الصين... من محرك للنمو العالمي إلى «استثمار بديل»

أدى انهيار سوق العقارات في الصين وتحول الحكومة نحو مزيد من التدخل واتساع الخلافات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة إلى تقليل جاذبيتها كوجهة لرأس المال الدولي (رويترز)
أدى انهيار سوق العقارات في الصين وتحول الحكومة نحو مزيد من التدخل واتساع الخلافات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة إلى تقليل جاذبيتها كوجهة لرأس المال الدولي (رويترز)
TT

الصين... من محرك للنمو العالمي إلى «استثمار بديل»

أدى انهيار سوق العقارات في الصين وتحول الحكومة نحو مزيد من التدخل واتساع الخلافات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة إلى تقليل جاذبيتها كوجهة لرأس المال الدولي (رويترز)
أدى انهيار سوق العقارات في الصين وتحول الحكومة نحو مزيد من التدخل واتساع الخلافات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة إلى تقليل جاذبيتها كوجهة لرأس المال الدولي (رويترز)

على مدى 20 عاماً، كانت الصين محركاً للنمو العالمي بوصفها أكبر مستهلك للمواد الأولية وثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكنها تسللت بطريقة ما إلى فئة «الاستثمارات البديلة» بالنسبة للعديد من المستثمرين العالميين. فقد أدى انهيار سوق العقارات في الصين وتحول الحكومة نحو مزيد من التدخل، بالإضافة إلى اتساع الخلافات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة، إلى تقليل جاذبيتها بشكل كبير كوجهة لرأس المال الدولي، وفق «رويترز».

وبينما رأت وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو أن الشركات الأميركية تعتقد أن الصين «غير قابلة للاستثمار»، لا تزال الصين وجهة قابلة للاستثمار بالنسبة للبعض. ومع ذلك، يعيد العديد من المستثمرين تقييمهم للصين؛ إذ يضعها البعض في فئة «الاستثمار البديل».

الاستثمار البديل

وعادة ما تكون «البدائل» عبارة عن أصول خارج نطاق الأسهم والسندات النقدية التقليدية، مثل صناديق التحوط والعقارات والأسهم الخاصة. وغالباً ما تكون محفوفة بمخاطر أكبر، ولكنها ذات عوائد محتملة أعلى، وجذابة لتنوعها وقدرات التحوط التي توفرها.

وتكمن أهمية عدم ارتباط الأصول التقليدية بالأسهم والسندات الصينية في كونها بمثابة تحوط طبيعي ضد المخاطر. فعندما تتراجع الأسواق التقليدية، يمكن أن ترتفع الأسهم والسندات الصينية، مما يُخفف من خسائر المستثمرين.

وقد تم جمع الأدلة من المستثمرين ومديري الأصول والموزعين على هامش مؤتمرات «أسبوع صناديق التحوط» الأخيرة في ميامي، مدعومة أيضاً باتجاهات تدفقات رأس المال العالمية.

وقال أحد مديري الصناديق إنه قد يضع 5-10 في المائة من محفظته في الأسهم الصينية، ولكنه مستعد تماماً لخسارتها. وقال مدير صندوق تحوط يشرف على مليارات الدولارات من الأصول إنه يحب «الخصوصية» وتنوع الأسهم الصينية، ولكنه أشار إلى أن أموال مستثمريه موجودة في الغالب خارج الصين.

واعترف مدير الصندوق في شركة «روفر»، أليكس لينارد، بأن المناخ الاقتصادي في الصين «سيئ بشكل واضح»، لكن شركته تستثمر الأموال هناك بشكل أساسي كوسيلة للتحوط.

وقال لينارد: «إنه جزء صغير من محفظتنا، نحو 4 في المائة، لكنه يوفر تعويضاً لبعض اليقين الآخر الموجود في السوق».

ووفقاً لـ«مورننيغ ستار دايركت»، انخفض متوسط تعرض صناديق الأسهم الأميركية المرجح بالأصول للسوق الصينية (بناءً على قيمة الأسهم) من 2.17 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) 2020 إلى 1.38 في المائة في ديسمبر 2023؛ أي بتراجع قدره 0.79 نقطة مئوية.

