إيجارات المساكن تدفع بالتضخم السعودي للارتفاع إلى 1.8 % في فبراير

دفعت الإيجارات الفعلية للمساكن بمعدل التضخم في السعودية إلى الارتفاع على أساس سنوي إلى 1.8 في المائة خلال فبراير (شباط) الماضي، مقابل 1.6 في المائة في يناير (كانون الثاني) الفائت.

ورغم هذا الارتفاع، لا يزال التضخم منخفضاً في السعودية مقارنةً بالمستويات العالمية، حيث تحدّ السياسات الحكومية من تأثير زيادات الأسعار العالمية. وتحتل المملكة مرتبة متقدمة جداً في ترتيب مجموعة العشرين في معدلات التضخم، بعد الصين التي أعلنت منذ أيام خروجها من الانكماش وتسجيل تضخم 0.4 في المائة للمرة الأولى منذ 6 أشهر، وسويسرا التي سجلت 1.2 في المائة.

وجاء ارتفاع معدل التضخم في فبراير بضغط من أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى التي زادت 8.5 في المائة، وأسعار الأغذية والمشروبات 1.3 في المائة. في المقابل، انخفضت أسعار النقل 0.9 في المائة، وكذلك السلع والخدمات الشخصية المتنوعة 1.1 في المائة.

وحسب تقرير الرقم القياسي لأسعار المستهلك خلال فبراير 2024، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الخميس، ارتفعت الإيجارات الفعلية للمساكن في المملكة 10 في المائة، متأثرةً بزيادة في أسعار إيجارات الفيلات 9.1 في المائة، وكان لارتفاع هذه المجموعة تأثير كبير في ارتفاع التضخم السنوي حيث تزن 21 في المائة.

ويؤكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة ما زالت تسيطر على معدل التضخم بالمقارنة مع اقتصادات العالم، وكذلك مجموعة العشرين على وجه الخصوص.

ويعتقد المختصون أن استمرار عملية ضخ المشاريع السكنية في المرحلة المقبلة، سوف تسهم في خفض أسعار العقارات وإيجارات المساكن، ما ينعكس على معدل التضخم ليعود إلى مستويات متدنية.

في هذا الإطار، أوضح عضو مجلس الشورى فضل البوعينين، لـ«الشرق الأوسط»، أن ارتفاع معدل التضخم بوتيرة متسارعة من التحديات التي تسعى الحكومات لمعالجتها وبما ينعكس إيجاباً على معيشة الناس ويخفف الأعباء المالية عليهم ويعزز القوة الشرائية لديهم.

وفيما يتعلق بالإنفاق الاستهلاكي فيتأثر بشكل مباشر بارتفاع الأسعار التي تحدّ من عمليات الشراء وتؤثر سلباً على الأسواق، مبيناً أن الأثر لا يقتصر على المستهلكين بل يتجاوزه إلى قطاع التجزئة وقطاعات أخرى تتأثر بدورها سلباً بضعف الإنفاق الاستهلاكي الذي يحد من توسعها واستدامتها أيضاً.

تحفيز الإنتاج الوطني

ووفق البوعينين، من الأدوات المساهمة في خفض معدل ارتفاع الأسعار المغذّي لمعدل التضخم توفر السلع والمنتجات بكميات تفوق حاجة السوق وهذا يمكن تحقيقه من 3 محاور: الأول تحفيز الإنتاج الوطني لسد النسبة الكبرى من الاحتياج المحلي، وهذا من شأنه ضبط الأسعار والضغط عليها بشكل أكبر في حال توفر المنافسة العادلة بين المنتجين، وتجنب الاحتكار.

وأوضح أن تحفيز المصانع السعودية وقطاعات الإنتاج عموماً لزيادة الإنتاج والتوسع فيه لتلبية الطلب المحلي، من أهم أدوات ضبط التضخم المستورد، وتعزيز المنافسة وتعدد المنتجين من أدوات ضبط الأسعار والتأثير الإيجابي فيها.

والمحور الآخر مرتبط بتعزيز الخزن الاستراتيجي لاستخدامه عند الأزمات أو ارتفاع الأسعار فيتحول إلى أداة لتوفير السلع عند الحاجة أو في الأزمات الطارئة، وأداة لضبط الأسعار.

