفيدرالي» الآن التوقعات بأن التخفيض الأول سيأتي في سبتمبر (أيلول)، مقابل يونيو (حزيران) قبل بضعة أسابيع فقط.

وانخفضت احتمالات التخفيض الثاني لسعر الفائدة بحلول نهاية العام إلى نحو 50-50، بناءً على أداة «فيد وواتش».

وبلغ التضخم وفقاً للمقياس المستهدف من جانب «الاحتياطي الفيدرالي»، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، 2.5 في المائة في فبراير. ويقول صانعو السياسات في «الاحتياطي الفيدرالي» إنهم يتوقعون أن تكون قراءة شهر مارس لنفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية - وهي مقياس لاتجاه التضخم - أعلى من ذلك. ويستهدف بنك «الاحتياطي الفيدرالي» معدل تضخم يبلغ 2 في المائة.

وقد أثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كان «الاحتياطي الفيدرالي» قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى؛ لضمان انحسار ضغوط الأسعار. وقال ويليامز إن هذا يبدو غير مرجح، لكنه أشار إلى أنه من المستحيل استبعاده.

ويجتمع صانعو السياسة في بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في الفترة من 30 أبريل (نسيان) إلى 1 مايو (أيار)، ومن المتوقع أن يبقوا سعر الفائدة في نطاق 5.25 - 5.5 في المائة، حيث كان منذ يوليو (تموز) الماضي.


مقالات ذات صلة

حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

الاقتصاد تصاعد الدخان عقب الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة 11 أكتوبر 2023 (رويترز) play-circle 05:35

حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

لم يعد الاقتصاد الإسرائيلي بعد عام من الحرب كما كان، بل دخل مرحلة جديدة مليئة بالتحديات الاقتصادية المعقدة.

هدى علاء الدين (بيروت)
الاقتصاد امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة، كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عن ثقته بالتنمية الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات للسفر خارج البلاد التي كانت تعاني من إفلاس في فبراير 2023 (إ.ب.أ)

سريلانكا تصادق على اتفاق إعادة هيكلة ديونها

أعلنت حكومة سريلانكا الجديدة أنها صادقت على اتفاق وقَّعه الرئيس السابق مع الجهات الخاصة الدائنة، لإعادة هيكلة ديون بقيمة 12.5 مليار دولار من السندات السيادية.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

رغم تباطئه في سبتمبر (أيلول)، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)
فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)
TT

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)
فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)

أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عن ثقته بالتنمية الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي.

وقال برنده، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «أنا أكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى ألمانيا لأنها تمتلك قاعدة صناعية وخبرة... يمكن نقل هذه المعرفة بسهولة من أحد مجالات الصناعة إلى مجالات جديدة. إنها في رؤوس الناس، في المنظمات والمؤسسات».

وذكر برنده أن ألمانيا تزيد بالفعل استثماراتها في مجالات أعمال جديدة مثل تقنيات أشباه الموصلات والمراكز السحابية ومراكز البيانات، مشيراً إلى أن «ألمانيا كانت تعد ذات يوم رجل أوروبا المريض قبل نحو عشرين عاماً»، ومنذ ذلك الحين وجدت طريقها إلى القدرة التنافسية من خلال سلسلة من الإصلاحات الهيكلية.

في المقابل، تشير المؤشرات الحالية إلى الركود، وبينما من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة تزيد على 3 في المائة هذا العام، خفضت معاهد بحوث اقتصادية رائدة في ألمانيا مؤخراً توقعاتها بالنسبة لنمو الاقتصاد الألماني إلى 0.1 في المائة للعام الحالي. وأرجع برنده هذا إلى التداعيات اللاحقة للاعتماد السابق على الغاز الروسي أو السوق الصينية.

وفي ضوء ارتفاع أسعار الكهرباء في ألمانيا بمقدار الضعف عن أسعارها في الولايات المتحدة، قال برنده: «هذا يجعل الأمر صعباً على المدى القصير بالنسبة إلى الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الكهرباء»، مضيفاً في المقابل أن ألمانيا وجدت رغم ذلك بدائل للطاقة من خلال الغاز المسال، وهي الآن تصدر منتجات إلى الولايات المتحدة أكثر مما تصدره إلى الصين.

وشدد برنده على ضرورة أن تحرص ألمانيا على عدم خفوت الاستثمارات، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن بلداناً أخرى ليس لديها مجال كبير لفعل ذلك حالياً بسبب ارتفاع الديون، فإن قيود الميزانية الألمانية مطبَّقة تلقائياً في شكل كبح الديون، ما يزيد من صعوبة الاستثمار في البنية التحتية أو البحث والتطوير أو توفير رأس المال الأوّلي ورأس المال المخاطر، وقال: «ليس هناك شك بأن رأس المال المتاح للشركات الناشئة في الولايات المتحدة أكبر مما هو موجود هنا في أوروبا».