توقعات بارتفاع التضخم في مصر خلال مارس بعد خفض قيمة الجنيه

«غولدمان ساكس» يشيد بحزمة الإصلاحات الاقتصادية

بائع فاكهة على أطراف العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
بائع فاكهة على أطراف العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

توقعات بارتفاع التضخم في مصر خلال مارس بعد خفض قيمة الجنيه

بائع فاكهة على أطراف العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
بائع فاكهة على أطراف العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

أظهر استطلاع لـ«رويترز» (السبت)، أن التضخم في مصر من المتوقع أن يكون قد ارتفع في مارس (آذار) مع تكيّف الأسعار مع خفض قيمة العملة ورفع سعر الفائدة خلال الشهر، وهو ما تلاه بأسبوعين رفع أسعار الوقود.

وارتبطت إجراءات التقشف بحزمة دعم مالي بقيمة 8 مليارات دولار تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في أوائل مارس بعد نقص مزمن في العملة الأجنبية على مدى أكثر من عامين.

ووفقاً لمتوسط توقعات 12 محللاً، فمن المتوقع أن يقفز التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 36.3 في المائة من 35.7 في المائة في فبراير (شباط).

وسمح البنك المركزي بانخفاض قيمة الجنيه المصري إلى نحو 49.5 مقابل الدولار في السادس من مارس من مستوى 30.85 الذي أبقاه عنده في الشهور الـ12 السابقة. ورفع البنك المركزي أيضاً سعرَي عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بمقدار 600 نقطة أساس.

وقال جيمس سوانستون، من «كابيتال إيكونوميكس»: «نعتقد بأن التضخم في مصر سيتسارع مجدداً، وسيظل مرتفعاً في الأشهر المقبلة مع ظهور آثار ضعف الجنيه، فضلاً عن ارتفاع الأسعار المدارة الأخرى».

ورفعت مصر أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود في 22 مارس، في إطار مضيها قدماً في الالتزام الذي تعهدت به لصندوق النقد الدولي قبل أكثر من عام بالسماح لمعظم الأسعار المحلية بالارتفاع إلى المستويات الدولية.

ووفقاً لمتوسط توقعات 3 محللين شملهم الاستطلاع، فمن المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني الوقود وبعض المواد الغذائية المتقلبة، إلى 36.1 في المائة في مارس من 35.1 في المائة في فبراير.

وواصل التضخم تراجعه من مستوى مرتفع على نحو قياسي عند 38.0 في المائة سجله في سبتمبر (أيلول)، لكنه ارتفع مجدداً على غير المتوقع في فبراير.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إنه سيصدر بيانات التضخم لشهر مارس، يوم الاثنين.

في الأثناء، قالت وزارة المالية المصرية إنه «ما زالت حزمة الإصلاحات الأخيرة للاقتصاد المصري، تحظى بإشادة المؤسسات الدولية، بعدما قررت مؤسستا التصنيف الائتماني (موديز) و(ستاندرد آند بورز) تغيير نظرتهما لمستقبل الاقتصاد المصري إلى إيجابية».

وأوضحت في بيان صحافي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «تقريراً إيجابياً لبنك الاستثمار الأميركي (غولدمان ساكس)، توقع خلاله تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر من تقديرات تبلغ 3.5 في المائة في العام المالي الحالي إلى 4.9 في المائة في العام المالي المقبل 2025 - 2024، وأن يتراوح في المتوسط بين 6 في المائة و6.5 في المائة، اعتباراً من السنة المالية التالية فصاعداً؛ بما يعكس أهمية برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الشامل».

أضاف البيان، أن تقرير «غولدمان ساكس»، أكد توقعاته نجاح وزارة المالية في تحقيق الفائض الأولي المستهدف، العام المالي المقبل، بنسبة 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المقبل، وأن يظل الفائض عند هذا المستوى على مدى السنوات المالية الـ3 التالية.

