الاقتصاد قضية محورية تهيمن على اجتماع مؤتمر الشعب الوطني في الصين

سيطلع على تقرير عن هدف النمو... وتوقعات بأنه يكون قريباً من «نحو 5 %»

جندي من جيش التحرير الشعبي الصيني أمام المتحف الوطني الصيني في بكين قبل الاجتماعات التشريعية السنوية للبلاد (أ.ف.ب)
جندي من جيش التحرير الشعبي الصيني أمام المتحف الوطني الصيني في بكين قبل الاجتماعات التشريعية السنوية للبلاد (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد قضية محورية تهيمن على اجتماع مؤتمر الشعب الوطني في الصين

جندي من جيش التحرير الشعبي الصيني أمام المتحف الوطني الصيني في بكين قبل الاجتماعات التشريعية السنوية للبلاد (أ.ف.ب)
جندي من جيش التحرير الشعبي الصيني أمام المتحف الوطني الصيني في بكين قبل الاجتماعات التشريعية السنوية للبلاد (أ.ف.ب)

هناك قضية ملحة تهيمن على جلسة المجلس التشريعي الصيني لعام 2024 هذا الأسبوع: الاقتصاد.

ويحظى الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، الذي يفتتح يوم الثلاثاء، بمراقبة عن كثب، بحثاً عن أي إشارات حول ما قد يفعله الحزب الشيوعي الحاكم لإعادة تنشيط الاقتصاد الذي يتراجع تحت وطأة الضوابط الحكومية الموسعة وانفجار الفقاعة العقارية، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وهذا لا يعني أن قضايا أخرى لن تطرح. وقالت صحيفة «غلوبال تايمز» المملوكة للدولة الأسبوع الماضي، إنه من المتوقع أن تكون مقترحات رفع سن التقاعد موضوعاً ساخناً. وسوف يقوم مراقبو الصين بتحليل موازنة الدفاع السنوية واحتمال تعيين وزير خارجية جديد.

لكن الاقتصاد هو ما يدور في أذهان معظم الناس في بلد قد يكون عند نقطة تحول كبرى بعد 4 عقود من النمو الذي دفع الصين إلى موقع القوة الاقتصادية والجيوسياسية. وبالنسبة لكثير من الصينيين، فإن فشل اقتصاد ما بعد «كوفيد - 19» في التعافي بقوة العام الماضي، يهز الثقة التي طال أمدها في المستقبل.

دور شرفي

إن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني هو دور شرفي إلى حد كبير، لأنه لا يملك أي سلطة حقيقية لاتخاذ قرار بشأن التشريعات. يصوّت النواب بالفعل، لكن الأمر أصبح بمثابة إضفاء الطابع الرسمي بالإجماع أو شبه الإجماع على القرارات التي اتخذها قادة الحزب الشيوعي خلف أبواب مغلقة.

ويمكن أن يكون المؤتمر بمثابة منتدى لاقتراح الأفكار ومناقشتها. ويتم اختيار ما يقرب من 3 آلاف نائب لتمثيل مجموعات مختلفة، من المسؤولين الحكوميين وأعضاء الحزب إلى المزارعين والعمال المهاجرين. لكن ألبرت وو، الخبير في شؤون الحكم بالصين، يعتقد أن هذا الدور قد تآكل بسبب مركزية السلطة في عهد الزعيم الصيني شي جينبينغ.

وقال وو، الأستاذ المشارك في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في سنغافورة والصحافي السابق بالصين: «الجميع يعلم أن الإشارة هي القمة. بمجرد أن تقول القمة شيئاً، أقول شيئاً. بمجرد أن تصمت القمة، ألتزم الصمت أيضاً».

ومع ذلك، فإن التقارير والخطابات خلال المؤتمر يمكن أن تعطي مؤشرات حول الاتجاه المستقبلي لسياسة الحكومة. وعلى الرغم من أنها تميل إلى أن تكون متوافقة مع الإعلانات السابقة، تم الكشف عن مبادرات جديدة رئيسية في الاجتماع، مثل قرار عام 2020 بسن قانون الأمن القومي لهونغ كونغ في أعقاب الاحتجاجات الكبرى المناهضة للحكومة في عام 2019.

هدف للنمو

أول ما ستفعله الهيئة التشريعية يوم الثلاثاء هو تلقي «تقرير عمل» مطول من رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ، الذي سيراجع العام الماضي ويتضمن هدف النمو الاقتصادي الذي حددته الحكومة لهذا العام.

ويتوقع كثير من المحللين شيئاً مماثلاً لهدف العام الماضي؛ «نحو 5 في المائة»، ويقولون إنه سيؤكد توقعات السوق لزيادة معتدلة في التحفيز الاقتصادي وإجراءات لتعزيز ثقة المستهلك والمستثمر.

