سُلطان عُمان وأمير الكويت يفتتحان غداً مصفاة «الدقم» بقيمة 9 مليارات دولار

أكبر استثمار من نوعه بين دولتين خليجيتين

مصفاة «الدقم» أحد المشاريع الاستثمارية المشتركة بين عمان والكويت (كونا)
مصفاة «الدقم» أحد المشاريع الاستثمارية المشتركة بين عمان والكويت (كونا)
TT

سُلطان عُمان وأمير الكويت يفتتحان غداً مصفاة «الدقم» بقيمة 9 مليارات دولار

مصفاة «الدقم» أحد المشاريع الاستثمارية المشتركة بين عمان والكويت (كونا)
مصفاة «الدقم» أحد المشاريع الاستثمارية المشتركة بين عمان والكويت (كونا)

يفتتح السُّلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الأربعاء، مصفاة «الدقم» الواقعة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، أحدث وكبرى المصافي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتبلغ قيمتها الاستثمارية 9 مليارات دولار، وتُعّد أكبر مشروع استثماري بين سلطنة عُمان والكويت، حيث أُقيمت بالشراكة بين مجموعة «أوكيو - المجموعة العالمية المتكاملة للطاقة»، وشركة البترول الكويتية العالمية.

وتشكّل مصفاة «الدقم» إضافة قيمة لسوق الطاقة العالمية من خلال تقديمها منتجات نفطية عالية الجودة وإسهامها في تعزيز القدرات التكريرية لسلطنة عُمان بما يصل إلى نحو 500 ألف برميل يومياً.

وقال قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني، في تصريح صحافي، إن افتتاح مصفاة «الدقم» يعكس الاهتمام بالاستثمار في سلطنة عمان والعمل على جذب المستثمرين تحقيقاً لمستهدفات «رؤية عُمان 2040» الهادفة إلى تعزيز سياسات التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.

في حين ذكر د.علي بن مسعود السنيدي، رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة: «إن مصفاة الدقم مشروع استراتيجي رائد في قطاع الصناعات البترولية بين سلطنة عُمان ودولة الكويت الشقيقة، يرفد الجهود المبذولة لزيادة القيمة المضافة لقطاع الصناعات التحويلية، ويوفر فرصاً استثمارية جديدة للمصانع المتوسطة والمؤسسات الصغيرة في الدقم»، مؤكداً «أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين في إنشاء مصفاة الدقم وموقعها الاستراتيجي القريب من الأسواق الآسيوية والأفريقية التي يعطيها ميزة نسبية».

كما أوضح أن حجم الاستثمارات في المناطق الاقتصادية والحرة والصناعية بلغ نحو 17 مليار ريال عُماني (44 مليار دولار) من بينها 4.2 مليار ريال عُماني في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (10.9 مليار دولار)، وهو ما يعكس اهتمام الشركات المحلية والعالمية بالاستثمار في سلطنة عُمان والجهود المبذولة لاستقطاب الاستثمارات.

جانب من تدشين مصفاة «الدقم» (كونا)

مشروع كويتي - عُماني

ويعد مشروع مصفاة الدقم إحدى ثمرات العلاقات الوثيقة بين دولة الكويت وسلطنة عمان، إذ يعكس هذا المشروع المشترك النمو المطرد في العلاقات الثنائية بين البلدين الخليجيين، كما يأتي هذا المشروع النفطي الكبير على رأس المشاريع العملاقة المشتركة.

وقال معالي عبد السلام المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العُماني، إن مصفاة الدقم في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تعد أكبر استثمار مشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في قطاع المصافي والبتروكيماويات تُتوِّج العلاقات الثنائية بين البلدين وتجسّد عمق العلاقات الاقتصادية بينهما، وتربط المصالح المشتركة بمزيد من الاستثمارات المشتركة.

وعبّر المرشدي عن تطلّعه أن تفتح مصفاة الدقم آفاقاً أوسع أمام المستثمرين للاستثمار في سلطنة عُمان خصوصاً في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التي أصبحت تمتلك بنية أساسية متكاملة للاستثمار فضلاً عن دورها كمركز وممكّن صناعي واعد تقام حولها فرص واعدة في صناعات الشق السفلي والبتروكيماويات واللوجيستيات، الأمر الذي يعكس قيمة إضافية للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

من جانبه قال الشيخ نواف سعود الصباح، الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، إن المصفاة تعد نموذجاً مثالياً على تلاقي المصالح الاقتصادية بين البلدين، لا سيما أن دولة الكويت وسلطنة عُمان الشقيقة تمتلكان تاريخاً وإرثاً مشتركاً.

