5 تحديات تواجه غورغييفا في ولايتها الثانية بصندوق النقد الدولي

إعادة تعيينها مديرةً عامةً استبقت اجتماعات الربيع الأسبوع المقبل

المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال جلسة الموافقة على إعادة تعيين غورغييفا (إكس)
المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال جلسة الموافقة على إعادة تعيين غورغييفا (إكس)
TT

5 تحديات تواجه غورغييفا في ولايتها الثانية بصندوق النقد الدولي

المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال جلسة الموافقة على إعادة تعيين غورغييفا (إكس)
المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال جلسة الموافقة على إعادة تعيين غورغييفا (إكس)

حصلت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة الحالية لصندوق النقد الدولي، على دعم الدول الأوروبية لولاية ثانية مدتها 5 سنوات تبدأ في الأول من أكتوبر (تشرين الأول). فهل أداؤها في ولايتها الأولى هو الذي برر هذا الدعم؟

وجاء قرار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إعادة تعيين غورغييفا «بالتوافق» وفق البيان الصادر عنه، قبل أيام من اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، حيث يجتمع وزراء المالية ومحافظو المصارف المركزية والاقتصاديون من جميع أنحاء العالم بين 15 و20 أبريل (نيسان) لمناقشة المجالات ذات الاهتمام العالمي.

وكان وزراء المالية الأوروبيون اتفقوا في 12 مارس (آذار) الماضي، في بروكسل، على الالتفاف حول ترشيح غورغييفا، وهي من أصل بلغاري، كبرهان على وحدة الاتحاد الأوروبي. وقد عني هذا الدعم أن السباق أصبح مفروغاً منه لصالح غورغييفا التي تنتهي فترة ولايتها الأولى في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وعلى الرغم من أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي له الكلمة الأخيرة من الناحية الفنية بشأن من يتم تعيينه، فإن هذا المنصب يذهب تقليدياً إلى أوروبي، في حين يقود أميركي البنك الدولي. فسلف غورغييفا كانت كريستين لاغارد الفرنسية التي كانت وزيرة للمالية، وهي ترأس اليوم المصرف المركزي الأوروبي، وقبلها دومينيك شتراوس كان، الفرنسي الذي اضطر للتنحي من منصبه إثر فضيحة جنسية، ورودريغو دي راتو الإسباني الذي شغل منصب وزير الاقتصاد بين 1996-2004... وغيرهم. لكن على الرغم من الدعم الذي حصلت عليه من الاتحاد الأوروبي، فإن غورغييفا تعرضت لحملة من مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي الذين طالبوا بأن تستخدم الولايات المتحدة نفوذها لاستبدالها «بسبب سوء الإدارة»، مستشهدين بتقارير عن عدم القدرة على تحميل الصين المسؤولية عن ممارساتها في الإقراض والعملة؛ إذ أرسل رئيس لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب باتريك ماكهنري، والنائبان فرينش هيل وبلين لوتكيماير، رسالة إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين يدعونها إلى البحث عن بديل عن غورغييفا بعد 3 أيام على تلقيها دعماً أوروبياً.

قادت غورغييفا صندوق النقد الدولي منذ عام 2019، وذلك بعد فترة قضتها رئيسةً مؤقتةً للبنك الدولي منذ عام 2017. وأمضت ست سنوات مفوضةً لبلغاريا في الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2021، كادت تُجبر على الخروج من صندوق النقد الدولي بعد مزاعم بأنها عبثت بالبيانات خلال فترة وجودها في البنك الدولي لإرضاء الصين. لكن تمت تبرئتها لاحقاً من قبل صندوق النقد الدولي ونفت بشدة ارتكاب أي مخالفات.

لقد شهدت السنوات الخمس الماضية تقاطع أزمات عالمية، بما في ذلك جائحة «كوفيد- 19»، والحرب الروسية - الأوكرانية وعدم الاستقرار الجيوسياسي المتزايد، وهي عوامل دفعت بالاقتصاد العالمي إلى المجهول بعد تفاقم معدلات التضخم. وكان لهذا تأثيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية واسعة النطاق، وخاصة في البلدان المنخفضة الدخل.

ففي فترة الجائحة، تمكنت غورغييفا من توجيه الصندوق المنوط به الحفاظ على استقرار النظام المالي والنقدي الدولي من خلال الإقراض، وتقديم المشورة في مجال السياسات الاقتصادية، والمساعدة الفنية؛ إذ وافق على تمويل جديد يزيد عن 360 مليار دولار، وتخفيف خدمة الديون لأفقر البلدان، وتخصيص حقوق السحب الخاصة، والوحدة الحسابية الداخلية لصندوق النقد الدولي بقيمة 650 مليار دولار. وفي عام 2023، وافق الصندوق أيضاً على حزمة مساعدات بقيمة 15.6 مليار دولار لأوكرانيا، وهي المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك لدولة في حالة حرب.