واستطاعت وزارة المالية تحقيق فائض أولي في الموازنة على مدى السنوات الـ6 الماضية بمتوسط 1.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر «يثير الإعجاب»، وفق تقرير البنك، أكثر عند الوضع في الاعتبار ما يواجهه الاقتصاد المصري من تحديات فى تلك السنوات التى تشمل جائحة «كورونا»، التى أدت إلى تراجع الإيرادات وارتفاع ضغوط الإنفاق إلى عجز متسع في عديد من الأسواق المتقدمة والناشئة.

أضاف بيان الوزارة، أن تقرير البنك الأميركي، أوضح أنه يتوقع أن يظل العجز الإجمالي للموارنة مرتفعاً نسبياً؛ بسبب ارتفاع تكاليف الفائدة، على أن يتراجع إلى 5 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الـ10 المقبلة، مرجحاً أيضاً أن يظل إجمالي احتياجات الحكومة التمويلية مرتفعاً، وألا ينخفض دون 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في غياب تقدم في تمديد متوسط أجل الدين المحلي.

وفى هذا السياق أكدت وزارة المالية، أن التدفقات الاستثمارية الأخيرة، والمتوقعة خلال الفترة المقبلة فى ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، تخفف الضغوط التمويلية، لافتةً إلى التزامها بتنفيذ استراتيجية أكثر استهدافاً لوضع معدلات الدين وعجز الناتج المحلي فى مسار نزولي من خلال وضع سقف لأول مرة لدين الحكومة العامة بكل مكوناتها يتراجع سنوياً؛ استهدافاً للانخفاض لأقل من 80 في المائة فى يونيو (حزيران) 2027.

فضلاً عن إطالة عمر الدين، مع ترشيد الإنفاق الاستثماري العام للدولة فى العام المالي الجديد بوضع سقف أيضاً بتريليون جني؛ لإفساح المجال للقطاع الخاص، مع العمل المتواصل على زيادة الإيرادات العامة وجذب مزيد من التدفقات الاستثمارية. وقد أشار التقرير أيضاً إلى أن برنامج «الطروحات» حالياً يسهم في توفير تمويل للموازنة، وخلق فرصة للحكومة لتخفيض ديونها. وتوقع انخفاض معدلات الدين على المدى الطويل؛ بسبب النمو الاقتصادي القوي.

وذكر تقرير «غولدمان ساكس» أن مدفوعات الفائدة انخفضت إلى أقل من 50 في المائة من الإيرادات، وفقاً لبيانات المالية المصرية في السنة المالية 2022 - 2023، لكنه يتوقع أن ترتفع مرة أخرى في السنة المالية الجارية على خلفية زيادة رصيد الدين وتشديد أكبر للأوضاع المالية المحلية والعالمية، غير أنه بالنظر إلى توقعاته للتضخم وأسعار الفائدة، فإنه يتوقع «انخفاض مدفوعات الفائدة على المدى الطويل لتتراجع إلى ما يقل عن 30 في المائة من الإيرادات على مدى العقد المقبل».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

شمال افريقيا مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

وسط إجراءات مصرية مكثفة لاستمرار «تنفيذ خطة عدم قطع الكهرباء» في البلاد، تدرس الحكومة المصرية تشديد عقوبات «سرقة الكهرباء».

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عامل في محطة وقود بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر ترفع أسعار الوقود محلياً قبل مراجعة من صندوق النقد

رفعت مصر، الخميس، أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، قبل 4 أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة 8 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

محللون يتوقعون نمو الاقتصاد المصري 4 % في السنة المالية الجديدة

توقع اقتصاديون أن يكون نمو الاقتصاد المصري أبطأ قليلاً في السنة المالية الجديدة، عند 4 % عما كان متوقعاً في أبريل (نيسان) الماضي، عند 4.3 %.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

الدين الخارجي لمصر يسجل أكبر تراجع تاريخي

قال مصدر رفيع بالبنك المركزي المصري، إن الدين الخارجي يتراجع من مستوياته المرتفعة، ليسجل «أكبر تراجع تاريخي، بقيمة تتجاوز 14 مليار دولار منذ ديسمبر 2023».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض (الشرق الأوسط)

مصر: الربط الكهربائي مع السعودية قبل الصيف المقبل

أكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، محمود عصمت، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية سيبدأ التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية الصيف المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.