ولفت إلى أن نجاح هذا المشروع الاستراتيجي من شأنه أن يعزز آفاق مستقبل التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مشروعات تنموية واقتصادية تسهم في استقرار إمدادات الطاقة للعالم، وتوفر ضمانات آمنة، نظراً إلى الموقع الاستراتيجي لسلطنة عُمان الذي يسهّل انسيابية تخزين المنتجات النفطية وتصديرها للعالم.

مصفاة «الدقم» العمانية

أهم مراكز الطاقة

ومن شأن هذا المشروع الذي كان الطرفان قد وضعا حجر أساسه في أبريل (نيسان) عام 2018، أن يعمل على تحويل منطقة الدقم إلى أحد أهم مراكز الطاقة في المنطقة، كما سيشجعها على القيام بصناعات متعلقة بهذا المجال على المستويين المحلي والعالمي.

وتقدَّر مساحة المشروع الذي بلغت تكلفته نحو 5.‏8 مليار دولار بـ900 هكتار، وهو مشروع مشترك بين مجموعة الطاقة العالمية المتكاملة (أو كيو)، وشركة البترول الكويتية العالمية (كيو 8)، ويتميز بموقعه الاستراتيجي المطلّ على خطوط النقل البحري الرئيسية في بحر العرب وسيكون له مردود إيجابي على المنطقة.

ومع بدء عمليات تشغيل المصفاة، ستبلغ الطاقة التكريرية 230 ألف برميل يومياً من النفط الكويتي الخام، وستعمل على تغطية الاحتياجات اليومية الإقليمية والعالمية من منتجات الطاقة المختلفة، وهي الديزل ووقود الطائرات، بالإضافة إلى (النافثا) وغاز البترول المسال، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموقع الجغرافي للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

والتزمت مؤسسة البترول الكويتية بتوريد نحو 65 في المائة من احتياجات المصفاة من النفط الخام الكويتي، وذلك بما يتماشى مع رؤية المؤسسة واستراتيجيتها لتوفير منافذ تسويق آمنة للنفط الكويتي.

ويتكون المشروع من ثلاث حزم رئيسية للهندسة هي: التوريد والإنشاء والتشغيل؛ تشمل الحزمة الأولى وحدات التصنيع والمعالجة، فيما تشمل الحزمة الثانية المرافق والخدمات، وتضم الحزمة الثالثة المرافق الخارجية ومنها بناء ميناء لتصدير المنتجات وإنشاء صهاريج لتخزين النفط الخام تقع في منطقة رأس مركز، إلى جانب خط أنابيب بطول 90 كيلومتراً تقريباً يربط هذه الصهاريج بالمصفاة.

ويعتمد تصميم المصفاة على وحدة التكسير الهيدروجيني ووحدة الفحم البترولي، وهي قادرة على تكرير النفط الكويتي بنسبة 100 في المائة، وتهدف الرؤية المستقبلية للمشروع إلى أن تكون مصفاة الدقم ذات مستوى عالمي باستخدام تكنولوجيا مجرَّبة وتقديم منتجات ذات جودة عالية بما يتوافق مع المعايير العالمية للسلامة مع السعي لتحقيق أعلى معايير التشغيل.



الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين يوم الاثنين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف إلى تعزيز الدائنين من خلال السماح لهم باستهداف المساهمين السابقين في الشركات، بعد موجة من الاحتجاجات النادرة في 11 مدينة.

وجاء تحرك لجنة الشؤون التشريعية في المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني (البرلمان) بشأن تغيير حديث لقانون الشركات في أعقاب سلسلة من 17 احتجاجاً على حقوق المساهمين في الأسابيع الأخيرة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية يوم الاثنين أن اللجنة قالت إنها «ستحث المحاكم المعنية على اتخاذ التدابير المناسبة» في الجهود الرامية إلى «تحسين» بيئة الأعمال. وقالت إن هذا البند المثير للجدل لا ينبغي أن ينطبق على المساهمين الذين باعوا أسهمهم قبل سريان القانون الجديد في يوليو (تموز) الماضي. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تسعى فيه بكين جاهدة إلى إدارة التردي الاقتصادي بعد انهيار صناعة العقارات، وتعزيز ثقة المستهلكين.