وقال جيريمي زوك، كبير محللي الصين في وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، والذي يتوقع نمواً بنسبة 4.6 في المائة هذا العام، إن كثيراً من التوقعات الحالية لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين أقل من 5 في المائة، لكن تحديد هدف أقل سيشير إلى دعم أقل للاقتصاد، وقد يؤدي إلى إضعاف الثقة.

وعلى العكس من ذلك، فإن الهدف الأعلى بنحو 5.5 في المائة سيشير إلى تحفيز أكثر قوة، حسبما قال نيل توماس، زميل السياسة الصينية في معهد سياسات المجتمع الآسيوي.

وقال توماس إنه ستكون هناك رسائل إيجابية للشركات الخاصة والمستثمرين الأجانب، لكنه لا يتوقع حدوث تغيير جوهري في استراتيجية شي الشاملة لتعزيز سيطرة الحزب على الاقتصاد.

وقال إن «الإشارات السياسية قبل انعقاد المؤتمر الشعبي الوطني تشير إلى أن شي غير منزعج نسبياً من مشاكل السوق الأخيرة في الصين، وهو متمسك بموقفه فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية».

وزير خارجية جديد

يشغل وزراء الحكومة الصينية مناصبهم عادة لمدة 5 سنوات، ولكن تشين جانغ أقيل من منصبه وزيراً للخارجية العام الماضي بعد بضعة أشهر فقط من توليه المنصب. وحتى يومنا هذا، لم تذكر الحكومة ما حدث له ولماذا.

وقد أُعيد سلفه، وانغ يي، إلى منصب وزير الخارجية بينما يشغل في الوقت نفسه منصباً أعلى، وهو أعلى مسؤول في الحزب الشيوعي للشؤون الخارجية.

وكان الافتراض أن تعيين وانغ كان مؤقتاً حتى يتم تعيين بديل دائم. ويقول المحللون إن ذلك يمكن أن يحدث خلال المؤتمر الشعبي الوطني، لكن ليس هناك ما يضمن حدوث ذلك.

وقال توماس: «يتمتع وانغ يي بثقة شي، ويهيمن حالياً على صنع السياسات الدبلوماسية دون مستوى شي، لذلك لن تكون صدمة إذا بقي وانغ وزيراً للخارجية لفترة أطول».

والشخص الذي حظي بأكبر قدر من الاهتمام كخليفة محتمل هو ليو جيانتشاو، مسؤول الحزب الشيوعي والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية والسفير السابق لدى الفلبين وإندونيسيا. وقام بعدة رحلات خارجية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك أفريقيا وأوروبا وأستراليا والولايات المتحدة، مما زاد من التكهنات بأنه المرشح الرئيسي.

وتشمل الأسماء الأخرى التي تم طرحها؛ ما تشاو شيوي، النائب التنفيذي لوزير الخارجية. وقال وو إن الأمر يعتمد على الأرجح على من يثق به شي ووانغ.


مقالات ذات صلة

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

أوروبا زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

لا تزال المنتجات الغربية الفاخرة معروضة في كثير من المحال التجارية وسط موسكو، بتناقض مع إعلان عدد كبير من الشركات انسحابها من أسواق روسيا بعد غزو أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف لتعزيز الدائنين من خلال السماح باستهداف المساهمين السابقين في الشركات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)

تدشين المرحلة الأولى لـ«بوابة المدينة» السعودية بـ160 مليون دولار

دشّن الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، مشروع «بوابة المدينة» بـ«مدينة المعرفة الاقتصادية»، الذي يُعدّ الأول من نوعه في المملكة.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد علما أميركا والصين أمام لوحة إلكترونية (أ.ف.ب)

بايدن يمهد طريق ترمب لفرض رسوم جمركية على الصين

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن الاثنين عن تحقيق تجاري في أيامها الأخيرة بالبيت الأبيض، بشأن أشباه الموصلات «القديمة» المصنعة في الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين يوم الاثنين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف إلى تعزيز الدائنين من خلال السماح لهم باستهداف المساهمين السابقين في الشركات، بعد موجة من الاحتجاجات النادرة في 11 مدينة.

وجاء تحرك لجنة الشؤون التشريعية في المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني (البرلمان) بشأن تغيير حديث لقانون الشركات في أعقاب سلسلة من 17 احتجاجاً على حقوق المساهمين في الأسابيع الأخيرة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية يوم الاثنين أن اللجنة قالت إنها «ستحث المحاكم المعنية على اتخاذ التدابير المناسبة» في الجهود الرامية إلى «تحسين» بيئة الأعمال. وقالت إن هذا البند المثير للجدل لا ينبغي أن ينطبق على المساهمين الذين باعوا أسهمهم قبل سريان القانون الجديد في يوليو (تموز) الماضي. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تسعى فيه بكين جاهدة إلى إدارة التردي الاقتصادي بعد انهيار صناعة العقارات، وتعزيز ثقة المستهلكين.

