أبقت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني الدولي على تصنيفها للاقتصاد التركي عند درجة «بي 3»، وعدلت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى «إيجابية»، استناداً إلى التغيير في السياسة النقدية لتركيا بعد انتخابات مايو (أيار) الماضي.
وعزت «موديز»، السبب، إلى حدوث تغيير حاسم في السياسة الاقتصادية بما يحسن احتمالات خفض معدلات التضخم المرتفعة بشدة حالياً إلى مستويات أكثر استدامة.
و«بي 3»، هو تصنيف أقل بـ6 درجات عن «درجة الاستثمار» المرتفعة.
وذكر المحللان كاثرين موهلبرونر وديتمار هورنونغ، في بيان حول الاقتصاد التركي ليل الجمعة-السبت، إن العودة إلى السياسة النقدية التقليدية تحسن احتمالات الحد من الاختلالات الرئيسية في الاقتصاد الكلي بتركيا.
وأضافا: «بينما من المرجح أن يرتفع التضخم الرئيسي بشكل أكبر على المدى القريب، هناك دلائل على أن ديناميكيات التضخم بدأت في التحول، ما يدل على استعادة السياسة النقدية مصداقيتها وفاعليتها».
وبلغ التضخم السنوي في تركيا نهاية العام الماضي نحو 65 في المائة متجاوزاً توقعات سابقة لـ«موديز» بنحو 53 في المائة.
وقالت «موديز» إن تقييمها للجدارة الائتمانية لتركيا يمكن أن يتحسن بسرعة إذا التزمت بالخطة الجديدة، وإذا تم الحفاظ على السياسة النقدية المتشددة.
وسبق أن أوضحت الوكالة، في تقرير حول «النظرة للاقتصاد التركي» نشر في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن العودة إلى «السياسات الأكثر تقليدية»، التي أصبحت أقوى بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، كانت إيجابية بالنسبة لدرجة الائتمان. ولفتت إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتقليل الاختلالات المهمة في الاقتصاد الكلي.
وجاء في التقرير أن التشديد النقدي يزيد أيضاً من إمكانية تقليل اختلال التوازن الخارجي لتركيا، وإعادة هيكلة احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي، وأن يؤدي ذلك إلى تقليل تعرض البلاد للصدمات الخارجية.
ولم تقيم «موديز»، في ذلك التقرير الذي تم توزيعه على المشتركين فقط، التصنيف الائتماني لتركيا، لكنها أشارت إلى أن «التحسن في رصيد الحساب الجاري وزيادة الاحتياطيات أمر إيجابي بالنسبة لتوقعات الائتمان، وإذا كانت السياسة النقدية المتشددة مستدامة وكانت الزيادات الجديدة المرتقبة في الرواتب تتماشى مع هدف المصرف المركزي فمن الممكن تحسين التوقعات الائتمانية».
وتوقع التقرير أن التضخم الرئيسي في تركيا، الذي لا يزال مرتفعاً، سيستمر في الارتفاع في الأشهر المقبلة. وحذر من أن التباطؤ الحاد في النمو قد يزيد من خطر حدوث تغيير جديد في السياسة النقدية.
وحذر من أنه إذا كانت السياسات التقليدية قصيرة المدى، كما حدث عام 2021، فقد تتحول التوقعات الائتمانية إلى سلبية.
وتحسنت رؤية المستثمرين عن المخاطر في الديون التركية، التي يتم قياسها من خلال مقايضات العجز الائتماني، منذ تولي فريق اقتصادي جديد بقيادة وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، وتعيين خبيرة السياسة النقدية التقليدية حفيظة غايا إركان رئيساً للمصرف المركزي في يونيو (حزيران) الماضي.
ورفع المركزي التركي، تحت قيادة غايا إركان، سعر الفائدة بنسبة 34 في المائة ليقفز من 8.5 في المائة في مايو إلى 42.5 في ديسمبر.
وقبل ذلك كان التضخم يظهر علامات على الخروج عن نطاق السيطرة، فيما يعود نسبياً إلى إصرار الرئيس رجب طيب إردوغان على خفض الفائدة وإعطاء الأولوية للنمو مهما كان الثمن، واعتماده نظرية غير تقليدية مفادها أن الفائدة المرتفعة سبب والتضخم المرتفع نتيجة.
وعد الخبير الاقتصادي التركي محفوظ إغيلماز تعديل «موديز» نظرتها المستقبلية للاقتصاد التركي من مستقرة إلى إيجابية رداً على الالتزام بالسياسة النقدية المتشددة والعودة إلى العقلانية في السياسة الاقتصادية للبلاد.
وتوقعت «موديز» أن يتسارع انخفاض العجز الخارجي للبلاد بشكل أكبر عام 2024، وأن يكون العجز في إجمالي العام أقل من 40 مليار دولار (3.3 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي).
في سياق متصل، توقع وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك أنه مع استمرار التدابير الاقتصادية وخطوات التوازن المستهدفة، سيستمر الاتجاه الإيجابي في رصيد الحساب الجاري.
وقال شيمشك إن عجز الحساب الجاري السنوي انخفض إلى 49.6 مليار دولار بتراجع قدره 10.7 مليار دولار مقارنة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مقارنة بشهر مايو، لافتاً إلى أن عجز الحساب الجاري في هذا الشهر بلغ مستوى 22.5 مليار دولار، باستثناء الذهب.
وتوقع أن العجز التجاري الخارجي عام 2023 سيكون أقل بمقدار 6 مليارات دولار من توقعات البرنامج المتوسط الأجل للحكومة، لكنه أشار إلى أنهم يتوقعون أن يكون عجز الحساب الجاري في نهاية العام أعلى من توقعات البرنامج، وأن السبب الرئيسي لذلك هي التوترات الجيوسياسية وضعف إيرادات الخدمات.