وركزت الاحتجاجات التي قال الخبراء إنها هددت بالتحول إلى مصدر قلق أوسع نطاقاً بشأن الاستقرار الاجتماعي في بكين، على من ينبغي أن يتحمل المسؤولية عندما لا تتمكن الشركات الخاصة التي كانت ذات يوم محركاً للطفرة في الصين، من سداد ديونها أو الإفلاس.

وقال كيفن سلاتن، رئيس منظمة مراقبة المعارضة الصينية، وهو مشروع لمجموعة حقوق الإنسان التي تتخذ من واشنطن مقراً لها وتتابع الاحتجاجات في الصين: «لديك هذه الحركة الاحتجاجية، والتي تدور في الأساس حول تضرر سبل عيش الناس بسبب سياسة الحكومة، وقد يكون هذا دافعاً لهم لاتخاذ إجراء محدد للغاية لمحاولة قمع السخط».

ودخلت عملية إصلاح شاملة لقانون الشركات في الصين حيز التنفيذ في يوليو، مما يسمح للشركات بمحاسبة المساهمين الأصليين عن المبالغ غير المدفوعة على الرغم من نقل أسهمهم بالفعل. ولكن في خطوة فاجأت الخبراء القانونيين، ذهبت المحكمة الشعبية العليا إلى أبعد من ذلك بإعلان المساهمين القدامى مسؤولين عن المبالغ غير المدفوعة بعد الإفلاس، حتى لو كانوا قد نقلوا بالفعل أسهمهم إلى مستثمرين جدد... وأثار هذا التنفيذ بأثر رجعي غضب المستثمرين الذين قلقوا بشأن المسؤوليات المحتملة بعد أن صرفوا أموالهم.

وفي منشور على الإنترنت تم حظره الآن، قارن أحد الأشخاص الموقف ببيع سيارة، ثم الاضطرار إلى دفع ثمن الأضرار عندما يقوم المالك الجديد بحادث.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على تطبيق «دوين» الصيني بين أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) وأوائل ديسمبر (كانون الأول)، احتجاجات خارج وداخل المحاكم العليا في 11 منطقة صينية. وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت مزيجاً من المشاركين ممن هم أصغر سناً وأكبر سناً وهم يهتفون مطالبين بـ«رؤية الرئيس».

وسعى البعض إلى الحصول على تفسير للتغيير في القانون وأرادوا إلغاء عنصره الرجعي، مستشهدين ببند القانون الجديد بشأن مسألة مسؤولية المستثمر، بما في ذلك مسؤولية الشركات الفاشلة.

وفي تشنغدو، عاصمة مقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية، وثقت مقاطع فيديو ثلاثة احتجاجات، كان أحدها يحمل شعار «العدالة والإنصاف سينتصران بالتأكيد». وحذفت الرقابة معظم مقاطع الفيديو بسرعة، على الرغم من استمرار تداول بعضها.

وقدمت منظمة مراقبة المعارضة الصينية لـ«رويترز» أرشيفاً لمقاطع الفيديو. وتمكنت «رويترز» من تأكيد الموقع المحدد للعديد منها، لكنها لم تتمكن من تأكيد تواريخها، ولم تتمكن من الوصول إلى أي من الأفراد المعنيين. وأظهر إحصاء المنظمة أن الاحتجاجات الاقتصادية في أكتوبر (تشرين الأول) كانت الأعلى منذ عام 2022.

وحتى وقت قريب، كانت الصين تسهل إنشاء شركات ذات حقوق ملكية معلنة يمكن سدادها على مدار سنوات. وسمح ذلك للشركات بالتأسيس بسرعة وتأمين الأعمال والاقتراض، ومُنح المساهمون سنوات لدفع ثمن أسهمهم... لكن هذه الثغرة فتحت الطريق أيضاً للاحتيال.

وقال رين ييمين، الشريك المؤسس لمجموعة «كابيتال إكويتي ليغال غروب»: «كانت هناك حالات قام فيها المساهمون، من أجل تجنب التزامهم بالسداد، بنقل الأسهم إلى أقاربهم، أو إلى أشخاص كبار في السن، أولئك الذين ليس لديهم وسيلة للسداد، لتجنب تحمل التزاماتهم بالسداد».

كما أكد انهيار شركة التطوير العقاري «إيفرغراند» هذا العام بديون تزيد على 300 مليار دولار، ارتفاع المخاطر بالنسبة للدائنين. وفي أحد الأحكام الأولى بأثر رجعي التي أصدرتها محكمة في بكين في أغسطس (آب)، تم تحميل المساهمين الأصليين الذين باعوا حصتهم في شركة تسمى «رين» المسؤولية عن ملايين من اليوان طالب بها الدائنون.