الاتحاد الأوروبي يعتمد مليار دولار عاجلة لمصر

الإفراج عن بضائع بأكثر من 8 مليارات دولار منذ أول مارس

حاويات يجري تحميلها على شاحنات في أحد الموانئ المصرية (رويترز)
حاويات يجري تحميلها على شاحنات في أحد الموانئ المصرية (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يعتمد مليار دولار عاجلة لمصر

حاويات يجري تحميلها على شاحنات في أحد الموانئ المصرية (رويترز)
حاويات يجري تحميلها على شاحنات في أحد الموانئ المصرية (رويترز)

أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيقدم مليار يورو (1.06 مليار دولار) من المساعدات المالية العاجلة، قصيرة الأجل، لمصر للمساعدة في استقرار اقتصادها.

وقال الاتحاد الأوروبي، السبت، في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الدفعة الأولى، من برنامج المساعدات البالغ نحو 8.1 مليار دولار، «تهدف للمساعدة على معالجة الوضع المالي المتدهور، والاحتياجات التمويلية للبلاد... لا سيما بعد اندلاع حرب غزة، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وتداعيات الحرب الروسية...».

وأفاد البيان بأن المساعدة قصيرة المدى بقيمة مليار يورو تعد جزءاً من حزمة مالية لتقديم المساعدة المالية لمصر بشكل عاجل، بقيمة 4 مليارات يورو، أما الجزء الثاني الذي لم يجرِ اعتماده بعد، فسيوفر 4 مليارات يورو أخرى، خلال الفترة 2024 - 2027.

يأتي برنامج المساعدات المالية بعد الإعلان عن اتفاق دعم مالي بقيمة 8 مليارات دولار لمصر من صندوق النقد الدولي في السادس من مارس (آذار) الماضي، وقد سبقه الاتفاق على صفقة استثمارية كبرى بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات، تزامناً مع انخفاض حاد في قيمة الجنيه وقرار للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 600 نقطة أساس، ما مكن المالية العامة المتعثرة من التقاط أنفاسها.

ومنذ ذلك الحين، تدفقت مليارات الدولار على مصر، من مستثمرين عرب وأجانب، في أذون الخزانة والسندات، التي تقدم عوائد مرتفعة للغاية.

وأشارت تقديرات أحد كبار المصرفيين الأسبوع الماضي، وفق وكالة «رويترز»، إلى أن المستثمرين الأجانب اشتروا أذون وسندات خزانة بقيمة 5 مليارات دولار من خلال السوق الأولية و9.5 مليار دولار أخرى من السوق الثانوية عبر مستثمرين. وقدر تقرير ثانٍ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في السوقين بما يتراوح بين 11 و12 مليار دولار حتى يوم الاثنين.

وارتفعت استثمارات المحافظ بجميع آجال الاستحقاق بمقدار 228.8 مليون دولار فقط في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2023، وفقاً لبيانات البنك المركزي الصادرة، يوم الاثنين.

وحتى 31 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي أحدث بيانات متاحة للبنك المركزي، اشترى المستثمرون الأجانب أذون خزانة بقيمة 389.7 مليار جنيه بآجال استحقاق عام أو أقل، وهو ما يعادل نحو 12.6 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي في ذلك الوقت.

ويساعد إقبال المستثمرين الأجانب في خفض التكلفة المرتفعة بشكل خطير التي تتحملها الحكومة لتمويل عجز الميزانية، ويمكن أن يساعد في سد الفجوة حتى يصل مزيد من الدعم حسب التعهدات في الشهرين إلى الثلاثة أشهر المقبلة.

وأبلغت مصر صندوق النقد العام الماضي أنها ستعمل على تطوير أدوات دين بأسعار فائدة متغيرة وآجال أطول.

وبعد الاتفاق مع الصندوق في السادس من مارس، قفز متوسط ​​العائد على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 32.30 في المائة من 29.91 في المائة بعد زيادة أسعار الفائدة 600 نقطة أساس، لكن الطلب الدولي المتنامي منذ ذلك الحين أدى إلى انخفاضه إلى 25.75 في المائة.

وقال أحد المتعاملين في البنوك المصرية إن تدفق الأموال الأجنبية كان هائلاً لدرجة أنه «خرب السوق على اللاعبين المحليين».

وأوضح الاتحاد الأوروبي في بيانه أنه سيجري تقديم المساعدة المالية لمصر، «في شكل قروض»، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

كانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت في 15 مارس الماضي تقديم مساعدة مالية لمصر بمبلغ إجمالي قدره 5 مليارات يورو على شكل قروض، وذلك بعد طلب مصر في 12 مارس.

