فنلندا أسعد بلد في العالم للمرة السابعة... ولبنان وأفغانستان في القاع

تعاسة الشباب تُخفض تصنيف أميركا ودول أوروبية على المؤشر العالمي

لاجئون في إحدى نقاط المعابر الحدودية شمالي فنلندا (رويترز)
لاجئون في إحدى نقاط المعابر الحدودية شمالي فنلندا (رويترز)
TT

فنلندا أسعد بلد في العالم للمرة السابعة... ولبنان وأفغانستان في القاع

لاجئون في إحدى نقاط المعابر الحدودية شمالي فنلندا (رويترز)
لاجئون في إحدى نقاط المعابر الحدودية شمالي فنلندا (رويترز)

رسّخت فنلندا سمعتها بوصفها أسعد بلد في العالم بحصولها على اللقب للسنة السابعة توالياً، وفقاً لتصنيف يُنشر سنوياً برعاية الأمم المتحدة صدر (الأربعاء)، فيما حلّت الكويت أولى عربياً وثالثة عشر في الترتيب العام، وجاء لبنان وأفغانستان في المركزين الأخيرين.

وسيطرت الدول الاسكندنافية على مقدّم الترتيب، إذ حلّت الدنمارك ثانيةً، تلتها آيسلندا ثم السويد، ونالت فرنسا المركز السابع والعشرين.

وتذيّلت أفغانستان الترتيب الذي يضم 143 دولة، إذ تفاقمت فيها الأزمة الإنسانية منذ استيلاء حركة «طالبان» على السلطة عام 2021 عقب انسحاب القوات الأميركية.

ولم تُدرَج الولايات المتحدة وألمانيا للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات بين الدول العشرين الأكثر سعادة، إذ نالتا المركزين الثالث والعشرين والرابع والعشرين. وفي المقابل، انضمت إلى قائمة المراكز العشرين الأولى كل من كوستاريكا (في المرتبة الثانية عشرة) والكويت (الثالثة عشرة في الترتيب العام والأولى عربياً).

ولم تتضمن هذه القائمة أيّاً من الدول ذات العدد الأكبر من السكان.

ووفق التقرير، «وحدهما هولندا وأستراليا من بين البلدان العشرة الأولى يفوق عدد سكانهما 15 مليون نسمة. ومن بين العشرين الأولى، فقط كندا والمملكة المتحدة يتجاوز عدد سكانهما 30 مليون نسمة».

وعانت أفغانستان ولبنان والأردن أكبر تراجع في مؤشر السعادة منذ مرحلة 2006 - 2010. فيما حققت صربيا وبلغاريا ولاتفيا أكبر تقدّم. وحلّ لبنان في المركز ما قبل الأخير، وحلّ عربياً بعد الأردن (125) ومصر (127).

ودأبت شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة سنوياً منذ عام 2012 على نشر تقرير السعادة العالمي الذي يقيس مستوى السعادة في الدول.

ويستند معدّو الدراسة المنشورة سنوياً منذ 2012، إلى استطلاعات رأي يجيب فيها السكان عن استبيانات بشأن درجة السعادة الشخصية. وتتم مقاطعة هذه البيانات مع عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ومنها إجمالي الناتج المحلي ومؤشرات التضامن والحرية الفردية والفساد.

ويأخذ التقرير في الاعتبار ستة عوامل رئيسية: الدعم الاجتماعي، والدخل، والصحة، والحرية، والكرم، وغياب الفساد.

وقالت الباحثة المتخصصة في هذا الموضوع في جامعة «هلسنكي»، جنيفر دي باولا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن القرب من الطبيعة والتوازن الجيد بين العمل والحياة يشكّلان مفتاح رضا الفنلنديين.

وتشتهر الدولة الاسكندنافية التي تضم آلاف البحيرات وغابات شاسعة، بنظام رعاية واسع النطاق وثقة سكانها الكبيرة تجاه السلطة ومعدلات منخفضة من عدم المساواة بين الفنلنديين.

