تقرير «الاحتياطي الفيدرالي» يحذر من مخاطر محتملة في القطاع المالي

باول يمثل أمام الكونغرس وسط توقعات بأن يواجه وابلاً من الأسئلة حول الموقف المتشدد لـ«المركزي»

قام عدد من الديمقراطيين في الكونغرس بملاحقة باول بشأن المعدلات المرتفعة واشتكوا من أنها تؤدي إلى تفاقم القدرة على تحمل تكاليف السكن (أ.ف.ب)
قام عدد من الديمقراطيين في الكونغرس بملاحقة باول بشأن المعدلات المرتفعة واشتكوا من أنها تؤدي إلى تفاقم القدرة على تحمل تكاليف السكن (أ.ف.ب)
TT

تقرير «الاحتياطي الفيدرالي» يحذر من مخاطر محتملة في القطاع المالي

قام عدد من الديمقراطيين في الكونغرس بملاحقة باول بشأن المعدلات المرتفعة واشتكوا من أنها تؤدي إلى تفاقم القدرة على تحمل تكاليف السكن (أ.ف.ب)
قام عدد من الديمقراطيين في الكونغرس بملاحقة باول بشأن المعدلات المرتفعة واشتكوا من أنها تؤدي إلى تفاقم القدرة على تحمل تكاليف السكن (أ.ف.ب)

أشار تقرير «الاحتياطي الفيدرالي» الذي صدر يوم الجمعة إلى مجموعة من نقاط الضعف «الملحوظة» في الأسواق المالية، في حين أوضح أن الضغوط التي عصفت بالقطاع المصرفي قبل عام قد تلاشت إلى حدٍ كبير.

واستخدم «الاحتياطي الفيدرالي» الإصدار الأخير من تقريره الدوري للسياسة النقدية ليقول إن المسؤولين لن يبدأوا في خفض هدف سعر الفائدة قصير الأجل حتى يكتسبوا ثقة أكبر في أن التضخم يعود بالفعل إلى هدف 2 في المائة.

وفي التقرير، أشار المصرف المركزي إلى عدد من الطرق التي تؤدي بها مستويات الاقتراض، أو الرفع المالي، إلى زيادة المخاطر في القطاع المالي. وقال أيضاً إن أسعار الأسهم «قريبة من أعلى مستوياتها التاريخية». وقال «الاحتياطي الفيدرالي» إن الرفع المالي في صناديق التحوط استقر عند مستويات عالية، في حين تواجه شركات التأمين على الحياة وضعاً صعباً، حيث أصبحت أكثر اعتماداً على مصادر التمويل غير التقليدية.

وفي الوقت نفسه، قال المصرف المركزي إنه في حين تظل مصادر تمويل المصارف سائلة ومستقرة، فإن تكاليف التمويل آخذة في الارتفاع. ولكن حتى مع تلك التحديات المتزايدة، قال تقرير «الاحتياطي الفيدرالي» إن «النظام المصرفي لا يزال سليماً ومرناً وإن الضغط الحاد في النظام المصرفي قد انحسر منذ الربيع الماضي».

قبل عام، واجه «الاحتياطي الفيدرالي» مشكلات مصرفية من الحجم الذي أجبره على إطلاق تسهيلات سيولة جديدة، وسط ارتفاع الطلب على ائتمان المصرف المركزي. وقد تلاشى الكثير من هذا الاقتراض بوصفه مصدر قلق كبيراً للأسواق وللمصرف المركزي، وسيغلق «الاحتياطي الفيدرالي» هذا الشهر برنامج التمويل لأجَل، الخاص بالمصارف للتعامل مع المشاكل.

وقال تقرير «الاحتياطي الفيدرالي» إن الائتمان لا يزال متاحاً لمعظم الذين يريدونه، مع الاعتراف بارتفاع تكلفة الاقتراض، إذ قال: «لا تزال أسعار الفائدة على كل من بطاقات الائتمان وقروض السيارات أعلى من المستويات التي لوحظت في عام 2018 في ذروة دورة تشديد السياسة النقدية السابقة».

وفيما يتعلق بالاقتصاد، أكد بنك الاحتياطي الفيدرالي مجدداً التزامه بإعادة ضغوط التضخم إلى هدفها، وقال إن لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التي تحدد سعر الفائدة «لا تتوقع أنه سيكون من المناسب خفض النطاق المستهدف حتى تكتسب ثقة أكبر في أن التضخم قد انخفض. التحرك بشكل مستدام نحو 2 في المائة».