كما انخفض متوسط تعرض صناديق الأسهم الأميركية الموزون بالتساوي للسوق الصينية (بمنح كل شركة وزناً متساوياً بغض النظر عن قيمتها السوقية) من 4.13 في المائة في ديسمبر 2020 إلى 3.5 في المائة في ديسمبر 2023؛ أي بتراجع قدره 0.63 نقطة مئوية.

كذلك انخفضت مخصصات صناديق الأسواق الناشئة الأميركية للصين كنسبة من إجمالي تعرضها للأسواق الناشئة من 28.6 إلى 20.6 في المائة على أساس مرجح بالأصول. وبالنسبة للوزن الموزون بالتساوي، فقد انخفض من 26 إلى 20 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي بـ25 نقطة أساس، استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين وأسهمت في فوز ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)

«المركزي السويدي» يخفّض سعر الفائدة إلى 2.75 %

خفّض البنك المركزي السويدي سعر الفائدة الرئيسي إلى 2.75 في المائة من 3.25 في المائة، الخميس، وهو ما كان متوقعاً على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

قد يلحق فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية الضرر بالاقتصاد الأوروبي، فالرسوم الجمركية الأميركية المقترحة بنسبة 10 في المائة قد تؤثر على الصادرات.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد موظف يستعد لنقل قضيب فولاذي داخل مصنع «أركفاك فورغ كاست» في منطقة هوغلي (رويترز)

نمو التصنيع في الهند يتسارع خلال أكتوبر

اكتسب نمو التصنيع بالهند زخماً في أكتوبر، بعد تباطؤه لمدة 3 أشهر، مدفوعاً بتحسن كبير في الطلب، مما ساعد في خلق فرص العمل وتعزيز آفاق الأعمال.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد يتجول الناس حول الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)

استطلاع: توقعات النمو العالمي تصل إلى 3.1 % في 2024

من المتوقَّع أن يحافظ النمو الاقتصادي العالمي على وتيرته القوية، العام المقبل؛ حيث ستقوم البنوك المركزية الكبرى بتقليص الفائدة، في ظل أداء قوي للاقتصاد الأميركي

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)
TT

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام رافعاً التوقعات بنهاية العام بواقع 6 نقاط مئوية إلى 44 في المائة.

وجاء في التقرير، الذي أعلنه رئيس البنك المركزي، فاتح كارهان، في مؤتمر صحافي، الجمعة، أن البنك يتوقع ارتفاع توقعات التضخم بنهاية العام الحالي إلى 44 في المائة، والعام المقبل إلى 21 في المائة، وعام 2026 إلى 12 في المائة.

وكان التقرير السابق للبنك المركزي التركي، الذي صدر في أغسطس (آب)، توقع أن يصل معدل التضخم إلى 38 في المائة بنهاية العام الحالي، و14 في المائة في نهاية العام المقبل، و9 في المائة في نهاية عام 2026.

وشدّد كاراهان، على عزم «المركزي» التركي الاستمرار في تطبيق سياسة نقدية متشددة بهدف تسريع عملية خفض التضخم وتحقيق الأهداف، رافضاً الإفصاح عن موعد متوقع لخفض سعر الفائدة عن المعدل الحالي عند 50 في المائة.

رئيس البنك المركزي التركي خلال مؤتمر صحافي لإعلان التقرير الفصلي للتضخم الجمعة (إعلام تركي)

ولفت كاراهان، في الوقت ذاته، إلى تحسن في الاتجاهات الأساسية للتضخم، رغم أن أسعار الخدمات تتراجع بوتيرة أبطأ من المتوقع، قائلاً: «سنحافظ بشكل حاسم على موقفنا الصارم في السياسة النقدية حتى يتحقق استقرار الأسعار، ومع تراجع التضخم في قطاع الخدمات، من المتوقع أن يواصل الاتجاه الأساسي للتضخم انخفاضه بشكل أكبر في عام 2025».

استمرار التشديد النقدي

وتراجع التضخم السنوي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأقل من المتوقع، ووصل إلى 48.58 في المائة سنوياً بفعل الحفاظ على السياسة المتشددة، وما يسمى بالتأثيرات الأساسية، انخفاضاً من ذروة تجاوزت 75 في المائة في مايو (أيار) الماضي، لكنه لم يصل إلى المستوى الذي يمكّن صانعي السياسة من اتخاذ قرار بتخفيف التشديد النقدي.

