المدفوعات الإلكترونية للأفراد تستحوذ على 70 % من العمليات المنفذة في السعودية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: ارتفاع العمليات المنفذة يؤكد التزام المملكة بتطوير القطاع المالي  

عمليات البطاقات «مدى» عبر الإنترنت ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ إتاحة الخدمة (واس)
عمليات البطاقات «مدى» عبر الإنترنت ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ إتاحة الخدمة (واس)
TT

المدفوعات الإلكترونية للأفراد تستحوذ على 70 % من العمليات المنفذة في السعودية

عمليات البطاقات «مدى» عبر الإنترنت ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ إتاحة الخدمة (واس)
عمليات البطاقات «مدى» عبر الإنترنت ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ إتاحة الخدمة (واس)

شهدت السعودية قفزات كبيرة في المدفوعات الإلكترونية للأفراد، لتصل إلى 70 في المائة من إجمالي عمليات الدفع المنفذة من قبل الأفراد في العام الماضي، مرتفعةً عن 2022 بما نسبته 13 في المائة، حينما كانت النسبة عند 62 في المائة، في حين وصلت حصة المدفوعات عبر تقنية الاتصال قريب المدى «أثير» إلى 96 في المائة من إجمالي العمليات، وفق بيانات البنك المركزي السعودي «ساما». وتركز الحكومة من خلال برنامج تطوير القطاع المالي، أحد برامج «رؤية 2030»، على بناء اقتصاد قوي يتطلع الى المستقبل عبر تمكين المؤسسات وتطوير سوق مالية متقدمة ودعم الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية. ويشكل برنامج تطوير القطاع المالي أهمية كبرى في الحفاظ على استقرار وتطوير النظام المصرفي في المملكة، حيث يستثمر في التقنيات التي تعمل على تحسين التجربة المصرفية، ويساعد على تسهيل الخدمات والحصول على أفضل المنتجات والخدمات المالية.

التحول الرقمي

من جهتهم، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن ارتفاع عمليات الدفع الإلكترونية المنفذة للأفراد تشكل علامة فارقة في مسيرة التحول الرقمي للمملكة، وتُؤكد التزامها بتطوير القطاع المالي وتحقيق الشمول المالي. ويرى الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجه، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن التطور التقني التي تشهده المملكة قاد إلى تحقيق هذا الارتفاع، إلى جانب حرص الدولة على أمن المعلومات، وخاصة البنكية، مبيناً أن قرار وزارة التجارة بإلزام المتاجر توفير أجهزة نقاط البيع ساهمت في تحقيق هذا الارتفاع. من ناحيته، أكد الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال»، محمد الفراج، لـ«الشرق الأوسط»، أن المملكة شهدت قفزة نوعية بعد ارتفاع حصة المدفوعات في قطاع التجزئة للأفراد إلى 70 في المائة؜، مبيناً أن هذه الزيادة تمثل علامة فارقة في مسيرة التحول الرقمي، والتزام البلاد بتطوير القطاع المالي وتحقيق الشمول المالي. وأرجع الفراج هذه الزيادة إلى عدة عوامل. منها الجهود المبذولة من قبل البنك المركزي السعودي والجهات الحكومية الأخرى في إطلاق مبادرات استراتيجية تدعم التحول الرقمي وتشجع على استخدام المدفوعات الإلكترونية، وكذلك الحملات التوعية المتزايدة حول مزايا وأمان المدفوعات الإلكترونية، ما أدى إلى زيادة ثقة المستهلكين واستخدامهم لهذه الخدمات.