ولاحظت أن «نظرة الفنلنديين إلى مفهوم الحياة الناجحة يمكن أن تتحقق ربما بطريقة أسهل» مما هي في الولايات المتحدة مثلاً، حيث يُربط النجاح غالباً بمدى القدرة على جَني المكاسب المالية.

ومن العناصر الأساسية أيضاً الثقة في المؤسسات، وقلة الفساد، وإمكان الحصول مجاناً على الرعاية الصحية والتعليم. وقالت دي باولا إن «المجتمع الفنلندي يتسم بالشعور بالثقة وبالحرية وبمستوى عالٍ من الاستقلالية».

ولاحظ التقرير السنوي أن الشعور بالسعادة لدى الأجيال الشابة أكبر مما هو لدى الأجيال الأكبر سناً في معظم مناطق العالم، ولكن ليس في كل مكان.

فالمؤشر تراجع بشكل كبير منذ حقبة 2006 - 2010 بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً في أميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا، وبات راهناً أدنى مما هو لدى كبار السن في هذه المناطق.

وفي المقابل، سُجّل تقدّم للمؤشر في كل الفئات العمرية في أوروبا الشرقية خلال الفترة نفسها.

وتتسع الهوة بين الأجيال في هذا المجال في كل أنحاء العالم باستثناء أوروبا، وهو ما رآه معدّو التقرير «مثيراً للقلق».

وأدى ازدياد الشعور بالتعاسة بين الشباب إلى تراجع تصنيف الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى في غرب أوروبا على المؤشر العالمي للرفاهية.

وأظهر التقرير أن الولايات المتحدة خرجت من قائمة الدول العشرين الأوائل للمرة الأولى، إذ تراجعت إلى المركز 23 بعدما كانت في المركز الـ15 العام الماضي، وذلك بسبب الانخفاض الكبير في الشعور بالرفاهية لدى الأميركيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً.

وفي حين أن التصنيف العالمي لسعادة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق من شأنه أن يضع الولايات المتحدة في المرتبة العاشرة، فإن تقييمات الحياة لمن هم دون الثلاثين وحدها تضع الولايات المتحدة في المرتبة 62.

وتتعارض هذه النتائج مع الكثير من الأبحاث السابقة حول الرفاهية، التي وجدت أن السعادة تبلغ أعلى مستوياتها في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة قبل أن تنخفض إلى أدنى مستوياتها في منتصف العمر ثم ترتفع عند التقاعد.

وقال يان إيمانويل دي نيف، أستاذ الاقتصاد بجامعة «أكسفورد» وأحد معدّي التقرير: «الشباب، خصوصاً في أميركا الشمالية، يعانون أزمة منتصف العمر اليوم».

كان جيل الألفية والفئات العمرية الأصغر سناً في أميركا الشمالية أكثر حديثاً عن الشعور بالوحدة من الفئات العمرية الأكبر سناً. لكنّ دي نيف قال إن مجموعة من العوامل من المرجح أن تقلل من سعادة الشباب، مثل زيادة الاستقطاب حول القضايا الاجتماعية والجوانب السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وعدم المساواة الاقتصادية التي جعلت من الصعب على الشباب شراء منازلهم الخاصة مقارنةً بالماضي.

ورغم أن هذه الظاهرة أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة، فإن الفجوة العمرية في الرفاهية كبيرة أيضاً في كندا واليابان، وبدرجة متناقصة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا التي تراجعت جميعها في تصنيفات هذا العام.

وعلى نقيض ذلك، فإن كثيراً من البلدان التي شهدت أكبر تحسن في الرفاهية هي دول شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا.

وهناك، خلافاً للبلدان الأكثر ثراءً، يعيش الشباب نوعية حياة أفضل كثيراً من حياة كبار السن، وغالباً ما تكون على قدم المساواة أو أفضل مما هي عليه في غرب أوروبا. وقال دي نيف: «سلوفينيا والتشيك وليتوانيا تنتقل إلى المراكز العشرين الأولى، وهذا مدفوع بالكامل بشبابها».


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».