وسجّل التضخم الشهري، الذي يعوّل عليه البنك المركزي في تحديد التوقيت المناسب لخفض الفائدة، زيادة في أكتوبر بنسبة 2.88 في المائة، نتيجة ارتفاع أسعار الملابس والغذاء.

وحذّر البنك المركزي التركي، الشهر الماضي، من أن الارتفاعات الأخيرة في بعض مؤشرات التضخم قد أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين، ما دفع المحللين إلى تأجيل توقعاتهم بشأن أول خفض لأسعار الفائدة إلى ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) المقبلين.

أسواق تركيا تعاني كساداً في ظل استمرار الأسعار المرتفعة رغم التراجع في التضخم (إعلام تركي)

وقال كاراهان إن التوقعات الجديدة للتضخم تعتمد على الاستمرار في السياسة النقدية المتشددة، وإن البنك المركزي سيقوم «بكل ما هو ضروري» للحدّ من التضخم، مع الإشارة إلى التراجع الكبير في المعدل السنوي للتضخم منذ مايو الماضي.

وقال إننا نقدر أن الطلب المحلي يواصل التباطؤ، ويصل إلى مستويات تدعم تراجع التضخم، ومع تأثير هذا التباطؤ، يستمر عجز الحساب الجاري في الانخفاض، لكن تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم أبطأ مما توقعنا، وهو ما يمنع مواكبتنا للبنوك العالمية التي بدأت عملية خفض أسعار الفائدة.

وأضاف كارهان أن فجوة الإنتاج تقلصت في الربع الثالث من العام، ومع تراجع ظروف الطلب، يضعف الانتشار العام لارتفاع الأسعار، وسوف تشكل فجوة الإنتاج عنصراً مهماً في مكافحة التضخم، ونتوقع أن ينخفض ​​العجز التراكمي في الحساب الجاري، وأن يستمر الاتجاه الإيجابي في رصيد الحساب الجاري في الربع الثالث.

وتابع أننا نتوقع تراجع التضخم في الإيجارات، وعلى الجانب الصناعي، نرى تحسناً واضحاً في السلوك التسعيري للشركات، وبشكل عام، لا يزال تضخم السلع الأساسية منخفضاً.

إردوغان يدعم الإجراءات الاقتصادية

وقال كاراهان إننا نتوقع أن يتراجع التضخم السنوي بشكل مطرد خلال الفترة المقبلة من خلال الحفاظ على الموقف الحذر في السياسة النقدية، وليس من الصواب النظر إلى تعديل التوقعات بالارتفاع باعتباره تغييراً في السياسة النقدية.

وبالنسبة للحدّ الأدنى للأجور، والجدل المثار حول الزيادة الجديدة، قال كاراهان إن البنك المركزي لا يقدم أي توصيات رسمية أو غير رسمية فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور، وليس من الممكن بالنسبة لنا إجراء تقييم، كما تدعى بعض الجهات، فنحن لسنا صناع القرار.

في غضون ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «أعتقد أننا سنزيل التضخم من جدول أعمالنا العام المقبل، ونركز على الاستثمارات الجديدة والكبيرة، ولا ينبغي لأحد أن يشك في ذلك، وسنرى جميعاً هذه الانخفاضات في التضخم في الشهرين المقبلين».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن تأييده استمرار التشديد الاقتصادي (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من بودابست، نشرت الجمعة: «الإجراءات الاقتصادية ستستمر بثبات وعزم ودون تردد لتخفيف ضغوط الأسعار، مع الأخذ في الاعتبار جميع المخاطر».

من ناحية أخرى، قال وزير التجارة التركي، عمر بولاط، إن تركيا تستضيف حالياً أكثر من 83 ألف شركة متعددة الجنسيات، باستثمارات إجمالية تبلغ 270 مليار دولار، وتهدف إلى زيادة حصتها في الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية إلى 1.5 بالمائة.

وزير التجارة التركي متحدثاً خلال قمة البسفور الـ15 في إسطنبول الجمعة (من حسابه في «إكس»)

وأضاف بولاط، في كلمة أمام قمة البسفور الـ15 في إسطنبول، الجمعة، أن تركيا لديها فرص للشركات الأجنبية، ويمكن لهذه الشركات العمل بشكل وثيق مع شركات البناء التركية لإقامة شراكات واستكشاف فرص استثمارية إضافية في تركيا أو أسواق ثالثة.