ارتفع عدد العمليات غير النقدية المنفذة بنسبة 24 % إلى نحو 10.8 مليار عملية (رويترز)

المحافظ الإلكترونية

وأضاف أن انتشار نقاط البيع وأجهزة الصراف الآلي في جميع أنحاء المملكة يعدّ العامل الأبرز في تقديم المؤسسات المالية لخدمات رقمية متقدمة وسهلة الاستخدام، مثل التطبيقات المحمولة والمحافظ الإلكترونية. وأكمل الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال»، أن هذه الزيادة تؤثر إيجاباً على التحول الرقمي وبرنامج تطوير القطاع المالي في المملكة من زيادة كفاءة المعاملات، وتقليل تكاليف المعاملات، وتعزيز الشفافية، ودعم الشمول المالي. وطبقاً لبيانات البنك المركزي السعودي، فإن عمليات البطاقات «مدى» عبر الإنترنت ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ إتاحة الخدمة، لتبلغ 874 مليون عملية بزيادة 43 في المائة مقارنة مع عام 2022. أما عمليات البطاقات عبر نقاط البيع فشهدت نمواً في ذات الفترة بنسبة 24 في المائة إلى قرابة 9 مليارات عملية، ومثّلت عمليات نقاط البيع باستخدام الهواتف الذكية 45 في المائة من إجمالي العمليات.

تطوير البنى التحتية

ووصف البيان، الذي نشر على الموقع الإلكتروني لـ«ساما»، هذه الزيادة بالإنجاز الذي يتزامن مع تحقيق أنظمة المدفوعات في المملكة نمواً كبيراً خلال عام 2023، حيث ارتفع عدد العمليات غير النقدية المنفذة بنسبة 24 في المائة، إلى نحو 10.8 مليار عملية مقارنة بـ8.7 مليار في عام 2022.

وأضاف البيان أن المملكة خلال الأعوام القليلة الماضية شهدت تقدماً ملحوظاً ونمواً متسارعاً لتبني وسائل المدفوعات الإلكترونية، كنتيجة للجهود والمبادرات الاستراتيجية الكثيرة التي أطلقها البنك بالتعاون مع القطاع المالي؛ لدعم نمو قطاع المدفوعات وتحفيز استخدام خيارات الدفع الإلكترونية المتنوعة في البلاد. وأكد «ساما» استمرار السعي في توفير خيارات دفع متنوعة، وتعزيز تبني وسائل الدفع الإلكترونية المختلفة من خلال مواصلة تطوير البنى التحتية لأنظمة المدفوعات الوطنية، وتعزيز حلول الدفع الرقمية ورفع جودتها، وذلك لتسهيل التعاملات المالية ورفع كفاءتها وخفض تكاليفها.


مقالات ذات صلة

تركيا تتفق مع «الصندوق السعودي للتنمية» على إعادة وديعة بـ5 مليارات دولار

الاقتصاد منطقة ليفنت التجارية والمالية التي تضم مقرات البنوك ومراكز التسوق الشهيرة في إسطنبول (رويترز)

تركيا تتفق مع «الصندوق السعودي للتنمية» على إعادة وديعة بـ5 مليارات دولار

توصل مصرف تركيا المركزي إلى اتفاق مع «الصندوق السعودي للتنمية» على تسوية وديعة بقيمة 5 مليارات دولار حصل عليها العام الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد كامالا هاريس في مقر حملتها في ويلمنغتون بديلاوير (أ.ف.ب)

هاريس ستحمل «عصا القمع» على الصناعة المالية في حال فوزها

من المرجح أن تؤدي الإدارة الديمقراطية المحتملة، بقيادة نائبة الرئيس كامالا هاريس، إلى تعزيز أجندة الرئيس جو بايدن المتمثلة في القواعد المالية الصارمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر جوي يظهر مدينة الكويت (رويترز)

نمو أرباح أكبر مصرفين كويتيين خلال الربع الثاني

حقق أكبر مصرفين كويتيين من حيث الأصول وهما بيت التمويل الكويتي (بيتك)، و«بنك الكويت الدولي» أرباحاً بلغ مجموعها 602.6 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح بنك التنمية الاجتماعية في إحدى الفعاليات المقامة بالسعودية (واس)

1.2 مليار دولار حجم تمويل «بنك التنمية» السعودي في نصف 2024

بلغ إجمالي حجم التمويل لبنك التنمية الاجتماعية السعودي خلال النصف الأول من العام الحالي 4.6 مليار ريال (1.2 مليار دولار) استفاد منها 70 ألف مواطن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.