هبوط في البورصة التركية وانتعاش لليرة غداة الانتخابات

الحكومة تتمسك ببرنامجها الاقتصادي وتتعهد بمواصلة مكافحة التضخم

أناس يشترون المواد الغذائية والسلع من سوق شوارع في إسطنبول (أ.ب)
أناس يشترون المواد الغذائية والسلع من سوق شوارع في إسطنبول (أ.ب)
TT

هبوط في البورصة التركية وانتعاش لليرة غداة الانتخابات

أناس يشترون المواد الغذائية والسلع من سوق شوارع في إسطنبول (أ.ب)
أناس يشترون المواد الغذائية والسلع من سوق شوارع في إسطنبول (أ.ب)

تعهدت الحكومة التركية بمواصلة برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل والعمل على محاربة التضخم، بعدما شهدت بورصة إسطنبول، الاثنين، تراجعاً في مؤشرها الرئيسي -تفاعلاً مع النتائج الأولية للانتخابات المحلية التي أشارت إلى فوز المعارضة على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم للمرة الأولى منذ 22 عاماً- في مقابل ارتفاع الليرة التركية أمام الدولار مقارنةً بإغلاق نهاية الأسبوع، يوم الجمعة.

وخسر مؤشر بورصة إسطنبول 1.96 في المائة من قيمته خلال تعاملات، الاثنين، متراجعاً إلى 8962.96 نقطة في التعاملات الصباحية، وتحسن الأداء قليلاً في التعاملات المسائية إلى 9062.72، وخسر مؤشر البنوك 1.46 في المائة، ومؤشر الشركات القابضة 1.57 في المائة، بينما ارتفع مؤشر ثقة الاستثمار في الأوراق المالية بنسبة 3.11 في المائة.

وسجلت الليرة التركية ارتفاعاً أمام الدولار، وبدأت تعاملات اليوم عند 32.43 ليرة للدولار، وحققت مزيداً من المكاسب في التعاملات المتأخرة عن 32.29 ليرة للدولار، مقارنةً مع 32.90 ليرة للدولار في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، الجمعة، عشية الانتخابات المحلية.

وفي أول رسالة للحكومة حول السياسة الاقتصادية عقب الانتخابات المحلية، أكد وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، أن الحكومة ستواصل تطبيق برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل بشكل حاسم مع التركيز بشكل رئيسي على خفض التضخم وتحقيق النمو المستدام.

أثّر التضخم على أسعار السلع الغذائية في تركيا بشكل كبير خلال السنوات الماضية (أ.ب)

وكتب شيمشك، على حسابه في «إكس»، الاثنين، أن الحكومة ستعطي أولوية لتوفير النفقات من خلال وضع ضوابط للإنفاق العام، بالإضافة إلى سياسة التشديد النقدي والقروض الانتقائية وسياسة الدخل، من أجل الهبوط بالتضخم لما دون 10 في المائة.

عوامل اقتصادية وراء الهزيمة

وقال محللون إن معدل التضخم البالغ أكثر من 67 في المائة، وسياسة التشديد النقدي التي أدت إلى رفع تكاليف الاقتراض والتوسع في الضرائب، فضلاً عن عدم زيادة رواتب المتقاعدين، أضرّت بنتائج حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في الانتخابات المحلية التي أُجريت الأحد.

واستبعد الخبراء تراجع الحكومة عن برنامجها الاقتصادي، لا سيما أن البلاد لن تشهد انتخابات جديدة لأكثر من 4 سنوات، إلا في حال قرر الرئيس رجب طيب إردوغان طرح دستور جديد للبلاد وتم التوجه إلى الاستفتاء عليه.

لكنّ إردوغان وجّه رسالة، في خطاب ليل الأحد - الاثنين، بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات، بشأن عدم حدوث تغيير في البرنامج الاقتصادي الحالي.

وتوقع الخبراء أن المشكلة الرئيسية للبرنامج الاقتصادي، الذي بُني على أساس أن انضباط الموازنة ورفع أسعار الفائدة مطلوبان للسيطرة على التضخم، يكمن في أن إردوغان سيواجه صعوبة في عدم زيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات في النصف الثاني من العام لا سيما بعد أن عبّر الناخبون عن سخطهم بسبب الوضع الاقتصادي للبلاد.

وقال إردوغان: «لقد نفّذنا بكل تصميم الخطة متوسطة الأجل وخطة التنمية الثانية عشرة، وهي خريطة طريقنا في الاقتصاد حتى الآن، وسنبدأ رؤية النتائج الإيجابية لبرنامجنا الاقتصادي وبخاصة على التضخم في النصف الثاني من العام».

وعدّ إردوغان انتهاء ماراثون الانتخابات وفترة الراحة التي ستدخلها البلاد لأكثر من 4 سنوات «مكسباً عظيماً للاقتصاد».