وتحت قيادتها، قدم الصندوق تسهيلات تمويل جديدة ومبتكرة، بما في ذلك مرفق القدرة على الصمود والاستدامة ونافذة مواجهة الصدمات الغذائية. فقد قامت بتجديد موارد الصندوق الاستئماني للحد من الفقر وتعزيز النمو، ومنحه القدرة على تعبئة القروض الميسرة لأفقر البلدان الأعضاء. وشاركت في إنشاء الطاولة المستديرة العالمية للديون السيادية. كما حصلت على زيادة في الحصص بنسبة 50 في المائة لتعزيز الموارد الدائمة للصندوق، ووافقت على إضافة رئيس ثالث من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.

وسوف يستضيف الصندوق اجتماع طاولة مستديرة للديون السيادية العالمية، حيث من المأمول أن تتمكن الصين وغيرها من الدائنين الثنائيين الكبار من إحراز تقدم في إعادة هيكلة ديون بعض أكثر الاقتصادات ضعفاً في العالم.

كما وافق الصندوق في خلال ولاية غورغييفا على إقراض عدد من الدول، نذكر منها أخيراً قرض الـ8 مليارات دولار لمصر، ولباكستان بقيمة 3 مليارات دولار، ولغانا بقيمة 3 مليارات دولار، ودفعة 4.7 مليار دولار للأرجنتين في إطار برنامج مساعدات بقيمة 44 ملياراً.

وكانت غورغييفا حذرت كثيراً من التأثير الاقتصادي العالمي المترتب على التشتت التجاري الناجم عن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

وقد أشاد مجلس إدارة الصندوق بـ«القيادة القوية والذكية» لغورغييفا في فترة ولايتها؛ إذ «تمكنت من التغلب على سلسلة من الصدمات العالمية الكبرى»، وفق بيان إعادة اختيار غورغييفا.

وردت غورغييفا بالإعراب عن امتنانها لمجلس الإدارة، وأنها «تتشرف» باختيارها لولاية ثانية، وقالت إنها تتطلع إلى مواصلة العمل مع الموظفين «الاستثنائيين» في صندوق النقد الدولي.

وأضافت في بيان: «في السنوات القليلة الماضية، ساعد صندوق النقد الدولي بلداننا الأعضاء على اجتياز صدمات متعاقبة تضمنت الجائحة والحروب والصراعات وأزمة تكلفة المعيشة... وكثفنا عملنا بشأن تغير المناخ والهشاشة والصراع والتحول الرقمي، بما يتماشى مع أهميتها المتزايدة لاستقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي والنمو والتوظيف».

التحديات

ويبدو أن المرحلة المقبلة لن تكون معالمها واضحة، وسط تنامي التحديات التي ستواجهها غورغييفا في ولايتها الجديدة، ومنها:

توقعات النمو: لا تزال آفاق النمو متدنية على الرغم من تحسنها أخيراً؛ إذ تظل توقعات النمو العالمي على المدى المتوسط أقل كثيراً من المتوسط التاريخي - فهي أعلى قليلاً من 3 في المائة. وهو ما شرحته بوضوح غورغييفا قبل أيام حين حذرت من أن الاقتصاد العالمي يواجه عقداً من «النمو الفاتر» و«السخط الشعبي» على الرغم من تجنب الركود الذي يُخشى كثيراً. وقالت في عرضها للتحديات المقبلة: «الحقيقة المثيرة للقلق هي أن النشاط العالمي ضعيف بالمعايير التاريخية، وأن آفاق النمو تتباطأ منذ الأزمة المالية العالمية»، موضحة أن «التضخم لم يُهزم بالكامل، وقد استُنفدت الاحتياطات المالية وارتفعت الديون، مما يشكل تحدياً كبيراً للمالية العامة في العديد من البلدان».

استعادة استقرار الأسعار، والتي هي مهمة المصارف المركزية للتوصل إلى قرار متى يمكن خفض أسعار الفائدة وإلى أي حد.

ملف الديون المتعثرة: لقد زادت الديون على نحو كبير بعدما اتخذت الحكومات إجراءات لمواجهة الجائحة. وسوف تكون مكافحة مستويات الديون المرتفعة صعبة في عام يشهد عدداً قياسياً من الانتخابات، وفي وقت يتزايد فيه القلق «بسبب عدم اليقين الاستثنائي وسنوات من الصدمات».

التوترات الجغرافية-السياسية، والتي تفاقم مخاطر تشرذم الاقتصاد العالمي.

ومن أبرز التحديات التي سوف يكون لها وقعها الحاد على النمو العالمي، ما تشهده الصين حالياً، وهي التي تمثل نحو 18 في المائة من النمو العالمي. ويواجه المسؤولون الصينيون صعوبة في إنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم بسبب رياح معاكسة من بينها أزمة طويلة الأمد في قطاع العقارات، وارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب وضعف الطلب العالمي على سلع البلاد.

