كيف أثرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على التجارة العالمية؟

عنصر من الحوثيين على سطح سفينة شحن أثناء الاستيلاء عليها في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
عنصر من الحوثيين على سطح سفينة شحن أثناء الاستيلاء عليها في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT
20

كيف أثرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على التجارة العالمية؟

عنصر من الحوثيين على سطح سفينة شحن أثناء الاستيلاء عليها في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
عنصر من الحوثيين على سطح سفينة شحن أثناء الاستيلاء عليها في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

​تصاعدت التوترات مؤخراً في البحر الأحمر (أحد أهم طرق الشحن في العالم) عقب تعرض كثير من السفن لهجمات الحوثيين الذين قالوا إنهم يسعون إلى قطع روابط الشحن مع إسرائيل، لإجبارها على إنهاء حربها على غزة.

ونتيجة لذلك، تتجنب مئات السفن قناة السويس التي تقع في الطرف الشمالي الغربي للبحر الأحمر، وتبحر مسافة 4000 ميل إضافية حول أفريقيا، لتستهلك مزيداً من الوقود، وتضيف 10 أيام من السفر أو أكثر إلى رحلتها.

ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد تم استهداف السفن المرتبطة بأكثر من 12 دولة، وقال متحدث باسم الحوثيين هذا الأسبوع إنهم يعدون «جميع السفن الأميركية والبريطانية أهدافاً للعدو».

ومرت نحو 150 سفينة عبر قناة السويس خلال الأسبوعين الأولين من شهر يناير (كانون الثاني) الجاري مقارنة ب400 سفينة كانت قد مرت من المنطقة في الوقت نفسه من العام الماضي، وفقاً لشركة «مارين ترافيك» لتتبع السفن.

وقامت شركات الشحن بمضاعفة الأسعار التي تفرضها لنقل حاوية من آسيا إلى أوروبا 3 مرات، وذلك جزئياً لتغطية التكلفة الإضافية للإبحار حول أفريقيا. ويواجه أصحاب السفن الذين ما زالوا يستخدمون البحر الأحمر، وخصوصاً أصحاب الناقلات، ارتفاع أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب.

وعلى الرغم من أن أسعار الحاويات لم ترتفع بعد بالقدر نفسه الذي ارتفعت به خلال جائحة «كورونا»، فإن تجار التجزئة، مثل «أيكيا»، حذروا من أن تجنب قناة السويس قد يؤخر وصول البضائع إلى المتاجر. واضطرت بعض مصانع السيارات في أوروبا إلى تعليق عملياتها لفترة وجيزة أثناء انتظار وصول قطع الغيار من آسيا.

حاوية نقل أثناء مرورها في البحر الأحمر (إ.ب.أ)
حاوية نقل أثناء مرورها في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

ويمكن أن تؤدي هذه التوترات إلى تفاقم التضخم العالمي. وقدر بنك «جيه بي مورغان تشيس» يوم الخميس أن أسعار الاستهلاك العالمية للسلع سترتفع بنسبة 0.7 في المائة إضافية في النصف الأول من هذا العام، إذا استمرت اضطرابات الشحن.

وأعطت «نيويورك تايمز» مثالاً على تأثير هذه الاضطرابات على التجارة العالمية؛ حيث لفتت إلى أن هناك سفينة حاويات انطلقت من سنغافورة إلى سلوفينيا في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، وقد وصلت هذه السفينة إلى ميناء بورسعيد في مصر بعد 12 يوماً فقط، بعد أن مرت عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

وفي طريق عودتها إلى سنغافورة، وصلت السفينة إلى بورسعيد مرة أخرى في 17 ديسمبر (كانون الأول)، ولكن مع تكثيف الحوثيين لهجماتهم، حولت السفينة مسارها وأبحرت أميالاً إضافية حول أفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس، ونتيجة لذلك، استغرقت رحلتها شهراً كاملاً؛ حيث إنها لم تعد إلى سنغافورة إلا يوم الجمعة الماضي.

وزادت أهمية البحر الأحمر وقناة السويس في العامين الماضيين، ليس فقط بالنسبة للسفن التي تنقل البضائع بين آسيا وأوروبا، ولكن أيضاً لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال.

قوارب لمسلحين حوثيين بالقرب من سفينة تم الاستيلاء عليها في البحر الأحمر (إ.ب.أ)
قوارب لمسلحين حوثيين بالقرب من سفينة تم الاستيلاء عليها في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

وحاولت الدول الأوروبية التوقف عن شراء الوقود من روسيا بعد غزوها لأوكرانيا في عام 2022، لذلك زادت روسيا بشكل حاد من النفط الذي تشحنه عبر قناة السويس، ومعظمه إلى الهند، في حين كثفت أوروبا مشترياتها من الغاز الطبيعي من الشرق الأوسط، عبر قناة السويس أيضاً. ويمر نحو 12 في المائة من النفط الذي تنقله الناقلات في جميع أنحاء العالم، وتقريباً القدر نفسه من الغاز الطبيعي المسال، عبر البحر الأحمر، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وأسقطت البحرية الأميركية كثيراً من الطائرات المُسيَّرة والصواريخ قبل أن تتمكن من الوصول إلى أهدافها، ما حال دون إلحاق أضرار جسيمة بالسفن التجارية. لكن اعتراض المُسيَّرات والصواريخ الرخيصة بطائرات مقاتلة متقدمة هو أمر مكلف بالنسبة لأميركا وحلفائها.

والأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إعادة تصنيف جماعة الحوثي «جماعة إرهابية عالمية».

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن هجمات الحوثيين ضد عمليات الشحن الدولية أدت إلى تعطيل التدفق الحر للتجارة وتعريض البحارة للخطر، واصفاً تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية» بأنه يهدف إلى مساءلة الجماعة عن أنشطتها المسلحة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يصدمون المجتمع اليمني بمنع تعليم اللغة الإنجليزية

العالم العربي مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء لتشييع ضحايا غارات أميركية (إ.ب.أ)

الحوثيون يصدمون المجتمع اليمني بمنع تعليم اللغة الإنجليزية

بالتوازي مع حملة الحوثيين لتجنيد طلبة المدارس في المعسكرات الصيفية، صدمت الجماعة المجتمع اليمني بقرار منع تعليم اللغة الإنجليزية في الصفوف الدراسية الأولى.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال يمنيون يتلقون اللقاحات على أيدي عاملين صحيين (الأمم المتحدة)

تحذيرات من تفاقم تفشي الأمراض في مناطق سيطرة الحوثيين

حذرت مصادر صحية يمنية ودولية من استمرار تفشي الأوبئة في محافظات يمنية يقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين وذلك بالتوازي مع تأكيد تقارير أممية بتسجيل آلاف الإصابات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية المضادة للصواريخ تعترض صاروخاً أُطلق باتجاه إسرائيل (رويترز - أرشيفية)

الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق صاروخ من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إنه رصد إطلاق صاروخ من جهة اليمن نحو إسرائيل، وإن أنظمة الدفاع الجوي تعمل على اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي لهب ودخان يتصاعد في ليل صنعاء إثر غارات أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

أميركا تكثّف ضرباتها على الحوثيين ووزير دفاعها يتوعّد إيران

ركزت الولايات المتحدة ضرباتها، الخميس، على تحصينات الحوثيين في صعدة والجوف، في حين توعد وزير دفاعها إيران لجهة دعمها لهجمات الجماعة

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حوثيون على متن دورية أثناء اعتقالهم تجاراً وأصحاب مهن في صنعاء (الشرق الأوسط)

​مقاطعة البضائع الأميركية... ذريعة حوثية لابتزاز التجار

دهم الحوثيون جملة من المحال التجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى بهدف فرض مزيد من الإتاوات بالقوة تحت ذريعة مقاطعة البضائع الأميركية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

بنك «إتش إس بي سي»: التحولات التجارية العالمية تزيد عدم اليقين الاقتصادي

شعار بنك «إتش إس بي سي» خارج فرعه في مكسيكو سيتي (رويترز)
شعار بنك «إتش إس بي سي» خارج فرعه في مكسيكو سيتي (رويترز)
TT
20

بنك «إتش إس بي سي»: التحولات التجارية العالمية تزيد عدم اليقين الاقتصادي

شعار بنك «إتش إس بي سي» خارج فرعه في مكسيكو سيتي (رويترز)
شعار بنك «إتش إس بي سي» خارج فرعه في مكسيكو سيتي (رويترز)

قال مارك تاكر، رئيس مجلس إدارة بنك «إتش إس بي سي»، يوم الجمعة، إن التحولات في العلاقات التجارية العالمية فاقمت من حالة عدم اليقين الاقتصادي، وزادت من المخاطر التي تهدد النمو، ما يجعل من الصعب على البنوك العالمية وضع توقعات متوسطة الأجل بدقة وفاعلية.

وخلال الاجتماع السنوي لمساهمي البنك في لندن، الذي جاء عقب إعلانه تقاعده المقرر بنهاية العام، أكد تاكر أن «إتش إس بي سي» يواصل المضي قدماً في تحقيق أهدافه، معبّراً عن ثقته في تحقيق عام آخر من العوائد القوية في 2025، رغم الانتقادات التي تواجهها استراتيجية البنك المناخية من قبل النشطاء، وفق «رويترز».

ويُعد «إتش إس بي سي» من أبرز البنوك الأوروبية التي حافظت هذا الأسبوع على أهداف أداء طموحة، بعد تحقيق أرباح قوية في الربع الأول، رغم المخاطر المحيطة بضعف النمو العالمي وتراجع ثقة الشركات.

ومع تركيزه على آسيا والتجارة الدولية، قد يكون «إتش إس بي سي» أكثر عرضة من بعض منافسيه للتأثيرات السلبية المترتبة على الرسوم الجمركية الأميركية واسعة النطاق، التي تهدد بتعطيل حركة التجارة العالمية والإضرار بالموردين والمستوردين في القارة الآسيوية.