انخفاض التضخم في بريطانيا إلى أدنى مستوى له منذ عامين ونصف عام

قد يمهد الطريق لمزيد من الترحيب بخفض أسعار الفائدة قريباً

موظف يسير داخل سوبر ماركت «سينسبري» في ريتشموند غرب لندن (رويترز)
موظف يسير داخل سوبر ماركت «سينسبري» في ريتشموند غرب لندن (رويترز)
TT

انخفاض التضخم في بريطانيا إلى أدنى مستوى له منذ عامين ونصف عام

موظف يسير داخل سوبر ماركت «سينسبري» في ريتشموند غرب لندن (رويترز)
موظف يسير داخل سوبر ماركت «سينسبري» في ريتشموند غرب لندن (رويترز)

انخفض التضخم في المملكة المتحدة في مارس (آذار) إلى أدنى مستوى له منذ أواخر عام 2021، بفعل انخفاض إضافي في أسعار المواد الغذائية، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة يوم الأربعاء، وهو تطور قد يمهد الطريق لمزيد من الترحيب بخفض أسعار الفائدة قريباً.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 3.2 في المائة على أساس سنوي حتى مارس، نزولاً من 3.4 في المائة في فبراير (شباط)، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2021، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ولم يكن الانخفاض في المعدل السنوي كبيراً كما كان متوقعاً. وكان الاقتصاديون قد توقعوا قراءة بنسبة 3.1 في المائة لهذا الشهر.

كما تباطأ التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء والتبغ، إلى 4.2 في المائة من 4.5 في المائة في فبراير. وكان استطلاع «رويترز» قد أشار إلى قراءة تبلغ 4.1 في المائة.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن تضخم الخدمات الذي يراقبه بنك إنجلترا أيضاً عن كثب، تراجع قليلاً إلى 6 في المائة من 6.1 في المائة. وأشار إلى أن تباطؤ أسعار المواد الغذائية كان المساهم الرئيسي في انخفاض التضخم الرئيسي.

وقال كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاء الوطني، غرانت فيتزنر: «مرة أخرى، كانت أسعار المواد الغذائية هي السبب الرئيسي للانخفاض، مع ارتفاع الأسعار بمعدل أقل مما شهدناه قبل عام».

وأضاف: «على غرار الشهر الماضي، شهدنا تعويضاً جزئياً لارتفاع أسعار الوقود».

ولا يزال التضخم أعلى من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة؛ لكن يبدو أن اتجاه التحرك واضح.

ووصل التضخم إلى ذروة تزيد على 11 في المائة في نهاية عام 2022، في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، والذي أدى إلى زيادات حادة في تكاليف الطاقة.

ويعني الانخفاض أن معدل التضخم في المملكة المتحدة أقل من معدل التضخم في الولايات المتحدة، لأول مرة منذ عامين. وفي مارس، ارتفع التضخم في الولايات المتحدة إلى 3.5 في المائة.

ومن المقرر أن ينخفض التضخم أكثر في أبريل (نيسان)، ربما إلى أقل من 2 في المائة، نتيجة لانخفاض حاد في فواتير الطاقة المحلية، وهو ما يعتقد خبراء الاقتصاد أنه قد يدفع واضعي أسعار الفائدة في بنك إنجلترا إلى التفكير في خفض أسعار الفائدة في الأشهر القليلة المقبلة، من أعلى مستوى لها في 16 عاماً وهو 5.25 في المائة.

ومع ذلك، حذر عدد من صانعي السياسة التسعة من أن معركة مكافحة التضخم لم تنته بعد؛ حيث يتوقعون أن تبدأ الأسعار في الارتفاع مرة أخرى في النصف الثاني من العام.

وقال كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ريزوليوشن فاونديشن» البحثية، سيمون بيتواي: «مع انخفاض كبير آخر الشهر المقبل، من المفترض أن يعود التضخم قريباً إلى المستهدف، وسيزداد الضغط لخفض أسعار الفائدة».

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي في شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» في المملكة المتحدة، جيك فيني، إن «التضخم الرئيسي اتخذ خطوة صغيرة أخرى على طريق العودة إلى الهدف»؛ مشيراً إلى أن الضغط سيزداد على بنك إنجلترا لخفض أسعار الفائدة إذا استمر التضخم في الانخفاض.

وأضاف: «ومع ذلك، من المرجح أن يرغب البنك في الحصول على أدلة أكثر قاطعة على أننا حققنا عودة مستدامة إلى الهدف قبل أن يعمد إلى تخفيضات أسعار الفائدة».

وقام بنك إنجلترا، مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والمصارف المركزية الأخرى حول العالم، برفع أسعار الفائدة بشكل حاد في أواخر عام 2021 من الصفر تقريباً، لمواجهة ارتفاع الأسعار التي أشعلتها لأول مرة مشكلات سلسلة التوريد خلال جائحة «كوفيد-19» ثم غزو روسيا لأوكرانيا.

وقد ساهمت أسعار الفائدة المرتفعة -التي تعمل على تهدئة الاقتصاد من خلال جعل الاقتراض أكثر تكلفة، وبالتالي الضغط على الإنفاق- في خفض التضخم في جميع أنحاء العالم.

ويأمل حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا أن يؤدي انخفاض التضخم وانخفاض أسعار الفائدة إلى إحداث شعور إيجابي قبل الانتخابات العامة التي يجب إجراؤها بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وتُظهر استطلاعات الرأي أن حزب العمال المعارض الرئيسي يتقدم ويتجه نحو تحقيق انتصار كبير على «المحافظين» الذي يتولى السلطة منذ عام 2010.


مقالات ذات صلة

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

الاقتصاد سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

قال نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي، وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مقر الاحتياطي الفيدرالي (الموقع الرسمي للمصرف)

اجتماع حاسم لـ«الفيدرالي» تظلله تعقيدات الاقتراب من الانتخابات الرئاسية

يتوقع على نطاق واسع أن يبقي المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة الرئيسية ثابتة عندما يجتمعون يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا قوات الأمن تعتقل ناشطين من «حزب الجماعة الإسلامية» في أثناء احتجاجهم على التضخم بإسلام آباد في 26 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

أغلقت السلطات الباكستانية، الجمعة، الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ونشرت آلافاً من قوات الأمن لمنع الاحتجاجات ضد زيادة التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار المصرف المركزي التركي في أنقرة (رويترز)

«المركزي» التركي يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الرابع

ثبّت مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة عند 50 % دون تغيير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.