وسيوفر البرنامج مليار يورو على المدى القصير و4 مليارات يورو على مدى الفترة 2024 - 2027. ويهدف النهج المتمايز إلى تمكين صرف الجزء الأول من المساعدات قبل نهاية عام 2024، للاستجابة لاحتياجات مصر التمويلية العاجلة.

إفراج جمركي

وفي هذه الأثناء، قال وزير المالية المصري محمد معيط إنه جرى الإفراج الجمركي عن بضائع بقيمة إجمالية تزيد على 8 مليارات دولار منذ أول مارس الماضي، وفق بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه.

وذكر معيط في البيان أن الوزارة تعمل مع كل أجهزة الدولة على «مواجهة أي ممارسات استيرادية تؤدي إلى تكدس السلع في الموانئ، حيث يجري التعامل بكل حسم مع أي بضائع يتركها أصحابها في الموانئ فوق المدد القانونية المقررة».

وأضاف أنه على الرغم من أن الموارد الدولارية متاحة في البنوك، فإن «بعض المستوردين امتنعوا عن الإفراج عن شحناتهم دون مبرر قانوني، ويجري التعامل بكل حزم مع هؤلاء المستوردين الممتنعين عن الإفراج عن شحناتهم دون أي سبب أو مبرر قانوني».


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تعلن اكتشاف مكامن للغاز الطبيعي قبالة سواحل مصر

الاقتصاد أعمال حفر البئر الاستكشافية «نفرتاري - 1» بمنطقة امتياز شمال مراقيا بالبحر المتوسط (وزارة البترول المصرية)

«إكسون موبيل» تعلن اكتشاف مكامن للغاز الطبيعي قبالة سواحل مصر

أعلنت شركة «إكسون موبيل»، الأربعاء، أنها اكتشفت مكامن غاز طبيعي قبالة سواحل مصر، بعد نجاحها في حفر بئر استكشافية في البحر الأبيض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال لقائه مهندسين وفنيين في حقل ريفين البحري (وزارة البترول المصرية)

مصر: «بي بي» تنتهي من حفر بئرين لإنتاج الغاز بحقل «ريفين» البحري

أعلنت وزارة البترول المصرية، الأحد، انتهاء شركة «بي بي» البريطانية، بنجاح، من أعمال الحفر واستكمال الآبار، للبئرين الإضافيتين بحقل غاز «ريفين» بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو في الشرق الأوسط إلى 3.4 % خلال 2025

تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
TT

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو في الشرق الأوسط إلى 3.4 % خلال 2025

تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

توقّع البنك الدولي نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 3.4 في المائة خلال عام 2025، تراجعاً من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين رجّح نموها للعام الحالي بنحو 3.8 في المائة. كما توقع نمواً للمنطقة في العام المقبل بواقع 4.1 في المائة.

ورجح أن تُنهي الاقتصادات النامية -التي تُحرّك 60 في المائة من النمو العالمي- الربع الأول من القرن الحادي والعشرين بأضعف مستويات لتوقعات النمو على المدى الطويل منذ عام 2000.

وبالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، فتوقع نموه بنحو 2.7 في المائة خلال 2025 و2026، وهي الوتيرة نفسها التي شهدها عام 2024، مع الانخفاض التدريجي للتضخم وأسعار الفائدة.

وذكر البنك الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أن توقعاته لعام 2025 تقل عن توقعاته السابقة، كون عدداً من البلدان الرئيسية المصدرة للنفط مددت بعض التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط. وقال إن الآفاق المستقبلية في المنطقة تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين، بسبب استمرار الصراعات المسلحة والتوترات التي لا تزال شديدة في عدد من البلدان.

مجلس التعاون الخليجي

وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، توقّع البنك الدولي أن يبلغ النمو 3.3 في المائة في 2025، انخفاضاً من توقعاته في أكتوبر البالغة 4.2 في المائة، وذلك بسبب تمديد التعديلات الطوعية لإنتاج النفط. وعلى مستوى البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي، فمن المتوقع أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً.

العاصمة الرياض (أ.ف.ب)

وعلى مستوى البلدان المستوردة للنفط، من المتوقع أن يزيد معدل النمو إلى 3.9 في المائة في المتوسط خلال 2025-2026، مدفوعاً في المقام الأول بقوة الطلب المحلي مع تراجع الضغوط التضخمية.

وفي مصر، سيُعزز الاستهلاك الخاص النشاط الاقتصادي ويدعمه، إضافة إلى تراجع التضخم، وزيادة تدفقات تحويلات المغتربين والاستثمارات، خصوصاً في أعقاب استثمارات الإمارات.

ومن المتوقع أن يزداد معدل النمو في الأردن والمغرب وتونس، وفي الوقت نفسه سيظل في الحدود المتوسطة في جيبوتي، وهو ما يرجع أساساً إلى استقرار نشاط الموانئ.