وتشير توقعات «الاحتياطي الفيدرالي» منذ نهاية العام الماضي، مدعومة بتعليقات المسؤولين، إلى خفض أسعار الفائدة هذا العام وسط انخفاض الضغوط التضخمية. لكن القوة الاقتصادية والمسار غير المتكافئ للعودة إلى 2 في المائة قد أعاقا توقعات السوق بشأن الموعد الذي سيبدأ فيه التيسير، والذي من المرجح أن يكون في الصيف، وفق «رويترز».

مقدمة لباول

ويأتي تقرير «الاحتياطي الفيدرالي» مرتين سنوياً إلى الكونغرس قبل يومين من شهادة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول المقرر عقدها يومي الأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل. ومن المرجح أن يواجه باول وابلاً من أسئلة المشرعين حول الموقف المتشدد لسياسة «الاحتياطي الفيدرالي» وتوقعات تخفيفه، وهو موضوع حساس في عام الانتخابات الرئاسية.

ويلخص التقرير بشكل عام التطورات الاقتصادية والإجراءات التي اتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي في الفترة منذ التحديث السابق المقدم للمشرعين. وقد تمت الإشارة بالفعل إلى مخاوف بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن نقاط الضعف في الأسواق المالية في إصدار محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لشهر يناير (كانون الثاني)، الذي صدر الأسبوع الماضي.

وفي اجتماع السياسة الأخير الذي عقده بنك الاحتياطي الفيدرالي في يناير، أطلع موظفو المصرف المركزي صناع السياسات على تقييمهم للاستقرار داخل النظام المالي الأميركي، حيث ذكر محضر الاجتماع أن الموظفين «وصفوا نقاط الضعف المالية في النظام بأنها ملحوظة».

وقد قام عدد من الديمقراطيين في الكونغرس بالفعل بملاحقة باول بشأن المعدلات المرتفعة، واشتكوا من أنها تؤدي إلى تفاقم القدرة على تحمل تكاليف السكن الفقيرة بالفعل بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وفي الوقت نفسه، انتقد الجمهوريون استجابة «الاحتياطي الفيدرالي البطيئة في البداية للتضخم ويمكن أن يعاقبوا باول بسبب مؤشرات على أنه قد يخفض أسعار الفائدة قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)».

تخفيضات أسعار الفائدة في سنوات الانتخابات

ومن المقرر أن يعقد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقبل لتحديد سعر الفائدة في الفترة من 19 إلى 20 مارس (آذار)، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يترك صناع السياسات سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند مستوى 5.25 في المائة إلى 5.5 في المائة، كما كان منذ يوليو (تموز).

وسيحمل الاجتماع المقبل أيضاً توقعات محدثة بشأن التضخم والتوظيف والنمو وأسعار الفائدة.

في شهر ديسمبر (كانون الأول)، اقترح الاحتياطي الفيدرالي ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة، وفي تصريحات للصحافيين يوم الأربعاء، قال جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إن التوقعات هي مكان «معقول» لمسؤولي مصرف الاحتياطي الفيدرالي للتفكير في توقعات السياسة النقدية.

لكن توقيت التحرك يظل موضع تساؤل. بعد أن أدت سلسلة جيدة من بيانات التضخم خلال النصف الثاني من عام 2023 إلى دفع الأسواق المالية في البداية إلى الاستعداد لخفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من اجتماع مارس، فإن المجموعة الأولى من قراءات التضخم لعام 2024 قد أوقفت مؤقتاً على الأقل بعض هذا الزخم بشأن ترويض وتيرة التضخم. من زيادات الأسعار.

ويعكس تسعير السوق الآن وجهة نظر سائدة مفادها أن الخفض الأول سيحدث في يونيو (حزيران)، على الرغم من أن الخفض الأول في الاجتماع الذي سيعقد في الفترة من 30 أبريل (نيسان) إلى الأول من مايو (أيار) ليس مستبعداً.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا»: تأثير الموازنة على التضخم يثير الغموض بشأن خفض الفائدة

قال كبار مسؤولي بنك إنجلترا إن التأثيرات المحتملة للزيادات الضريبية في أول موازنة تقدّمها الحكومة على التضخم تُعدّ أكبر نقطة غموض فيما يتعلق بالفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يدرس خفض الفائدة في 2025 بشرط استقرار الاقتصاد

قالت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، إن البنك قد يبدأ في خفض سعر الفائدة الرئيس، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، في العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أدريانا كوغلر (أ.ب)

مسؤولة كبيرة في «الفيدرالي» تدافع عن استقلالية «المركزي» عقب فوز ترمب

قدّمت مسؤولة في بنك الاحتياطي الفيدرالي دفاعاً مطولاً عن الاستقلال السياسي للبنك المركزي يوم الخميس، بعد أيام فقط من إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.