أما المحور الثالث فيرتبط بالرقابة الصارمة على الأسواق، وربما التسعير لسلة الغذاء الرئيسية والسلع المهمة عند الحاجة.

تحفيز الشركات المطورة

وبالنسبة إلى أسعار الإيجارات والمساكن، ذكر عضو مجلس الشورى أنها من مغذيات التضخم في الوقت الحالي، رغم تفاوت تأثيرها بين مناطق المملكة، ولكنها تظهر بوضوح في الرياض وبعض المدن الرئيسية.

وأضاف أن هناك جوانب مهمة يمكن التعامل معها بخصوص هذا الملف أهمها: ضخ مزيد من مشروعات الإسكان وبما يسهم في زيادة العرض وبالتالي انخفاض أسعار الإيجارات، وهذا يحتاج إلى تحفيز أكبر لشركات التطوير والقطاع الخاص عموماً، وفق استراتيجية محددة تضمن تحقيق هدف الضغط على الأسعار وبما يخفض من تكلفة المعيشة.

وتوقع عضو مجلس الشورى أن تسهم وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، في خفض أسعار العقارات وهذا يمكن تحقيقه من خلال توفير الأراضي للمواطنين القادرين على تنفيذ بناء مساكنهم من مصادرهم الخاصة، وكذلك إدخال نماذج بناء المساكن الحديثة قليلة التكلفة سريعة الإنجاز وذات الجودة العالية، لافتاً إلى أن هذا يحتاج لدخول شركات عالمية السوق بخبرة واسعة وكفاءة وجودة.

ومن الحلول أيضاً تنفيذ الوزارة مشروعات الإسكان بأسعار في متناول يد الغالبية العظمى من المواطنين، إضافةً إلى دراسة تطبيق أنظمة جديدة معزَّزة لضبط أسعار الإيجارات والعقارات عموماً.

خفض أسعار الإيجارات

من جهته، قال الخبير الاقتصادي رئيس مجموعة «أماكن الدولية»، خالد الجاسر، لـ«الشرق الأوسط»، إن معدل التضخم في السعودية يحافظ على المستوى المعقول ونسب متوازنة مقارنةً بمعظم دول العالم وقياساً بالاقتصاديات الكبرى، لا سيما مجموعة العشرين الكبرى.

وأكد أن تحفيز المصانع السعودية لزيادة حجم الإنتاج الوطني سوف يسهم في خفض معدل التضخم في الفترة القادمة.

وبيَّن الجاسر أن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، تكثف جهودها لتحفيز الشركات المختصة بالمشاريع العقارية، إلى جانب المؤسسات التمويلية، لضخ مزيد من المشاريع الإسكانية، وبالتالي سوف يؤثر ذلك في أسعار الإيجارات بشكل إيجابي لأنه المؤثر الأكبر على معدل التضخم في المملكة.

القياس السنوي

وسجلت أسعار الأغذية والمشروبات في فبراير ارتفاعاً نسبته 2.5 في المائة، متأثرةً بزيادة في أسعار خدمات تقديم الطعام 2.2 في المائة، في حين شهد قسم المطاعم والفنادق زيادة نسبتها 2.5 في المائة، بسبب ارتفاع أسعار خدمات تقديم الطعام 2.2 في المائة.

وحسب التقرير، ارتفع قسم الترفيه والثقافة بنسبة بلغت 1.6 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار عروض العطلات والسياحة 6.1 في المائة.

وقالت الهيئة العامة للإحصاء، إن قسم التعليم شهد أيضاً ارتفاعاً بنسبة 1.2 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار رسوم التعليم المتوسط والثانوي 4.3 في المائة.

من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيزات المنزل 3 في المائة، بسبب تراجع أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات 4.5 في المائة، وكذلك انخفضت أسعار الملابس والأحذية 4 في المائة، متأثرة بتراجع أسعار الملابس الجاهزة 6.4 في المائة.

كما تراجعت أسعار قسم النقل 0.9 في المائة، متأثرة بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 2.3 في المائة.