وركزت الاحتجاجات التي قال الخبراء إنها هددت بالتحول إلى مصدر قلق أوسع نطاقاً بشأن الاستقرار الاجتماعي في بكين، على من ينبغي أن يتحمل المسؤولية عندما لا تتمكن الشركات الخاصة التي كانت ذات يوم محركاً للطفرة في الصين، من سداد ديونها أو الإفلاس.

وقال كيفن سلاتن، رئيس منظمة مراقبة المعارضة الصينية، وهو مشروع لمجموعة حقوق الإنسان التي تتخذ من واشنطن مقراً لها وتتابع الاحتجاجات في الصين: «لديك هذه الحركة الاحتجاجية، والتي تدور في الأساس حول تضرر سبل عيش الناس بسبب سياسة الحكومة، وقد يكون هذا دافعاً لهم لاتخاذ إجراء محدد للغاية لمحاولة قمع السخط».

ودخلت عملية إصلاح شاملة لقانون الشركات في الصين حيز التنفيذ في يوليو، مما يسمح للشركات بمحاسبة المساهمين الأصليين عن المبالغ غير المدفوعة على الرغم من نقل أسهمهم بالفعل. ولكن في خطوة فاجأت الخبراء القانونيين، ذهبت المحكمة الشعبية العليا إلى أبعد من ذلك بإعلان المساهمين القدامى مسؤولين عن المبالغ غير المدفوعة بعد الإفلاس، حتى لو كانوا قد نقلوا بالفعل أسهمهم إلى مستثمرين جدد... وأثار هذا التنفيذ بأثر رجعي غضب المستثمرين الذين قلقوا بشأن المسؤوليات المحتملة بعد أن صرفوا أموالهم.

وفي منشور على الإنترنت تم حظره الآن، قارن أحد الأشخاص الموقف ببيع سيارة، ثم الاضطرار إلى دفع ثمن الأضرار عندما يقوم المالك الجديد بحادث.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على تطبيق «دوين» الصيني بين أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) وأوائل ديسمبر (كانون الأول)، احتجاجات خارج وداخل المحاكم العليا في 11 منطقة صينية. وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت مزيجاً من المشاركين ممن هم أصغر سناً وأكبر سناً وهم يهتفون مطالبين بـ«رؤية الرئيس».

وسعى البعض إلى الحصول على تفسير للتغيير في القانون وأرادوا إلغاء عنصره الرجعي، مستشهدين ببند القانون الجديد بشأن مسألة مسؤولية المستثمر، بما في ذلك مسؤولية الشركات الفاشلة.

وفي تشنغدو، عاصمة مقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية، وثقت مقاطع فيديو ثلاثة احتجاجات، كان أحدها يحمل شعار «العدالة والإنصاف سينتصران بالتأكيد». وحذفت الرقابة معظم مقاطع الفيديو بسرعة، على الرغم من استمرار تداول بعضها.

وقدمت منظمة مراقبة المعارضة الصينية لـ«رويترز» أرشيفاً لمقاطع الفيديو. وتمكنت «رويترز» من تأكيد الموقع المحدد للعديد منها، لكنها لم تتمكن من تأكيد تواريخها، ولم تتمكن من الوصول إلى أي من الأفراد المعنيين. وأظهر إحصاء المنظمة أن الاحتجاجات الاقتصادية في أكتوبر (تشرين الأول) كانت الأعلى منذ عام 2022.

وحتى وقت قريب، كانت الصين تسهل إنشاء شركات ذات حقوق ملكية معلنة يمكن سدادها على مدار سنوات. وسمح ذلك للشركات بالتأسيس بسرعة وتأمين الأعمال والاقتراض، ومُنح المساهمون سنوات لدفع ثمن أسهمهم... لكن هذه الثغرة فتحت الطريق أيضاً للاحتيال.

وقال رين ييمين، الشريك المؤسس لمجموعة «كابيتال إكويتي ليغال غروب»: «كانت هناك حالات قام فيها المساهمون، من أجل تجنب التزامهم بالسداد، بنقل الأسهم إلى أقاربهم، أو إلى أشخاص كبار في السن، أولئك الذين ليس لديهم وسيلة للسداد، لتجنب تحمل التزاماتهم بالسداد».

كما أكد انهيار شركة التطوير العقاري «إيفرغراند» هذا العام بديون تزيد على 300 مليار دولار، ارتفاع المخاطر بالنسبة للدائنين. وفي أحد الأحكام الأولى بأثر رجعي التي أصدرتها محكمة في بكين في أغسطس (آب)، تم تحميل المساهمين الأصليين الذين باعوا حصتهم في شركة تسمى «رين» المسؤولية عن ملايين من اليوان طالب بها الدائنون.