الدولار في البنوك المصرية يتخطى السوق السوداء

البنك المركزي يرى التضخم خطراً أكبر على القطاع الخاص من تراجع الائتمان بعد رفعه الفائدة 6 %

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة - مصر الأربعاء 6 مارس 2024 (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة - مصر الأربعاء 6 مارس 2024 (أ.ب)
TT

الدولار في البنوك المصرية يتخطى السوق السوداء

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة - مصر الأربعاء 6 مارس 2024 (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة - مصر الأربعاء 6 مارس 2024 (أ.ب)

أقدم البنك المركزي المصري على خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، وسمح بتخفيض قياسي للجنيه، بعد رفعه أسعار الفائدة 600 نقطة أساس، صباح الأربعاء، في اجتماع استثنائي.

انخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه إلى نطاق 50 جنيهاً، بتراجع 55 في المائة، حتى الساعة 01:19 بتوقيت غرينتش، وهو مستوى قياسي لم يبلغه من قبل على الإطلاق، في التعاملات الرسمية، بينما كان يتداول حول 45 – 50 في السوق الموازية، التي تأثرت كثيراً بالتدفقات الدولارية من صفقة رأس الحكمة.

وعلى الفور قفزت سندات مصر الدولية بأكثر من سنتين، وأظهرت بيانات «تريدويب» أن السندات الدولية للبلاد ارتفعت بعد إعلان البنك المركزي قراره وحققت السندات الأطول أجلاً أكبر المكاسب مثل سندات 2047 التي ارتفعت 3.5 سنت إلى 83.2 سنت.

وتقلصت العلاوة التي يطلبها المستثمرون فوق سندات الخزانة الأميركية، التي تعد ملاذاً آمناً؛ للاحتفاظ بسندات مصر الدولية إلى 534 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى لها منذ يونيو (حزيران) 2021، بحسب بيانات «جيه بي مورغان».

ولمعالجة التضخم المتوقع؛ سارع البنك الأهلي المصري وبنك مصر، أكبر بنكين حكوميين، بإصدار شهادات ادخار جديدة بعائد سنوي 30 في المائة، مدتها 3 سنوات متناقصة؛ مما يشير إلى توقعات بكبح التضخم بعد الإقدام على هذه الخطوة.

ونقل التلفزيون المصري عن البنك إعلانه تعديل سعر الفائدة على الشهادة البلاتينية لأجل ثلاث سنوات ذات العائد الثابت ليصبح 21.5 في المائة سنوياً للإصدارات الجديدة ابتداءً من الأربعاء بدلاً من 19 في المائة، على أن يتم صرف العائد شهرياً. كما عدّل البنك سعر الفائدة على شهادات الادخار البلاتينية ذات دورية صرف العائد شهرياً لتصبح بسعر سنوي 26 في المائة للسنة الأولى و22 في المائة للثانية و18 في المائة للثالثة للإصدارات الجديدة.

إلى ذلك، فمن المقرر أن يعقب هذه الخطوات، إعلان من صندوق النقد الدولي عن نجاح المراجعتين الأولى والثانية، مع رفع قيمة التسهيل الممدد لمصر إلى نحو 10 - 12 مليارات دولار، وهو ما أكدته وسائل إعلام حكومية نقلاً عن مصدر رفيع المستوى.

ونقل التلفزيون المصري، عن المصدر الذي لم يذكر اسمه، قوله إن اتفاق التمويل الجديد مع صندوق النقد الدولي من شأنه تعزيز برنامج الإصلاح الاجتماعي وزيادة تدفق السيولة الأجنبية للسوق المحلية. كما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، بأن البنك المركزي المصري وجّه بفتح حدود استخدامات بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية.

كان سعر صرف الجنيه ثابتاً عند متوسط 30.9 للدولار على مدى نحو عام.

وتعاني مصر نقصاً حاداً في العملات الأجنبية على الرغم من خفض قيمة الجنيه المصري بنحو 50 في المائة منذ مارس (آذار) 2022 وتوقيع القاهرة على حزمة إنقاذ جديدة مع صندوق النقد بثلاثة مليارات دولار في ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام.

خطوة «المركزي»

قال البنك المركزي المصري، في بيان، صباح الأربعاء، إن الاقتصاد المحلي قد تأثر في الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية؛ مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وأضاف: «استمرت التداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية في التراكم تزامناً مع تعرض الاقتصاد العالمي لصدمات متتالية. وقد أدت تلك الصدمات وتداعياتها إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وتوقعات التضخم؛ مما زاد من الضغوط التضخمية».

كما أدت تحركات سعر الصرف الناجمة عن ذلك بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية بجانب صدمات العرض المحلية، إلى استمرارية الضغوط التضخمية التي دفعت بدورها معدل التضخم العام إلى تسجيل مستويات قياسية. وعلى الرغم من تباطؤ معدلات التضخم السنوية مؤخراً، فإنه من المتوقع أن تتخطى المعدل المستهدف والمعلن من قِبل البنك المركزي المصري البالغ 7 في المائة (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.

وشدد «المركزي» على التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وتحقيقاً لذلك؛ يلتزم البنك المركزي «بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق. ويعدّ توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية».