رجل يركب دراجته الهوائية بين أشجار النخيل على طول مياه الخليج في مدينة الكويت (أ.ف.ب)

المخاطر

بالنسبة للبنك الدولي، فإن مخاطر التطورات السلبية الرئيسية التي تُهدد الآفاق المستقبلية تتمثل في تصاعد الصراعات المسلحة في المنطقة واشتداد حالة عدم اليقين بشأن السياسات، لا سيما التحولات غير المتوقعة في السياسات العالمية.

وفي البلدان المصدرة للنفط، قد يؤدي انخفاض الطلب العالمي وتراجع أسعار النفط إلى مزيد من التأخير في إنهاء تعديلات إنتاج النفط، ما يضعف آفاق النمو على مستوى المنطقة.

أما في البلدان المستوردة للنفط، فيمكن أن تؤدي زيادة التدابير الحمائية التي يتخذها الشركاء التجاريون إلى خفض الصادرات، وفي الوقت نفسه من الممكن أن يكون استمرار التضخم العالمي والسياسة النقدية الأكثر تشدداً مما كان متوقعاً لهما تأثير سلبي على تكلفة التمويل الأجنبي.

وتشمل مخاطر التطورات السلبية الأخرى زيادة الاضطرابات الاجتماعية ومعدلات تواتر الظواهر المناخية بالغة الشدة والكوارث الطبيعية الأخرى. لكن على الجانب الإيجابي، يمكن أن تؤدي السياسة النقدية العالمية الأكثر تيسيراً إلى تسهيل شروط التمويل.

ومن الممكن أن يعود النمو الأقوى من المتوقع في الاقتصادات الكبرى بالنفع على النشاط الاقتصادي في المنطقة، من خلال ارتفاع الطلب العالمي.

ولا تزال آفاق النمو تتسم بالغموض في لبنان، وسوريا، والضفة الغربية وقطاع غزة، واليمن. ومن المتوقع أن تؤدي المخاوف الأمنية المستمرة في خضم التوترات الجيوسياسية الشديدة إلى تقييد النمو وتصاعد حالة عدم اليقين.

لبنانيون يحتفلون بترشيح رئيس الوزراء نواف سلام في ساحة الشهداء ببيروت (أ.ف.ب)

الاقتصادات النامية

إلى ذلك، توقّع البنك الدولي أن تُنهي الاقتصادات النامية -التي تُحرّك 60 في المائة من النمو العالمي- الربع الأول من القرن الحادي والعشرين بأضعف مستويات لتوقعات النمو على المدى الطويل منذ عام 2000. وحتى مع استقرار الاقتصاد العالمي في العامين المقبلين، فمن المتوقع أن تحقق الاقتصادات النامية تقدماً أبطأ، في إطار جهود اللحاق بمستويات الدخل في الاقتصادات المتقدمة.

وتعليقاً على ذلك، قال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية: «إن السنوات الخمس والعشرين المقبلة ستكون أصعب بالنسبة للبلدان النامية، مقارنة بالسنوات الخمس والعشرين الماضية»، مشيراً إلى «تبدد معظم القوى التي ساعدت في نهضتها ذات يوم، وظهور عوامل سلبية حلّت محل هذه القوى؛ تمثلت في ارتفاع أعباء الديون، وضعف الاستثمار ونمو الإنتاجية، وارتفاع تكاليف تغير المناخ».

وأضاف: «في السنوات المقبلة، ستحتاج الاقتصادات النامية إلى دليل جديد يُركز على الإصلاحات المحلية لتسريع وتيرة الاستثمارات الخاصة، وتعميق العلاقات التجارية، وتشجيع الاستخدام الأكثر كفاءة لرأس المال والمواهب والطاقة».

وتُعدّ الاقتصادات النامية أكثر أهمية للاقتصاد العالمي مما كانت عليه في بداية القرن الحالي، فهي تُمثل نحو 45 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مقابل 25 في المائة في عام 2000. كما ازداد مستوى ترابطها والاعتماد المتبادل فيما بينها، حيث إن أكثر من 40 في المائة من صادراتها السلعية تذهب إلى اقتصادات نامية أخرى، أي ضعف النسبة المسجلة في عام 2000.

وقد أصبحت الاقتصادات النامية أيضاً مصدراً مهماً لتدفقات رأس المال العالمية، وتحويلات المغتربين والمساعدات الإنمائية إلى الاقتصادات النامية الأخرى، فبين عامي 2019 و2023 شكّلت هذه الاقتصادات 40 في المائة من التحويلات العالمية، ارتفاعاً من 30 في المائة في العقد الأول من هذا القرن.