بدوره، قال نائب الرئيس التركي للشؤون الاقتصادية، جودت يلماظ: «إننا دخلنا فترة بالغة الأهمية ستستمر لأكثر من 4 سنوات دون انتخابات في طريقنا لتحقيق الأهداف العليا في الديمقراطية والتنمية».

وأضاف يلماظ، على حسابه في «إكس»، الاثنين، أن تركيا حافظت على هيكلها القوي بعد جائحة «كورونا» على الرغم من الانكماش الاقتصادي والحروب في العالم والمنطقة، والأعباء الإضافية التي جلبتها كارثة الزلزال في تركيا العام الماضي.

وتابع: «سنعمل في فترة السنوات الأربع القادمة على تضميد جراح الزلزال وإعداد مدننا للمستقبل بطريقة أكثر مرونة، سنزيد النمو الاقتصادي والتوظيف والصادرات، ونخفّض عجز الحساب الجاري ونعزز هيكلنا بالاستثمار والإنتاج».

بائع في سوق للمواد الغذائية بإسطنبول (أ.ب)

ولفت إلى أن مكافحة التضخم، اقتصادياً واجتماعياً، «هي أولويتنا الرئيسية، وسوف نحقق ذلك من خلال التنفيذ الصارم للبرنامج الاقتصادي متوسط الأجل الذي أعلنّاه في سبتمبر (أيلول) الماضي، وسنحصد نتائج معركتنا ضد التضخم بدءاً من النصف الثاني من العام الحالي، وسنبدأ رؤية ذلك بوضوح، وبالتالي سنمنع تآكل الزيادات في الأجور بمرور الوقت ونوفر زيادة دائمة في الرفاهية».

وقال يلماظ: «في أثناء إجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد، سنركز على تحسين كفاءة الإدارة العامة، ورفع معاييرنا الديمقراطية، وإنشاء نظام عدالة أكثر فاعلية. هدفنا هو النمو في ظل الاستقرار الديمقراطي».

«الاقتراض من المستقبل»

ورأت الخبيرة الاقتصادية التركية سيلفا ديميرالب، أن الأزمة الاقتصادية كانت السبب الرئيسي لخسارة الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية. وقالت إنه يمكن تفسير نتائج الانتخابات على أنها نتائج مؤجلة للأزمة الاقتصادية الحادة منذ ما قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) 2023، حيث تمت تغطية النفقات على أساس «الاقتراض من المستقبل»، وجاء رد فعل الناخبين على هذه الخطوة في الانتخابات المحلية.

وتوقعت أن تظهر عواقب الأزمة متأخرة، وبخاصة في فترة ما بعد الانتخابات، و«سترى تركيا ماذا يعني التقشف».


مقالات ذات صلة

مؤشر السوق السعودية يتكبّد خسائر أسبوعية بأكثر من 1 %

الاقتصاد مستثمران يراقبان شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

مؤشر السوق السعودية يتكبّد خسائر أسبوعية بأكثر من 1 %

تراجع مؤشر السوق السعودية للجلسة الرابعة على التوالي، بعد موجة صعود تجاوز خلالها مستويات 12 ألف نقطة، بعد هبوط لما دون هذه المستويات استمر منذ مايو الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متعاملون في بورصة نيويورك يتابعون موجة البيع التي أطلقها تراجع أداء «تسلا» وشركات تكنولوجية أخرى (أ.ف.ب)

إنفوغراف: كيف كان أداء «تسلا» في الربع الثاني؟

رغم تخفيضات الأسعار والتمويل المنخفض الفائدة، جاءت النتائج المالية لعملاق السيارات الكهربائية «تسلا» التي يرأسها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، متراجعة.

«الشرق الأوسط» (تكساس)
الاقتصاد أحد المستثمرين يراقب شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

توقعات بنمو قطاع النقل والخدمات اللوجيستية السعودي 10 % في الربع الثاني

مع بدء إعلان الشركات في سوق الأسهم السعودية النتائج المالية للربع الثاني، تأتي توقعات بيوت الخبرة والمختصين متفائلة لقطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من داخل أحد مصانع «الصناعات الكهربائية» (موقع الشركة الإلكتروني)

أرباح «الصناعات الكهربائية» السعودية تقفز 101 % خلال الربع الثاني

قفز صافي أرباح شركة «الصناعات الكهربائية» السعودية بمقدار 101 في المائة إلى 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الجاري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المباني التابعة لشركة «زين» للاتصالات (موقع الشركة الإلكتروني)

تراجع أرباح «زين السعودية» 8 % خلال الربع الثاني

تراجع صافي أرباح شركة «زين السعودية» للاتصالات بنسبة 8 في المائة إلى 105 ملايين ريال (28 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.