وقال «المركزي» في بيانه: «بناءً على القرار الذي اتخذته اللجنة في اجتماعها بتاريخ الأول من فبراير (شباط) 2024 برفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 200 نقطة أساس؛ قررت اللجنة الإسراع بعملية التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم. كما تؤكد لجنة السياسة النقدية على أهمية السيطرة على التوقعات التضخمية، وما تقتضيه السياسة التقييدية من رفع لأسعار العائد الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة».

أضاف، يدرك البنك المركزي المصري أن التقييد النقدي يمكن أن يؤدى إلى تراجع الائتمان الحقيقي الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، إلا أن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكّل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص. ولذلك؛ يعي البنك المركزي أن تحقيق استقرار الأسعار يخلق مناخاً مشجعاً للاستثمار والنمو المستدام للقطاع الخاص على المدى المتوسط.


مقالات ذات صلة

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
TT

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

قالت منظمة التجارة العالمية، في بيان، إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص، يوم الجمعة، مما يعني أن ولايتها الثانية ستتزامن مع ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وتتوقع مصادر تجارية أن يكون الطريق أمام المنظمة، التي يبلغ عمرها 30 عاماً، مليئاً بالتحديات، ومن المرجح أن يتسم بالحروب التجارية، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع من المكسيك وكندا والصين.

وتحظى أوكونجو - إيويالا، وزيرة المالية النيجيرية السابقة التي صنعت التاريخ في عام 2021 عندما أصبحت أول امرأة وأول أفريقية تتولى منصب المدير العام للمنظمة، بدعم واسع النطاق بين أعضاء منظمة التجارة العالمية. وأعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي أنها ستترشح مرة أخرى، بهدف استكمال «الأعمال غير المكتملة».

ولم يترشح أي مرشح آخر أمام أوكونجو - إيويالا. وقالت مصادر تجارية إن الاجتماع أوجد وسيلة لتسريع عملية تعيينها لتجنب أي خطر من عرقلتها من قبل ترمب، الذي انتقد فريق عمله وحلفاؤه كلاً من أوكونجو - إيويالا ومنظمة التجارة العالمية خلال الفترات الماضية. وفي عام 2020، قدمت إدارة ترمب دعمها لمرشح منافس، وسعت إلى منع ولايتها الأولى. ولم تحصل أوكونجو - إيويالا على دعم الولايات المتحدة إلا عندما خلف الرئيس جو بايدن، ترمب، في البيت الأبيض.

وفي غضون ذلك، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك، وذلك بعد تصريحات لخليفته المنتخب دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على البلدين الجارين للولايات المتحدة.

وقال بايدن للصحافيين رداً على سؤال بشأن خطة ترمب: «أعتقد أنه أمر سيأتي بنتائج عكسية... آخر ما نحتاج إليه هو البدء بإفساد تلك العلاقات». وأعرب الرئيس الديمقراطي عن أمله في أن يعيد خليفته الجمهوري «النظر» في تعهّده فرض رسوم تجارية باهظة على البلدين «الحليفين» للولايات المتحدة.

وأثار ترمب قلق الأسواق العالمية، الاثنين، بإعلانه عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنّ من أول إجراءاته بعد تسلّمه مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمائة على المكسيك وكندا اللتين تربطهما بالولايات المتحدة اتفاقية للتجارة الحرة، إضافة إلى رسوم نسبتها 10 بالمائة على الصين.

وتعهّد ترمب عدم رفع هذه الرسوم عن البلدين الجارين للولايات المتحدة قبل توقف الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، مؤكداً أن التجارة ستكون من أساليب الضغط على الحلفاء والخصوم.

وبعدما أعربت عن معارضتها لتهديدات ترمب، أجرت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب، الأربعاء، تطرقت إلى تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدود البلدين ومكافحة تهريب المخدرات... وأعلن ترمب أنّ شينباوم «وافقت» على «وقف الهجرة» غير الشرعية، بينما سارعت الزعيمة اليسارية إلى التوضيح بأنّ موقف بلادها «ليس إغلاق الحدود».

ورداً على سؤال بشأن التباين في الموقفين، قالت الرئيسة المكسيكية في مؤتمرها الصحافي اليومي الخميس: «يمكنني أن أؤكد لكم... أننا لن نقوم أبداً، ولن نكون قادرين أبداً، على اقتراح أن نغلق الحدود».

وحذّر وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرار، الأربعاء، من أنّ مضيّ ترمب في فرض الرسوم التجارية على المكسيك سيؤدي إلى فقدان نحو 400 ألف وظيفة. وأكدت شينباوم، الخميس، أنّ أيّ «حرب رسوم تجارية» بين البلدين لن تحصل، وأوضحت أنّ «المهم كان التعامل مع النهج الذي اعتمده» ترمب، معربة عن اعتقادها بأن الحوار مع الرئيس الجمهوري سيكون بنّاء.

إلى ذلك، شدّد بايدن في تصريحاته للصحافيين في نانتاكت، إذ يمضي عطلة عيد الشكر مع عائلته، على أهمية الإبقاء على خطوط تواصل مع الصين. وقال: «لقد أقمت خط تواصل ساخناً مع الرئيس شي جينبينغ، إضافة إلى خط مباشر بين جيشينا»، معرباً عن ثقته بأنّ نظيره الصيني لا «يريد ارتكاب أيّ خطأ» في العلاقة مع الولايات المتحدة. وتابع: «لا أقول إنه أفضل أصدقائنا، لكنه يدرك ما هو على المحك».