وعدّدت غورغييفا التحديات التي يواجهها صندوق النقد الدولي حالياً، حين قالت: «أنا أنظر إلى صندوق النقد الدولي، وأرى مهمتين بنفس القدر من الأهمية: أولاً: التأكد من أن لدينا القدرة المالية على العمل ودعم أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها... وعلى مدى السنوات المقبلة ستكون هذه البلدان متوسطة الدخل الضعيفة والبلدان منخفضة الدخل. وثانياً: التأكد من أننا نجمع أعضاءنا معاً، وعلى الرغم من كل الصعوبات في التعاون، فإننا نعمل من أجل الإجماع على تلك القضايا التي يعتمد عليها مستقبل أبنائنا وأحفادنا».



«المأكولات البحرية» على مائدة المناقشات الصينية اليابانية الأربعاء

صيادون يابانيون على مركب بالقرب من ميناء سوما القريب من مفاعل فوكوشيما النووي (أ.ف.ب)
صيادون يابانيون على مركب بالقرب من ميناء سوما القريب من مفاعل فوكوشيما النووي (أ.ف.ب)
TT

«المأكولات البحرية» على مائدة المناقشات الصينية اليابانية الأربعاء

صيادون يابانيون على مركب بالقرب من ميناء سوما القريب من مفاعل فوكوشيما النووي (أ.ف.ب)
صيادون يابانيون على مركب بالقرب من ميناء سوما القريب من مفاعل فوكوشيما النووي (أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية الصينية إن وزير الخارجية الصيني وانغ يي سيجري محادثات مع نظيره الياباني تاكيشي إيوايا في بكين يوم الأربعاء، حيث من المتوقع أن يتناول الرجلان حظر الصين على واردات المأكولات البحرية اليابانية.

وتعد زيارة إيوايا التي تستغرق يوماً واحداً للعاصمة الصينية بدعوة من الصين هي الأولى له منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفرضت بكين الحظر في أغسطس (آب) الماضي بعد أن بدأت طوكيو في إطلاق المياه المشعة المعالجة من محطة فوكوشيما النووية على الرغم من معارضة الصين.

وعندما سئلت عن الحظر في إفادة صحافية دورية يوم الثلاثاء حثت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ اليابان على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق تم التوصل إليه في سبتمبر (أيلول) الماضي. ويلزم الاتفاق اليابان بإنشاء ترتيبات مراقبة دولية طويلة الأجل، والسماح لأصحاب المصلحة، مثل الصين بإجراء أخذ عينات ومراقبة مستقلة.

وقالت ماو: «بعد المشاركة الفعالة في المراقبة الدولية طويلة الأجل... ستبدأ الصين في تعديل التدابير ذات الصلة على أساس الأدلة العلمية، واستعادة واردات المنتجات المائية اليابانية التي تلبي المعايير واللوائح تدريجياً»، دون أن تحدد جدولاً زمنياً. وأضافت أن الصين تواصل معارضة تصريف المياه.

ومن جانبه، شدّد الوزير الياباني إيوايا على أن العلاقات مع بكين هي «واحدة من العلاقات الثنائية الأكثر أهمية بالنسبة إلينا»، لافتاً إلى أن «الإمكانيات كثيرة بين اليابان والصين، وكثيرة هي أيضاً التحديات والهواجس».

والشراكة التجارية بين الصين واليابان على قدر كبير من الأهمية، لكن عوامل عدة خصوصاً الخلافات التاريخية والتوترات المتّصلة بتنازع السيادة في بحر الصين الجنوبي والنفقات العسكرية الزائدة، وتّرت العلاقات في السنوات الأخيرة.

ولفت إيوايا إلى أن «مسؤولية كبيرة تقع على عاتق البلدين فيما يتّصل بالسلام والاستقرار في المنطقة».

وطوكيو حليفة تقليدية للولايات المتحدة، وقد عزّزت بشكل كبير إنفاقها العسكري في السنوات الأخيرة في ظل ازدياد المناورات العسكرية لبكين، خصوصاً حول تايوان القريبة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان.

وفي مطلع ديسمبر (كانون الأول) حذّر وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني لدى لقائه نظيره الأميركي لويد أوستن، من أن الوضع الأمني في المنطقة «يزداد خطورة». وشكر الوزير الياباني أوستن على التزامه «الردع» في إطار التحالف بين اليابان والولايات المتحدة.

وينتشر نحو 54 ألف عسكري أميركي في اليابان، خصوصاً في أوكيناوا. لكن النزعة الانعزالية لدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي سيتولى منصبه في يناير (كانون الثاني) المقبل، قد تفضي إلى خفض تمويل واشنطن للأمن في المنطقة، وتدفع اليابان إلى تعزيز قدراتها العسكرية.

وحدّدت طوكيو بالفعل هدفاً لإنفاقها العسكري هو الوصول إلى ما نسبته 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027.