وصف محللون الخسارة الكبيرة التي سجلتها شركات البتروكيماويات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) بأنها حالة تتعرض لها كل الشركات المنتجة للبتروكيماويات في جميع دول العالم، بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي وخصوصاً الصيني، مما تسبب في تراجع الطلب على منتجاتها، وسط توقعات بتحسن الوضع مع انخفاض حالات التباطؤ الاقتصادي في غالبية الاقتصادات العالمية.
وكانت شركات البتروكيماويات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) سجلت خسارة سنوية هي الكبرى لها مع نهاية عام 2023؛ إذ بلغ صافي خسارتها المجمعة نحو 5.2 مليار ريال (1.4 مليار دولار) في 2023 مقارنةً بأرباحها خلال عام 2022 والتي بلغت 29.8 مليار ريال.
ومن بين 12 شركة تعمل في مجال البتروكيماويات مدرجة في «تداول»، حققت 5 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك للمغذيات»، و«التصنيع»، و«المجموعة السعودية»، و«سبكيم»، و«المتقدمة»، وإن بتراجع مقارنة مع العام السابق، في حين تحولت 5 شركات للخسائر، وعمقت أخريان خسائرهما مقارنةً بالعام السابق.
وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية» (تداول)، سجلت شركة «سابك» أعلى خسارة بين شركات القطاع بلغت 2.77 مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها أرباحاً بلغت 16.53 مليار ريال للعام السابق، وعزت الشركة خسائرها لتسجيلها خسائر غير نقدية نتيجة استحواذ «صندوق الاستثمارات العامة» على كامل حصة «سابك» في «الشركة السعودية للحديد والصلب» (حديد).
وحلت «كيان السعودية» في المركز الثاني من حيث أعلى الخسائر، بعد أن ارتفعت خسائرها بنحو 72 في المائة خلال 2023 إلى 2.14 مليار ريال، مقابل تسجيلها خسائر 1.24 مليار ريال في 2022.
وأوضحت الشركة أن ارتفاع الخسائر يعود إلى انخفاض متوسط أسعار بيع المنتجات، وانخفاض الكميات المنتجة والمبيعة، نتيجةً لإيقاف إنتاج بعض المصانع جراء أعمال الصيانة الدورية المجدولة، والتوقف الجزئي لمصنع البسفينول، بالإضافة لارتفاع المصاريف التمويلية.
وفي المقابل، تصدرت «سابك للمغذيات الزراعية»، الشركات الرابحة، رغم تراجعها بنحو 64 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 3.66 مليار ريال لعام 2023، مقابل أرباح بلغت 10.04 مليار ريال في العام السابق.
وعزت الشركة أسباب انخفاض الأرباح، إلى انخفاض إيرادات الشركة، وانخفاض الحصة في نتائج مشروع مشترك وشركة زميلة.
وحلت في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح شركة «الصحراء العالمية للبتروكيماويات» (سبكيم العالمية)، بصافي ربح بلغ 1.18 مليار ريال مقارنةً بنحو 3.6 مليار ريال أرباح الشركة في 2022، بتراجع وصلت نسبته لنحو 67 في المائة.
وعللت الشركة تراجع صافي أرباحها إلى انخفاض أسعار منتجات الشركة، بالإضافة لانخفاض كمية المبيعات نتيجة أعمال الصيانة المجدولة للشركة العالمية للميثانول والشركة العالمية للدايول، إلى جانب انخفاض حصة الأرباح من الاستثمار في مشروع مشترك وشركات زميلة.
تباطؤ الاقتصاد العالمي سبب رئيسي
وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، وصف محلل الأسواق المالية، عبد الله الكثيري، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» خسائر شركات القطاع، بأنها حالة تتعرض لها كل الشركات المنتجة للبتروكيماويات في جميع دول العالم، بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي، وخصوصاً الاقتصاد الصيني، مما تسبب في تراجع الطلب على منتجاتها، ويقابلها زيادة المنافسة بين الشركات السعودية المنتجة للبتروكيماويات وتلك الصينية التي تعمل في القطاع ذاته، بالإضافة إلى قلة الطلب من الدول الأوروبية وتأثيرات الحرب الروسية - الأوكرانية. وهي عوامل أثرت مجتمعة على الحراك الاقتصادي في هذا القطاع، وتراجع حجم الطلب، وانخفاض أسعار بيع المنتجات.
ويتوقع الكثيري أن يستمر تأثير تلك العوامل على النتائج المالية لشركات القطاع، حتى نهاية العام الحالي 2024، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع تكاليف أسعار الطاقة على شركات القطاع، والتي ستظهر آثارها بنهاية الربع الأول، وقد تضغط بشكل كبير على هوامش الربحية لديها. لكن المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني كان له رأي آخر؛ إذ إنه يرى أنه بالرغم من التراجع والهبوط الحاد في ربحية شركات القطاع، فإن ذلك سيعطي فرصة استثمارية في الربعين المقبلين بالتزامن مع التحسن في أسعار النفط، واتجاهها الصاعد فوق مستويات الثمانين دولاراً، وكذلك انخفاض حالات التباطؤ الاقتصادي في غالبية الاقتصادات العالمية، وكل هذه العوامل ستدعم نتائج شركات البتروكيماويات وتحسن من هوامش الربحية لديها في الربعين المقبلين.
ووصف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، نتائج شركات القطاع في الربع الرابع بأنها كانت سيئة من ناحية الإيرادات ونمو المبيعات وصافي الدخل، نتيجة عدة عوامل تعرض لها القطاع، ومن أبرزها انخفاض الأسعار ومتوسط مبيعات اللقيم، وباقي منتجات البتروكيماويات بحدود تتفاوت ما بين 20 و33 في المائة، مما أسهم في تراجع المبيعات وصافي الدخل، وانخفاضها لأقل من سعر التكلفة.
وأشار إلى وجود عامل آخر مهم في تسجيل شركات القطاع خسائر خلال عام 2023، وهو فترة الصيانة الدورية لمصانع شركات القطاع، وإغلاق بعض خطوط الإنتاج فيها، مما أثر بشكل سلبي على نتائج الشركات، وضغط على هوامش الربحية لديها، بالإضافة إلى حالة التباطؤ في الاقتصادين العالمي والصيني، وهو ما كان عاملاً آخر مهماً ومؤثراً في ربحية شركات البتروكيماويات.